عرض مشاركة واحدة
  #66  
قديم 30-11-2018, 09:29 AM
الصورة الرمزية إبراهيم أبو ليفة
إبراهيم أبو ليفة إبراهيم أبو ليفة غير متواجد حالياً
مشرف قسم ابداعات و نقاشات هادفة ( كاتب واعد )
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 741
معدل تقييم المستوى: 15
إبراهيم أبو ليفة is on a distinguished road
New يوميات مُعلّم

"مذنب رغم انفه "
بشري حُكم عليه ان يكون نبياّ معصوما ،بل ملاك يفعل ما يُؤمر ومن الصاغرين ،حُصر بتابوهات وتكليفات في الغالب فوق طاقته ؛كل حركة ،لفظة،نظرة ،اشارة .ناهيك عن مظهرة وهندامه ،ما يرتاده من اماكن ،اصدقاءه ،اتجاهاته العقائدية والسياسية أراءه ،قرآته ،كيف يقضي وقت فراغه ان وُجد اصلا ،تعاملاته مع زملاؤه ورؤساءه .كل ذلك يُسجّل بدقة متناهية لا مفر ولا فكاك .
نعم هي اجلّ مهنة واصعبها علي الاطلاق ومن الواجب اختياره في الاصل بعناية شديدة فهو أخطر مؤثر بشري في الاخرين بعد الانبياء والرسل ،كلمته تُنحت في عقولهم وقلوبهم ،ميولهم واتجاهاتهم ،تمردهم واستكانتهم ،ثورتهم وخضوعهم ،شخصياتهم وكينونتهم وحتي من يلونهم مستقبلا .
خطأ الطبيب في القبر ،وخطأ المعلم يمشي علي الارض ،حقيقة نافذة وحتي يمكننا ان نجزم ان تقدّم امة او تأخرها تقع علي عاتق المعلم ولا محالة محاسب عليها دنيا وآخرة ، اما يدعون له بالرحمة او يلعنونه بما قد سبّب لهم من اذي مادي او معنوي .
كل ما فات لا جديد فيه ومعلوم للجميع .
يتم تأهيل المعلم تربويا ونفسيا وعلميا وعند تخرّجه يستقبله من مارسوا المهنة قبله بمانشيت رئيسي (انس كل ما تعلّمته ،فلا مجال لتطبيقه في واقعنا )
وتنهال عليه كمية توجيهات ادارية ومدرسية وفنكوشية ما انزل الله بها من سلطان .ويا ويلك ان حاولت ان تخرج من الاطار اُتهمت بكل نقيصة وثسبّة .
المعلم في حجرة درسه يمارس كل الوظائف ؛قاضي ،ضابط ،محامي ،متهم ،طبيب معالج ،اعلامي ،ممثل ومهرج ان تطلب الامر ،لكن كيف بقاضي ان يكتم حبه لطالب عبقري ومهذب ولم يفعلها سيدنا يعقوب عليه السلام ، كيف بضابط ان يسوس مجموعة من المراهقين المشاغبين وقد كُبلت يديه ،كيف بمحام ان يدافع عن نفسه امام جمهور بكل الوان الطيف وكيف يثبت تمكنه من مادته امام طلاب قد يكونوا مبرمجين سلفا تجاهه،كيف بطبيب ان يعالج امراض مجتمعية مختلفة جاءت اليه في صورة شريحة مجتمعية نتجت عن مراحل سابقة بكل اخطاءها واخطارها وأولياء امور فقدوا بوصلتهم في توجيه ابناءهم ،وكيف بإعلامي ان ينال التأثير في جمهور بخلفيات متفاوتة اجتماعيا وادراكيا وثقافيا .كيف بممثل ان ينال استحسان جمهور تعرض لكل سيناريوهات المجتمع واخيرا كيف له ان يلعب دور المهرج بدون تجاوز للتخفيف من وقع مادة صعبة علي نفوس طلابه .
كيف بمعلم ان يواجه مراهق يحاول ان يثبت رجولته امام الفتيات علي حسابه ،كيف بمعلم ان يتعامل مع ولي امر متعصب وذو مآرب استفزته بذرة وعي حاول ان يغرسها في ابنه او بنته .كيف بمعلم ان يواجه اختلاف اجيال في عالم متغير بسرعة البرق واخيرا
كيف بمعلم ان يتعامل مع مكتسبات طالب استقاها من اعلام كاذب وفن هابط وشارع يموج بالفتن واسر مطحونة تحت وطأة الفقر ونار تكلفة التعليم .
سقط عمدا ظروف المعلم المادية والمعنوية لمعرفتنا بها واستمرار تجاهلها لتوجه سهام الاتهامات للمعلم وحده دون غيره فهو المذنب رغم انفه .
رد مع اقتباس