الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #294  
قديم 15-12-2012, 12:27 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي كيف تفكر واشنطن في مرحلة ما بعد الأسد؟

كيف تفكر واشنطن في مرحلة ما بعد الأسد؟

دانيال بايمان ورينانه مايلز
عرض شيماء ميدان، مترجمة متخصصة في الشئون السياسية والاقتصادية

ينشغل الباحثون العرب والغربيون بمستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وتداعيات ذلك على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والمعضلات التي قد تواجه الولايات المتحدة وحلفاءها في سوريا ما بعد الأسد، وسبل تلافيهم تلك العراقيل.
ويعتبر المقال الذي نشرته مجلة "المصلحة الوطنية" National Interest) (Theتحت عنوان "خطة متواضعة لما بعد الأسد" لكل من "دانيال بايمان" أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون والزميل في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز، و"رينانه مايلز" محللة البرامج لدى وزارة الدفاع الأمريكية؛ من الكتابات الهامة التي صدرت مؤخرًا في هذا الصدد.

يقسّم الكاتبان مقالهما إلى أربعة أقسام؛ فيفصّلان في القسم الأول المشاكل التي ستواجهها سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، ويستعرضان في القسم الثاني الدور الذي قد تلعبه الولايات المتحدة وحلفاؤها في تخفيف حدة هذه الصعوبات، ويناقشان في القسم الثالث إمكانيات الولايات المتحدة وحلفائها والمشاكل التي قد تواجههم في سوريا وحدود تدخلهم، ثم يقدّمان في القسم الأخير من مقالهما توصيات حول التدخل الحذر في سوريا، ويقيّمان التأثير المحتمل لمثل هذا التدخل.

سوريا ما بعد الأسد

يستهل الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى أن رحيل ما وصفاه بـ"الديكتاتور" لن يخلف وراءه سوى صراع على السلطة، وانشقاقات، واقتصاد هشٍّ، وشوارع غير آمنة، وشعب خائف، فضلا عن أنه من المرجح ألا تأتي حكومة جديدة قادرة على إدارة البلاد.

ويشيران إلى أن من المرجح أن يتمخّض عن الصراع السوري الدموي "دولة متداعية تحتاج إلى جهود مضنية لإعادة إعمارها". ولا يستبعد الكاتبان أن يدعو البعض الولايات المتحدة إلى التدخل في سوريا لإرساء الاستقرار والنظام، ولكنهما يشككان في قدرة واشنطن على احتواء الوضع هناك، خاصة وأن لها سجلا حافلا بالإخفاقات في مساعدة بلدان تمر بأزمات خطيرة مثل تلك التي تمر بها سوريا.

واكتسبت الولايات المتحدة خبرة جيدة من حربي العراق وأفغانستان وسبل إعمارهما، لكنَّ الكاتبين يريان أن عليها استخلاص الدروس المستفادة من جهود بناء هاتين الدولتين وغيرهما من البُلدان؛ فالنجاح -من وجهة نظر بايمان ومايلز- يتطلب موارد كبيرة، وتنسيقًا داخل الحكومة، ومتابعة على المدى الطويل، وتخطيطًا دقيقًا لفترة ما بعد الحرب. وهو ما تفتقر إليه الولايات المتحدة عند تعاطيها مع الأزمة السورية في مرحلة ما بعد الأسد، نظرًا للتغييرات التي طرأت على البيئة السياسية داخل واشنطن وخارجها.

ويرى بايمان ومايلز أنه مع تدمير الحرب الأهلية المدن السورية وتفريقها صفوف الشعب، فلن ينطوي إحلال السلام والاستقرار في سوريا على إسقاط الأسد فحسب، بل لا بد أن يضطلع أي نظام جديد بإعادة بناء الدولة وإصلاح الأمة أيضًا.

ويتوقع الكاتبان أن يتحول ال*** السوري الحالي إلى فوضى عارمة، أو إلى صراع ضارٍ على السلطة. فقد تتوحد صفوف المعارضة من خلال عملية ديمقراطية في أعقاب سقوط الأسد، إلا أن إجراء أي انتخابات على المدى القريب سيثير الشكوك حتمًا بين صفوف الشعب، مما سيدُّس الوقيعة بين مناهضي الأسد بعضهم بعضًا.

هذا ومن المرجح أن تؤجج أساليب حكم الأسد ومحاباته مجموعات رئيسية معينة الصراع في سوريا، وسترغب الأقليات (وخاصة العلويين والمسيحيين والدروز) في البقاء على حالها. أما المسلمون السنة الذين يتحملون عبء الجزء الأكبر من القتال فسيرغبون في المزيد من السلطة والثروة، وفقًا لتوقعات الكاتبين.

ويُذكّر الكاتبان أنه بعد سقوط صدام حسين في العراق أفضى استشراء الجرائم إلى انهيار الدولة. وبالمثل قد يختل توازن الدولة السورية إثر عمليات خطف المواطنين الأثرياء التي تقوم بها عصابات مسلحة في سوريا طلبًا للفدية. وينقل بايمان ومايلز عن أحد المقيمين في حلب قوله لصحيفة نيويورك تايمز: "نعاني من الفوضى، وانعدام القانون، والخوف. ومع استشراء البلطجية في الشوارع، لا تدرِ من قد يخطفك ويطلب فدية".

ومن وجهة نظر الكاتبين، قد تنمو هذه المشاكل باطراد لأن الشرطة السورية -التي يُزعم أنها من الموالين للأسد- ستُثبت على الأرجح عجزها عن فرض النظام، ومنع النهب واسع النطاق، أو أي جرائم أخرى.

وتُشير الأرقام الأخيرة الصادرة عن مؤسسة كويليام Quilliam Foundation، وهي مؤسسة بحثية بريطانية تكرّس جهودها لتفنيد التصورات المتطرفة المنتشرة بين المجتمعات الإسلامية؛ إلى أن الحرب السورية اجتذبت عدة مئات من الجهاديين الأجانب، الذين تتشابه أيديولوجيتهم مع تلك الخاصة بتنظيم القاعدة.

وبحسب الكاتبين، يكنّ بعض هؤلاء الجهاديين الولاء إما لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أو لقاعدة العراق، ويتطلعون إلى إقامة دولة إسلامية في الأرجاء السورية التي يسيطرون عليها، وسيحاولون على الأرجح إكراه السوريين على الانضمام إليهم. وقد يصل الحال بسوريا إلى إرسال الإرهابيين إلى الخارج بدلا من اجتذابهم؛ فالقاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى تستخدم المناطق التي تسيطر عليها لشن هجمات على دول مجاورة وأهداف غربية.

وقد شن أنصار الأسد وأعداؤهم في لبنان بالفعل هجمات ضد بعضهم بعضًا، ومن المحتمل أن يتنامى هذا ال*** نظرًا لطمع الجماعات الإرهابية في السلطة في سوريا. وما صعّد من حدة المخاوف أكثر هو صدور تقارير عن صحيفة "واشنطن بوست" تفيد بوجود ما لا يقل عن مئات الأطنان من الأسلحة الكيميائية في المدن السورية. وتخشى إسرائيل، على حد قول الكاتبين، من وقوع هذه الأسلحة في أيدي حزب الله، كما يخشى العالم أجمع من وصولها إلى أيدي تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى.

ولا يستبعد بايمان ومايلز أن تواصل وزارة الخارجية الأمريكية تدخلها في الشأن السوري. ولا ترغب المملكة العربية السعودية وتركيا، على حد قولها، في الإطاحة بالأسد فحسب، بل ترغبان أيضًا في أن تحل جماعاتهم المفضلة محله. وفي الوقت ذاته، ترغب إيران في الحفاظ على موطئ قدم لها في سوريا بعد سقوط الأسد، وستدعم على الأرجح العلويين الساخطين وغيرهم من الراغبين في تقديم العطاءات لها. وبحسب الكاتبين، يساور بعض الدول قلق من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها سوريا، في حين يعتبرها آخرون فرصة لتعزيز نفوذهم.

ويلفتان إلى أن تدفق الأسلحة إلى سوريا من شأنه أن يعرقل الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار هناك. فبعد سقوط الأسد، ستكون قوات الأمن ضعيفة ومشلولة لا محالة، في حين ستكون الجماعات الجهادية مسلحة جيدًا، ما من شأنه أن يشيع الفوضى والاضطرابات في البلد. ومن غير المؤكد ما إذا كانت الأسلحة ستكون في أيدي تلك الجماعات فقط، أم ستودع كميات منها في مخازن للذخيرة في سوريا؟.

ومن الناحية الاقتصادية، من المرجح أن يتردَّى الاقتصاد السوري بسبب الدمار الذي تخلفه الحرب، وارتفاع معدل الجرائم وال***، وتنامي حالة عدم اليقين السياسي، على حد قول الكاتبين، اللذين ينوّهان إلى أن الناتج المحلي الإجمالي تراجع إلى حد كبير في سوريا، وإلى أن منابع الاستثمار الأجنبي جفّت بصورة ملحوظة.

ومن المتوقع أيضًا أن تحدث العديد من المشاكل، وأن تزداد الأمور سوءًا في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد بسبب ما يستغرقه إسقاط النظام السوري من وقت وجهد. وتجدر الإشارة إلى أن العقوبات الغربية لها دور كبير في انهيار الاقتصاد السوري بسرعة؛ فقد جعلت الطبقة الوسطى في حالة لا يُرثى لها، وعززت السوق السوداء إلى حد كبير.

دور الولايات المتحدة وحلفائها

من وجهة نظر بايمان ومايلز؛ من الممكن أن يساعد الغرب سوريا في الحفاظ على أمن حدودها، وفي تعزيز أمنها الداخلي، وإرساء الديمقراطية، وتوفير المساعدات الاقتصادية، وفي نقلها من الحرب والفوضى والطغيان إلى السلام والاستقرار والديمقراطية. ويقترحان أن تؤمّن القوات الأجنبية الحدود السورية تأمينًا جيدًا بحيث تعجز الدول المجاورة عن إرسال الأسلحة والقوات شبه العسكرية إلى سوريا، ويشددان على ضرورة اعتقال أو اعتراض طريق أي جهادي يحاول اختراق الحدود السورية.

وينبغي أن تأخذ القوى الخارجية على عاتقها أيضًا مهمة تأمين الأسلحة الكيميائية بعد سقوط الأسد لما لها من أضرار بالغة، لكن عليها أن تدرك أن تأمين الحدود ومخابئ الأسلحة الكيميائية ومكافحة الإجرام سيتطلب أعدادًا غفيرة من القوات المجهزّة والمدربة.

ويرى الكاتبان أنه ينبغي على المجتمع الدولي العمل على إعادة دمج المقاتلين السوريين في المجتمع من خلال توفير التعليم والتدريب المهني لهم، وعلى خفض معدل البطالة في سوريا من خلال توفير فرص العمل، وتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد. فضلا عن أنه يجب تنسيق الجهود مع الحكومة الانتقالية للنهوض بسوريا، ومحاكمة المسئولين عن ارتكاب الجرائم.

ويمكن أن يقدم المجتمع الدولي الدعم لسوريا على المدى القريب من خلال إنشاء لجان مثل لجان الحقيقة والمصالحة (التي تأخذ على عاتقها استعادة العدالة)، وتقديم المشورة في مجال التحكيم في القضايا التي يتعذّر فيها معرفة من الضحية ومن الجاني. ومن وجهة نظر بايمان ومايلز، سيكون للمساعدات الإنسانية أهمية قصوى، نظرًا لما يحتاجه السكان المشردون داخليًّا واللاجئون من مأوى وغذاء ورعاية صحية. فوفقًا لأرقام الأمم المتحدة، ثمة أكثر من 2.5 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة داخل الحدود السورية.

وعلى حد قول الكاتبين، سيكون الدعم الاقتصادي جزءًا هامًّا من جهود إعادة إعمار سوريا وتنميتها على المدى الطويل، لكن على المجتمع الدولي أن يدرك أن عدم الوفاء بالتعهدات يولّد الغضب والإحباط.

ونظرًا لفرار العديد من موظفي الخدمة المدنية والسوريين المتخصصين من ذوي الخبرات من سوريا، يمكن أن تمد الولايات المتحدة السوريين بذوي الخبرات للمساعدة في كتابة الدستور، وإعادة بناء شبكة الكهرباء، وتدريب القوات العسكرية للدفاع عن الحدود.

عقبات أمام الدور الأمريكي

يرى بايمان ومايلز أن الولايات المتحدة ليست مستعدة سياسيًّا ومؤسسيًّا لتحمل عبء مساعدة سوريا، لكنهما لا ينكران جهودها لبناء دول متداعية؛ فالولايات المتحدة لها سجل حافل بالإنجازات في هذا المجال. وبحسب دراسة أصدرتها مؤسسة راند في عام 2007، تطلق الولايات المتحدة عملية "إرساء استقرار" كل عامين تقريبًا، في حين أن الأمم المتحدة باتت تطلق بعثات حفظ السلام مرة كل ستة أشهر بعدما كانت تطلقها كل أربع سنوات.

ووفقًا للكاتبين، أظهرت الولايات المتحدة تقدمًا ملحوظًا في تأسيس لجان متخصصة في إعادة الإعمار وإرساء الاستقرار. ففي عام 2004، أسست وزارة الخارجية الأمريكية "مكتب تنسيق الاستقرار وإعادة الإعمار" Office of the Coordinator for Reconstruction and Stabilization، وفي العام الماضي أسست مكتبًا آخر لإدارة عمليات إرساء الاستقرار. وجنبًا إلى جنب مع تبني وزارة الدفاع مؤخرًا عمليات تعزيز الاستقرار، بذلت الحكومة الأمريكية جهودًا مضنية لتطوير القدرات اللازمة لبناء أي دولة.

ومع ذلك، لا تزال الحكومة الأمريكية تعاني من قصور هيكلي في مسألة بناء الدولة، ولا يزال ثمة مؤشرات على عدم إضفائها الطابع المؤسسي على الدروس المستفادة من حربي أفغانستان والعراق، على حد قول الكاتبين، اللذين يوضحان أن سبل إشراك الأجهزة التنفيذية مع بعضها في عملية التخطيط المبكر لبناء دولة ما زالت غير فعالة.

وعن صرف المعونات، يشير بايمان ومايلز إلى أن الحكومة الأمريكية عادةً ما تكون هي المصدر الوحيد للمعونات، الأمر الذي يضع الدول المتلقّية لتلك المساعدات في ورطة حال تعطلت التدفقات المالية الأمريكية. والمشكلة أن سوريا ستحتاج الأموال في الغالب لإنعاش اقتصادها، لذا فإن أي تأخير في المعونات سيؤثر تأثيرًا سلبيًّا على الوضع الاقتصادي هناك.

ويتوقع الكاتبان أن تعجز الولايات المتحدة عن التدخل عسكريًّا في سوريا لأن ذلك سيتطلب موارد مالية كبيرة، وأعدادًا غفيرة من القوات، ولأنها ما زالت تلتقط أنفاسها من حربي أفغانستان والعراق. وينقلان "أن القوات الأمريكية لم تعد قادرة على الالتزام بعمليات إرساء الاستقرار التي تستغرق وقتًا طويلا".

والمشكلة -على حد قول بايمان ومايلز- أن حلفاء الولايات المتحدة لن يقدروا هم أيضًا على حل محلها في تقديم الدعم للدول المتداعية؛ فالإمكانيات الأوروبية، على سبيل المثال، ضعيفة حاليًّا بسبب ما تعانيه القارة من أزمة اقتصادية.

ومن المرجح أن تتولى تركيا زمام الأمور في سوريا، لأن لديها أعدادًا كبيرة من القوات، ولأن اقتصادها متين، ويهتم شعبها بمصير السوريين إلى حد كبير. والأهم من ذلك أن تركيا تخشى من تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة إليها، ومن امتداد النشاط الإرهابي إليها بسبب الفوضى السورية. لذا قد تكون هي الأشد حرصًا على إنهاء الأزمة السورية. وعليه يشدد الكاتبان على ضرورة تشجيع الدور التركي، لكنهما ينوّهان في الوقت نفسه إلى أن تركيا "ليست دولة محايدة"، ما يعني أنها قد تدعم الجماعات السورية المعادية للولايات المتحدة.

توصيات لإنهاء الأزمة السورية

يرى بايمان ومايلز أن على الولايات المتحدة التخطيط لمرحلة ما بعد الأسد طالما أنها راغبة في الإطاحة به، على أن يكون هدفها على المدى الطويل إقامة حكومة ديمقراطية يَقدِر السوريون وجيرانهم على التعايش معها، جنبًا إلى جنب مع مساعدة الدول المستضيفة للاجئين السوريين، وتأمين الحدود السورية، وملاحقة الجماعات الإرهابية، وحل المشاكل الملحة الأخرى.

وينبغي على الولايات المتحدة -بحسب توصيات الكاتبين- أن تقدّر حجم التحدي الذي تقبل عليه، وألا تبالغ في تقدير قدراتها الذاتية، حتى لا تضع نفسها في مأزق تعجز عن الخروج منه؛ فعليها مثلا أن تقدر حجم الموارد المطلوبة للتدخل في سوريا قبل الإقدام على هذه الخطوة لكي لا تجد نفسها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها.

وينوّه الكاتبان في الوقت ذاته إلى أنهما لا يعنيان بذلك ألا تتدخل الولايات المتحدة لإنقاذ سوريا، موضّحين أن الوضع في سوريا لا يحتمل التهاون به، ويستدعي تدخلا فوريًّا. فكما يقولان، ليبيا كان وضعها أقل خطورة من سوريا، ورغم ذلك تدخلت الولايات المتحدة لإنقاذها، فكيف لا تتدخل لإنقاذ السوريين الذين يُرتكب بحقهم أبشع الجرائم.

وبحسب بايمان ومايلز، لدى الولايات المتحدة مصالح في سوريا تتجاوز ما يهتم به معظم السوريين، فإمكانية وقوع ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية في أيدي الإرهابيين -على سبيل المثال- تمثل أكبر قلق بالنسبة للغرب والدول المجاورة لسوريا أكثر مما تمثله للسوريين الذين يصبون تركيزهم أكثر على القضايا الملحة مثل الأمن وإنعاش الاقتصاد. وعليه يحض بايمان ومايلز الولايات المتحدة على التأهب لمواجهة تهديد الترسانة.

ويوصيانها أيضًا بتنسيق الجهود مع المجتمع الدولي، ولا سيما تركيا، وبمساعدة الحكومة السورية على مكافحة الإرهاب، وتنسيق المساعدات مع الدول المجاورة لسوريا والأطراف الأخرى لضمان استخدام المساعدات بكفاءة، ورفع العقوبات عن سوريا حتى تتمكن من إنعاش اقتصادها من خلال إصلاح البنية التحتية المصرفية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي.

وأخيرًا، يحض بايمان ومايلز الولايات المتحدة على عدم استبعاد الفشل في سوريا؛ فمن الممكن أن يكون سقوط الأسد مجرد بداية، وليس نهاية، لفترة طويلة وفوضوية في تاريخ سوريا إذا ما استمرت الحرب الأهلية هناك، وتأجج الصراع مع الجيران. وينوّهان إلى أن الأخطاء التي وقعت فيها الولايات المتحدة إبان حرب العراق لا ترجع جزئيًّا إلى عدم استيعاب القادة الأمريكيين لقدرات العراق فحسب، بل لعدم استيعابهم لقدرات الولايات المتحدة أيضًا.

ولتلافي الوقوع في مثل هذا الخطأ في سوريا ما بعد الأسد، يرى الكاتبان أنه يجب على واشنطن أن تتوقع دائمًا الأسوأ، وأن تكون أكثر تواضعًا بشأن قدرتها على إعادة إعمار سوريا.
رد مع اقتباس