عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 01-10-2010, 06:25 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
Icon114 ماده قانون المرافعات

لبــاب الأول
الأحكام القضائية
الفصــــل الأول
تعريــــف الحكــــم .
أولاً : تعريف الحكم :
للقاضي وظيفتان :
- وظيفة ولائية أو أدارية .
- وأخرى قضائية ؛ يمارسها بما يصدره من أوامر أو قرارات تسمى بالمعنى العام "بالأحكام".
فالحكم بمعناه العام يشمل كل أمر أو قرار يصدر عن المحكمة، ولو لم يكن فاصلاً في خصومة كالحكم التمهيدي ، وحكم إيقاع بيع العقار ، والحكم بتأجيل نظر الدعوى من جلسة إلى جلسة، وكالأوامر على العرائض .
إلا أنه إلى جانب هذا المعنى للأحكام الذي يشمل ما لا يعتبر حكمًا بالمعنى الصحيح لكونه يتسع لقرارات القاضي وأوامره الولائية والإدارية ، فإن للحكم معنى خاص :
يقصد به القرار الذي يصدر عن محكمة مُشَكَّلة تشكيلاً صحيحًا بموجب سلطتها القضائية في خصومة طرحت عليها وفق قانون المرافعات .
فالقرار الذي يصدر عن القاضي قد يكون حُكمًا، وقد يكون أمرًا، والأمر منه ما يعتبر بمثابة الحكم مثل أمر الأداء لصدوره عن القاضي بموجب سلطته القضائية ، ومنه ما لا يعتبر حكمًا لصدوره عن القاضي بموجب سلطته الولائية، وأهم هذه الأنواع من الأوامر؛ الأمر على عريضة .
وقد أحاط المشرع الأحكام وما في منزلتها بكثير من الضمانات، ورتب عليها آثارًا خاصة تميزها عن سائر أعمال القاضي ، ورسم طرقًا محددة للطعن فيها.
الخلاصــة :
الحكم بمعناه الدقيق هو : كل قرار تصدر محكمة مشكلة تشكيلاً قانونيًا في خصومة قضائية، رفعت ليها وفقًا للقواعد والإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات .
وكلمة حكم بهذا المعنى تشمل : كل القرارات التي تصدرها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها استعمالاً لسلطتها القضائية ، يستوي بعد ذلك إن كانت المحكمة التي أصدرت الحكم مشكلة من قاضي فرد أم من قضاة متعددين. ولهذا يعد حكمًا في قانون المرافعات كل ما يصدر من المحاكم الجزئية والمحاكم الكلية ومحاكم الاستئناف ومحكمة النقض .
وليس من المحتم أن يصدر في كل قضية حكم واحد، فقد تصدر في الخصومة الواحدة أحكام متعددة، يقضي كل منهما في مسألة فرعية كالحكم برفض دفع شكلي، أو بتزوير ورقة، أو يأمر باتخاذ إجراء متعلق يسير الخصومة، أو بتحقيق الدعوى كالحكم بإحضار أحد الخصوم، أو باستجوابه، أو بتوجيه اليمين إليه؛ فضلاً عن الحكم الأخير الفاصل في موضوع النزاع.
أما ما يصدر عن القاضي من قرارات استعمالاً لسلطته الولائية، فإن القانون يطلق عليها اصطلاح " أوامر " لا ترقى إلى مرتبة الأحكام.
ونظرًا لخطورة الآثار التي تترتب على الأحكام بمعناها الدقيق، وحرصًا على عدم تأبيد المنازعات من ناحية، والعمل على استقرار الحقوق والمراكز القانونية من ناحية أخرى، فقد أحاط المشرع إصدار الأحكام بضمانات كثيرة لم يحظ بمثلها أي من الأعمال الأخرى التي تصدر عن السلطات العامة .
ثانيًا : ضوابط الأحكام :
من أهم ضوابط الأحكام ما يلي :
1. لا يعتد بطبيعة الأجراء المحكوم به .
2. لا يعتد بتكييف المحكمة إذا كان مخالفًا للقانون .
3. يتحدد وصف الدعوى والحكم الصادر فيها طبقًا لنصوص القانون في حدود واقع الدعوى المطروحة، ولا يعتد بتكييف الخصم ووصفه .
4. العبرة بمنطوق الحكم لا بأسبابه.
5. قضاء الحكم قد يكون ضمنيًا .
6. لا يعتد عند تكييف الحكم بمنازعة الخصوم .
7. لا عبرة بما يرد في الأسباب على سبيل القضاء .
ثالثًا : أركان الحكم :
من العرض السابق لتعريف الحكم بمعناه الخاص، يمكن القول بأن الحكم بمعناه الخاص - أو الضيِّق أو الفني- يتميز بأركان أساسية معينة هي :
1. أن يصدر من محكمة تتبع جهة قضائية .
2. أن يصدر من محكمة بناءً على سلطتها القضائية بمعنى أن يصدر في خصومة.
3. أن يكون الحكم باتًا .
فإذا توافرت هذه الأركان في قرار القاضي، فإنه يعد حكمًا قضائيًا، ومن ثم يخضع لقواعد الأحكام من حيث إصدارها وطرق الطعن فيها، وتترتب على مثل هذا القرار آثار الأحكام.
الفصل الثاني
التقسيمات المختلفة للأحكام .
أهم تقسيمات الأحكام :
تتعدد تقسيمات الأحكام نتيجة لتعدد المعايير التي يمكن الاعتماد عليها في تصنيف هذه الأحكام؛
‌أ) فبالنظر إلى ما يرد عليه قضاء المحكمة، تنقسم الأحكام إلى: أحكام إجرائية ، وأخرى موضوعية، وبدورها تنقسم الأحكام الموضوعية ؛ تبعًا لمضمونها إلى : أحكام تقريرية أو كاشفة، وأحكام منشئة ، وأحكام إلزام .
‌ب) وبالنظر إلى طبيعة الحكم ومدى ما يرتبه من حسم لمسائل الخصومة، تنقسم الأحكام إلى أحكام قطعية وأخرى غير قطعية .
‌ج) وبالنظر إلى أثر الحكم الصادر في الخصومة على مصير هذه الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم تنقسم الأحكام إلى أحكام منهية للخصومة ، وأخرى غير منهية لها.
‌د) وبالنظر إلى درجة المحكمة التي أصدرت الحكم وإمكانية مراجعته عن طريق الطعن عليه، يجري التمييز بين ثلاثة أنواع من الأحكام هي الأحكام الابتدائية والأحكام الانتهائية والأحكام الباتة.
وقبل أن نبدأ في بيان وتوضيح هذه التقسيمات، فإننا نشير إلى أن العبرة في تحديد وصف الحكم هي بحقيقة ما ينطبق عليه طبقًا لنصوص القانون، لا بما يتمسك به الخصوم أو تصفه به المحكمة.
وتطبيقًا لذلك فقد قضي بأن العبرة في اعتبار الحكم حضوريًا أو غيابيًا هي بحقيقة الواقع لا بما تصفه به المحكمة، وبأن العبرة في وصف الحكم بأنه تمهيدي أو قطعي ليست بما يصفه الطاعن، وإنما هي بحقيقة وصفه .
كما تجدر الإشارة أيضًا إلى أن الحكم الواحد قد يتضمن أكثر من قضاء، وذلك حينما يكون صادرًا في أكثر من طلب أو أكثر من مسألة .
وفي هذه الحالة لا يلزم أن يكون الحكم في كل أجزائه من طبيعة واحدة، فقد يكون الحكم في شق منه قطعيًا، وفي الشق الآخر غير قطعي، كما قد يتضمن الحكم - وهو الغالب - تقريرًا أو إنشاء لحق أو مركز قانوني، مع إلزام أحد الخصوم بأداء معين.
وسنعرض فيما يلي لتقسيم الأحكام وفقًا للمعايير التي سبق أن أشرنا إليها.
أولاً : تقسيم الأحكام إلى : أحكام موضوعية، وأحكام إجرائية .
ثانيًا : تقسيم الأحكام الموضوعية إلى: أحكام منشئة ، وأحكام تقريرية، وأحكام إلزام.
ثالثًا : تقسيم الأحكام إلى : أحكام قطعية وأحكام غير قطعية .
رابعًا : تقسيم الأحكام إلى أحكام منهية للخصومة ، وأحكام غير منهية لها .
خامسًا : تقسيم الأحكام إلى أحكام ابتدائية ، وأحكام انتهائية، وأحكام باتة .
وسنوضح كل هذه التقسيمات السابقة في المباحث التالية :
المبحث الأول
تقسيم الأحكام إلى أحكام موضوعية، وأحكام إجرائية
أ‌) الحكم الموضوعي : هو ما يكون محله موضوع الخصومة بما يشتمل عليه من طلبات ودفوع الخصوم .
ب‌) أما الحكم الإجرائي : فهو ما يكون محله مسألة من مسائل المرافعات كالحكم الصادر في مسألة الاختصاص أو قبول نظر الدعوى، أو في شكل صحيفتها .
وتبدو أهمية هذا التقسيم :
أ‌. في أنه حين تنتهي الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى بحكم موضوعي فإن ذلك يعني استنفاد ولايتها بشأن موضوع الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم ، بما يوجب على محكمة الدرجة الثانية التي تنظر طعنًا على هذا الحكم أن تتصدى لموضوع الدعوى لتفصل فيه، إذا ما ألغت الحكم الموضوعي لمحكمة أول درجة .
ب‌. أما إذا كانت الخصومة أمام محكمة أول درجة قد انتهت بحكم إجرائي فإن ذلك لا يؤثر على ولاية هذه المحكمة بشأن موضوع الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم، بما يعني أنه إذا ما ألغت محكمة الدرجة الثانية هذا الحكم حال الطعن عليها أمامها، فإنه يمتنع عليها أن تفصل في موضوع الدعوى، وإنما يجب عليه أن تعيد القضية إلى محكمة الدرجة الأولى لتفصل في موضوعها، وذلك احترامًا لمبدأ التقاضي على درجتين .
المبحث الثاني
تقسيم الأحكام الموضوعية إلى أحكام منشئة
وأحكام تقريرية، وأحكام إلزام.
‌أ) الحكم التقريري: هو الذي يؤكد وجود حق أو مركز قانوني أو ينفي وجوده دون أن يلزم أيًا من الخصمين بشيء.
§ ومن أمثلته : الحكم الصادر بصحة نسب شخص إلى آخر أو بصحة التوقيع على عقد أو ورقة أو ببطلان عقد، ففي كل هذه الأمثلة يقتصر دور الحكم على إعلان حقيقة كانت موجودة أو إنكار ادعاء بحقيقة غير موجودة.
‌ب) أما الحكم المنشئ : فهو الذي ينشئ حقًا أو مركزًا قانونيًا لم يكن موجودًا، أو يعدله، أو ينهي مركزًا كان موجودًا دون أن يلزم - أيضًا - أيًا من الخصمين بشيء. ومن أمثلته الحكم الصادر بتطليق وزجة، والحكم الصادر بفسخ عقد .
‌ج) حكم الإلزام : وعلى خلاف الوضع بالنسبة للصنفين السابقين معًا، فإن حكم الإلزام هو الحكم الذي يلزم المحكوم عليه بأداء معين تبعًا لما ورد به أو سبقه من تقرير أو إنشاء .
§ ومن أمثلته: الحكم الصادر بإلزام شخص بدفع تعويض لآخر، والحكم الصادر بإلزام شخص بهدم بناء أو إقامته، والحكم الصادر بتسليم منقول أو عقار .
§ وقد يصح أيضًا بل هو الغالب أن يشتمل الحكم الواحد في آن واحد على تقرير وإلزام أو على إنشاء وإلزام ، فقد يأتي الإلزام تبعًا لتقرير حق أو مركز قانوني، كالحكم الصادر بملكية أحد الأشخاص لعقار أو لمنقول وبإلزام خصمه بأن يسلمه ما حكم له بملكيته .
§ وكذلك فقد يأتي الإلزام تبعًا لإنشاء حق أو مركز قانوني أو بإنهائه، كالحكم الصادر بفسخ عقد بيع وبإلزام البائع برد الثمن أو بإلزام المشتري برد الشي المبيع .
أهمية هذا التقسيم
وتبدو أهمية هذا التقسيم فيما هو مقرر من أن الأحكام التي تصلح كسندات تنفيذية هي فقط أحكام الإلزام، دون الأحكام التي تكتفي بتقرير أو إنشاء حق أو مركز قانوني أو إنكاره.
وأساس ذلك أن كلاً من الحكم المقرر والحكم المنشئ تتحقق بصدور الحماية القانونية التي يتضمنها الحكم، وبعبارة أخرى فإن مجرد صدور الحكم يكون كافيًا لتحقيق ما يسعى إليه المحكوم له.
وعلى سبيل المثال: فإن الحماية المبتغاة تتحقق بمجرد الحكم بتطليق الزوجة أو بمجرد الحكم بصحة التوقيع على الورقة، أو بمجرد الحكم ببطلان أو بفسخ العقد، دون أن تكون ثمة حاجة لإلزام المحكوم عليه في هذه الأحوال بأي أداء.
وهذا كله على خلاف الوضع بشأن حكم الإلزام الذي لا تتحقق الحماية التي يمنحها للمحكوم له إلا إذا نفَّذ المحكوم عليه ما تضمنه الحكم من إلزام موجه إليه، سواء قام بذلك اختياريًا، أو تدخلت الدولة بما لها من سلطان لفرضه عليه جبرًا.
المبحث الثالث
تقسيم الأحكام إلى أحكام قطعية وأحكام غير قطعية
تنقسم الأحكام من حيث قوتها اصطلاحًا إلى : أحكام قطعية، وغير قطعية .
أ‌) الحكم القطعي: هو الذي يفصل في الطلبات الموضوعية أو في جزء منها أو في مسألة أثيرت أثناء الخصومة سواء أكانت موضوعية أو إجرائية، وتستنفذ المحكمة ولايتها بإصدار الحكم القطعي في خصوص ما فصل فيه .
ب‌) والحكم غير القطعي: لا يحسم موضوع النزاع لا كله ولا جزء منه، ولا يحسم مسألة فرعية متفرعة منه، وتنقسم تلك الأحكام إلى: أحكام وقتية ، وأخرى متعلقة بسير الدعوى وتحقيقها. والحكم الوقتي: هو الذي يصدر في طلب وقتي أو في طلب باتخاذ إجراء تحفظي، فهو تنظيم مراكز الخصوم تنظيمًا مؤقتًا إلى أن يفصل في موضوع النزاع، ومثال ذلك كافة الأحكام المستعجلة والأحكام المتعلقة بسير الدعوى وتحقيقها، فهي أحكام لا تقطع في نزاع ولا تحدد مراكز الخصوم تحديدًا مؤقتًا أو نهائيًا، وإنما ترمي إلى إعداد القضية للحكم في موضوعها، مثال الحكم بضم دعويين أو الفصل بينهما.
أهمية هذا التقسيم :
وأهمية التفرقة بينهما من ناحيتين :
1. الحكم القطعي هو وحده الذي يحوز حجية الشيء المحكوم فيه.
2. الحكم القطعي لا يسقط بسقوط الخصومة أو بانقضائها بالتقادم. فهو لا يسقط إلا بمضي المدة الطويلة وهي خمس عشر سنة، أما الحكم غير القطعي فهو يزول بسقوط الخصومة سواء كان وقتيًا أم تمهيديًا أو تحضيريًا.
المبحث الرابع
تقسيم الأحكام إلى أحكام منهية للخصومة وأحكام غير منهية لها .
تنقسم الأحكام من حيث أثرها في انقضاء الخصومة أمام المحكمة إلى: أحكام منهية ، وأحكام غير منهية للخصومة .
ولهذه التفرقة أهميتها من حيث جواز الطعن المباشر في الحكم من عدمه .
أ‌. الحكم المنهي للخصومة: هو الحكم الذي يترتب على صدوره انقضاء الخصومة أمام المحكمة التي تتولاها، سواء كان هذا الحكم فاصلاً في الموضوع ، أو كان يتعلق بالإجراءات.
وبمعنى آخر : الحكم المنهي للخصومة هو الحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى برمته، أو الحكم الذي ينهي الخصومة بغير الفصل في موضوعها.
ومثال ذلك: الحكم بعدم الاختصاص، أو الحكم ببطلان المطالبة القضائية، أو عدم قبول الدعوى و بطلان صحيفتها، أو سقوط الخصومة أو انقضائها أو اعتبارها كأن لم تكن.
والحم المنهي للخصومة على النحو السابق يجوز الطعن المباشر فيه إذا كان يقبل الطعن في الأصل .
ب‌. الحكم غير المنهي للخصومة : ويقصد به الحكم الذي يصدر أثناء سير الدعوى ، ولا يؤدي إلى انقضاء الخصومة أمام المحكمة ، سواء كان هذا الحكم موضوعيًا أو إجرائيًا، كالحكم بندب خبير ، أو برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى، أو الحكم بانقطاع سير الخصومة.
والحكم الذي يصدر أثناء سير الخصومة، ولا تنتهي به ، لا يجوز الطعن المباشر فيه إلا بعد أن يصدر الحكم المنهي للخصومة كليًا ( م 212 مرافعات ) .
الاستثناءات على قاعدة أن الحكم غير المنهي للخصومة لا يقبل الطعن المباشر( م 212 مرافعات ) :
استثنى المشرع في قانون المرافعات عددًا من الأحكام على سبيل الحصر، وأجاز الطعن المباشر فيها مع كونها غير منهية للخصومة، وهذه الأحكام هي:
1. الأحكام الوقتية.
2. الأحكام المستعجلة .
3. الأحكام الصادرة بوقف الدعوى .
4. الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري .
5. الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة .
أهمية التفرقة بين الأحكام المنهية وغير المنهية للخصومة :
يتضح أن أهمية التفرقة بين الأحكام المنهية والأحكام غير المنهية للخصومة تكمن أساسًا في جواز أو عدم جواز الطعن فيها فور صدورها. فالأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة لا تقبل الطعن المباشر إلا إذا كانت من الأحكام التي ذكرتها المادة ( 212 مرافعات استثناءات ) .
وتبدو أهمية القاعدة الواردة في المادة 212 مرافعات في أنها تعمل على تجنب تقطيع أوصال القضية. وهو ما يساعد على سرعة الفصل في القضايا .
المبحث الخامس
تقسيم الأحكام إلى أحكام ابتدائية
وأحكام انتهائية، والحائزة لقوة الأمر المقضي به، وأحكام باتة
‌أ) الحكم الابتدائي: هو الحدكم الذي يصدر عن محكمة من محاكم الدرجة الأولى قابلاً للطعن عليه بطريق الاستئناف .
‌ب) أما الحكم الانتهائي فهو : الحكم الذي لا يقبل الطعن عليه بطريق الاستئناف، إما لصدوره من محاكم الدرجة الثانية ، وإما لصدوره عن محكمة من محاكم الدرجة الأولى غير قابل للطعن عليه بالاستئناف لأي سبب من الأسباب التي تمنع من هذا الطعن .
ولا ينفي هذه الصفة عن الحكم أن يكون قابلاً للطعن عليه بأي من طرق الطعن غير العادية، وهي النقض والتماس إعادة النظر .
‌ج) الأحكام الحائزة لقوة الأمر المقضي فيه هي: الأحكام التي لا تقبل الطعن فيها بطرق الطعن العادية كالاستئناف، ولو كانت قابلة للطعن فيها بطرق الطعن غير العادية (الالتماس والنقض) .
‌د) أما الحكم البات فهو: الحكم الذي لا يقبل الطعن عليه بأي طريقة من طرق الطعن العادية منها وغير العادية، مثال الأحكام الاستئنافية التي لا يجوز الطعن عليها بطريق النقض، وكذلك أحكام النقض نفسها تعتبر باتة .
أهمية هذا التقسيم :
‌أ. كما هو واضح فإن أهمية هذا التقسيم تبدو واضحة في تحديد مدى قابلية الأحكام للطعن عليها، وطرق الطعن المتاحة ضدها، وكأن قابلية الحكم للطعن عليه بطريق معين هو معيار لتصنيفه ، ونتيجة تترتب على إدخاله في هذا التصنيف .
‌ب. فضلاً عن ذلك فإن للتقسيم السابق أهمية عملية عظمى تتمثل في تحديد الأحكام التي تقبل التنفيذ الجبري، فالقاعدة العامة المعتمدة في المادة 287 مرافعات : " أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام جبرًا ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزًا ما لم يكن تنفيذها معجلاً مقررًا بنص في القانون ، أو بحكم من المحكمة .
‌ج. وعليه فلا تقبل الأحكام الابتدائية - باستثناء حالات التنفيذ المعجل - التنفيذ الجبري، في حين تكون الأحكام الانتهائية والباتة قابلة لهذا التنفيذ .
وهناك تقسيم آخر للأحكام من حيث الأحكام الحضورية والأحكام الغيابية .
بعد إلغاء طريق المعارضة لم يعد هناك ضرورة للتفرقة بين الأحكام الحضورية والأحكام الغيابية، ولكن هذه الضرورة باقية بالنسبة للتفرقة بين الأحكام الحضورية والأحكام المعتبرة حضورية فيما يتعلق ببدء سريان موعد الطعن في الأحكام.
فبالنسبة لبدء سريان ميعاد الطعن في الأحكام ميّز المشرع بين الأحكام التي تصدر في حضور الخصم والأحكام التي تعتبر حضورية في حقه .
ففي حالة حضور الخصم -أي في حالة صدور الحكم في حضوره- فإن ميعاد الطعن في الحكم يبدأ من تاريخ النطق به، وهذه هي القاعدة العامة التي قررتها المادة 213/1 مرافعات.
أما في حالة اعتبار الخصم حاضرًا - أي في الأحكام التي تعتبر حضورية - فإن ميعاد الطعن في الحكم لا يبدأ إلا من تاريخ إعلان الحكم إلى شخص المحكوم عليه ( م 213 مرافعات ) .
وذلك لأن المحكوم عليه -ونقصد المدعى عليه الأصلي- لم يحضر مطلقًا في الخصومة، ومن ثم يكون حضوره قائم على الافتراض المؤسس على إعلانه بالصحيفة لشخصه، أو إعادة إعلانه بها ولو لغير شخصه ( م 84/1 مرافعات ) .
الفصــل الثالــث
قواعد إعداد الأحكام وإصدارها
المبحث الأول
كيفية إصدار الأحكام .
المطلب الأول
المداولــــــة
أولاً : تعريف المداولة :
هي المشاورة بين قضاة المحكمة بكامل هيئتها، وهي مواجهة أفكار القضاة بعضها بالبعض الآخر، حيث يقوم كل قاضٍ بعرض وجهة نظر القانون في المسألة محل البحث، لكل يمكن تحديد ما هو مطلوب الفصل فيه، ودراسة جميع وقائعها وعناصرها، والبحث عن النص واجب التطبيق، وذلك حتى يستبين بعد صراع الأفكار المختلفة، وتقليب وجها النظر المتباينة، في روية وصبر؛ الرأي الذي يستقر عليه، والذي تحمله أسباب موحدة لمنطوق واحد، من جانب الأغلبية، إن تعذر إجماع الآراء.
ويمكن أن تتم المداولة في ذات الجلسة، فيتبادل أعضاء المحكمة الرأي همسًا فيما بينهم، ثم يصدر الحكم بعد ذلك، كما يمكن أن ينسحب القضاة إلى غرفة المشورة - وهذا هو الغالب- ليتبادلوا الرأي في الحكم بعض الوقت، ثم يعودون إلى الجلسة لإصداره.
وأخيرًا قد ترى المحكمة أن الوصول إلى الحكم يحتاج إلى دراسة وتفكير لبعض الوقت، كما لو كانت القضية متشعبة من حيث وقائعها وأطرافها، ولهذا قد ترى المحكمة أنه من الأفضل أن تصدر قرارها بتأجيل النطق بالحكم إلى يوم لاحق تحدده، عندئذ تتم المداولة في غرفة المشورة في أي يوم قبل النطق بالحكم.
أما إذا كانت المحكمة مكونة من قاضٍ واحد، فإنه يصدر الحكم فورًا بعد انتهاء المرافعة، أو بعد رفع الجلسة مؤقتًا ثم إعادتها، وقد يؤجل النطق بالحكم إلى جلسة قادمة، وفي جميع الأحوال فإن القاضي يدرس القضية منفردًا، ويحكم فيها من غير مداولة مع أحد سواه.
ثانيًا : القواعد التي تكفل صحة المداولة :
لما كانت المداولة ضمانة أساسية من ضمانات التقاضي، فإن المشرع قد اختصها بقواعد واجبة الإتباع، الغرض منها ضمان سلامة المداولة من حيث احترام حقوق الدفاع أو سلامة الحكم الذي سيصدر في القضية من حيث اتصاله بإجراءات الدعوى .
** وهذه القواعد هي :
‌أ) لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع من أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه، ولا أن تقبل أوراقًا أو مذكرات من أحد الخصوم دون إطلاع الخصم الآخر عليها ، وإلا كان العمل باطلاً (م 168 مرافعات ) ويعكس هذا النص حرص المشرع على إيراد هذه القاعدة بالنسبة لفترة المداولة ضمانًا لعدم التأثير في القضاة أثناء المداولة من أحد الخصوم في غيبة الخصم الآخر، وهذا ليس إلا تطبيقًا لمبدأ المواجهة ووجوب صيانة حق الدفاع .
‌ب) أن تتم المداولة سرًا بين القضاة الذين سمعوا المرافعة في القضية ( م 166 مرافعات ) وذلك حرصًا على ضمان حرية القضاة في إبداء رأيهم دون خشية أو رهبة، وبناءً على ذلك لا يجوز - أثناء المداولة - حضور ممثل النيابة العامة أو كاتب الجلسة أو أي شخص، ولو لم يكن طرفًا في الخصومة، فإذا حضرها أحد من غير القضاة الذين سمعوا المرافعة كان الحكم باطلاً لمخالفته مبدأً أساسيًا من مبادئ حسن سير القضاء.
‌ج) أن تتم المداولة بين جميع القضاة الذين حضروا كل جلسات القضية وإلا كان الحُكم باطلاً بطلانًا يتعلق بالنظام العام ( م 167 مرافعات ) وهذه القاعدة منطقية وذلك حتى يشترك في إصدار الحكم في القضية من اشترك في نظرها، لأن الحكم هو حصيلة للرأي الذي كونه القضاة من حضورهم لجميع جلسات القضية .
ولذلك لا تتم المداولة على الوجه المطلوب قانونًا إذا حصلت بين بعض القضاة دون البعض الآخر، ولو كان البعض هو الأغلبية الكافية لإصدار الحكم. فالمقصود من المداولة ليس مجرد الاتفاق على منطوق الحكم وأسبابه، وإنما هو المشاورة والمناقشة لتتجلى غوامض القضية، وكثيرًا ما تسفر المداولة عن عدول بعض القضاة عن رأي كان في أذهانهم قبل حدوثها.



ثالثًا : انتهاء المداولة :
تنتهي المداولة بأخذ الرأي بين القضاة، ويصدر الحكم بالإجماع أو بأغلبية الآراء، فإذا لم تتوافر الأغلبية وتشعبت الآراء لأكثر من رأيين وجب أن ينضم الفريق الأقل عددًا أو الفريق الذي يضم أحدث القضاة لأحد الرأيين الصادرين من الفريق الأكثر عددًا وذلك بعد أخذ الآراء مرة ثانية ( م 169 مرافعات ).
ويلاحظ أن الذي يباشر جمع الآراء هو رئيس الجلسة مبتدءًا بالعضو الأصغر سنًا وذلك حتى لا يتأثر برأي من هم أكبر منه سنًا عند أخذ الأصوات، وعلى الرئيس أن يبدي رأيه في النهاية حتى لا يؤثر في رأي بقية القضاة .
وفي جميع الأحوال ينسب الحكم إلى المحكمة بكامل هيئتها سواء أكان صادرًا بالأغلبية أم بالإجماع، فلا يذكر في الحكم أنه صدر بالإجماع أو بالأغلبية، وذلك لتوفير الضمانة لكل قاضٍ لإبداء رأيه بحرية وبغير تأثر، إذ الحكم ينسب إلى المحكمة دون أن يستطيع أحد سواء من الحكومة أو من الخصوم معرفة رأي كل قاضٍ على حدة .
المطلــب الثانـــي
النطـــق بالحكــــم
تمهيـــــد :
لا يعني الوصول إلى الرأي القضائي في جلسة المداولة أن الحكم قد صدر، فالحكم حتى لحظة النطق به - وإن كتبت مسودته - لا يكون له وجود من الناحية القانونية ، ولهذا فإن لأي من القضاة الذين اشتركوا في المداولة العدول عن رأيه ما دام الحكم لم ينطق به. وقد يحدث العدول من أحد القضاة مما يؤدي إلى جعل الأغلبية في الجانب الآخر .
وقد يؤدي العدول إلى جعل الحكم يصدر بالأغلبية بدلاً من صدوره بالإجماع أو بالعكس.
والنطق بالحكم : يعني قراءته بصوت عال في الجلسة، ويمكن أن يتم النطق بالحكم إما بتلاوة منطوقه، وهذا هو الغالب، أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه وهذا هو النادر في الواقع المعاش أمام المحاكم .
القواعد التي يخضع لها النطق بالحكم :
يخضع النطق بالحكم لمجموعة من القواعد التي من شأنها إضفاء الصبغة الشكلية على الحكم، سوفت نتعرض لها فيما يلي:
‌أ) للمحكمة عقب انتهاء المرافعات أن تنطق بالحكم في الجلسة، ومع ذلك فإنه يجوز لها تأجيل إصداره إلى جلسة أخرى قريبة تحددها ( م 171 مرافعات ) . فإذا اقتضت ظروف الحال تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية صرَّحت المحكمة بذلك في الجلسة مع تعيين اليوم الذي يكون فيه النطق به، وبيان أسباب التأجيل في ورقة الجلسة وفي المحضر .
وحرصاً من المشرع نحو حث القضاة على سرعة إصدار الأحكام فإنه يوجب على المحكمة - وفقًا لنص المادة ( 172 مرافعات) عدم تأجيل النطق بالكم بعدئذ إلا مرة واحدة، كما لا يجوز فتح باب المرافعة بعد تحديد جلسة للنطق بالحكم إلا بقرار تصرح به المحكمة في الجلسة، ولا يكون ذلك إلا لأسباب جدية تبين في ورقة الجلسة وفي المحضر .
وفي جميع الأحوال فإن لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية في تأجيل النطق بالحكم من عدمه، فلا يشوب حكمها عيب نتيجة رفضها طلب أحد الخصوم تأجيل النطق به .
‌ب) يجب النطق بالحكم في جلسة علنية وإلا كان الحكم باطلاً ( م 174 مرافعات ) وتنطبق هذه القاعدة في جميع الأحوال، ولو كانت المرافعة التي سبقت إصدار الحكم قد تمت في جلسات سرية لاعتبارات يقتضيها النظام العام أو الآداب العامة أو حُرمة الأسرة، ويترتب على مخالفة هذه المادة؛ البطلان وهو هنا يتعلق بالنظام العام لأنه يَمُس ذات الوظيفة القضائية.
‌ج) يجب حضور جميع القضاة الذين اشتركوا في المداولة عن النطق بالحكم؛ لأن في حضورهم من الدلالة على الإصرار على الرأي الذي انتهت إليه المداولة فيما بينهم وعدم العدول عنه.
المبحث الثاني
تحرير الأحكام ومشتملاتها
تقديم :
سبق توضيح أن الحكم يصدر بمجرد النطق به في جلسة علنية، فيمتنع على المحكمة بعد ذلك أن تعدل عنه ، أو تعدل فيه .
والحكم كأي عمل إجراءي يجب أن يكون مكتوبًا، حتى يستطيع الخصوم استخراج صور منه تمكنهم من الاحتجاج به وتنفيذه أو الطعن فيه وتفنيده .
ولهذا يوجب قانون المرافعات أن تحرر الحكم مسودة، ونسخة أصلية. المسودة : تكتب قبل النطق بالحكم، والنسخة الأصلية بعده .
أولاً : مسودة الحكم :
ومسودة الحكم هي التي يدونها القاضي بخطه إن كان منفردًا، وإذا تعدد القضاة دوّنها أحدهم بمشاركة زملائه، وتكتب مسودة الحكم عقب انتهاء المداولة، ويجب أولاً أن تشتمل على منطوق الحكم وأسبابه موقعًا عليها من جميع القضاة الذين اشتركوا في المداولة .
ولا يلزم تعدد توقيعات القضاة بتعدد أوراق المسودة، وإنما يكفي التوقيع على الورقة الأخيرة المشتملة على جزء من الأسباب المتصلة بالمنطوق .
ويجب ثانيًا: إيداع مسودة الحكم ملف القضية عند النطق به ، يستوي بعد ذلك أن يكون الحكم قد صدر عقب الانتهاء من جلسة المرافعة أو في جلسة لاحقة، فإذا لم تودع المسودة المشتملة على المنطوق والأسباب وتوقيعات الرئيس والقضاة كان الحم باطلاً، ويكون المتسبب في البطلان ملزمًا بالتعويضات إن كان لها وجه ( م 175 مرافعات ) .
وإذا كانت القاعدة أنه لا يجوز تنفيذ الحكم بموجب مسودته إلا أن المادة 286 مرافعات تنص على أنه: " للمحكمة في المواد المستعجلة أو في الأحوال التي يكون فيها التنفيذ ضارًا أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته " .
ثانيًا : نسخة الحكم الأصلية :
- هي اصل ورقة الحكم ، فهي ليست مجرد نسخة ، وإن سُميت بذلك .
- ويحرر هذا الورقة كاتب الجلسة، ويوقع عليها رئيس الجلسة وكاتبها .
- وتشتمل على وقائع الدعوى والأسباب والمنطوق ، وتحفظ في ملف الدعوى، وذلك خلال أربع وعشرين ساعة من إيداع المسودة في القضايا المستعجلة ، وسبعة أيام في القضايا الأخرى، وإلا كان المتسبب في التأخير ملزمًا بالتعويضات ( م 180 مرافعات ) .
ثالثًا : بيانات الحكم :
نظرًا لما يترتب على الحكم من آثار تتعلق بمنح الحماية القضائية، فقد أوجب القانون احتواء ورقة الحكم على بيانات معينة يمكن إيجازها وفقًا لما قررته المادة 178 مرافعات، وذلك فيما يلي :
1. صدور الحكم باسم الشعب ( م 72 من الدستور عام 1971 ) .
2. المحكمة التي أصدرت الحكم .
3. تاريخ صدور الحكم .
4. بيان ما إذا كان الحكم صادرًا في مادة تجارية أو في مادة مستعجلة، وذلك حتى لا يخفى على المحضر الذي يطلب منه إجراء التنفيذ أن الحكم صادر في مادة تجارية أو مستعجلة، فيكون واجب التنفيذ بقوة القانون، ولا يترتب البطلان على إغفال ما إذا كان الحكم صادرًا في مادة تجارية أو مستعجلة، وإنما تتعطل القوة التنفيذية التي منحها القانون لتنفيذ هذه الأحكام تنفيذًا معجلاً بقوة القانون، أما الأحكام الصادرة في المواد المدنية، فإنها لا تحتاج إلى هذا البيان.
5. أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته .
6. اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية متى كانت النيابة قد تدخلت في الخصومة، على أن هذا البيان ليس من البيانات الأساسية التـي يترتب على إغفالها بطلان الحكم ، ما دامت النيابة العامة قد أبدت بالفعل رأيها في مذكراتها وثبت ذلك في الحكم .
7. أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم وحضورهم وغيابهم.
8. عرض مجمل لوقائع الدعوى "طلبات الخصوم"، وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري.
9. أسباب الحكم ومنطوقه، وأسباب الحكم هي الأعمدة التي يبنى عليها الحكم. أما منطوق الحكم : فهو ما قضت به المحكمة في الطلبات المعروضة عليها، ولا يعيب المنطوق عدم وصفه بأنه حضوري أو غيابي ، ولكن يعيب المنطوق وجود تناقض بين أجزائه بحيث لا تستقيم معًا، فإن خلا الحكم من أي منطوق ، أو كان المنطوق متناقضًا بطل الحكم.
10. توقيع رئيس الجلسة وكاتبها على نسخة الحكم الأصلية المشتملة على وقائع الدعوى، والأسباب والمنطوق، وهذا ما يقرره نص المادة 179 مرافعات .
المبحث الثالث
تسبيـــب الأحكـــــام
تمهيــد : تنص المادة 176 مرافعات على أنه : " يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها، وإلا كانت باطلة " .
أولاً : تعريف :
وتسبيب الحكم يعني التزام المحكمة -أيًا كانت درجتها- بيان الأدلة الواقعية والحجج التي أسست عليها منطوق حكمها .
ثانيًا : أهمية التسبيب : يحقق تسبيب الحكم فوائد كثيرة منها :
‌أ. فهو يدفع القضاة إلى التفكير والتروي قبل إصدار أحكامهم ، فضلاً عن أنه يبعدهم من مظنة التحكم والاستبداد .
‌ب. ومن ناحية أخرى فإن تسبيب الحكم يعد وسيلة فعالة لإقناع الخصوم والرأي العام بعدالته، فيعرف كل متقاضٍ على أي أساس صدر الحكم .
‌ج. وأخيرًا يساهم تسبيب الأحكام في تطوير القانون ، وذلك من خلال تحليل الفقه للأحكام الصادرة عن القضاء، واقتراح الحلول الملائمة للمسائل الخلافية التي أفرزها تطبيق القانون أمام القضاء.
‌د. إذ لا تقف وظيفة التسبيب في الكشف عن الثغرات القانونية وكيفية تلافيها، ولكن تتجاوز ذلك إلى الكشف عن مدى اتفاق القانون مع قواعد العدل والإنصاف .
ثالثًا : ضوابط تسبيب الأحكام :
يقوم تسبيب الأحكام على القواعد الآتية :
1) يجب أن يكون الحكم مستوفيًا في ذاته جميع أسبابه. وهذا يعني عدم جواز الإحالة في تسبيب على ما جاء في أحكام أخرى، لأن القاعدة أن العمل القانوني يجب أن يحمل بنفسه دليل صحته.
2) أن يكون للأدلة التي بني عليها الحكم مصدرًا من الأوراق، فلا يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه الشخصي، وهكذا فإنه يجب أن يبين الحكم على ما هو ثابت في أوراق القضية ، فإذا أقامت المحكمة قضاءها على ما يخالف ذلك ، فإن حكمها يكون يكون مشوبًا بخطأ في الإسناد يترتب عليه بطلان الحكم .
3) يجب أن تكون الأسباب كافية أي أن يكون تسبيب الحكم جديًا وكافيًا ، وأن يتناول ما حكمت به المحكمة في كل طلب أو دفع أو دفاع يتعلق بالدعوى المطروحة عليها . ويكون تسبيب الحكم كافيًا متى بنت المحكمة قضاءها على ما يكفي لحمله، أي أن يتضمن الحكم بيان لعناصر الواقع " الأسباب الواقعية "، وعناصر القانون " الأسباب القانونية "، فالواقع والقانون هما مادة الحكم، فلولا الواقعة ما تحرك القانون .
4) يجب أن تكون الأسباب منطقية، وتكون الأسباب منطقية متى كانت المقدمات تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، والحكم يتكون من مقدمة كبرى وهي " القانون" ومقدمة صغرى وهي " الوقائع " ، فإذا جاء استخلاص المحكمة للنتيجة التي انتهى إليها الحكم من المقدمتين ، وكانت هذه النتيجة سائغة ومقبولة، فإن الحكم يكون منطقيًا .
أما إذا وقع خطأ في إحدى المقدمتين فإنه يؤدي بالضرورة إلى نتيجة غير صحيحة، فعدم اتفاق المقدمات التي أوردها الحكم مع النتائج التي انتهى إليها يعد استدلالاً فاسدًا.
الفصــل الرابــــع
آثــــــار الأحكـــــام .
المبحـــــث الأول
استنفــاد ولايـــة المحكمة
أولا : تعريف :
استنفاد ولاية المحكمة : يعني أنه بمجرد صدور الحكم فإن المحكمة تستنفد سلطتها إزاء المسألة التي فصلت فيها :
‌أ. فلا يجوز لها أن تعيد النظر في ذات المسألة مرة أخرى .
‌ب. كذلك لا يجوز للخصوم إثارة هذه المسألة مرة أخرى أمام ذات المحكمة ولو باتفاقهم على ذلك، لأن استنفاد ولاية المحكمة فيها فصلت فيه يتعلق بالنظام العام .
‌ج. وخروج النزاع من ولاية المحكمة التي أصدرت الحكم يختلف عن فكرة الحجية، فالحجية تعمل خارج الخصومة، أي بعد انتهائها، أما سلطة المحكمة فإنها تنفد بالنسبة لكل مسألة تفصل فيها داخل الخصومة .
ثانيًا : الاستثناءات التي ترد على مبدأ استنفاد ولاية المحكمة :
ومع ذلك فإن المشرع قد أجاز للخصوم أن يرجعوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم طالبين منها أن تقضي في مواجهة سائر الخصوم :
‌أ. بتصحيح ما وقع في حكمها من أخطاء مادية .
‌ب. أو بتفسير ما كان غامضًا أو مبهمًا من عباراته .
‌ج. أو استيفاء الحكم لبعض الطلبات الموضوعية .
‌د. وأخيرًا يجوز الرجوع للمحكمة التي أصدرت الحكم بصفتها محكمة طعن .
وسوف نوضح ما سبق فيما يلي :
ز
‌أ. في حالة تصحيح الحكم :
تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية، وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها، أو بناءً على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ( م 191/1 مرافعات ) .
ويشترط أن تكون الأخطاء المادية -محل التصحيح- قد وردت في منطوق الحكم ؛ لأن ذلك هو الذي يؤثر في حقوق الخصوم فلا عبرة بالأخطاء التي تضمنتها الوقائع أو الأسباب ما لم تكن هذه الأسباب ما لم تكن هذه الأسباب مكونة جزءًا من منطوق الحكم ، أو مؤثرة فيما يستفاد منه.
وليس للمحكمة عند تصحيح الأخطاء المادية إجراء أي تعديل أو تغيير أو إضافة في أساس حكمها بحجة أنها تصحح هذه الأخطاء، وإنما يجب أن يكون عملها قاصرًا على محض التصحيح المادي الذي وقع من المحكمة بدون قصد دون التعرض للمسائل الأخرى التي تعرض لها الحكم .
ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ، ويوقعه هو ورئيس الجلسة .
‌ب. في حالة تفسير الحكم :
إذا تضمن نص الحكم لبسًا أو غموضًا يصعب معهما إمكان الوقوف على ما قصدته المحكمة منه جاز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوق الحكم من غموض أو إيهام .
وعلى ذلك يشترط لجواز الرجوع للمحكمة لتفسير الحكم الصادر منها ما يلي :
1. أن يكون الحكم غامضًا أو به لبس لا يمكن معه الوقوف على حقيقة ما قصدته المحكمة بقرارها .
2. أن يكون من وراء التفسير مصلحة لمن طلبه؛ كأن يكون الغموض أو اللبس واردين على عبارات منطوق الحكم لأسبابه ما لم تكن الأسباب قد كونت جزءًا من منطوق الحكم .
3. ألا يكون الطلب مقصودًا به تعديل الحكم والمساس بقاعدة خروج القضية من سلطة القاضي الذي أصدره .
مع ملاحظة أنه لا يجوز الرجوع للمحكمة التي أصدرت الحكم لتفسير حكمها إذا كان النزاع قد رفع لمحكمة أعلى منها، بل يجب عند ذلك الرجوع لمحكمة الاستئناف دون سواها لمراجعة الحكم فيه أمامها .
‌ج. في حالة استيفاء الحكم لبعض الطلبات الموضوعية :
إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية عندئذ فإنه يجوز لكل ذي مصلحة أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه ( م 193 مرافعات ).
ويشترط لأعمال هذه الحالة ما يلي :
1. أن يكون الطلب الذي أغفلت المحكمة الفصل فيه طلبًا موضوعيًا، فإذا كان طلبًا إجرائيًا أو دفعًا شكليًا، فإن عدم الفصل فيه يعد رفضًا له .
2. أن يكون الخصم قد قدم طلبه الموضوعي في عريضة الدعوى، أو أثناء سير الخصومة، ولم يتنازل عنه حتى إغلاق باب المرافعة في الدعوى .
3. وأن تكون المحكمة قد أغفلت الفصل في هذا الطلب إغفالاً كليًا، فإذا تحققت هذه الشروط فإن سبيل الفصل في الطلب الذي أغفلت المحكمة نظره هو بالرجوع إليها، وليس بالطعن في الحكم الصادر في باقي الطلبات المبحث الثاني
تقرير الحقوق وإنشاؤها

الأصل في الأحكام أنها مقررة للحقوق وليست منشئة لها، لأن المحكمة إذ تقضي في نزاع، إنما تقرر الحقوق المتنازع عليها بين الخصوم ، أي تبين ما إذا كان حق كل منهم في شأن ما تنازعوا عليه، ولا تنشئ لهم حقوقًا جديدة في الواقع .
والحكم المقرر هو الذي يقتصر أثره على كشف حق أو مركز قانوني سابق على الحكم بإنهاء المنازعة التي ثارت بصدده .
وإذا كان الأصل في الأحكام أنها تقرر الحقوق ، فقد تكون منشئة لها .
والحكم المنشئ : هو الذي ينشئ حقًا أو مركزًا قانونيًا لم يكن موجودًا قبل صدوره ، كالحكم بتوقيع الحجز أو سلب الولاية الشرعية أو الفرقة بين الزوجين .
المبحث الثالث
حجية الشيء المحكوم فيه
" حجية الأمر المقضي "
مفهوم حجية الأمر المقضي والأساس الذي تقوم عليه :
أ‌) يقصد بحجية الحكم ما يتصف به من قوة أو قرينة تمنع من إعادة عرض النزاع الذي فصل فيه من جديد على القضاء إلا إذا كان ذلك بطريق طعن يقرره القانون .
ب‌) هذه الحجية تُترجم عملاً من خلال أثرين يرتبهما الحكم يمثلان وجهين متكاملين لهذه الحجية. الوجه الأول: إيجابي، والوجه الثاني سلبي، فمن جهة أولى تقضي حجية الحكم أن يكون لمن صدر الحكم لصالحه أن يتمسك بمقتضاه دون حاجة لأن يثبت من جديد وجود هذا الحق .
ومن جهة ثانية فإن حجية الحكم تقتضي منع من صدر الحكم ضده من أن يرفع من جديد دعوى يطالب فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بما سبق أن رفضه القضاء منه أو قضي به عليه . وتجد هذه الحجية أساسها فيما يفترضه القانون في الأحكام القضائية من صحة مطلقة لحسن سير العدالة واتقاءً لتأبيد المنازعات ، وضمانًا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
** "حجية الأمر المقضي"، و"قوة الأمر المقضي"، و"فكرة النظام العام ":
يجب عدم الخلط ما بين اصطلاح "حجية الأمر المقضي"، واصطلاح " قوة الأمر المقضي"، أو "قوة الشيء المحكوم فيه" ، والحكم في الدعوى ولو برفضها هو حكم قطعي حسم الخصومة في الموضوع .
هذا الحكم بمجرد صدوره يحوز حجية الأمر المقضي، ولاستنفاد سلطة القاضي، فهذا القرار لا يجوز المساس به، وتمتع الحكم بحجية الأمر المقضي لا تحول دون الطعن عليه بالطرق العادية .
و"حجية الأمر المقضي" عندما تتوافر للحكم فإنها تنطوي يقينًا على احترام مبدأ التقاضي على درجتين ، وهذا هو التبرير القانوني الذي من أجله تتصدى محكمة الطعن في موضوع الدعوى، ولا تعيدها إلى محكمة الموضوع .
و"حجية الأمر المقضي" ليست مطلقة الأثر ، وإنما أثرها محدود بنطاق الدرجة الأولى طالما أن ميعاد الطعن عليه لا زال قائمًا .
وبالتالي فإن "حجية الأمر المقضي" بمجرد الطعن على الحكم أمام محكمة الدرجة الثانية تعتبر كأن لم تكن إذ أن الأثر الناقل للاستئناف يستوعبها تمامًا، ويقضي عليها لمساسه بها مساسًا مباشرًا .
أما قوة الأمر المقضي: فإنها لا تثبت له إلا إذا كان لا يقبل الطعن فيه بالمعارضة أو الاستئناف، وذلك سواء صدر لا يقبل الطعن فيه بأي من هذين الطريقين، أو أصبح كذلك بانقضاء مواعيد الطعن، أو برفض الطعن، أو عدم قبوله .
ويحوز القرار قوة الأمر المقضـي ، ولو كان يقبل الطعن فيه بطريق طعن غيـر عادي ( النقض والتماس إعادة النظر )، وإذا ما أصبح الحكم انتهائيًا على هذا النحو المتقدم يكتسب بالإضافة إلى "حجية الأمر المقضي" قوة الأمر المقضي بحيث لا يجوز؛ لا للخصوم ولا للمحكمة معاودة الجدل فيه حتى ولو خالف صحيح القانون، وإلا كان ذلك إهدارًا لقوة الأمر المقضي التي حازها، فتكون بصدده مخالفة للقانون .
وقوة الأمر المقضي تختلف تمامًا عن "حجية الأمر المقضي"؛ إذ الحكم في الأولى هو الذي يقبل عليه الطعن بالنقض دون اشتراط أية شروط أخرى، أما الحكم في الثانية فلا يقبل الطعن فيه بالنقض طالما أن مواعيد الاستئناف لم تنتهِ بعد، والسبب في ذلك أن الحكم الأول قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه، ولم يحزها الثاني .
وقوة الأمر المقضي وفقًا لما تقدم تتركب من: ("حجية الأمر المقضي"+ النهائية للحكم ).
وقد ينتج ذلك درجة واحدة من التقاضي، مثال: الحكم الصادر من المحكمة الجزئية أو الكلية في حدود نصابها الانتهائي، فهذا الحكم يتركب من فصل للموضوع ( حجية ) + نهائيته، وقد ينتج ذلك درجتين، وكما قضت محكمة النقض في حكم حديث لها أن: "حجية الحكم الابتدائي مؤقتة، وتقف بمجرد رفع الاستئناف عنه، وتظل موقوفة إلى أن يقضي في الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته، وإذا ألغي زالت هذه الحجية، والواقع أنه إذا تأيد الحكم عادت إليه الحجية مقرونة بقوة الأمر المقضي لنهائية الحكم، لصدوره من محكمة الدرجة الثانية .
والحكم النهائي ولو اشتمل على خطأ تكون له قوة الأمر المقضي، وهي تعلو على اعتبارات النظام العام.
** شروطــه :
1) أن يكون الحكم قضائيًا، أي صادر من جهة قضائية بموجب سلطتها القضائية، فالفتوى لا حجية لها ، وكذلك القرار الإداري. ويستوي أن تكون تلك الجهة القضائية عادية أو غير عادية.
2) يجب لكي يحوز الحكم "حجية الأمر المقضي" أن يكون صادرًا من محكمة مختصة اختصاصًا يجعل لها ولاية القضاء في موضوعه .
3) أن يكون الحكم قطعيًا، إذ لا تكون حجية للأمر المقضي إلا لحكم قطعي، أي الصادر في الموضوع، ولو كان قابلاً للطعن فيه بالطرق العادية، ولا ضرورة لتوافر هذه الحجية أن يكون الحكم نهائي.
وهناك شروط يجب توافرها في الحق المدعى به حتى يكون للحكم حجية الأمر المقضي:
1. اتحاد الخصوم وخلفهم العام والخاص، وكذلك يكون الحكم حجة على دائني الخصم؛ لأن الحكم كالعقد لا يسري أثره إلا فيمن كان طرفًا فيه ، والمقصود بالخصوم هم الخصوم الأصليون.
2. اتحاد المحل.
3. اتحاد السبب، وهو المصدر القانوني للحق.

المبحث الرابع
مصاريف الخصومة
أولاً : تعريف :
إعمالاً لمبدأ مجانية القضاء، فإن الخصوم لا يلتزمون بدفع مرتبات للقضاة مقابل الفصل في منازعاتهم، ومع ذلك فإن من يلجأ إلى القضاء يتحمل ببعض المصاريف نظير الأعمال التي يقومون بها ، أو يطلبها لحسابه ؛ سواء في صورة رسوم قضائية كرسم رفع الدعوى، ورسم استخراج شهادات ورسوم الإعلان والتنفيذ أو في صورة مصاريف الخبرة ونفقات الشهود وأتعاب المحاماة، وغير ذلك من النفقات اللازمة لاتخاذ أي إجراء من إجراءات الخصومة منذ بدئها وحتى صدور حكم فيها .
ثانيًا : من يلتزم بدفع مصاريف الخصومة :
المحكوم عليه : الأصل أن المحكوم عليه هو الذي يلتزم بدفع مصاريف الخصومة ( م 184 مرافعات )، وهو يتحملها ، ولو كان حسن النية في منازعاته أو لم يرتكب ما يستوجب الحكم عليه بتعويض ما، ولا يتحمل إلا المصاريف الأساسية أي اللازمة قانونًا لرفع الدعوى والسير فيها.
ثالثًا : شروط التزام المحكوم عليه بمصاريف الخصومة :
يشترط لالتزام المحكوم عليه بدفع مصاريف الخصومة :
‌أ. أن يكون الحكم الصادر في الخصومة منهيًا لها، لأن الأحكام التي لا تنتهي بها الخصومة لا تقترن بالإلزام بالمصاريف .
‌ب. يجب أن يكون المحكوم عليه خصمًا في الدعوى سواءً كان خصمًا أصليًا، أو ضامنًا لخصم أصيل مدخلاً في الدعوى أو متدخلاً.
‌ج. أن يكون المحكوم عليه قد خسر القضية . وخاسر القضية هو من رفعها أو رفعها بغير حق، وتكفي واقعة الخسارة للحكم بالمصاريف دون الحاجة إلى ذكر أي سبب آخر، ويعد خاسرًا للقضية المدعي الذي يحكم برفض طلباته أو المدعى عليه الذي يحكم عليه بطلبات المدعي .
‌د. يجب أن يكون المحكوم عليه قد نازع خصمه ولم يتخلَّ عن هذه المنازعة حتى صدور الحكم ضده .
** ولكن ماذا لو تعدد المحكوم عليهم ؟
إذا تعدد المحكوم عليهم جاز الحكم بقسمة المصاريف بينهم بالتساوي أو بنسبة مصلحة كل منهم في الدعوى على حسب ما تقدره المحكمة ، ولا يلزمون بالتضامن في المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين في أصل التزامهم المقضي فيه ( م 184/2 مرافعات ).
وتتمتع محكمة الموضوع بسلطة تقديرية عند تقسيم المصاريف بين الخصوم ، ويمكن للمحكمة أن تراعي عند التقسيم أهمية الطلبات وسلوك الخصوم ومصلحة كل طرف منهم .
رابعًا : الحكم بمصاريف الخصومة والأمر بتقديرها :
يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى ( م 184 مرافعات ) .
وتقدر المحكمة مصاريف الخصومة في الحكم الملزم بها. فإن وجدت أن التقدير يحتاج إلى بعض الوقت، مما قد يؤخر صدور الحكم المنهي للخصومة، فإنها تكتفي بإصدار حكم إلزام عام دون تحديد، ويقوم القاضي أو رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم حسب الأحوال بتقدير المصاريف، ويتم هذا التقدير بأمر على عريضة .
الباب الثاني
طرق الطعن في الأحكام
الفصل الأول
القواعد العامة للطعن في الأحكام
المبحـث الأول
الأحكام التي يجوز الطعن فيها
تنص المادة (212 مرافعات) على أنه: " لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى، ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة ". ويحتوي على قاعدة، واستثناءات.
القاعدة: عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام غير المنهية للخصومة؛ بل يمكن الطعن فيها فقط مع الحكم المنهي للخصومة.
وتسري هذه القاعدة على جميع طرق الطعن العادية وغير العادية، فلا يجوز الطعن إلا في الأحكام التي تنهي الخصومة .
والحكم المنهي للخصومة: هو الحكم الذي يصدر في القضية برمتها ، أو الذي ينهي الخصومة دون فصل في الموضوع .
والحكم المنهي للخصومة: هو الذي يقبل الطعن فيه فور صدوره، يستوي بعد ذلك إن كان منهيًا لموضوع الخصومة الأصلية كالحكم للمدعي بكل طلباته، أو رفض هذه الطلبات. أو كان صادرًا في مسألة إجرائية يترتب عليها انقضاء الخصومة دون فصل في موضوعها كالحكم بعدم قبول الدعوى، أو الحكم بسقوط الخصومة أو بتركها، فمثل هذه الأحكام تكون قابلة للطعن فيها فور صدورها، بشرط أن يتم الطعن في الميعاد الذي يحدده القانون لذلك .
أما الحكم غير المنهي للخصومة فهو الذي يصدر أثناء سير الخصومة دون أن ينهيها، كالحكم الصادر في الادعاء بالتزوير أو الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، أو الحكم برفض الدفع بالتقادم، أو الحكم بعدم قبول التدخل في الخصومة، فمثل هذه الأحكام لا تكون قابلة للطعن فيها فور صدورها، وإنما لابد أن يتم الطعن فيها مع الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك حرصًا على تبسيط إجراءات التقاضي، ومنع تقطيع أوصال القضية الواحدة بين مختلف المحاكم. وتسري هذه القاعدة، ولو تعدد أطراف الخصومة، وكان تعددهم بعد بدء الخصومة، فينظر إلى الخصومة برمتها، وليس إلى الخصومة عند بدئها .
الاستثناءات التي ترد على قاعدة عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام غير المنهية للخصومة:
‌أ) الأحكام الوقتية: وهي الأحكام التي تصدرها محكمة الموضوع أثناء سير الدعوى الأصلية. مثال ذلك: الحكم بتقرير نفقة وقتية للدائن لحين الفصل في أصل الحق، أو الحكم الوقتي في التظلم من أمر الحجز التحفظي، ويبرر الطعن في مثل هذه الأحكام أنها تنهي النزاع المعروض على المحكمة فيما يتعلق بموضوعها المستقل والذي لا يحتمل التأخير، فمن مصلحة العدالة الطعن فيه دون انتظار لصدور الحكم المنهي للخصومة برمتها، وليس في القانون ما يمنع من استمرار نظر الخصومة رغم إقامة الطعن في مسألة وقتية .
‌ب) الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة: وفي هذه الحالة يجب على المحكمة المحالة إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن .
‌ج) الأحكام الصادرة بوقف الخصومة: ويقصد بها الأحكام الصادرة بإيقاف الخصومة، فلا تشمل الأحكام الصادرة برفض الإيقاف ، كما لا يمتد هذا الاستثناء إلى الأحكام الصادرة بانقطاع الخصومة، وعلة استثناء الأحكام الصادرة بوقف الخصومة من قاعدة عدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام غير المنهية للخصومة هو أنه إذا وقفت الخصومة تنفيذًا لهذا الحكم، فإن ضررًا حالاً قد يصيب أحد الخصوم من صدوره، ولهذا فمن العدالة فتح الطريق أمام الخصم المتضرر من الحكم الصادر بالوقف فور صدوره .
‌د) الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري: ويقصد بها أحكام الإلزام التي تصدر في طلب موضوعي لأحد الخصوم، وتكون قابلة للتنفيذ جبرًا؛ سواء بحكم القواعد العامة، أو بمقتضى قواعد النفاذ المعجل، فحكم الإلزام هو الذي يتضمن إلزام المحكوم عليه بأداء معين، وعلّة هذا الاستثناء هو أن انتظار الحكم المنهي للخصومة يضر بالمحكوم عليه بالحكم.
المبحـث الثانـي
الخصــوم فــي الطعــن
إن الطعن في الحكم لا يكون إلا بين من كانوا خصومًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم محل الطعن .
والخصوم في الطعن هما : الطاعن ، والمطعون ضده.
أ‌) الطاعن:
تنص المادة ( 211 مرافعات ) على أنه: " لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه، ولا يجوز ممن قبل الحكم، أو ممن قضى له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك " .
** الشروط التي يجب توافرها في الطاعن :
يشترط في الطاعن ما يلي :
1. يجب أن يكون الطاعن طرفًا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، يستوي بعد ذلك إن كان خصمًا أصليًا -مدعيًا أو مدعى عليه- أو ضامنًا لخصم أصيل مدخلاً في الدعوى، أو متدخلاً فيها .
2. وجود مصلحة من الطعن : لا يكفي لقبول الطعن أن يكون الطاعن طرفًا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، ويعد ذلك تطبيقًا لنص المادة ( 3 مرافعات ) والتي تنص على أنه: " لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، ولكي يتوافر لدى "الطاعن" شرط المصلحة يجب أن يكون قصده من الطعن تعديل الحكم فيما أضرَّ به، وإذن يجب أن يكون خسر الدعوى، أو قضى عليه في جزء منها . ألا يكون الطاعن قد قبل الحكم المطعون فيه : ذلك لأن قبول الحكم بعد صدوره أو النزول عن الطعن قبل صدوره يُعدُّ مانعًا من قبول الطعن في الحكم بعد ذلك .
ب‌) المطعون ضده :
يشترط فيمن يرفع عليه الطعن :
1. أن يكون طرفًا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ذلك لأن الطعن في الحكم لا يجوز إلا بين من كانوا خصومًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
2. والمناط في تحديد الخصم : هو بتوجيه الطلبات في الدعوى، فلا يكفي مجرد المثول أمام محكمة الدرجة الأولى دون أن يكون للطرف الماثل طلبات قبل صاحبه، أو لصاحبه طلبات قبله؛ حتى يعتبر خصمًا بالمعنى الذي يجوز معه توجيه الدعوى إليه في المرحلة الاستئنافية . ولهذا لا يجوز توجيه الطعن إلى من خرج من الخصومة أو تقرر إخراجه منها، أو من تم التنازل عن مخاصمته .
3. وأخيرًا يشترط فيمن يوجه إليه الطعن المطعون ضده أن يكون قد أفاد من الوضع القانوني الناشئ عن هذا الحكم، بمعنى أن يكون قد قضى له بكل أو بعض الطلبات في مواجهة الطاعن .
** من يستفيد من الطعن ومن يحتج به عليه :
طبقًا لما ورد بالمادة ( 218 مرافعات ) :
القاعدة : أما القاعدة فتعني أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه، ولا يحتج به إلا على من رفعه عليه، ويعبر عن هذه القاعدة بنسبية أثر الطعن والتي على أساسها بنى القول بأنه إذا تعدد المحكوم عليهم ، وطعن في الحكم بعضهم ، وأسقط بعضهم حقه في الطعن بتفويت ميعاده، فلا يستفيد من أثر الطعن إلا من رفعه، ويبقى بابه مغلقًا في وجه من لم يرفعه، ولو أدى الأمر في النهاية إلى إلغاء الحكم المطعون فيه في حق الطاعن ، مع صيرورته حائزًا لقوة الشيء المحكوم به في حق غيره، ومن جهة أخرى فإن الطعن المرفوع على بعض المحكوم لهم لا يحتج به إلا عليهم، ولا ينتج أثره في حق من لم يرفع عليه الطعن في ميعاده.
وقد أورد المشرع على هذه القاعدة استثناءات وهي :
1) إذا كان الحكم صادرًا في موضوع غير قابل للتجزئة أو في الالتزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، جاز لمن فوَّت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضمًا إليه في طلباته، فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن ( م 228/2 مرافعات).
2) تنص الفقرة الثالثة من المادة سالفة الذكر أنه : " يفيد الضامن وطالب الضمان من الطعن المرفوع من أيهما في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما معًا، وإذا رفع الطعن على أيهما جاز اختصام الآخر فيه " .