الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 27-08-2012, 02:18 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي اهتزاز إقليمي

اهتزاز إقليمي
تحديات صعبة تواجه إثيوبيا بعد رحيل زيناوي


صلاح خليل - باحث سوداني في الشئون الأفريقية
أثار نبأُ وفاة رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوى ردود فعل متباينة، كما لقي اهتمامًا إقليميًّا ودوليًّا واسعًا، وذلك بسبب المخاوف من نشوب صراع حادٍّ داخل الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية (PRDF) الحاكمة، بالرغم من التأكيدات من داخل الحزب بأن القائم بأعمال رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالجن سيظل على رأس الحكومة حتى الانتخابات المقررة في 2015،

وأنه لا توجد أزمة داخل الجبهة في اختياره.

بيد أن ثمة تحديات تواجه إثيوبيا في مرحلة ما بعد زيناوي، لن تقتصر على تفاعلات السياسة الداخلية؛ وإنما ستمتد إلى القرن الإفريقي، لا سيما في ظل التشابك الإثني الذي قد يفجر النزعات الانفصالية في المنطقة.

تحديات داخلية

داخليًّا، فإن غياب زيناوي قد يقود إلى تخفيف قبضة إثنية "التيجراي" وبالتالي الحكومة على السلطة؛ مما يغرى الإثنيات الأخرى خاصة الأورومو والأمهرة، فضلا عن سعي إقليم الأوجادين نحو المزيد من السلطات، أو الانفصال تمامًا عن الدولة الأم، خاصة وأن الدستور يُتيح له هذا الحق. كما أن الاشتباكات القبلية التي بدأت تطفو على السطح في جنوب البلاد والتي أدت إلى تدفق آلاف اللاجئين إلى كينيا؛ قد تتفاقم بسبب اضطراب الأوضاع في أديس أبابا، وقد تتمدد لتغطي مناطق أخرى في البلاد.

هذا بالإضافة إلى حالة التذمر التي بدأت تتزايد مظاهرها في أوساط المسلمين، لا سيما بعد أن شهدت العاصمةُ أديس أبابا في الأشهر الأخيرة مواكب ضخمة يطالب فيها المسلمون بالمزيد من الحقوق، ورفض تدخل الدولة. وهو ما تخشى الحكومة أن تمتد تلك الاحتجاجات إلى بقية الإثنيات والقوميات.

ومما يضاعف من مشاكل الحزب الحاكم في إثيوبيا بعد غياب زيناوي؛ أنه يواجهُ معارضة شديدة من جانب إثنيتي "الأرومو" و"الأمهرة" اللتين تملكان اتصالاتٍ مع المنظمات الحقوقية للضغط على الحكومة في أديس أبابا. فضلا عن أن تيارات انفصالية قوية تتحرك تحت السطح في عدد من الأقاليم الإثيوبية مثل: "الأرومو" و"الأجاودين" و"بني شنغول" بالإضافة إلى بعض القوميات في جنوب إثيوبيا.

وبالرغم من أن زيناوي قاد النمو الاقتصادي لبلاده بمعدلات في خانة العشرات؛ حيث تبنى سياسة تمزج بين الإنفاق الحكومي المرتفع والاستثمار الأجنبي الخاص، مع التركيز مؤخرا على مشروعات الطاقة والبنية التحتية؛ إلا أن الكثير من الإثيوبيين يشكون من أنه على الرغم من بناء علاقات اقتصادية قوية مع قوى اقتصادية مثل الصين؛ فلم يترجم ذلك إلى زيادة في فرص العمل للإثيوبيين، وعلى الرغم من ازدهار الطبقة الوسطى في المدن فإن نحو ثلاثة أرباع السكان ما زالوا يعيشون على أقل من دولارين يوميا.

تحديات خارجية

المخاوف الإقليمية والدولية تنبع من أن زيناوي الذي صعد إلى سدة الحكم في عام 1991 مثَّل حليفًا إستراتيجيا للولايات المتحدة، ولعب أدوارا في القضايا المختلفة في القرن الإفريقي سواء ما يتعلق منها بالصومال أو السودان أو أوغندا.

فالصومال يشكل تحديًا كبيرا للدور الإقليمي لإثيوبيا في القرن الإفريقي، خاصة وأن ثمة احتمالا لتغير المعادلة بعد رحيل زيناوي، فالقوات الإثيوبية تمثل العمود الفقري الداعم لحكومة شيخ شريف في مواجهة حركة شباب المجاهدين، وهو ما قد يدفع الجبهات المتقاتلة في الصومال إلى الاستفادة من فراغ السلطة في إثيوبيا، والضغط على الحكومة.

وبعد رحيل زيناوي؛ قد تستغل أوغندا الفرصة بحكم تحالف موسيفيني مع الولايات المتحدة، لأن تكون اللاعب القوي في القرن الإفريقي وخاصة في مواجهة الحركات المتطرفة كالقاعدة والجماعات في الصومال، حتى لا تتمدد داخل أوغندا، حسب ما أشار موسيفيني نفسه في بعض كتاباته.

وبالرغم من أن البعض يرجح تغير علاقات مصر بإثيوبيا بعد رحيل زيناوي على اعتبار أن رئيس الوزراء القائم بأعمال رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريم ديسالجن له تصريحات هادئة تجاه مصر؛ إلا أن المتوقع أن تكون الحكومة الجديدة أكثر صرامة فيما يتعلق بملف المياه أو سد النهضة الذي يمثل أحد مداخل الشرعية لرئيس الوزراء الجديد، فالالتزام الإثيوبي باللجنة الثلاثية المكونة من (مصر، والسودان، وإثيوبيا) والمختصة بالجوانب الفنية لسد النهضة، هو شفهي وليس مكتوبا، وهو ما يفرض على الجانب المصري إعادة تأسيس العلاقة مع أديس أبابا على أسس جديدة تضمن الاستقرار والمنفعة للجميع.

ولعل القاهرة يمكنها استثمار عودة الدفء للعلاقة بين الكنيستين الأرثوذكسيتين المصرية والإثيوبية والتي ظهرت مؤخرا بعد الزيارات المتبادلة بين الراحلين البابا شنودة ونظيره الأنبا باولوس، والتي عززت توطيد العلاقات بين البلدين والشعبين، فضلا عن المشاركة المتبادلة لوفد الكنيستين في جنازتي شنودة وباولوس.

إضافةً إلى أن الدورَ الإثيوبي في السودان والذي تمدد على حساب الدور العربي والمصري بخاصة؛ سيتأثر كثيرا بغياب زيناوي الذي لعب دورا في المفاوضات بين السودان وجنوبه بعد انفصال الأخير، كما شاركت إثيوبيا بقوةٍ قوامها يفوق الأربعة آلاف جندي في منطقة أبيي، بالإضافة إلى ذلك؛ استضافت إثيوبيا محادثات سلام بين الحركات المسلحة في دارفور والحكومة السودانية، والقضايا العالقة بعد اتفاق نيفاشا بين كل من حكومتي الخرطوم وجوبا.

ولعلَّ العلاقات الإثيوبية – الأريترية التي شهدت مواجهات مسلحة وحروب هي الأكثر تأثرا؛ إذ ثمة توقع بتجدد التوتر بين البلدين بسبب الأزمة الحدودية في (بادمي وزالمبسا)، لا سيما في ظل غياب الرجل القوي زيناوي، بما قد يضرب الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.

إن هذه المخاوف والتحديات تواجه إثيوبيا في مرحلة ما بعد زيناوي.. فهل تستطيعُ القيادةُ الجديدة للبلاد مواجهة تلك التحديات؟، لا سيما وأن انفجار أي صراعات داخلية في إثيوبيا سيهز الاستقرار الهش
في منطقة القرن الإفريقي، فضلا عن المصالح الدولية المتغلغلة في المنطقة.

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 27-08-2012 الساعة 02:21 PM
رد مع اقتباس