الموضوع: تحليلات سياسية
عرض مشاركة واحدة
  #316  
قديم 20-12-2012, 10:38 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي المسارات المحتملة للخلافة السياسية في السودان

المسارات المحتملة للخلافة السياسية في السودان

محمد عبدالله يونس
يواجه النظام الحاكم في السودان مأزق الخلافة السياسية في فترة ما بعد انقضاء حكم الرئيس عمر البشير، في ظل صراعات محتدمة سواء بين أجنحة السلطة داخل النظام، أو بين السلطة والمعارضة السياسية، لا سيما وأن السودان ينتمي إلى ما يمكن تسميته بـ"دول الربيع العربي المؤجل"، في ظل سياق إقليمي ينزع نحو تفجير الأوضاع المستقرة داخل الدول، على نحو يطرح سيناريوهات مختلفة بشأن "آليات انتقال السلطة"، سواء عبر المسار الثوري، أو من خلال الانقلاب العسكري، أو عن طريق التوافق السياسي.
وقد ارتبط تصاعد الجدل حول ترتيبات انتقال السلطة عقب انتهاء فترة رئاسة عمر البشير، بالإعلان عن إجرائه عملية جراحية في الدوحة خلال أغسطس الماضي، فرضت عليه الإحجام عن المشاركة في الشئون العامة طوال الفترة الماضية، بيد أن محفزات الجدل حول الخلافة السياسية تتجاوز ذلك لتشمل أبعادًا متعددة أهمها:

1- تداعيات انفصال الجنوب، حيث قوض اتجاه الجنوب نحو الانفصال شرعية النظام الحاكم في السودان، فضلا عن أنه فجر صراعًا محتدمًا على المناطق الحدودية مثل أبيي وهجليج، وأفقد السودان حوالي 75% من إنتاج النفط.

2- تصاعد انتقادات المعارضة، إذ بدأت المعارضة تتكتل في إطار "الجبهة الوطنية الثورية" منذ المظاهرات التي اندلعت في يوليو الماضي، واتجه خطابها السياسي في الآونة الأخيرة نحو تحدي شرعية النظام، وخاصة مع تأكيد زعيم حزب المؤتمر الشعبي الإسلامي حسن الترابي، في أكتوبر الماضي، على أن نظام البشير سينهار ويتحلل، لأنه أقرب إلى "الدواء الذي فقد صلاحيته".

3- تردي الأوضاع الاقتصادية، على خلفية ارتفاع معدلات التضخم بنسبة 40% خاصة خلال التوترات الحدودية مع دولة الجنوب، حيث أصدرت الحكومة، في يوليو الماضي، قرارات برفع أسعار السلع الأساسية والوقود بنسب تتراوح بين 12.5% و60%، وزيادة الضرائب بنسبة 17%.

أطراف معادلة السلطة

يستند نظام البشير على تحالف مصلحي ثلاثي بين الحركة الإسلامية السودانية، وحزب المؤتمر الوطني، والمؤسسة العسكرية، وهو ما يرجع إلى النشأة المعقدة لنظام الإنقاذ الإسلامي الذي تأسس بعد الانقلاب العسكري الذي قاده البشير عام 1989 بدعم من الحركة الإسلامية بزعامة حسن الترابي.

ويمكن القول إن شركاء السلطة في السودان لم يتوافقوا على بديل واحد للبشير، وإنما سارع كل منهم لإعداد أحد قياداته للإفادة من الإحلال السلطوي، إذ تدعم الحركة الإسلامية علي عثمان طه النائب الأول للبشير وأمينها العام ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني بهدف تطويع الحزب ودمجه في الحركة التي انقسمت عقب انشقاق الترابي عام 1999، ويعتبر طه الأقرب لخلافة البشير لما يحظى به من قبول دولي لمشاركته في مفاوضات السلام مع الجنوب، في حين تميل قيادات حزب المؤتمر إلى ترشيح نافع علي نافع مساعد الرئيس والنائب الثاني للبشير في الحزب باعتباره مركز القوة الرئيسي داخل الحزب الذي نجح في توحيد صفوفه في مواجهة المعارضة، فضلا عن خلفيته الأمنية لعمله السابق مديرًا لجهاز الأمن العام، وتعتبر قيادات الحزب ترشيح نافع مقدمة لفصل الحزب عن وصاية الحركة الإسلامية وتعزيز استقلاليته، بينما تفضل المؤسسة العسكرية أن يكون خليفة البشير أحد قياداتها، وفي هذا السياق صعدت أسهم كل من الفريق أول بكري صالح وزير رئاسة الجمهورية الذي شارك في انقلاب 1989، والفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه في فبراير الماضي.

بدائل المعارضة

يتمثل المسار الثاني للخلافة السياسية في انتقال السلطة لصفوف المعارضة ذات القوة الصاعدة في الآونة الأخيرة، وهو احتمال يبدو مستبعدًا في ظل افتقادها للإجماع، وانقساماتها البينية، بيد أن المعارضة تطرح بدائل أخرى يتمثل أهمها في:

1- المجلس الرئاسي الانتقالي، ويتجلى هذا البديل في وثيقة انتقال السلطة بعد سقوط نظام البشير التي وقعتها فصائل المعارضة الرئيسية في يونيو الماضي، والتي تتضمن تأسيس مجلس رئاسي من 7 قيادات يمثلون أقاليم السودان، ومجلس انتقالي تشريعي يدير فترة انتقالية لمدة ثلاثة أعوام لوضع دستور جديد، وإجراء عملية إصلاح سياسي.

2- الحراك الاحتجاجي، حيث ترى قيادات الحركات الاحتجاجية الشبابية أن انتقال السلطة لن يكون في صالح المعارضة بدون ضغوط احتجاجية قوية، ومن هذا المنطلق ترفض قيادات حركة "شباب 30 يناير" وحركة "التغيير الآن" تأسيس أحزاب في ظل نظام البشير حتى لا تضطر للخضوع لقواعده، وتدخل في صراعات سياسية على غرار الأحزاب التقليدية.

3- التمدد الانفصالي، إذ ربما تجد الحركات الانفصالية في فترة ضعف النظام خلال انتقال السلطة من البشير لخليفته، فرصة لقلب معادلات الصراع مع العاصمة، والتصعيد العسكري بهدف تكرار نموذج جنوب السودان.

مسارات مستقبل الخلافة

وعلى الرغم من أن مسار انتقال السلطة في السودان يبدو للوهلة الأولى أقرب لكونه إحلالا سلطويًّا من داخل النظام؛ فإن متغيرات عديدة قد تنحرف بالخلافة السياسية نحو تفجر الفوضى السياسية وصراعات السلطة، أهمها الانشقاقات المتصاعدة في صفوف الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، وهو ما يفرض عدة سيناريوهات حدية للخلافة السياسية: أولها، انهيار الوحدة الوطنية وتفكك السودان لدويلات متناحرة، وهو ما سوف يؤدي إلى استبعاد سيناريو الخلافة لصالح سيناريو الاستقرار.

وثانيها، اندلاع موجة احتجاجية أشد وطأة وأكثر تنظيمًا تنجح في إزاحة النظام على غرار النموذجين المصري والتونسي، مع عدم وضوح كامل فيما يتعلق بماهية حاكم السودان المقبل. وثالثها، حدوث انقلاب عسكري يُعيد إنتاج نظام الإنقاذ الإسلامي. ورابعها، اتجاه النظام إلى التفاوض مع قوى المعارضة الرئيسية لتحقيق انتقال سلس للسلطة في مقابل معادلات جديدة للمشاركة في الحكم، ونهج توافقي للإصلاح السياسي.
رد مع اقتباس