عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 31-12-2011, 11:38 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

هل المساواة في القيمة الإنسانية ينافي التفاضل بين الناس ؟
التفاضل لا يمكن أن يقع في أصل النشأة و التكوين ،بأن يكون هناك فرد أفضل من غيره،أو جماعة تفوق غيرها بحسب عنصرها الإنساني ،أو انحدارها من سلالة معينة، بل إن آدم –عيه السلام وهو أول إنسان وجد على وجه الأرض –يساوي آخر إنسان ينفخ فيه الروح في تلك القيمة الإنسانية. فالتفاضل لا يجري فيما لا يملكه الإنسان كالخلق و التكوين ،و إنما يقع فيما يملكه و يندرج تحت قدرته و طاقته ،كفعل الخيرات و ترك المنكرات ،فالإيمان بالله تعالى و الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و نحوه من الأعمال الصالحة ،كلها أعمال يستطيع الإنسان القيام بها ،و أداءها على أحسن وجه و لذلك صح التفاضل فيها بحسب عمل كل واحد منهم و أدائه لها .قال الله تعالى (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) و لهذا فضل المسلم على الكافر لأنه أتى بالأعمال الصالحة التي يريدها الله تعالى ، قال تعالى (أم نجعل الذين آمنوا و عملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ))بل إن التفاضل في العمل يجري أيضا بين المسلمين أنفسهم كما قال تعالى (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح و قاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد و قاتلوا )) كما امتد هذا التفاضل أيضا إلى الأنبياء و الرسل ،فكان بعضهم أولى من بعض ،و أعلى درجة من بعض ،قال تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله و رفع بعضهم درجات ))فتفاضلهم ليس واردا على أصل خلقتهم و انتمائهم الإنساني ،و لكنه وارد على الأعمال الجليلة التي قاموا بها والرسالات السماوية التي تحملونها ،فمن بعث إلى قومه خاصة ليس كمن بعث إلى الناس كافة.

كيف تكون هناك مساواة و قد خلق الناس مختلفين أمة و شعبا ،و لغة و لونا ؟
نعم هذا الاختلاف موجود كونا ،و ليس بمرعي شرعا ، فهو اختلاف تصنيف و تنويع للدلالة على قدرة الخالق جل و علا ،الذي يتصرف في مخلوقاته كيف يشاء ،و ليس اختلاف تفرق و عداء و لهذا و ردت الحكمة من هذا الاختلاف ،في نفس الآية (ليتعارفوا) أي أن الاختلاف الكوني و جد ليتم بين الناس التعاون و التآلف، و التآزر لمصلحة إنسانيتهم ،فيسعى كل واحد منهم لعبادة ربه و خالقه ،و منفعة نفسه و بني ***ه فتنمو الإنسانية و تسعد بما يقدم لها أبناؤها من مواهب و قدرات إنمائية و حضارية و ثقافية.

__________________
رد مع اقتباس