(36) بـِمَــا كَـسَبَــت أَيـدِيـنـــا!
يقول الإمام ابن كثير في كتابه الماتع "البداية والنهاية" (ج13/ ص339): "لما حُوصِرت عَكَّا مِن قِبَل الصليبيين في عهد السلطان الكبير صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، واشتدّ الحِصار وتأخر النَّصر، وكان القاضي الفاضل بمصر يُدبِّر الممالك بها ويُجهِّز إلى السلطان ما يحتاج إليه من الأموال وعمل الأسطول والكُتب السُّلطانية، فمنها كتاب يذكر فيه: "إن سبب هذا التطويل في الحِصار كثرة الذُّنوب وارتكاب المعاصي بين الناس؛ فإن اللهَ لا يُنَال ما عنده إلا بطاعته، ولا تُفرَّج الشدائد إلا بالرجوع إليه وامتثال أمره، فكيف لا يطول الحصار ويتأخر النَّصر والمعاصي في كل مكان فاشية، وقد صعد إلى الله منها ما يتوقع التوبة والإنابة منها، وأن بيت المقدس قد ظهر فيه المنكرات والفواحش والظلم".
وإِنَّنا قد أُوتِينا مِن قِبَل أنفسنا، ولو صَدقنا لعجَّل اللهُ لنا عواقب صِدقنا، ولو أطعناه لما عاقبنا بعدونا، ولو فعلنا ما نقدر عليه من أمره لفعل لنا ما لا نقدر عليه إِلاَّ به.
*********