باب في أحكام الحيض والنفاس
أولاً : الحيض وأحكامه :
الحيض : لغة : السيلان .
واصطلاحًا : دم طبيعة وجبلة , يخرج من الأنثى في أوقات معلومة .
مسألة: هل الحيض محدد بالسنوات ، أو بالأيام ؟ بحيث لا يعتبر الدم الذي يصيب المرأة حيضاً شرعاً إلا في سن معينة ، أو في أيام محدودة ؟
الصواب : أن الحيض ليس محدداً بالسنوات ولا بالأيام ؛ لقول الله تعالى : }وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ{ [البقرة:222] .
فدلَّت الآية على أنه متى وجد الأذى المعروف عند النساء فإن المرأة تأخذ أحكام الحائضات ، ولا يتقيد ذلك بسنوات محددة ، ولا أيام محدودة .
وللحائض خلال حيضها وعند نهايته أحكام مفصلة في الكتاب والسنة ، منها :
1- أنها لا تصلي ولا تصوم حال حيضها قال - عليه الصلاة والسلام - لفاطمة بنت أبي حبيش : (( إِذا أقبلت الحيضة ؛ فدعي الصلاة)) رواه البخاري .
فلو صامت الحائض أو صلت حال حيضها لم يصح لها صوم ولا صلاة ؛ لأن النبي e نهاها عن ذلك ، والنهي يقتضي عدم الصحة ، بل تكون بذلك عاصية لله ولرسوله .
فإذا طهرت من حيضها ؛ فإنها تقضي الصوم دون الصلاة بإجماع أهل العلم ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : ((كنا نحيض على عهد رسول الله e فكنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة)) متفق عليه .
ولو لم تطهر إلا بعد طلوع الفجر بلحظة أو حاضت قبل غروب الشمس بلحظة لم يصح صومها ذلك اليوم .
2- و لا يجوز لها أن تطوف بالبيت ، ولا تجلس في المسجد،
لحديث عائشة - رضي الله عنها - لما حاضت ، وفيه قوله e في حديث عائشة - رضي الله عنها - (( افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت )) متفق عليه .
- ويحرم على زوجها وطؤها في الفرج حتى ينقطع حيضها وتغتسل ، قال الله تعالى : }وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ{ [البقرة:222] ، ( ومعنى الاعتزال : ترك الوطء ) ، وقال النبي e في حديث أنس - رضي الله عنه - : (( اصنعوا كل شيء إِلا النكاح )) رواه مسلم ، وفي لفظ : (( إِلا الجماع)) .
ويجوز لزوج الحائض أن يستمتع منها بغير الجماع في الفرج ؛ كالقبلة ، واللمس ، ونحو ذلك .
4- ولا يجوز لزوجها أن يطلقها وهي حائض ، قال تعالى : }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ{ [الطلاق:1] أي : طاهرات من غير جماع ، وقد أمر النبي e ابن عمر - رضي الله عنهما - لما طلق امرأته وهي حائض أن يراجعها ثم يطلقها حال طهرها إِن أراد . متفق عليه .
1- ولا يجوز للحائض مس المصحف ؛ لما روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي e كتب إلى أهل اليمن كتابًا وفيه : (( وأن لا يمس القرآن إلا طاهر )) رواه مالك والنسائي والدارقطني .
والطهر : هو انقطاع الدم ، وعلامة الطهر شيئان :
1- القصة البيضاء : وهي عبارة عن سائل أبيض يقذفه الرحم آخر الحيض .
2- الجفاف : بأن ينقطع الدم ، ولا تتغير معه القطنة إذا احتشت بها .
فإذا انقطع دمها فقد طهرت وانتهت فترة حيضها ؛ فيجب عليها الاغتسال ، ثم تزاول ما منعت منه بسبب الحيض ، وإن رأت بعد الطهر كدرة أو صفرة ؛ لم تلتفت إليها ؛ لقول أم عطية - رضي الله عنها -: (( كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً )) رواه أبو داود وغيره ، وله حكم الرفع ؛ لأنه تقرير منه e ، وقبل الطهر لها حكم الحيض ، إلا إذا تمت عادتها المعروفة وتطاولت معها الصفرة والكدرة اغتسلت ، وصلََّت ، وكذا الكدرة والصفرة قبل نزول دم الحيض لا تعتبر شيئا .
مسألة : إِذا طهرت الحائض أو النفساء قبل خروج الوقت بمقدار ركعة وجبت عليها صلاة هذا الوقت ، فمثلاً إذا طهرت قبل غروب الشمس بقدر ركعة لزمها أن تصلي العصر من هذا اليوم ، ومن طهرت قبل نصف الليل تصلي العشاء من هذه الليلة فقط.
وأما إِذا دخل عليها وقت صلاة ثم حاضت أو نفست قبل أن تصلي ؛ فالقول الراجح أنه يلزمها قضاء تلك الصلاة التي أدركت من أول وقتها قدر ركعة ثم حاضت أو نفست قبل أن تصليها .