عرض مشاركة واحدة
  #140  
قديم 14-10-2013, 04:05 AM
الصورة الرمزية صوت الحق
صوت الحق صوت الحق غير متواجد حالياً

رئيس مجلس الادارة ( سابقا )

 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
المشاركات: 8,414
معدل تقييم المستوى: 0
صوت الحق is an unknown quantity at this point
افتراضي

وزير الدفاع يكشف حقيقة الثغرة: طوَّرنا الهجوم يوم 14 لتخفيف الضغط عن سوريا.. واحتوينا قوات العدو تماماً عدا «جيب الدفرسوار» وبدأنا حرب استنزاف جديدة أوقفها قرار «مجلس الأمن»
حرب الكرامة
كان طبيعياً أن يكون أول هدف سياسى استراتيجى لأى عمليات للقوات المسلحة المصرية هو إثبات فشل نظرية الحدود الآمنة لإسرائيل، وأن هذه النظرية ما هى إلا وسيلة للتمسك بالأراضى المحتلة من قبل قادة الصهيونية.
وعلى ضوء هذا الهدف، وصلنا إلى أن تحقيقه يتطلب من القوات المسلحة تحقيق عدد من الأهداف تتلخص فى: هزيمة قوات العدو الإسرائيلى فى سيناء والهضبة السورية، والاستيلاء على مناطق ذات أهمية استراتيجية تهيئ الظروف المناسبة لاستكمال تحرير الأراضى المحتلة بالقوة، لفرض الحل السياسى العادل للمشكلة.
وبناءً على هذا الهدف الواضح، كان على القيادة المصرية أن تخطط للقيام بعمليات هجومية استراتيجية مشتركة، تنفذ بالتعاون مع القوات المسلحة السورية وتقوم فيها مصر بالاقتحام المباشر لقناة السويس، وتدمير خط بارليف، والاستيلاء على «رؤوس كبارى» بعمق 10 - 15 كيلومتراً على الضفة الشرقية للقناة، وتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة، وصد وتدمير هجمات العدو المضادة، وتطوير الهجوم شرقاً لتحقيق مهمة القوات المسلحة.
وقد تحقق هذا الهدف كاملاً، لقد ثبت لإسرائيل والعالم أن نظريتها فى الحدود الآمنة باطلة، وبالتالى، انكشفت حجتها فى الاستيلاء على الأراضى العربية بالقوة، وانكشفت رغبتها الحقيقية فى التوسع والضم.
وكما قال مؤلف أجنبى: إن إسرائيل انتصرت سنة 1967 من حدود غير آمنة، وهزمت سنة 1973 من حدود آمنة!
وبالنسبة لنا، لقد خرجنا من المعركة أحسن وأكفأ مما دخلنا، من حيث النوع والخبرة والمعنويات والتدريب، واستفدنا من خبرة حرب أكتوبر استفادة كاملة.
ولا شك أن المعركة القادمة، إذا قدر لنا أن نقوم بها، ستكون مختلفة تماماً عن الحرب السابقة. ستكون بمفهوم جديد، وبتفكير جديد، وبتخطيط علمى جديد مدروس لكل الاحتمالات المقبلة بنفس روح أكتوبر العظيمة. أما بالنسبة لعنصر المفاجأة، فإننى أعدكم أن نحصل عليه أيضاً مرة أخرى، فهناك وسائل شتى للحصول عليه، إذ إنه ليس نمطياً، واستعدادنا، انتظاراً لأى حرب قادمة، يسير اليوم فى مجالات متعددة، منها إعداد القوات بتدريبات جيدة، ورفع الكفاءة الفنية للمعدات، وتطوير قواتنا المسلحة بوجه عام، وأحب هنا أن أسجل أن كل ذلك يتم أيضاً على الجبهة السورية، وأن التنسيق كامل بين الجبهتين.
وأؤكد أننا فى وضع أفضل بما لا يقاس، فلنا الآن اتصال برى مع العدو، ولا يوجد بيننا وبينه مانع مائى، أو خط بارليف، ولا أعنى بذلك أننا لا نحافظ على كلمتنا فى فصل القوات وانتظار محادثات جنيف والاستعداد لها، وقد تختلف الوسائل والخطط، ولكن لكل مشكلة حلها. إننا نعرف سيناء شبراً شبراً، فهى أرضنا الحبيبة.
لا بد هنا من التأكيد على دعم الجبهة الداخلية للقوات المسلحة فى حربها لاستعادة الكرامة، فلأول مرة تم ما يسمى بإعداد الدولة للحرب، وكان الفضل فى هذا للرئيس السادات، كان للتنسيق بين القوات المسلحة وأجهزة الدولة المعنية قبل المعركة بوقت طويل فيما يتعلق بإعداد الدولة للحرب، أثره الفعال عند إدارة العمليات الحربية، وعلى سبيل المثال، فقد تم الآتى: التنسيق مع أجهزة الإعلام ووزارة الخارجية فيما يتعلق بخطة الخداع الاستراتيجى التعبوى، التنسيق مع وزارة البترول فيما يتعلق بحجم الاحتياطى من البترول ومدة كفايته، ووضع الخطط البديلة لاستمرار إمدادات البترول الخارجية فى حالة توقف المصادر المحلية، التنسيق مع وزارة التموين فيما يختص بالاحتياجات الإدارية اللازمة للقوات المسلحة، إنشاء مراكز القيادة اللازمة للوزارات المختلفة والتى تعمل منها أثناء إدارة العمليات الحربية، وربطها بجهاز القيادة العامة للقوات المسلحة، إلمام الوزارات المختلفة بأعمال العدو المحتملة وتصورات المعركة القادمة، ودراسة ردود الفعل المحتملة لدى أجهزة الدولة، مع دراسة أسلحة العدو وإمكانياتها ومدى تأثيرها على المنشآت الحيوية بلجان قامت بالمرور على الوزارات، علاوة على الجهود الذاتية الجبارة التى قامت بها الوزارات، كل فى اختصاصها.
كانت إسرائيل قد وضعت فى تقديرها السياسى الاستراتيجى، أنه من المستحيل على مصر أو مصر وسوريا أن تشنا حرباً، معتمدة فى ذلك على تصورها أن جيشها فعلاً لا يقهر، وأنه ما من حاكم مصرى يمكنه أن يتخذ قرار حرب، فى الوقت الذى يمكن أن يتعرض فيه عمق الدولة المصرية لضربات ردع قوية، وكانت أسيرة هذا التقدير فى كل تصرفاتها. إلا أنه من الناحية السياسية، كان لسوء حظها أن وجد هذا الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة الذى قرر الحرب واتخذ القرار.
أما من الناحية العسكرية، فكانت إسرائيل تبنى استراتيجيتها على نظرية الأمن الإسرائيلية، وهذه النظرية كانت مبنية، فى تصورى، على الأسس التالية: اعتمادها على مخابرات على درجة عالية من الكفاءة وكانت تعاونها المخابرات الأمريكية، وحدود آمنة بعيدة عن قلب إسرائيل، والكثافة السكانية مع الاحتفاظ بخط قناة السويس ومرتفعات الجولان التى استولت عليها عام 1967، وكفاءة عالية فى تعبئة الاحتياط.
ولقد فوجئ العدو فعلاً بهذه النظرية الجديدة فى الحرب ضد الطائرات، ولم يتصور أن مصر يمكنها أن تقوم بمثل هذا العمل.
مذكرات "مشير النصر"
أما عن استخدام قواته الجوية كقوة ردع فى عمـق الدولة، فإن تقديره كان خطـأً، بدليـل أنه لم يحاول ضرب العمق، لأنه كما قال السيد الرئيس «العمق بالعمق»، وكنا جاهزين للتنفيـذ إذا أمرنا بذلك.
أما عن كفاءة قواته المدرعة، وقوله المأثور فى إسرائيل كشعار (الفخر كل الفخر للمدرعات)، فإن ما حدث لمدرعات إسرائيل فى هذه الحرب قد فاجأها، بل وفاجأ العالم كله، ولو أننى لا أنقص من قدر المدرعات مطلقاً، إلا أنه ثبت أن فرد المشاة الشجاع المسلح بالأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للدبابات، يمكن أن يقلب سيادة المدرعات رأساً على عقب فى مواقف معينة، فلقد فشل العدو، ولم يمكنه فرد المشاة الشجاع من استخدام قواته المدرعة فى الآتى، على سبيل المثال:
لم يقم بالفتح التعبوى أو التكتيكى فى الوقت المناسب، وبالتبعية لم يحتل الساتر الترابى الذى كان مجهزاً به موقع لكل دبابة، بين الواحدة والأخرى 150 متراً، على مدى 175 كم بطول قناة السويس، هاجمت قواتنا المسلحة على مواجهة تقدر بـ 175 كم، وأجبرناه على تشتيت جهود مدرعاته فى كل اتجاه وبأعداد قليلة، مما سهل تدميرها جزءاً جزءاً.
لم يستوعب درس قتال اليوم الأول أو الثانى بسرعة كافية من ذهول المفاجأة، مما جعله مستمراً فى قيامه بهجمات مضادة بالشكل النمطى، مما أدخله فى نطاق ما أطلق على أسلوبنا المبتكر هذا بمفرمة اللحم، وهو تدمير جميع دباباته فى هجماته المضادة المتكررة، أما فيما يختص باعتماده على حرب قصيرة، فلأول مرة تعتبر حربنا -نسبياً- ليست بحرب قصيرة، وتكبد فيها خسائر فادحة على الجبهتين المصرية والسورية.
وأصل إلى قمة فشله فى هذه المعركة، والتى أجلت الحديث فيها إلى آخر الحديث، وهو ما أظنكم توافقوننى، والعالم كله يوافقنى، أن نظرية الأمن الإسرائيلية ثبت فشلها، فلا احتفاظه بشرم الشيخ منعنا من إقفال الملاحة الإسرائيلية فى باب المندب، ولا احتلاله للمانع المائى بحصون خط بارليف منعنا من اقتحامه والاستيلاء عليه، لقد نجحت إسرائيل فى شىء واحد، هو اعتمادها على دولة عظمى. نعم. وأعتقد أنه لولا التدخل الأمريكى لأصيبت إسرائيل بهزيمة نهائية.
نعم. درست القوات المسلحة نفسية وسمات الجنود الإسرائيليين الأسرى فى حرب أكتوبر سنة 1973، وخرجت باستنتاجات كثيرة، منها، على سبيل المثال، وليس الحصر:
معظم جنود الرتب الصغيرة من اليهود الشرقيين (85%)، والرتب الكبيرة مقصورة على الغربيين.
معظمهم يقع تحت أوهام الدعاية الإسرائيلية الداخلية. مثلاً، يصورون لهم مشكلة فلسطين، بأنه حدث تبادل بشرى بين الدول العربية وإسرائيل، ولا يوجد يهود فى مصر، بل إن مصر شردتهم وحطمت معابدهم.
وعندما زار عساف ياجورى أسراً مصرية يهودية فى الزمالك والمعبد اليهودى، فإنه قال بالحرف الواحد: لقد وقعنا تحت وهم المؤسسة العسكرية فى إسرائيل لأكثر من 20 عاماً.
معظم القادة والجنود من الاحتياط (4 من خمسة)، ويكرهون الحرب، ويفضلون وظائفهم المدنية عليها. مثلاً، عساف ياجورى يعمل مدير فندق فى ناتانيا، ولما زار بعض فنادق مصر (شبرد، سميراميس، مينا هاوس.. إلخ)، قال: هذه الفنادق لا تقارن بفنادق إسرائيل ولكن تقارن بفنادق أوروبا!
جعلنا، بعد ذلك، كل أصحاب مهنة يزورون المصانع والمؤسسات التى تماثل مهنهم، الأطباء يزورون المستشفيات ومعامل الأدوية، المهندسون يزورون مصانع الحديد والصلب وغيرها. وقالوا إنهم فوجئوا (على خلاف الدعاية الداخلية عندهم عن مصر)، بمدى هذا التقدم.
أتذكر حواراً باسماً دار بين الرئيس السادات وبينى قبل الحرب بأيام قال لى فيها وهو يتصنع الجدية: هى الحرب يوم إيه؟ فقلت: يوم السبت. فقال السادات: والنهارده إيه؟
قلت: الثلاثاء، فقال السادات مازحاً: أنا خايف يوم السبت الجاى تكون جثتك متعلقة فى ميدان التحرير، قلت: وأنا موافق من أجل مصر.
رد مع اقتباس