الحلـــ2ـــقة
بعد الصلاة و الدعاء رجعت الى شقتي بهدوء .. ويتسلل ذاتي شعورا بأمواج الراحة و الاطمئنان .. ثم دخلت الغرفة أنظر الى ثرياهاالبسيطة و انظر الى الخاتم القديم فوق الطاولة الخشبية وكأنة يبادلني الغموض والاستنكار .. ياترى ما سر هذا الخاتم القديم ؟ وما علاقتة بالأحداث السابقة ؟.. وبحزم ينتشل أطرافي .. لن انتظر الجواب !! سوف أرحل الى صديق جدي الذي يقطن بعيداعن زحام المدينة .. لعل الاجوبة تأخذ مسارها لتطفئ لهيب الفضول و التعجب !!
سوف تكون رحلة طويلة يسابقني الزمن في اسفلت الطريقلقطع مسافة 350 كلم على افضل تقدير .. لأشق طريق الوصول الى بيت صديق جدي الذياشتاقة القلب .. ام العين فلم تنعم حلاوة ناظرة منذ قرابة الشهرين .. كم جميلاٌ انازورة ويشفي الشوق و الحيرة سرور لقائة !!
استعددتللرحيل ولأمال تدفعني .. وانا احمل الخاتم القديم بجيبي قاصدً سيارتي المركونة جانبالطريق التي تزاحمت السيارات من حولها !! .. ثم بسكينة وهدوء دخلت السيارة وانااقرأ دعاء السفر الذي أمرنا بة نبينا المصطفى .. ودب شعورا بالنشاط والحيوية يحثنيعلى النهوض .. وشعورا بالراحة والطمانينة عمل على تهدئة اعصابي .. ثم انطلقتبالسيارة مسرعاً .. وكأنها تهرب من ضجيج وخناق المدينة ومن ذلك المشهد المخيف فيتلك الليلة الظلماء !!
بعد مضي مسافة قصيرة بالسيارة .. وصور احداث تلك اللية الرهيبة ما زال راسخٌ طابعها وهي تسيطر على زواي تفكيري .. فترددت اليد وهي تمتد لشريط الاغاني لعل سماعها يقلل من روعتي ويأنس وحشتي .. ثمأنساب صوت الاغاني ليذوب في مداخل الاذن وكأنها سوف تعيد لبس الهدوء و كسوة السكينةالى الاعصاب التي أرهقتها موجات التوتر و الاستغراب من فاجعة تلك الليلة !!
وبينما صوت الاغاني يتراقص مع أسفلت الطريق و يصدحداخل السيارة ليهز شعوري المتناقض بين الغموض و الهدوء .. حطم حاجز الحال تمايلالسيارة العنيف الذي أخذها يمنة ويسرة وكأنها سوف تنقلب راس على عقب .. حاولت بقوةالسيطرة عليها وكأن شئً .. غريب .. مخيف .. او مارد .. يريد ان يقتلعها عن مسارهاالذي تعهدت علية .. وأخرى اصوات غريبة مرعبة تضرب جوانب السيارة بمطارق كأنها الرعدحين يقصف جو السماء !!
غرقت الافكار في بحر الخوف الىان رأت قارب النجاة وهو يُذكرها ان الشياطين تفر من ذكر الله !! لحظتها لم اتردد !! .. فبسرعة متناهية لا ارادية اطفئت الموسيقى .. وبصوت عالي وسريع .. صرخت كالتائهالذي وجد ضالته فاهتدى فقلت :
" اعوذ بالله من الشيطانالرجيم " وتلوت ما حفظ صدري من بعض آيات و ذكر الله الحكيم .. وكل زاوية من عظاميتنتفض و ترتعش من الخوف .. اما وجهي فأصفر لونة كصفرار الاموات !!
مع صدمتي بجدار الموقف المفزع وتواصل تلاوة آياتالقرآن الكريم .. أخذ رداء السكون يهيمن شئً فشئ على غرابة تلك الاحداث المرعبة الىان سيطر الهدوء زمام أنفعال السيارة ثم عادت الى طبيعتها وتلاشى صوت ضرب المطارق والتمايل بجسم السيارة .. لقد تبلل جسمي عرقً وارتعشت اوصالي خوفً وشعرت بالقلب ينبضتحت القدمين وانا اقول برعب : اعوذ بالله ما كان هذا الذي حدث ؟؟ .. كنت كالمشدوةلا ادري ماذا افعل !!
اوقفت السيارة بعد عدة كيلو متراتجانب الطريق بين السهول .. وانا اذكر الله والتهم انفاسي والملم افكاري واستجمعقواي من الموقف المخيف .. الحمد الله الذي نجاني من هذة المحنة !! .. استقر بخاطريبعد رخاء وجلاء في الصدر والذي كاد ان ينفجر من شدة هلع الموقف .. ان اتابع المسيرو ان لا افتر عن ذكر ربي الى ان اصل بلدة صديق جدي !!
وبعد طول الرحيل والسيارة بعجلاتها تنهب الطريق وتلتهم المسافات امتاراًوراء امتار .. اقتربت من بلدة صديق جدي .. لقد كانت بلدة بسيطة البنيان تحيطها جبالشامخة وكأنها تحرسها .. سكانها طيبون .. تزخرفها اشجار النخيل المتمايله مع نسيمالرياح بشكلً جميل .. وتجري الافلاج من بينها لترسم نورقً اخر زادها جمالً وبهاء .. شعورٌُُُ رائع جميل يتراقص بداخلي شتت أثار الخوف بالقلب .. يا ترى هل كل من يعيشفي المدينة محروماً من هذا الشعور ؟ ... زاد ذلك الشعور العذب بعد ان شق البصر منزلصديق جدي .. الحمدالله !! .. وصلت اخيراً !!