عرض مشاركة واحدة
  #60  
قديم 29-05-2018, 04:09 AM
الصورة الرمزية Mr. Hatem Ahmed
Mr. Hatem Ahmed Mr. Hatem Ahmed غير متواجد حالياً
نائب رئيس مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 59,823
معدل تقييم المستوى: 10
Mr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond repute
افتراضي لغتنا الجميلة .. أين أنتِ اليوم؟!





(37) لغتنا الجميلة .. أين أنتِ اليوم؟!






اللغة العربية أبعد اللغات السَّامية مدى، وأبلغها عبارة، وأغزرها مادة، وأقواها جَلاَدة، وأدقها تصويرًا لما يقع تحت الحِسّ، وتعبيرًا عما يجول في الفكر، لمرونتها على الاشتقاق، وقبولها للتهذيب، وسعة صدرها للتعريب، ولما جُبِل عليه أهلها من فصاحة المنطق، واتَّصفت به أرضها من صفاء الطبيعة؛ وهي تمتاز فوق ذلك: بالإعراب في أواخر الكَلِم، وائتلاف اللفظ مع المعنى، وشدة الإيجاز في الجملة، والترادف، والاشتراك، والسَّجع، وحسبها مَزِيَّة أن ليس في لغات الناس لغة حفظت أصول شِعرها ونَثْرها إحدى وعشرين قرنًا، وبقيت واحدة ثابتة في أطراف الأرض غيرها، لا لشيء إلاَّ لأنها لغة عريقة لقوم لهم عراقتهم ومكانتهم وأمجادهم خطباء وشعراء كانوا يتخذون من جمال أسلوبها وعُذوبة ألفاظها قوة فوق قوتهم؛ يُحفِّزون الهِمَم ويُحرِّكون المشاعر، ويُؤثِّرون في الوجدان العربي.


هذه اللُّغة شرَّفها اللهُ تعالى وأعلى قَدرها، فجعلها لغةَ كتابه العربي المُبين، الذي أنزله على قلب نبيه الأمين، ومنذ فجر الإسلام اكتسبت هذه اللغة صفة القداسة، فكانت سلاح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ووسيلته إلى قومه، ودليل نُبُوّته وبلاغته، ولسان فَصاحته ونَباهته، إلى شعوب العالم عامة، والشعب العربي خاصة.


ومن هنا لم تعد اللغة العربية لغة التخاطب الرَّسمية فحسب، بل أصبحت لغة الدِّين .. اللغة التي نزل بها كلام الله .. وبلَّغ بها رسولُ الله رسالته .. وفسَّر بها نبيُ الله كلام مَولاه؛ فقدَّسها القومُ عربًا وغير عرب .. وتمسَّك بها الخُلفاء على مَرِّ العصور، يتفننون في أساليبها خطابة ووعظًا وإرشادًا، واستنفارًا للحرب والجهاد في سبيل الله، بما وهبها اللهُ من جمال الكلم، وجوامع الأغراض، إلى أن كتب اللهُ لها أن تنتشر وتسود بقاع الأرض المفتوحة .. حتى لتقول المصادر لقد كانت تسبق جُموع الفاتحين، وتمهد لهم الطريق إلى قلوب الشعوب المفتوحة، فيدخلون في الإسلام تباعًا، نظرًا لجمال القول، وروعة الأسلوب، وسهولة المخارج.


ولقد أَحسَّ الموالي -فُرسًا وغير فُرس- بما فيها من جمال وما لها من جلال، فاتخذوها لغة رسمية دينية، وأهملوا لغتهم الأصلية، وتطالعنا المصادر الأدبية القديمة أن الموالي هم الذين كانوا يتولون الدفاع عن اللغة العربية، لغة الدِّين، ويتخذون منها وسيلة لفهم كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لفهم أدب العرب وأشعارهم .. وتقول المصادر أيضًا: إن الموالي نبغوا وفاقوا العرب أنفسهم في هذا المجال، وكان أن وضعوا القوانين وحدَّدوا القواعد العربية خدمةً للدِّين والقرآن الكريم، وما كان ذلك إلا لجمال أسلوبها، وغزارة مضمونها، واستيفائها بكل الحاجات العِلمية، وكل القيم الدِّينية ... وهكذا كان للغة العربية مكانتها منذ العصور القديمة، لم يستطع أن ينال منها أحد، ولم يجرؤ على طعنها أحد، حتى الشعوبيين والزنادقة والملحدين.


*********

__________________
رد مع اقتباس