عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-09-2008, 02:16 AM
الصورة الرمزية فارس الأحزان/ضياء الدين سعيد
فارس الأحزان/ضياء الدين سعيد فارس الأحزان/ضياء الدين سعيد غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2007
العمر: 39
المشاركات: 1,012
معدل تقييم المستوى: 0
فارس الأحزان/ضياء الدين سعيد is an unknown quantity at this point
افتراضي الجزء الأول

أَيـُّهَا الوَلَــد
للحَبر الإمام ، حجة الإسلام ، وقدوة الأنام:
أبي حامـد محمـد بن محمـد بن الغـزالي
قدس الله روحه ، ونور ضريحه
المتوفى سنة 505 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله أجمعين.
اعلم أن واحدا من الطلبة المتقدمين ، لازم خدمة الشيخ الإمام زين الدين حجة الإسلام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي رحمه الله ، واشتغل بالتحصيل وقراءة العلم عليه ، حتى جمع دقائق العلوم ، واستمكل فضائل النفس ، ثم إنه تفكر يوما في حال نفسه ، وخطر على باله فقال: إني قرأت أنواعا من العلوم ، وصرفت في ريعان عمري على تعلمها وجمعها ، والآن ينبغي أن أعلم أي نوعها ينفعني غدا ويؤنسني في الآخرة؟ وأيها لا ينفع حتى أتركه؟.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع)[1][1].
فاستمرت له هذه الفكرة حتى كتب إلى حضرة الشيخ حجة الإسلام محمد الغزالي رحمه الله تعالى استفتاء ، وسأل عنه مسائل ، والتمس منه نصيحة ودعاء.
قال: وإن كانت مصنفات الشيخ كالإحياء وغيره يشتمل على جواب مسائلي ، لكن مقصودي أن يكتب الشيخ حاجتي في ورقات تكون معي مدة حياتي وأعمل بها مدة عمري إن شاء الله تعالى.
فكتب الشيخ هذه الرسالة إليه في جوابه..
بســم الله الرحمـن الرحيـم
اعلم أيها الولد المحب العزيز ـ أطال الله تعالى بقاءك بطاعته ، وسلك بك سبيل أحبّائه ـ أن منشور النصيحة يكتب من معدن الرسالة عليه الصلاة والسلام ، إن كان قد بلغك منه نصيحة فأي حاجة لك في نصيحتي؟ وإن لم يبلغك فقل لي: ماذا حصّلت في هذه السنين الماضية!!!
أيهـا الولــد:
من جملة ما نصح به رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته صلى الله عليه وسلم قوله: (علامة إعراض الله تعالى عن العبد اشتغاله بما لا يعنيه ، وإن امرأ ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لجدير أن تطول عليه حسرته ، ومن جاوز الأربعين ولم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار) ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه)[2][2].
وفي هذه النصيحة كفاية لأهل العلم.
أيهـا الولــد:
النصيحة سهلة ، والمشكل قبولها ، لأنها في مذاق متبعي الهوى مرّة ، إذ المناهي محبوبة في قلوبهم على الخصوص لمن كان طالب علم مشتغلا في فضل النفس ومناقب الدنيا ، فإنه يحسب أن العلم المجرد له سيكون نجاته وخلاصه فيه ، وأنه مستغن عن العمل ، وهذا اعتقاد الفلاسفة[3][3].
سبحان الله العظيم!! لا يعلم هذا القدر أنه حين حصّل العلم إذا لم يعمل به تكون الحجة عليه آكد ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس عذابا يوم القياة عالملا ينفعه الله بعلمه)[4][4].
وروي أن الجنيد رئي في المنام بعد موته ، فقيل له: ما الخبر يا أبا القاسم؟ قال: طاحت العبارات ، وفنيت الإشارات ، وما نفعنا إلا ركعات ركعناها في جوف الليل.

[1][1]رواه مسلم وغيره

[2][2]رواه أحمد وغيره

[3][3]( أي العلم بلا عمل).

[4][4]قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 1\3: رواه الطبراني في "الصغير" ، والبيهقي في "شعب الإيمان" من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف
__________________
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا
اللهم من أردا بنا كيداً فأردد كيدة إلى نحرة
رد مع اقتباس