عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-03-2011, 08:58 PM
الصورة الرمزية faten forever
faten forever faten forever غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 9,104
معدل تقييم المستوى: 25
faten forever is on a distinguished road
افتراضي

أسرار البراكين العملاقة(*)


تكشف بلورات ميكروية في الرماد البركاني عن أدلة
مدهشة على أكثر الاندفاعات البركانية تدميرا في العالم.
<N.I. بايندمان>


تحت سطح الأرض في ولايتي كاليفورنيا ووايومنگ، يكمن بركانان في حالة سبات كانا قد ضربا المنطقة ب*** بالغ لا يمكن تصوره. وإذا ثارا فقد يغطيان خلال ساعات غرب الولايات المتحدة بسنتيمترات متعدّدة من الرماد البركاني. وبالفعل فقد ثارا على الأقل أربع مرات خلال المليوني سنة الماضية. وثمة براكين عملاقة أخرى مماثلة تكمن تحت أندونيسيا ونيوزيلندا.

ويكون لانفجار بركان عملاق (سوپر بركان) supervolcano القوة المدمّرة نفسها لنجيم صغير يصطدم بالأرض ـ وقد تكون هذه القوة أحيانا أشد بعشر مرات، ما يجعل مثل هذا الانفجار أحد أكثر الكوارث الطبيعية تدميرا وينبغي للبشر توقّع حدوثها. وإضافة إلى ما تسبّبه البراكين العملاقة الثائرة من دمار مباشر ناجم عن تدفق الرماد البركاني المُحرق، تقذف هذه البراكين العملاقة الناشطة غازات تؤدّي فيما بعد إلى تقلبات مناخية خطرة على الكرة الأرضية قد تدوم عدة سنوات.

ولذلك يتلهف الباحثون إلى معرفة الأسباب التي تؤدّي إلى اندفاع البراكين العملاقة ومعرفة كيفية التنبؤ بزمن ما سوف تُحدثه ثانية من دمار وما هي التحديات التي يمكن أن تستتبع آثارها الكارثية. وقد أشارت التحاليل الحديثة للبلورات الميكروية في رواسب الرماد البركاني الناتج من الاندفاعات البركانية القديمة إلى بعض الأجوبة. وهذه الأفكار، إضافة إلى التقنيات المحسّنة لمراقبة مواقع الكوارث المحتملة، جعلت العلماء أكثر ثقة بإمكان تحديد إشارات منذرة قبل وقوع انفجار اندفاع كبير. ومع ذلك تُلمّح الأعمال الجارية إلى أنّ انبعاثات بركان عملاق يمكن أن تُطلق تفاعلات كيميائية مزعجة في الغلاف الجوي جاعلة الأشهر التي تعقب مثل هذا الحدث أكثر خطورة ممّا كان يظنّ من قبل.

يسود اتفاق كامل تقريبا بين جميع خبراء البراكين أنّه من غير المحتمل إلى أبعد الحدود أن يعاني الذين يعيشون حاليا على الكرة الأرضية تأثيرات بركان عملاق ناشط؛ إذ تنزع الاندفاعات البركانية الكارثية إلى الحدوث مرة واحدة كل عدة مئات من آلاف السنين. ومع ذلك فإنّ ضخامة مثل هذه الأحداث وتأثيراتها في الكرة الأرضية هيمنت على اهتمام العلماء منذ خمسينات القرن الماضي.

رَهْبَة مبكرة(**)

من الأشياء الأولى التي اكتشفها الجيولوجيون، وديان دائرية ضخمة ـ بقطر يراوح بين 30 و 60 كم وعمق عدة كيلومترات ـ وهذه الوديان تبدو مشابهة على نحو لافت للنظر إلى الكلديرات calderas الحوضية الشكل التي تقع على قمة الكثير من براكين الكرة الأرضية المشهورة. تتشكّل الكلديرات بصورة نموذجية عندما تُفْرِغ حجرةُ الصخور المنصهرة الواقعة تحت منفس بركاني محتواها (من الصُّهارة magma) إلى سطح الأرض مسببة بذلك انهيار الأراضي التي فوقها. ويلاحظ أنّ هذه الوديان الشبيهة بالكلديرات تقع بالقرب من بعض أكبر الرواسب على الكرة الأرضية من الصخور البركانية التي توضّعت خلال انفجار بركان واحد. وبحسب ما توصّل إليه الباحثون فإنّ تلك الرواسب ما هي إلاّ بقايا براكين عملاقة ـ أكبر بمئات، بل بآلاف، المرات من البركان Mount Saint Helens المشهور في ولاية واشنطن. عرف الباحثون، من المقاس المفرط للكلديرات والحجم العملاق المقدّر من المواد البركانية المندفعة، أن حجم حجرات الصخور المنصهرة الموجودة تحتها كان هائلا أيضا.

وبسبب ندرة وجود قشرة قارات continental crust ثخينة ومصادر حرارية ضرورية لإحداث أمثال هذه الحجرات الكبيرة جدا من الصهارة، فإن وجود البراكين العملاقة نفسها نادر أيضا. فخلال المليوني سنة الماضية، قذفت هذه البراكين في آن واحد نحو 750 كيلومترا مكعبا على الأقل من الصهارة في أربع مواقع فقط: موقع يلوستون ناشيونال پارك في ولاية وايومنگ وموقع لونگ فالي في ولاية كاليفورنيا وموقع طوبا Toba في جزيرة سومطرا وأخيرا موقع تاوپو Taupo في نيوزيلندا. هذا ويستمر البحث عن اندفاعات بركانية كبيرة جدا مماثلة في المناطق الأخرى التي تتمتع بقشرة قارات ثخينة، كما هي الحال في غرب أمريكا الجنوبية وأقصى شرقي روسيا.

وفي الأحداث الماضية خلال سبعينات القرن الماضي، أظهرت التحقيقات الأسلوب الذي يمكن أن تتشكّل به حجرات الصهارة وتصبح خطرة. ففي موقع يلوستون وتحت سطح أرضها تتحرّك صفيحة أمريكا الشمالية التكتونية فوق دفق plume عائم من صخور منصهرة حارة لزجة القوام يصعد من وشاح الأرض(1) mantle. وهذا الدفق الحار الذي يدعى البقعة الحارة hot spot ويقوم بوظيفة حرّاق بُنزن Bunsen ضخم أدّى إلى صهر، بمقدار كاف، القشرة الأرضية المتوضّعة فوقه ليحفّز الاندفاعات البركانية الكارثية خلال الـ16 مليون سنة الماضية. أمّا في موقع طوبا بجزيرة سومطرا فيبدو أنّ أسلوب منشأ حجرات الصهارة يكون مختلفا. فهذا المكان يقع فوق نطاق الانغراز(2) subduction zone، حيث تنزلق فيه صفيحة تكتونية تحت صفيحة أخرى؛ إذ يسبّب تقارب الصفيحتين تأججا حراريا واسع الانتشار خصوصا من خلال الانصهار الجزئي لوشاح الأرض فوق الصفيحة المنغرزة.


حلقة من النار: تنفجر من منافس بركانية عملاقة بحجم الجبل حول الحافة الخارجية لبركان عملاق ناشط. وسحبٌ حارة وخانقة تحجب الرؤية، وهي مؤلفة من الغاز والرماد البركاني.

وبصرف النظر عن منشأ الحرارة، فإنّ الضغط في حجرات الصهارة يزداد مع الزمن مع تجمّع المزيد من الصهارة فيها وتحت تأثير الوزن الهائل للصخور الموجودة فوقها. ويحدث الاندفاع البركاني الكبير بعد أن ترفع الصهارة المنضغطة القشرة الأرضية المتوضّعة فوقها بمقدار كاف لإحداث شقوق شاقولية تمتد حتى سطح الكرة الأرضية. تندفع الصهارة نحو الأعلى في هذه الشقوق الجديدة الواحد بعد الآخر لتشكل، في آخر الأمر، حلقة من المنافس vents البركانية (الاندفاعية). وعندما تلتحم هذه المنافس بعضها ببعض لا يبقى للأسطوانة الصخرية الكبيرة المتشكّلة ضمن حلقة المنافس أي دعامة تحملها. وهذا «السقف» ينهار، قطعة واحدة أو كتلا مجزأة، على ما تبقّى من الصهارة في الحجرة، مثلما ينهار سقف منزل فَقَدَ دعائمه. وهذا الانهيار يدفع نحو الأعلى وبشدة مزيدا من الغاز واللابة(3) بحيث ينفجر على محيط حلقة المنافس (انظر الإطار في الصفحتين 56 و 57).

أخذ بصمات الاندفاعات البركانية(***)

لايزال الغموض مستمرا. فمن الواضح، كما يدرك الباحثون اليوم، أنّ كل حجرة كبيرة من الصهارة لا تنفجر بالضرورة بصورة كارثية. فمثلا يعدّ موقع يلوستون موطنا لأحداث انفجارية تمثلها ثلاث كلديرات لأحدث البراكين العملاقة في العالم ـ تشكلت على التتالي الواحدة فوق الأخرى قبل 2.1 مليون سنة و1.3 مليون سنة والأخيرة قبل 000 640 سنة. ومع ذلك، في الفترات الفاصلة بين هذه الأحداث الانفجارية، كانت حجرة الصهارة تطلق أحجاما مماثلة من الصهارة ببطء وهدوء. ولا يزال حتى الآن سبب صعود الصهارة أحيانا ببطء نحو سطح الأرض غامضا.

إن البحث في تركيب بلورات صغيرة محتجزة داخل اللابة والرماد البركاني في موقع يلوستون، أشار إلى جواب جزئي، وذلك بتقديم فكرة جديدة عن كيفية تشكّل الصهارة. ولعقود من الزمن، افترض الجيولوجيون أنّ الصهارة تستقر كحوض من الصخور المنصهرة لملايين من السنين في زمن من الأزمان، وفي كل زمن ينسكب جزء منه إلى سطح الأرض تعوّضه مباشرة كمية جديدة من الصخر المنصهر تصعد من الأسفل لتعيد ملء حجرة الصهارة من جديد. فإذا كان هذا التصوّر صحيحا سيتوقّع المرء الكثير الكثير من الاندفاعات البركانية العملاقة والكارثية، بسبب تعذّر حفظ كتل الصهارة الكبيرة في القشرة الأرضية من الناحيتين الميكانيكية والحرارية من دون تفريغها بصورة متكرّرة.



نظرة إجمالية/ اندفاعات بركانية عملاقة(****)


قلبت تحاليل حديثة لتركيب بلورات صغيرة، موجودة ضمن رواسب الرماد البركاني الناتجة من اندفاعات بركانية ما قبل تاريخية، معتقدات قديمة حول سلوك البراكين العملاقة ـ وكشفت عن مفاجآت جديدة حول الآثار التي تتركها الكوارث.
إنّ المجريات الداخلية في حجرات الصهارة التي تفجّر البراكين العملاقة يمكن أن تتطوّر بطرائق تؤثّر بقوة في أسلوب الاندفاعات البركانية في المستقبل. إن فترة الشتاء البركاني volcanicwinter الذي يسيطر على الكرة الأرضية عند ثوران بركان عملاق، أقصر، على الأرجح، ممّا كان يعتقد من قبل، مع أنّه يمكن أن تكون تفاعلاته الكيميائية مع الغلاف الجوي أكثر خطورة.


اعتمدت الفكرة القديمة اعتمادا كبيرا على ما يدعى تحليل كامل الصخر الذي يسمح للباحثين بالحصول على مجموعة واحدة من القياسات الكيميائية لكل عينة بحجم قبضة اليد جمعها الباحثون من الصخر البركاني. ووفرت تلك البيانات أنماطا عامة ومهمة لتطور الصهارة، ولكنّها كانت غير كافية لتحديد عمر الصهارة المقذوفة والعمق الذي تشكلت فيه.

إنّ كل كتلة من الصخر الاندفاعي مكوّنة في الواقع من آلاف البلورات الصغيرة وكل بلورة تنفرد بعمرها وتركيبها ومجريات تشكُّلها عن غيرها من البلورات. وهكذا عندما أمكن للتقدّم التقاني في أواخر الثمانينات من القرن الماضي من تحليل البلورات الفردية بدقة مقبولة، كان ذلك بمثابة قراءة فصول منفردة من كتاب وليس الاعتماد على قراءة دعاية التعريف به على غلاف هذا الكتاب لشرح موضوعه. بدأ الباحثون بإدراك أنّ بعض البلورات ـ ومن ثم الصهارات التي تشكّلت ضمنها في الأصل ـ نشأت على سبيل المثال بزمن أبكر من غيرها وأنّ بعضها تشكّل في الأعماق تحت سطح الأرض، في حين تشكّل بعضها الآخر بالقرب من هذا السطح.

وخلال عشر السنوات الماضية، اهتم الجيوكيميائيون اهتماما خاصا بنمط مستقر من البلورات البركانية يدعى الزركون Zircone. ومن المعلوم أن بلورات الزركون يمكن أن تتحمّل تغيرات بالغة من حيث الحرارة والضغط من دون أن يتعرّض تركيبها الأصلي إلى التغيير، فقد استخدمها بعض الباحثين ـ ومن بينهم <J.W.فالي> [من جامعة ويسكونسين في ماديسون] لدراسة التطوّر المبكر للقشرة الأرضية [انظر: «هل كانت الأرض باردة في بداية تكوّنها؟»،مجلة العلوم، العدد 12 (2005)، ص 20]. وعندما انضممت إلى فريق <فالي> كزميل فيما بعد الدكتوراه في عام 1998، استخدمنا عينات بلورات الزركون المأخوذة من موقع «يلوستون» لاقتفاء أثر تاريخ صهارتها الأصلية التي تشكّلت فيها والتي كشفت بدورها عن أدلة مهمة على السلوك الذي يمكن أن يسلكه البركان في المستقبل.

كانت الخطوة الأولى في قياس نسب النظائر المختلفة من الأكسجين في بلورات الزركون من أحدث اندفاع بركاني كبير في موقع يلوستون ـ الذي نتج بعد انفجاره، قبل 000 640 سنة، ترسب تشكيلة طف لافا كريك(4) ـ وهي عبارة عن رواسب أحفورية من الرماد البركاني المتصلّب تصل ثخانتها في بعض الأمكنة إلى 400م ـ إضافة إلى ترسّب رواسب أحدث كانت قد قذفت خلال اندفاعات أقل شدة منذ ذلك الزمن. وعندما أنهيت تحاليلي الأولية كنت مندهشا مع <فالي> من استنتاج أنّ تركيب الأكسجين في تلك البلورات من الزركون لا يماثله في بلورات زركون وشاح الأرض العميق الحار، كما كان متوقّعا فيما لو أنّ حجرات الصهارة المفرّغة كانت تُملأ دائما من الأسفل. يكون لبلورات الزركون المتشكّلة في الصهارات التي يكون أصلها من الوشاح بصمة متميّزة؛ إذ عندما تتجمّع العناصر المنصهرة في الصهارات لتشكيل بلورات الزركون، فإنّ هذه البلورات تأخذ نسبة مرتفعة واضحة من الأكسجين O18 ) 18 ) ـ وهو نظير تحوي نواته عشرة نيوترونات عوضا عن ثمانية نيوترونات في الأكسجين العادي (O16).

أدركت فورا مع <فالي> أنّه لا بد وأن تكون الصهارة قد تشكّلت من انصهار صخر كان بالقرب من سطح الأرض. فبلورات الزركون التي درسناها يكون أكسجينها 18 مستنفدا بالنسبة إلى بلورات الزركون المتكونة في وشاح الأرض، ويحدث مثل هذا الاستنفاد فقط إذا تشكلت البلورات في صخور كانت قد تفاعلت مع الأمطار والثلوج. وهكذا افترضنا أن صخور السقف المنهار من أحد أقدم اندفاعين بركانيين كبيرين في موقع يلوستون لا بد وأن تكون قد انصهرت لتشكيل جميع الصهارة التي اندفعت خلال كارثة «لافا كريك» الأحدث والاندفاعات البركانية الأقل شدة منذ ذلك الزمن. وهذه الفرضية اكتسبت الدعم عندما اكتشفنا أنّ أعمار بلورات الزركون من الاندفاعات التي حصلت بعد «اندفاعات لافا كريك» تمتد على كامل نحو مليوني سنة من بركنة volcanism موقع يلوستون. إنّ مثل هذه البلورات القديمة من الزركون يمكن أن توجد فقط في الرماد البركاني الأحدث فيما إذا كان منشؤها من مواد كانت قد قُذفت خلال الاندفاعات الأقدم وفيما إذا كانت المواد قد انهارت فيما بعد إلى حجرة الصهارة وانصهرت ثانية لتساعد على تحريض اندفاعات بركانية أحدث.


أكبر فأكبر(*****)

تنشر البراكين العملاقة (باللونين البرتقالي والأزرق) الرماد البركاني إلى مسافات أبعد بكثير مما تنشره حتى الأشكال الكبيرة من البراكين التي يعتبرها معظم الناس من البراكين العادية (باللونين الأصفر والأرجواني)، لأنّ البراكين العملاقة تقذف كمية أكبر من المواد من حجرات الصهارة العملاقة.


تفيد النتائج التي توصّلنا إليها في تمكين العلماء حاليا من توقّع بعض التنبؤات حول السلوك الذي سوف يسلكه البركان العملاق في موقع يلوستون، وربما سلوك البراكين العملاقة في أمكنة أخرى، في المستقبل. فإذا بدأت جولة جديدة من اندفاعات بركانية صغيرة منذرة في موقع يلوستون ـ تحدث عادة قبل أسابيع إلى مئات السنين من انفجار كارثي ـ فإن فحص بصمة الأكسجين في تلك اللابة وأعمار بلوراتها من الزركون ينبغي أن يكشف عن نمط الصهارة المتوافرة في حجرة الصهارة في الأسفل. فإذا كان الأكسجين 18 مستنفدا في الاندفاع البركاني التالي، حينئذ يحتمل أن هذا الاندفاع لايزال يتغذّى بالبقية الراكدة من الصهارة الأصلية التي يحتمل أن تكون حاليا مؤلّفة من مادة متصلبة كثيفة أكثر من مائع متفجّر. وبالمقابل إذا كانت اللابة تحمل بصمة صهارة جديدة من وشاح الأرض ولا تحوي بلورات زركون قديمة، حينئذ يحتمل أن تكون آتية من حجم كبير من صهارة جديدة ملأت حجرة الصهارة من الأسفل. وتدل هذه النتائج ضمنا على بدء جولة جديدة من البركنة ـ وأنّ لدى حجرة الصهارة المحتقنة من جديد احتمال أكبر لأن تنفجر بصورة كارثية.

عاقبة فورية(******)

كشفت بلورات صغيرة وبصماتها النظائرية أيضا مفاجآت ـ منها المفيد ومنها المؤذي ـ حول الآثار الفورية بعد كارثة الاندفاعات البركانية الكبيرة. وأحد أمثلة الآثار الكارثية للبركان العملاق الذي درس دراسة جيدة هو تشكيلة «طف بيشوپ» Bishop tuff وهي طبقة من الرماد البركاني المتصلّب تراوح ثخانتها ما بين 10 و 100م وتنكشف على سطح الأرض في الموقع Volcanic Tablelands شرق ولاية كاليفورنيا. تمثّل هذه الطبقة الثخينة ما تخلّف من قذف نحو 750 كم3 من الصهارة خلال تشكّل كلديرا البركان العملاق في الموقع Long Valley قبل 000 760 سنة.

افترض الكثير من الجيولوجيون، طوال عقود، أنّه لا بد وأن تكون سلسلة من اندفاعات بركانية متميّزة قد حدثت على مر ملايين السنين لإنتاج تشكيلة «طف بيشوپ» الواسعة الانتشار. ولكن الدراسات الدقيقة لقطيرات ميكروية من الصهارة المحتجزة ضمن بلورات صغيرة من الكوارتز كشفت عن تفسير مختلف. يعتمد معدل السرعة التي تترك فيها الصهارة حجرتها بصورة رئيسية على عاملين اثنين: لزوجة الصهارة (أي قدرتها على الجريان) وفرق الضغط بين حجرة الصهارة وسطح الأرض. ولأنّ الضغط داخل قطيرة الصهارة يماثل ضغط الحجرة التي تشكلت فيها الصهارة، فإنّ قطيرة الصهارة تُماثل نسخة مصغرة عن حجرة الصهارة نفسها.




لم تكن البراكين العملاقة الخامدة في موقع لونگ فالي بولاية كاليفورنيا (الشكل العلوي) على شكل قمم واضحة مخروطية الشكل مثل ما هي عليه في ماونت سانت هيلينز بولاية واشنطن (الشكل السفلي). وإنّما تتميّز، عوضا عن ذلك، بفوهات بركانية عملاقة (كلديرات)، وهي منخفضات في سطح الأرض تشكّلت عندما انهارت الأرض نحو حجرات الصهارة التي غذّت معظم الاندفاعات البركانية الكبيرة الحديثة.


وبإدراك هذا التماثل درس<A.أندرسون> [من جامعة شيكاگو] مع زملائه حجم قطيرات الصهارة تحت المجهر لتقدير المدة التي تستغرقها الصهارة لتنسكب على السطح. يعتقد الجيولوجيون حاليا، اعتمادا على ما ذُكِر وعلى تجارب أخرى وملاحظات ميدانية خلال التسعينات من القرن الماضي، أنّ تشكيلة «طف بيشوپ» ـ ومن المحتمل أن معظم الرواسب البركانية الأخرى المنبثقة من الاندفاعات الكبيرة ـ كانت قد قُذفت في انفجار واحد دام ما بين 10 و100 ساعة.

كان على الباحثين، بعد هذا الاكتشاف، أن يعدّلوا فكرتهم المتعلقة بإعادة تكوين اندفاعات البركان العملاق (السوپر بركان)؛ وهذا ما يتوقعونه بصورة عامة حاليا من حَدَثٍ بحجم الأحداث التي ضربت موقعي «لونگ فالي» و«يلوستون»: عوضا عن انسكاب بطيء للاپة حارة متوهجة كما ترى وهي تسيل الآن على جوانب البركان Kilauea في جزيرة هاواي، تكشف هذه الاندفاعات عن انفجارات فوق صوتية من مزيج رغوي القوام ذي حرارة عالية جدا مؤلف من الغازات والرماد البركاني يرتفع في الجو إلى طبقة الاستراتوسفير stratosphere، إلى ارتفاع 50 كم. وبسبب انهيار الأراضي فوق حجرة الصهارة تنفجر سحب رمادية كثيفة مؤلفة من صخور فتاتية نارية Pyroclastic، وتتدفّق بصورة أفقية على كامل محيط الكلديرا. وتشكّل هذه التدفقات مظهرا متوسطا بين اللابة والرماد البركاني، ولذلك فإنّها تتحرّك بسرعة كبيرة جدا تصل إلى 400 كم بالساعة، بحيث لا تتمكّن السيارات والطائرات الصغيرة، بحسب بعض المصادر، أن تنجو منها. وإضافة إلى ذلك تكون هذه التدفقات حارة جدا ـ من 600 إلى 700 درجة مئوية ـ فهي تؤدّي إلى حرق ودفن كل شيء في طريقها الذي يمتد إلى عشرات الكيلومترات في جميع الاتجاهات.

يمكن أن يكون للرماد البركاني المندفع نحو الغلاف الجوي، الذي يكون مؤذيا مثل الأذى الذي تسبّبه تدفقات الصخور الفتاتية النارية، عواقب أخطر إلى أبعد الحدود. فقد يسقط هذا الرماد البركاني ذو اللون الرمادي الباهت كما يندف الثلج، ربّما لمدة أيام أو أسابيع، على مناطق تبعد مئات الكيلومترات عن مكان الاندفاع البركاني. وضمن مسافة 200 كم من الكلديرا قد يختفي معظم ضوء الشمس، وهكذا قد تبدو السماء عند الظهيرة مثلما تبدو عند هبوط الليل. وقد تدفن، وأحيانا تسحق، المنازل والناس والحيوانات. وحتى على بعد 300 كم، يمكن أن تصل ثخانة طبقة الرماد البركاني المترسب نصف متر؛ وإذا اختلط هذا الرماد مع المطر سيكون وزنه كافيا جدا لانهيار سقوف المنازل. وقد تعطّل كمية أقل من هذا الرماد التيار الكهربائي ومحطات البث الإذاعي. وبثخانة طبقة قدرها ملّيمتر واحد من الرماد البركاني التي يمكن أن تغطي سطح نصف محيط الكرة الأرضية، قد تؤدّي إلى إغلاق المطارات وإنقاص الإنتاج الزراعي على نحو خطر.



دورات فائقة(*******)

تتشكّل الحجرات العملاقة من الصهارة magma التي تغذّي البراكين العملاقة فوق البقع الحارة hotspots (أعمدة في أعماق الأرض تصعد عبرها الصخور المنصهرة) أو فوق نطق الانغراز subductionzones (وهي النطق حيث تنغرز صفيحة تكتونية تحت صفيحة أخرى). ففي كلتا الحالتين، تتجه البراكين العملاقة إلى اتباع دورة اندفاعية التي هي أفضل فهما حاليا ممّا كانت عليه من قبل. وفيما يلي أشكال للخطوات الأساسية الأربع، بدءا من التشكيل الأولي لحجرة الصهارة، يتمثّل في كل منها نطاق الانغراز.

1 - ينتج من الانصهار الجزئي لصخور وشاح الأرض الواقعة فوق الصفيحة المنغرزة من قشرة المحيطات، الصهارة (الماگما) التي تتقدّم صاعدة نحو الأعلى باتجاه قاعدة قشرة القارات وتتجمّع هناك. تقوم حجرة الصهارة السفلى بعمل حرّاق بُنزن ضخم يصهر في آخر الأمر أجزاء من قشرة القارات التي يكون لصخورها نقطة انصهار أخفض من الصخور الموجودة تحتها. تصعد بعض الصهارة أيضا عن طريق أقنية شاقولية بين الحجرتين.



2- بقدر ما يزداد حجم حجرة الصهارة العليا بقدر ما تنتفخ الأرض التي فوقها وتتشقّق. إنّ تركيب هذه الصهارة الغني بالسيليكا ودرجة حرارتها المنخفضة، بالنسبة إلى تركيب وحرارة وشاح الأرض، يجعلها تقاوم الجريان بصورة خاصة، وهكذا يصبح مرور الماء والغازات عبرها صعبا. ونتيجة لذلك، عندما تشق سدادة من الصهارة اللزجة طريقها فجأة إلى السطح على طول شق شاقولي، تميل المواد التي تحتها بضغطها المرتفع إلى الانفجار ب*** أكثر من أن تتدفّق ببطء.



3 - يتحطم، في آخر الأمر، سطح الأرض المُجهد عندما تشكّل منافس انفجارية جديدة حلقة قطرها بقطر حجرة الصهارة. تنهار القطع المتشقّقة من الصخور نحو حجرة الصهارة مجبرة كميات إضافية من الصهارة على الصعود إلى الحافات الخارجية للحلقة. إنّ انطلاق هذه الصهارة المفاجئ يحوّلها إلى سحب حارقة واسعة الانتشار من الصخور والرماد البركاني والغاز تعرف بالتدفق الفتاتي الناري flowpyroclastic الذي يخرّب مساحة تمتد لعشرات الكيلومترات في جميع الاتجاهات.



4 - بعد اندفاع البركان، يستقر فوق حجرة الصهارة ـ المفرّغة جزئيا من محتواها ـ منخفض يشبه فوهة البركان يعرف بالكلديرا caldera أو فوهة البركان الضخمة. إن الأراضي المنهارة في داخل حجرة الصهارة تبدأ مع مرور الزمن بالانصهار، وبذلك تتشكّل كتلة أصغر من الصهارة، التي تشكّل مع قوى أخرى قبة في مركز الكلديرا. يمكن أن تتسرّب من هذه المنطقة لابة (حمم بركانية) بطيئة الحركة مرات متعددة قبل أن تتجمّع الصهارة بصورة كافية لتحفيز اندفاع ضخم جديد.


وتدريجيا فقط يمكن أن تغسل الأمطار (التي أصبحت حامضية بالغازات البركانية) الغطاء الثخين من الرماد البركاني وتجرفه. وبسبب عوم الصخور البركانية والرماد البركاني قد تُسَدُّ الممرات المائية الرئيسية. ويمكن أن ينتهي النقل النهري عبر الممرات المائية إلى التوقّف. وبالفعل فقد اخترق حفر بئر نفطية في خليج المكسيك طبقة ثخينة بصورة غير متوقعة من حطام صخري بالقرب من دلتا نهر المسيسيبي نتج من اندفاعات لبراكين عملاقة ـ وهي تمتد على مسافة تزيد على 1000 ميل في موقع يلوستون. فقد أمكن تراكم هذه الكمية من الحطام الصخري البركاني الناجمة عن بركان بعيد جدا بعد عومها وانتقالها نحو مصب النهر، ومن ثم التصاقها بالرواسب التي في قاع المحيط.

لقد كان لدى الباحثين أسبابهم للاعتقاد أنّ عواقب أخرى قد تنشأ عن انطلاق أحجام كبيرة من غاز، بقي تركيبه غير معروف تماما، نحو الغلاف الجوي الأعلى للأرض، وإمكانية استمرار انطلاقه لسنوات متعدّدة. وتشير الأبحاث الجديدة إلى أنّ بعض هذه النتائج قد لا تكون مؤذية مثل ما كان يُخشى من قبل، ولكن يمكن لبعضها الآخر أن يكون أكثر أذى. وهذا ما توضّح مرة ثانية حالما تمت دراسة تركيب النواتج الثانوية الصغيرة من الاندفاعات البركانية الماضية.

من الغازات المتنوعة التي تؤلف أي اندفاع بركاني، يسبّب ثنائي أكسيد الكبريت (SO2) التأثير الأقوى في البيئة؛ فهو يتفاعل مع الأكسجين والماء لإنتاج قطيرات دقيقة من حمض الكبريت (H2SO4). وتشكّل هذه القطيرات المصدر الرئيسي الذي يحجب الشمس ويؤدّي إلى التبرّد المناخي المفاجئ الذي قد يسيطر على الكرة الأرضية بعد الاندفاعات البركانية الكبيرة. ومن المعروف أنّ الدورة المائية (الهدرولوجية) على الكرة الأرضية تأخذ أشهر أو سنين لتغسل وتزيل القطيرات الحامضية بصورة كاملة. والكثير من الباحثين يقدّر تقديرات غامضة أنّ فصول شتاء بركانية volcanic wintres قد تدوم عشرات السنوات إذا لم تدم مئات السنين. ولكن في السنوات الأخيرة كشف باحثون آخرون عن دليل يخفّض كثيرا هذه المدة.

يُحتجز معظم آثار حمض الكبريت تقريبا الناتج بعد الاندفاعات البركانية الكبيرة في الثلج والجليد كلّما انفصل هذا الحمض عن الغلاف الجوي الملوّث. فقد وجد الباحثون في عام 1996، الذين يدرسون لبابات الجليد المأخوذة من گرينلند وقارة القطب الجنوبي (قارة الأنتاركتيكا)، أنّ كمية حمض الكبريت القصوى حصلت بعد الاندفاع البركاني الكبير في موقع «طوبا» قبل000 74 سنة. فقد قذف هذا الاندفاع 2800 كم3 من اللابة والرماد البركاني وأدّى إلى خفض متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية بين 5 و 15 درجة مئوية. ومن دون شك، كانت نتائج هذه البرودة خطرة، غير أنّها لم تدم مدة طويلة كما كان يُعتقد من قبل: لقد اختفى حمض الكبريت من لبابات الجليد بعد ست سنوات؛ أو بعد مدة أقل من ذلك بحسب بعض الباحثين الآخرين.


تشكّل الرواسب البركانية الواسعة الانتشار منحدرا شديد الانحدار في الجبل Yucca Mountain بنيکادا. وهي بقايا تدفقات من الرماد البركاني الحارق الناتج من الاندفاعات العملاقة التي انطلقت في الجوار قبل نحو 12.8 مليون سنة (الطبقة السفلى) وقبل نحو 12.7 مليون سنة (الطبقة العليا).

يتشكّل الجدار الصلب في غرب نبراسكا المؤلّف من صخر رمادي اللون من تراكم رماد بركاني خانق تخلّف عن اندفاع كبير من موقع غير معروف قبل نحو 28 مليون سنة. تدل عناصر في الرماد البركاني على أنّ مثل هذه الاندفاعات الكبيرة يمكن أن تغيّر كيميائية طبقة الاستراتوسفير(5) stratosphere.

إنّ احتمال كون مدة «فصول الشتاء البركانية» أقصر ممّا كان يعتقد هي أخبار سارّة. ولكن طريقة جديدة جرى تطويرها خلال السنوات الخمس الأخيرة لدراسة تركيب ذرات الأكسجين في الأمطار الحمضية البركانية كشفت عن وجود إشارة منذرة بالخطر مختلفة تماما حول التأثيرات المديدة لثنائي أكسيد الكبريت في الغلاف الجوي. ولكي يتحول الغاز SO2 إلى الحمض H2SO4 لا بد أن يتأكسد ـ وبتعبير آخر ينبغي أن يكتسب ذرتين من الأكسجين من مركّبات أخرى موجودة بالفعل في الغلاف الجوي. فالمركبات التي تؤدي بالفعل الدور الأساسي هي موضوع لا يزال قيد المناقشة الحامية في الأبحاث الحالية. وهكذا عندما بدأت العمل مع <M.J.إيلر> [في هيئة الباحثين بمعهد كاليفورنيا للتقانة] في عام 2003، بحثنا عن دليل في العينات التي أخذتها من طبقات الرماد البركاني الناتجة من الاندفاعات البركانية القديمة في موقعي «يلوستون» و «لونگ فالي».



تنكشّف حاليا هياكل الحيوانات التي كانت مدفونة في التشكيلة Ashfall Fossil Beds (طبقات أحافير الرماد البركاني)، المتشكّلة نتيجة اندفاع كارثي في ولاية إيداهو قبل 12 مليون سنة، في المتنزه State Historical park بولاية نبراسكا. ومن المحتمل أن تكون معظم الحيوانات قد ماتت ببطء عندما ملأ الرماد البركاني (الذي يتألّف بصورة أساسية من دقيق زجاجي) رئاتها وسحج أسنانها؛ ويمكن أن تكون المواد الكيميائية في الرماد البركاني قد سمّمت أيضا مياه شربها.


بدأنا بتحليل عيناتنا بالتركيز بصورة خاصة على مؤكسد فعّال هو الأوزون: غاز مؤلّف من ثلاث ذرات من الأكسجين أكثر ما يُعرف عنه أنّه يقي الكرة الأرضية من أشعة الشمس فوق البنفسجية الخطرة. وبسبب التحوّلات الكيميائية النادرة التي تتعرّض لها بعض الغازات بوجود ذلك الإشعاع الشمسي الشديد، يتميّز غاز الأوزون بشذوذ فيما يسمّى بصمة أكسجين نظيره O17 ) 17 ) المستقلة عن كتلته، التي، بمعنى آخر، يمكن أن تعتبر زيادة من الأكسجين 17.

عندما يتفاعل الأوزون أو أي جزيء آخر غني بالأكسجين في طبقة الاستراتوسفير من الغلاف الجوي، مع الغاز SO2، ينقل بصمة نظير أكسجينه 17 إلى الحمض الناتج ـ وهذا يعني أنّ شذوذ الأكسجين 17 يستمر في الحمض الجديد. لقد وجد الجيوكيميائيون في عام 2003 الذين يعملون في جامعة كاليفورنيا بسان دييگو، الدليل المذكور آنفا، ما يدلّ على أنّ هذه البصمة تكون محفوظة أيضا في ذرات أكسجين الحمض الذي يسقط فيما بعد كأمطار وفي مركبات الكبريتات التي تتشكّل عندما تتفاعل الأمطار الحمضية مع الرماد البركاني على الأرض.


تخريب طبقة الأوزون(********)


ظهرت الغازات الخطرة المنبعثة من البركان MountPinatubo في الفليبين عام 1991 كألوان في صور الساتل(6) المأخوذة لغلاف الأرض الجوي الأعلى (خلفية الصورة). يشير دليل جديد إلى أنّ مثل هذه الغازات المنبعثة من البراكين العملاقة في المستقبل يمكن أن تستنفد إلى حد بعيد طبقة الأوزون الواقية لكوكب الأرض، قبل أن تسقط على شكل أمطار حمضية وتختلط مع الرماد البركاني لتشكّل الكبريتات. تتضمّن عينات الكبريتات المأخوذة من رواسب أربعة براكين عملاقة زيادة استثنائية في نظير الأكسجين O17 ) 17 ) (تمثّل المساحات الملوّنة غير المنتظمة في المخطط مجموعات من القياسات)؛ تحدث هذه الزيادة فقط في المركبات التي اكتسبت الذرات النادرة خلال التفاعلات مع غازات خاصة، على الأرجح غاز الأوزون، في الطبقة العلوية من غلاف جو الكرة الأرضية. إنّ المواد التي تتشكل على سطح الأرض وتبقى هناك، مثل منتجات معظم الاندفاعات الصغيرة لا تشير إلى مثل هذه الحالة الشاذة (الخط الأزرق).

وتدل زيادة الأكسجين 17 والمركبات الكيميائية الأخرى التي وجدناها في كبريتات عينات الرماد البركاني المأخوذة من موقعي «يلوستون» و «لونگ فالي» على أنّ كميات كبيرة من أوزون طبقة الاستراتوسفير استخدمت في التفاعلات مع غازات الاندفاعات البركانية الكبيرة التي انطلقت من الموقعين المذكورين. وبيّن باحثون آخرون يدرسون طبقات الحمض في لبابات الجليد من مناطق قارة القطب الجنوبي أنّ تلك الأحداث أدّت أيضا على الأرجح إلى تآكل أوزون الاستراتوسفير، وهذا يجعلنا نفكر كما لو أنّ انبعاثات البراكين العملاقة تستغرق مدة أطول لتأكل ثقوب طبقة الأوزون ممّا تستغرق لتبريد المناخ.

قد يكون هذا النقص في طبقة الأوزون الواقية متوقعا ليفضي إلى كمية متزايدة من الإشعاع فوق البنفسجي الخطر الذي يصل إلى سطح الكرة الأرضية، ومن ثم إلى زيادة الضرر الجيني genetic الذي تسببه هذه الأشعة، ومع ذلك فإنّ حجم ومدة تدمير طبقة الأوزون المحتمل مازالا خاضعين للنقاش؛ ومع ذلك فقد كشفت الملاحظات الفضائية أنّ استنفادا في طبقة الأوزون يراوح ما بين 3 و 8 في المئة، حصل بعد اندفاع بركان ماونت پيناتوبو عام 1991 في الفليبين. ولكن ماذا قد يحصل بعد حدث أضخم بمئة مرة؟ إنّ مجرد حساب بسيط لن يؤدّي إلى حلّ هذه المشكلة، بسبب تعقيد تفصيلات تفاعلات الأكسدة في الغلاف الجوي وعدم فهمها تماما.

ويُجرى حاليا تطوير تقنيات علمية لدراسة ومراقبة البراكين من جميع الحجوم بسرعة متأنية. وبصرف النظر عن مقدار ما نتعلّمه، لا يمكننا أن نمنع حدوث أي اندفاع بركاني. وما يمكن أن يقال حول آثار معظم الأحداث الكارثية يبقى غير نهائي في أحسن الأحوال؛ ومع ذلك فإن الأخبار السارة هي أن الباحثين يعرفون حاليا بصورة كافية مواقع الاندفاعات البركانية المحتملة كي يتنبؤوا بتأكيدات معقولة أنّه لن تحصل مثل هذه الكوارث في القريب العاجل.

المؤلف
Ilya N. Bindeman

جيوكيميائي ومساعد أستاذ في قسم العلوم الجيولوجية بجامعة أوريگون. ولد في موسكو واهتمّ في البداية بعلم البراكين عندما درس البراكين البعيدة في كامشاتكا في أقصى شرق روسيا. وبعد أن حصل على الدكتوراه من جامعة شيكاگو في عام 1998 بدأ بصورة عملية بفحص البلورات الميكروية الموجودة في الرماد البركاني بغية إيجاد أدلة تدل على منشأ الاندفاعات البركانية الكبيرة في العالم وتأثيراتها. عمل في جامعة ويسكونسين-ماديسون وفي معهد كاليفورنيا للتقانة قبل أن ينضم إلى كلية أوريكون في الشهر 12 من عام 2004 ويقيم مختبره الخاص في الجيوكيمياء.
رد مع اقتباس