
17-06-2017, 02:49 PM
|
|
عضو خبير
|
|
تاريخ التسجيل: Jan 2017
العمر: 15
المشاركات: 707
معدل تقييم المستوى: 9
|
|
الطب النبوى
1-وأما الحِمية.. فقال تعالى فى آية الوضوء: {وَإن كُنْتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُوْا صَعِيداً طَيِّباً}[النساء: 43][المائدة: 6]، فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حِميةً له أن يُصيبَ جسدَه ما يُؤذيه، وهذا تنبيهٌ على الحِمية عن كل مؤذٍ له من داخل أو خارج، فقد أرشد سُبحانه عِباده إلى أُصول الطب، ومجامعِ قواعده، ونحن نذكرُ هَدْى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى ذلك، ونبيِّنُ أنَّ هَدْيه فيه أكمل هَدْىٍ.
2- فكان من هَدْيِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلُ التداوى فى نفسه، والأمرُ به لمن أصابه مرض من أهله وأصحابه، 2-ولكن لم يكن مِن هَدْيه ولا هَدْى أصحابه استعمالُ هذه الأدوية المركَّبة التى تسمى "أقرباذين"، بل كان غالبُ أدويتهم بالمفردات،
: [فى الأحاديث التى تحث على التداوى وربط الأسباب بالمسببات]
1-روى مسلم فى "صحيحه": من حديث أبى الزُّبَيْر، عن جابر بن عبد الله، عن النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " لِكلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ، برأ بإذن اللهِ عَزَّ وجَلَّ".
2-وفى "الصحيحين": عن عطاءٍ، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أنزل اللهُ مِنْ داءٍ إلا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً".
3-وفى "مسند الإمام أحمد عن أُسامةَ ابن شَريكٍ، قال: "كنتُ عندَ النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجاءت الأعرابُ، فقالوا: يا رسول الله؛ أَنَتَدَاوَى ؟ فقال:
"نَعَمْ يا عبادَ اللهِ تَدَاوَوْا، فإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لم يضَعْ داءً إلا وَضَعَ لَهُ شِفاءً غيرَ داءٍ واحدٍ"، قالوا: ما هو ؟ قال: "الهَرَمُ".وفى لفظٍ: " إنَّ اللهَ لم يُنْزِلْ دَاءً إلا أنزل له شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ".
4-وفى "المسند": من حديث ابن مسعود يرفعه: "إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ لم يُنْزِلْ داءً إلا أنزَلَ لَهُ شِفاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ".
5-وفى "المسند" و"السنن": عن أبى خِزَامةَ، قال: قلتُ: يا رسول اللهِ؛ أرأيْتَ رُقىً نَسْتَرْقِيهَا، ودواءً نتداوى به، وتُقَاةً نَتَّقِيهَا، هل تَرُدُّ من قَدَرِ اللهِ شيئاً ؟ فقال: "هى من قَدَرِ الله".
ابن القيم : فقد تضمَّنت هذه الأحاديثُ إثبات الأسباب والمسبِّبات، وإبطالَ قولِ مَن أنكرها، ويجوزُ أن يكون قوله"لكل داءٍ دواء"، على عمومه حتى يتناول الأدواءَ القاتِلة، والأدواء التى لا يُمكن لطبيب أن يُبرئها، ويكون الله عَزَّ وجَلَّ قد جعل لها أدويةً تُبرئها، ولكن طَوَى عِلمَها عن البَشَر، ولم يجعل لهم إليه سبيلاً، لأنه لا عِلم للخلق إلا ما علَّمهم الله، ولهذا علَّق النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّفاءَ على مصادفة الدواء لِلداء، فإنه لا شىءَ من المخلوقات إلا له ضِدّ،
: في هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الاحتماء من التخم، والزيادة فى الأكل على قدر الحاجة، والقانون الذى ينبغى مراعاتُه فى الأكل والشرب
1-: عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "ما مَلأَ آدَمِىٌ وِعاءً شَراً مِنْ بطنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدمَ لُقيْماتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه، فإنْ كان لا بُدَّ فَاعلاً،فَثُلُتٌ لِطَعَامِهِ، وثُلُثٌ لِشَرَابِه، وثُلُثٌ لِنَفَسِه".
وكان علاجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمرض ثلاثة أنواع
أحدها: بالأدوية الطبيعية.
والثانى : بالأدوية الإلهية.
والثالث : بالمركَّب من الأمرين.
ونحن نذكر الأنواع الثلاثةَ من هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنبدأ بذكر الأدوية الطبيعية التى وصفها واستعملها، ثم نذكر الأدوية الإلهية، ثم المركَّبة.
وهذا إنما نُشير إليه إشارة، فإنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما بُعِثَ هادياً، وداعياً إلى الله، وإلى جنَّته، ومعرِّفاً بالله، ومبيِّناً للأُمة مواقع رضاه وآمراً لهم بها،
ذكر القسم الأول وهو العلاج بالأدوية الطبيعية
: فى هَدْيه فى علاج الحُمَّى
1-ثبت فى "الصحيحين": عن نافع، عن ابن عمرَ، أن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّمَا الحُمَّى أو شِدَّةُ الحُمَّى مِنْ فَيحِ جَهنمَ، فَأبْرِدُوُهَا بِالْمَاءِ". ونظيرُه قوله: "شِدَّةُ الحرِّ مِن فَيْحِ جَهنمَ"،
وقوله: "بالماء" فيه قولان، أحدهما: أنه كل ماء، وهو الصحيح.
2-من حديث أنَسٍ يَرفعه: "إذَا حُمَّ أَحَدُكُم، فَلْيُرَشَّ عليهِ الماءَ البارِدَ ثلاثَ ليالٍ مِنَ السَّحَرِ".
3- "الْحُمَّى كِيرٌ مِن كِيرِ جَهَنَّمَ، فَنَحُّوهَا عَنْكُمْ بالماءِ البَاردِ".
4-: "الْحُمَّى قطعةٌ من النَّارِ، فَأبْرِدُوهَا عَنْكُم بالماءِ البارِد "،
5- وكان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حُمَّ دَعَا بِقِرْبَة من ماءٍ، فَأَفْرَغَهَا عَلَى رَأْسِه فَاغْتَسَلَ.
6- من حديث أبى هريرةَ قال: ذُكِرَت الْحُمَّى عِنْدَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَبَّهَا رجلٌ، فقال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تَسُبَّهَا فإنها تَنْفِى الذُّنُوبَ، كما تَنْفِى النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ".
: فى هَدْيه فى علاج استطلاق البطن
1-فى "الصحيحين": من حديث أبى المتوكِّل، عن أبى سعيد الخُدْرِىِّ، "أنَّ رجلاً أتى النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إنَّ أخى يشتكى بطنَه وفى رواية: استطلقَ بطنُهُ فقال: "اسْقِهِ عسلاً"، فذهب ثم رجع، فقال: قد سقيتُه، فلم يُغنِ عنه شيئاً وفى لفْظ: فلَم يزِدْه إلا اسْتِطْلاقاً، مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقولُ له: "اسْقِه عَسَلاً". فقال لهُ فى الثالثةِ أو الرابعةِ: "صَدَقَ اللهُ، وكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ".
2-وفى "صحيح مسلم" فى لفظ له: " إنَّ أخى عَرِبَ بطنُه"، أى فسد هضمُه، واعتلَّتْ مَعِدَتُه، والاسم: "العَرَب" بفتح الراء، و"الذَّرَب" أيضاً.
ابن القيم00 ومنافع العسل
1-والعسل فيه منافعُ عظيمة، فإنه جلاءٌ للأوساخ التى فى العروق والأمعاء وغيرها
2-، موافقٌ للسعال الكائن عن البلغم،
3-وإذا شُرِبَ حاراً بدُهن الورد، نفع من نهش الهوام، وشرب الأفيون،
4- وإن شُرِبَ وحده ممزوجاً بماء نفع من عضة الكَلْبِ الكَلِبِ، وأكلِ الفُطُرِ القتَّال،
5- وإذا جُعِلَ فيه اللَّحمُ الطرىُّ، حَفِظَ طراوته ثلاثَةَ أشهر، وكذلك إن جُعِل فيه القِثَّاء، والخيارُ، والقرعُ، والباذنجان، ويحفظ كثيراً من الفاكهة ستة أشهر،
6-ويحفظ جثة الموتى، ويُسمى الحافظَ الأمين. 7-وإذ لطخ به البدن المقملوالشَّعر، *** قَملَه وصِئْبانَه، وطوَّل الشَّعرَ، وحسَّنه، ونعَّمه، وإن اكتُحل به، جلا ظُلمة البصر، وإن استُنَّ به بيَّضَ الأسنان وصقَلها، وحَفِظَ صحتَها، وصحة اللِّثةِ، ويفتح أفواهَ العُروقِ،
8- ويُدِرُّ الطَّمْثَ، ولعقُه على الريق يُذهب البلغم، ويَغسِلَ خَمْلَ المعدة، ويدفعُ الفضلات عنها، ويسخنها تسخيناً معتدلاً، ويفتح سُدَدَها، ويفعل ذلك بالكبد والكُلَى والمثانة، وهو أقلُّ ضرراً لسُدَد الكبد والطحال من كل حلو.
9-وهو مع هذا كله مأمونُ الغائلة، قليلُ المضار، مُضِرٌ بالعرض للصفراويين، ودفعها بالخلِّ ونحوه، فيعودُ حينئذ نافعاً له جداً.
10-وهو غِذاء مع الأغذية، ودواء مع الأدوية، وشراب مع الأشربة، وحلو مع الحلوى، وطِلاء مع الأطلية، ومُفرِّح مع المفرِّحات، فما خُلِقَ لنا شىءٌ فى معناه أفضلَ منه، ولا مثلَه، ولا قريباً منه
11-، وكان النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشربه بالماء على الرِّيق،
: في هديه في الطَّاعون، وعلاجه، والاحتراز منه
1-فى "الصحيحين" عن عامر بن سعد بن أبى وَقَّاصٍ، عن أبيه، أنه سمعه يَسأَلُ أُسَامَةَ بن زيدٍ: ماذا سمِعْتَ من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الطاعون؟ فقال أُسامةُ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الطاعُونُ رِجْزٌ أُرْسِلَ عَلَى طائفةٍ من بنى إسرائيلَ، وعَلَى مَن كان قَبْلَكم، فإذا سَمِعْتُم به بأرضٍ، فَلا تَدْخُلوا عليه، وإذا وَقَعَ بأرضٍ وأنْتُم بها، فلا تَخُرُجوا منها فِرَاراً مِنْهُ".
2-وفى "الصحيحين" أيضاً: عن حَفْصَةَ بنت سِيرِينَ، قالت: قال أنسُ ابن مالكٍ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّاعُونُ شهادةٌ لكلِّ مُسْلِم".
3-الطاعون من حيث اللُّغة: نوعٌ من الوباء، وهو عند أهل الطب: ورمٌ ردئ قتَّال يخرج معه تلهُّب شديد مؤلم جداً يتجاوز المقدار فى ذلك، ويصير ما حوله فى الأكثر أسود أو أخضر، أو أكمد، ويؤول أمره إلى التقرح سريعاً.
4-وفى أثر عن عائشة: أنها قالت للنبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: " غُدَّةٌ كَغُدَّةِ البَعيرِ يَخْرُجُ فى المَرَاقِّ والإِبْط".
5-، وقد ورد فى الحديث الصحيح: "أَنهُ بقيةُ رِجز أُرسِلَ عَلى بَنِى إسرائيلَ"، وورد فيه: " أنهُ وَخْزُ الجنِّ" ، وجاء: "أنهُ دَعوةُ نبىّ".
[نهى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الدخول إلى الأرض التى هو بها أو الخروج منها]
1-وفى "الصحيح": أنَّ عمر بن الخطاب خرج إلى الشام، حتى إذا كان بِسَرْغَ لَقيه أبو عُبيدة بن الجرَّاح وأصحابه، فأخبرُوه أنَّ الوَباءَ قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال لابن عباس: ادعُ لى المهاجرينَ الأوَّلينَ، قال: فدعوتُهم، فاستشارهم، وأخبرهم أنَّ الوباء قد وقع بالشام. فاختلفوا، فقال له بعضُهم: خرجتَ لأَمر، فلا نرى أن تَرْجِعَ عنه. وقال آخرون: معك بقيةُ الناس، وأصحابُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا نرى أن تُقْدِمَهُم على هذا الوَبَاء، فقال عمر: ارتفعوا عَنِّى، ثم قال: ادعُ لى الأنصار، فدعوتُهم له، فاستشارهم، فسلكُوا سبيلَ المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عَنِّى، ثم قال: ادْع لى مَنْ هَهُنَا من مشيخةِ قريشٍ من مُهاجرةِ الفتح، فدعوتهم له، فلم يختلف عليه منهم رجلان، قالوا: نرى أن ترجِعَ بالناس ولا تُقْدِمَهُم على هذا الوباء، فَأَذَّنَ عمر فى الناس: إنى مُصبحٌ على ظَهْرٍ، فأَصْبِحُوا عليهِ. فقال أبو عُبيدة بن الجرَّاح: يا أميرَ المؤمنين؛ أفِرَاراً من قَدَرِ الله تعالى ؟ قال: لو غيرُك قالها يا أبا عُبيدة، نعم نَفِرُّ من قَدَرِ الله تعالى إلى قَدَرِ الله تعالى، أرأيتَ لو كانَ لك إبلٌ فهبطتَ وَادِياً له عُدْوَتَان، إحداهما خِصبة، والأُخرى جَدْبة، ألستَ إنْ رعيتَها الخِصبة رعيتَها بَقدَرِ الله تعالى، وإن رعيتها الجدبةَ رعيتَها بقدر الله تعالى ؟.
قال: فجاء عبد الرحمن بن عَوْف وكانَ متغيباً فى بعض حاجاتِهِ، فقال: إنَّ عندى فى هذا علماً، سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إذا كان بِأَرْضٍ وأنْتُمْ بها فلا تَخْرُجوا فِرَاراً منه، وإذا سَمِعْتُم به بأرضٍ فلا تَقْدَموا عَلَيْهِ".
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى داء الاستسقاء وعلاجه
1-فى "الصحيحين": من حديث أنس بن مالك، قال:
"قَدِمَ رَهْطٌ من عُرَيْنَةَ وَعُكَل على النَّبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاجْتَوَوا المدينة، فشكوا ذلك إلى النَّبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لو خرجُتم إلى إِبِل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها، ففعلوا، فلما صحُّوا، عمدوا إلى الرُّعَاةِ ف***ُوهم، واستاقُوا الإبل، وحاربُوا الله ورسوله، فبعث رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى آثارهم، فأُخِذُوا، فَقَطَعَ أيديَهُم، وأرجُلَهُم، وسَمَلَ أعْيُنَهُم، وألقاهم فى الشمس حتى ماتوا".
والدليل على أن هذا المرض كان الاستسقاء،
2-ما رواه مسلم فى "صحيحه" فى هذا الحديث أنهم قالوا: "إنَّا اجتوينا المدينة، فعظمت بطونُنا، وارتهشت أعضاؤنا".... وذكر تمام الحديث.
3-والجَوَى: داء من أدواء الجوف والاستسقاء: مرض مادى سببه مادة غريبة باردة تتخلَّل الأعضاء فتربو لها إما الأعضاء الظاهرة كلها، كون إلا مع آفة فى الكبد خاصة، .
قال الرازىُّ: لبن اللِّقاح يشفى أوجاعَ الكبد، وفساد المِزاج.
مضادة لِعلاج الاستسقاء. قال: واعلم أنَّ لبن النُّوق دواءٌ نافع لما فيه من الجِلاء برفق، وما فيه من خاصية، وأنَّ هذا اللَّبن شديد المنفعة، فلو أنَّ إنساناً أقام عليه بدل الماء والطعام شُفِىَ به
5-. وأنفعُ الأبوال: بَوْل الجمل الأعرابى، وهو النجيب.. انتهى.
6-وفى القصة: دليلٌ على التداوى والتطبُّب، وعلى طهارة بول مأكول اللَّحم، فإن التداوى بالمحرَّمات غير جائز، ولم يُؤمروا مع قرب عهدهم بالإسلام بغسل أفواههم، وما أصابته ثيابُهم من أبوالها للصلاة، وتأخيرُ البيان لا يجوزُ عن وقت الحاجة.
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج الجُرْح
1-فى "الصحيحين" عن أبى حازم، أنه سمع سَهْلَ بن سعدٍ يسألُ عما دُووىَ به جُرْحُ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أُحُدٍ. فقال: "جُرِحَ وجهُه، وكُسِرَت رَبَاعيتهُ، وهُشِمَت البَيْضةُ على رأسه، وكانت فاطمةُ بنتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تغسِلُ الدمَ، وكان علىُّ بن أبى طالب يسكُب عليها بالْمِجَنِّ، فلما رأت فاطمة الدمَ لا يزيد إلا كَثرةً، أخذت قطعةَ حصيرٍ، فأحرقتْها حتى إذا صارت رَماداً ألصقتهُ بالجُرحِ فاستمسك الدمُ، برمَادِ الحصيرِ المعمول من البَرْدِىّ "،
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى العلاج بشُرب العسل، والحجامة، والكىّ
1-فى "صحيحِ البخارى": عن سعيد بن جُبيرٍ، عن ابن عباس، عن النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "الشِّفَاءُ فى ثلاثٍ: شُرْبَةِ عسلٍ، وشَرْطةِ مِحْجَمٍ، وكَيَّةِ نارٍ، وأنا أنْهى أُمَّتى عن الْكَىِّ".
2-وقد قال بعض الناس: إنَّ الفصدَ يدخل فى قوله: "شَرْطهِ مِحْجَمٍ" ؛ فإذا أعْيَا الدواءُ، فآخِرُ الطبِّ الْكَىٌّ.
3-وقوله: "وأنا أنْهى أُمَّتى عن الكَىِّ"، وفى الحديث الآخر: "وما أُحبُّ أن أَكْتَوِى". إشارةٌ إلى أن يؤخَّرَ العلاجَ به حتى تَدفَع الضرورةُ إليه،
الحجامة 00 وابن القيم فى الطب النبوى
1-وأما الحِجَامةُ، ففى "سنن ابن ماجه" قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما مَرَرْتُ ليلةَ أُسْرِىَ بى بملإٍ إلا قالُوا: يا محمدُ؛ مُرْ أُمَّتَكَ بِالحِجَامَةِ".
2-وروى الترمذى من حديث ابن عباس هذا الحديث، وقال فيه: "عليكَ بالحِجَامَةِ يا مُحَمَّدُ".
3-وفى "الصحيحين" ، عن ابن عباس، أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " احتجَمَ وأعْطى الحَجَّامَ أجْرَه
4-وفى "الصحيحين" ، عن أنس، أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حجمَهُ أبُو طَيْبَةَ، فأمَرَ لهُ بصَاعينِ مِن طعامٍ، وكلَّمَ مواليهُ، فخفَّفُوا عنهُ مِن ضريبتِهِ، وقال: "خَيْرُ مَا تَدَاويْتمْ بِهِ الْحِجَامَةَ".
5-وفى "جامع الترمذىّ" : سمِعتُ عِكْرمَةَ يقولُ: "كانَ لابن عباسٍ غِلمةٌ ثلاثةٌ حَجَّامُون، فكانَ اثنَانِ يُغلانِ عليه، وَعَلَى أهلِهِ، وواحدٌ لحجمِهِ، وحجمِ أهلِهِ. قال:
5-وقال ابنُ عباسٍ: قال نبىُّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ العبدُ الحَجَّامُ يَذْهَبُ بالدَّمِ، وَيُخِفُّ الصُّلْبَ، ويَجْلُو البَصَرَ ". وقال: إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ عُرِجَ بِهِ، ما مرَّ عَلَى مَلأٍ مِن الملائكةِ إلاَّ قالُوا : "عليكَ بالحِجَامَةِ". وقالَ:"إنَّ خيرَ مَا تحْتَجِمُونَ فيهِ يَوْمَ سَبْعَ عَشْرَةَ، ويَوْمَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَيَوْمَ إحْدَى وَعِشرينَ"، وقال: "إنَّ خَيْرَ ما تَدَاويْتُمْ بِهِ السَّعُوطُ واللَّدُودُ والحِجَامَةُ والمَشِىُّ، وإنَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُدَّ، فقالَ: "مَن لَدَّنِى" ؟ فَكُلُّهُمْ أمسكُوا. فقال: "لا يبقَى أحَدٌ فى البَيْتِ إلا لُدَّ، إلاَّ العباسَ ".
6- . وقد رُوِى عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "خَيْرُ ما تداويتم به الحِجَامَة والفَصْدُ ". وفى حديث: "خَيْرُ الدواءِ الحِجَامَةُ والفَصْد"..
7- قال أنس رضى الله تعالى عنه: "كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتجمُ فى الأخْدَعَيْن والكَاهِلِ".
8-وفى "الصحيحين" عنه: "كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتجم ثلاثاً: واحدةً علىكاهله، واثْنتين على الأخْدَعَيْن"
9-وفى "الصحيح" عنه: "أنه احتجم وهو محرمٌ فى رأسه لِصداع كان به".
10-وفى "سنن ابن ماجه" عن علىّ: "نزل جبريلُ على النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحجامة الأخْدَعَيْنِ والكَاهِلِ".
11-وفى "سنن أبى داود" من حديث جابر: "أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم فى وَركه من وثءٍ كان به".
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى أوقات الحِجَامة
1-روى الترمذى فى "جامعه" من حديث ابن عباس يرفعه: "إنَّ خَيْرَ ما تَحتَجِمُون فيه يَوْمُ سابعَ عشَرَةَ، أو تاسِعَ عشرةَ، ويومُ إحْدَى وعِشْرِينَ".
2-وفيه عن أنس: "كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَجِمُ فى الأخدَعَين والكاهل، وكان يحتجم لِسَبْعَةَ عَشَرَ، وتِسْعَةَ عَشَرَ، وفى إحْدَى وعِشرِينَ".
3-وفى "سنن ابن ماجه" عن أنس مرفوعاً: "مَنْ أراد الحِجَامة فَلْيَتَحَرَّ سَبْعَةَ عَشَرَ، أو تِسْعَةَ عَشَرَ، أو إحْدَى وعِشرِينَ، لا يَتَبَيَّغ بأحَدِكُم الدَّمُ، في***َه".
4-وفى "سنن أبى داود" مِن حديث أبى هريرة مرفوعاً: "مَن احْتَجَمَ لِسَبْع عَشْرَةَ، أو تِسْعَ عَشْرَة، أو إحْدَى وعِشْرِينَ، كانَتْ شِفاءً من كلِّ داءٍ"، 00000وهذا معناه من كل داءٍ سببه غلبة الدَّم.
ابن القيم :وتُكره عندهم الحِجَامَة على الشبع، وفى أثر: "الحجامةُ على الرِّيق دواء، وعلى الشبع داء، وفى سبعة عشر من الشهر شفاء".
5-وفى قوله: "لا يَتَبَيَّغْ بأحدِكم الدَّمُ في***َهُ"، ، يعنى لئلا يَتَبَيَّغ، . و"التَّبَيُّغُ": الهَيْجُ، وهو مقلوب البغى، وهو بمعناه، فإنه بغى الدم وهيجانه.
وأما اختيارُ أيام الأسبوع للحِجَامة
وأما اختيارُ أيام الأسبوع للحِجَامة،
1-، عن أبى هريرة مرفوعاً: "مَن احْتَجَمَ يومَ الأربِعَاء أو يومَ السَّبْتِ، فأصابَهُ بياضٌ أو بَرَصٌ، فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ".
2-، قال: قلت لأحمد: تُكره الحِجَامة فى شىء من الأيام ؟ قال: قد جاء فى الأربعاء والسبت.
3-، من حديث نافع قال: قال لى عبد الله ابن عمر: "تَبَيَّغَ بى الدم، فابْغِ لى حجَّاماً؛ ولا يكن صبيّاً ولا شيخاً كبيراً، فإنى سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "الحِجَامَةِ تزِيدُ الحَافِظَ حِفْظاً، والعاقِلَ عقلاً، فاحْتَجِمُوا على اسم الله تعالى، ولا تحْتَجِمُوا الخَمِيسَ، والجُمُعَةَ، والسَّبْتَ، والأحَدَ، واحْتَجِمُوا الاثْنَيْن، وما كان من جُذامٍ ولا بَرَصٍ، إلا نزلَ يوم الأربعاء". : "واحْتَجِمُوا يومَ الاثْنَيْن والثُّلاثَاء، ولا تَحْتَجِمُوا يوم الأربعاء".
4-وقد روى أبو داود فى "سننه" من حديث أبى بكرةَ، أنه كان يكره الحِجَامَة يَوْمَ الثُّلاثَاء، وقال: إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "يومُ الثُّلاثَاء يوم الدَّمِ وفيه ساعةٌ لا يَرْقَأُ فِيهَا الدَّمُ".
5-، وجوازُ احتجامِ الصائم، فإنَّ فى "صحيح البخارىِّ" أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "احْتَجَمَ وهو صائم"، ولكن:هل يفطر بذلك، أم لا ؟ مسألة أُخرى، الصوابُ: الفِطرُ بالحِجامة، لصحته عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير معارضٍ، وأصحُّ ما يعارَضُ به حديثُ حِجَامته وهو صائم، ولكنْ لا يَدلُّ على عدم الفِطر إلا بعد أربعة أُمور. أحدها: أنَّ الصوم كان فرضاً. الثانى: أنه كان مقيماً. الثالث: أنه لم يكن به مرضٌ احتاج معه إلى الحِجَامة. الرابع: أنَّ هذا الحديث متأخرٌ عن قوله: "أفطَرَ الحاجِمُ والمحجُومُ".
6-وفيها: دليلٌ على جواز التكسُّبِ بصناعة الحِجَامة، وإن كان لا يَطيب للحُرِّ أكلُ أُجرتِهِ من غير تحريم عليه، فإنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاه أجرَه، ولم يَمْنَعه من أكله، وتسميتُهُ إياه خبيثاً كَتسميته للثوم والبصل خبيثين، ولم يلزم مِن ذلك تحريمُهما.
: في هَديهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قَطع العُرُوق والكي
1-ثبت فى "الصحيح" من حديث جابر بن عبد الله، أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعَثَ إلى أُبَىِّ بن كعب طَبيباً، فقَطَعَ له عِرْقاً وكَواه عليه.
ولما رُمِى سعدُ بن معاذٍ فى أكْحَلِهِ حسَمَهُ النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم ورِمَت، فحسَمهُ الثانية. و"الحَسْمُ" هو: الكَىُّ.
2-وفى طريق آخر: أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى سعدَ بن مُعاذٍ فى أكْحَلِهِ بِمِشْقَصٍ، ثم حسمَهُ سعد بن مُعاذٍ أو غيرُه من أصحابه.
3-وفى لفظ آخر: أنّ رجلاً من الأنصار رُمِى فى أكْحَلِه بِمِشْقَصٍ، فأمر النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به فكُوِىَ.
وقال أبو عُبيدٍ: وقد أُتِىَ النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجلٍ نُعِتَ له الكَىُّ، فقال: "اكْوُوهُ وارْضِفُوهُ ". قال أبو عُبيدةَ: الرَّضْفُ: الحجارة تُسخَّنُ، ثم يُكمدُ بها.
4-وفى "صحيح البخارى" من حديث أنس، أنه كُوِىَ من ذاتِ الجَنْبِ والنَّبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَىٌ.
5-وفى الترمذى، عن أنسٍ، أنَّ النَّبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كَوَى أسْعَدَ بن زُرَارَةَ من الشَّوْكَةِ".
6-وقد تقدَّم الحديث المتفَقُ عليه وفيه: "ومَا أُحِبُّ أن أَكْتوِى"، وفى لفظ آخرَ: "وأنا أنْهَى أُمَّتِى عن الْكَىِّ".
قال الخطابىُّ: إنما كَوى سعداً ليَرْقَأَ الدمُ من جُرحه، وخاف عليه أنْ يَنْزِفَ فيَهْلِكَ. والكىُّ مستعملٌ فى هذا الباب، كما يُكْوَى مَن تُقطع يدُه أو رِجلُه.
وأما النهىُ عن الكىِّ، فهو أن يَكتوىَ طلباً للشفاء، وكانوا يعتقدون أنه متى لم يَكتو، هَلَك، فنهاهم عنه لأجل هذه 7-وثبت فى "الصحيح" فى حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنَّةَ بغير حساب أنهم "الذينَ لا يَسْتَرقُونَ، ولا يكتوُونَ، ولا يتطيَّرُونَ، وعَلَى ربهِمْ يتوكَّلُونَ".
فقد تضمنتْ أحاديثُ الكىِّ أربعةَ أنواع، أحدُها: فعلُه، والثانى:عدمُ محبته له، والثالث: الثناء على مَن تركه، والرابع: النهى عنه، ولا تَعَارُض بينها بحمدِ الله تعالى، فإنَّ فِعلَه يدلُّ على جوازه، وعدمَ محبتِه له لا يدلُّ على المنع منه. وأما الثناءُ على تاركِه، فيدلُّ على أنَّ تَرْكَه أولى وأفضلُ. وأما النهىُ عنه، فعلى سبيل الاختيار والكراهة، أو عن النوع الذى لا يُحتاجُ إليه، بل يفعل خوفاً من حدوث الداء.. والله أعلم.
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج الصَّرْع
1-أخرجا فى "الصحيحين" من حديث عطاء بن أبى رباح، قال: قال ابنُ عباسٍ: ألاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قلتُ: بَلَى. قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَت النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَتْ: إنِّى أُصْرَعُ، وَإنِّى أَتَكَشَّفُ؛ فَادْعُ الله لى، فقَالَ: "إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجنَّةُ؛ وإنْ شِئْتِ دعوتُ اللهَ لكِ أن يُعافِيَكِ "، فقالت: أصبرُ. قالتْ: فإنى أتكشَّفُ، فَادعُ الله أن لا أتكشَّف، فدعا لها.
2-قلت: الصَّرع صرعان: صَرْعٌ من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصَرْعٌ من الأخلاطِ الرديئة. والثانى: هو الذى يتكلم فيه الأطباء فى سببه وعِلاجه.
3-وأما صَرْعُ الأرواح، وعِلاجُ هذا النوع يكون بأمرين: أمْرٍ من جهة المصروع، وأمْرٍ من جهة المعالِج، فالذى من جهة المصروع يكون بقوةِ نفسه، وصِدْقِ توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوُّذِ الصحيح الذى قد تواطأ عليه القلبُ واللِّسان، فإنَّ هذا نوعُ محاربةِ، والمحَارب لا يتمُّ له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحاً فى نفسه جيداً،
4-وأن يكون الساعدُ قوياً، فمتى تخلَّف أحدُهما لم يُغن السلاح كثيرَ طائلٍ، فكيف إذا عُدِمَ الأمران جميعاً: يكونُ القلب خراباً من التوحيد، والتوكل، والتقوى، والتوجه، ولا سلاحَ له.
والثانى: من جهة المعالِج، بأن يكون فيه هذان الأمران أيضاً، حتى إنَّ من المعالجينَ مَن يكتفى بقوله: "اخرُجْ منه"، أو بقول: "بِسْمِ الله"، أو بقول: "لا حَوْل ولا قُوَّة إلا بالله"، والنبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقولُ: "اخْرُجْ عَدُوَّ اللهِ، أنا رَسُولُ اللهِ".
5-وشاهدتُ شيخنَا يُرسِلُ إلى المصروع مَن يخاطبُ الروحَ التى فيه، ويقول: قال لكِ الشيخُ: اخرُجى، فإنَّ هذا لا يَحِلُّ لكِ، فيُفِيقُ المصروعُ، وربما خاطبها بنفسه، وربما كانت الروحُ مارِدةً فيُخرجُها بالضرب، فيُفيق المصروعُ ولا يُحِس بألم، وقد شاهدنا نحن وغيرُنا منه ذلك مراراً.
وكان كثيراً ما يَقرأ فى أُذن المصروع: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}[المؤمنون: 115].
6-وكان يعالِجُ بآية الكرسىِّ، وكان يأمر بكثرة قراءتها المصروع ومَن يعالجه بها وبقراءة المعوِّذتين.
7-ولو كُشِفَ الغِطاء، لرأيتَ أكثرَ النفوسِ البَشَريةِ صَرْعَى هذه الأرواحِ الخبيثةِ، وهى فى أسرِها وقبضتِها تسوقُها حيثُ شاءتْ، ولا يُمكنُها الامتناعُ عنها ولا مخالفتها، وبها الصَّرْعُ الأعظمُ الذى لا يُفيقُ صاحبُه إلا عند المفارقةِ والمعاينةِ، فهناك يتَحقَّقُ أنه كان هو المصروعَ حقيقةً، وبالله المستعان.
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج عِرْق النَّسَا
1-روى ابن ماجه فى "سننه" من حديث محمد بن سِيرين، عن أنس بن مالك، قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "دواءُ عِرْقِ النَّسَا ألْيَةُ شاةٍ أعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ، ثمَّ تُجزَّأُ ثلاثةَ أجزاءٍ، ثُمَّ يُشْرَبُ على الرِّيقِ فى كلِّ يومٍ جُزْءٌ ".
2-عِرْقُ النَّسَاء: وجعٌ يبتدىءُ مِن مَفْصِل الوَرِك، وينزل مِن خلفٍ على الفخذ، وربما على الكعب، وكلما طالت مدتُه، زاد نزولُه، وتُهزَلُمعه الرجلُ والفَخِذُ،
3- و"الألْيَةُ" فيها الخاصيَّتان: الإنضاج، والتليين، ففيها الإنضاج، والإخراج. وهذا المرضُ يَحتاج عِلاجُه إلى هذين الأمرين.
وفى تعيينِ الشاةِ الأعرابيةِ لقِلةُ فضولِها، وصِغرُ مقدارِها، ولُطف جوهرها، وخاصيَّةُ مرعاها لأنها ترعى أعشابَ البَرِّ الحارةَ، كالشِّيحِ، والقَيْصُوم، ونحوهما،
فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج يبس الطبع واحتياجه إلى ما يُمشيه ويُلينه
1-روى الترمذىُّ فى "جامعه" وابن ماجه فى "سننه" من حديث أسماء بنت عُمَيْسٍ، قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بماذا كُنتِ تَسْتَمْشِينَ" ؟ قالت: بالشُّبْرُم، قال: "حَارٌ جَارٌ". قالت: ثم استمشيْتُ بالسَّنا،فقال: "لو كان شىءٌ يَشْفِى من الموتِ لكانَ السَّنا".
2-وفى "سنن ابن ماجه" عن إبراهيم بن أبى عَبلة، قال: سمعتُ عبد الله ابن أُم حرام، وكان قد صلَّى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القِبْلتين يقول: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "عليكم بالسَّنا والسَّنُوت، فإنَّ فيهما شفاءً مِنْ كلِّ داءٍ إلا السَّامَ" ، قيل: يا رسول الله؛ وما السَّامُ ؟ قال: "الموتُ".
قوله: "بماذا كنتِ تستمشين" ؟ أى: تلينين الطبع حتى يمشى، ولا يصير بمنزلة الواقف، فيؤذى باحتباس النَّجْوِ. ولهذا سمى الدواءُ المسهل مَشِيّاً على وزن فعيل. وقيل: لأن المسهول يكثر المشى والاختلاف للحاجة.
وقد روى: "بماذا تستشفين" ؟ فقالت: بالشُّبْرُم، وهو من جملة الأدوية اليتوعية،
التعريف : وهو: قِشر عِرْق شجرة، وهو حارٌ يابس فى الدرجة الرابعة، وأجودُه المائل إلى الحُمْرة، الخفيفُ الرقيقُ الذى يُشبه الجلد الملفوف، وبالجملة فهو من الأدوية التى أوصى الأطباءُ بترك استعمالها لخطرها، وفرطِ إسهالها.
3-وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَارٌ جَارٌ" ويُروى: "حَارٌ يَارٌ" . قلت: وفيه قولان، أحدهما: أنَّ الحارَّ الجارَّ بالجيم: الشديدُ الإسهال؛ فوصفه بالحرارة، وشدةِ الإسهال وكذلك هو.
السنا00 والتعريف
، وهو نبت حِجازى أفضلُه المكىّ، وهو دواء شريف مأمون الغائلة، قريبٌ من الاعتدال، حارٌ يابس فى الدرجة الأولى، يُسْهِلُ الصفراءَ والسوداءَ، ويقوِّى جِرْمَ القلب، وهذه فضيلة شريفة فيه، وخاصيته النفعُ من الوسواس السوداوى، ومن الشِّقاق العارض فى البدن، ويفتح العَضَل وينفع من انتشار الشعر، ومن القُمَّل والصُّداعَ العتيق، والجرب، والبثور، والحِكَّة، والصَّرْع،
2- وشرب مائه مطبوخاً أصلحُ مِن شربه مدقوقاً، ومقدارُ الشربة منه ثلاثة دراهمَ، ومن مائه: خمسة دراهم.
3- وإن طُبِخَ معه شىء من زهر البنفسج والزبيب الأحمر ال***** العَجَم، كان أصلحَ.
وأما "السَّنوتُ
وأما "السَّنوتُ" ففيه ثمانية أقوال:
أحدها: أنه العسل. والثانى: أنهرُبُّ عُكة السمن يخرجُ خططاً سوداء على السمن. الثالث: أنه حَبٌ يُشبه الكمون وليس به، قاله ابن الأعرابى. الرابع: أنه الكَّمون الكرمانىّ. الخامس: أنه الرازيانج. السادس: أنه الشِّبتُّ.
السابع: أنه التمر. الثامن: أنه العَسل الذى يكون فى زِقاق السمن،
.
قال بعض الأطباء: : يخلط السَّناء مدقوقاً بالعسل المخالط للسمن، ثم يُلعق فيكون أصلحَ من استعماله مفرداً لما فى العسل والسمن من إصلاح السَّنا، وإعانته له على الإسهال.. والله أعلم.
2-وقد روى الترمذىُّ وغيره من حديث ابن عباس يرفعه: "إنَّ خَيْرَ مَا تَدَاوَيتُم به السَّعُوطُ واللَّدُودُ والحِجَامةُ والمَشِىُّ".
والمَشِىُّ: هو الذى يمشى الطبعَ وَيُليِّنُه ويُسَهِّلُ خُروجَ الخارِج.
فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج حِكَّة الجسم وما يولد القَمْل
1-فى "الصحيحين" من حديث قَتادةَ، عن أنس بن مالك قال: "رخَّص رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الرَّحمن بن عَوْفٍ، والزُّبَيْر بن العوَّام رضى الله تعالى عنهما فى لُبْسِ الحريرِ لِحكَّةٍ كانت بهما".
وفى رواية: "أنَّ عبدَ الرَّحمن بن عَوْف، والزُّبَير بن العوَّام رضى الله تعالى عنهما، شكَوْا القَمْلَ إلى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فى غَزاةٍ لهما، فَرَخَّص لهما فىقُمُصِ الحرير، ورأيتُه عليهما".
هذا الحديثُ يتعلق به أمران؛ أحدُهما: فِقْهى، والآخر: طِبى.
فأما الفقهى: فالذى استقرت عليه سُنَّته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إباحةُ الحرير للنساء مطلقاً، وتحريمه على الرجال إلا لحاجةٍ ومصلحةٍ راجحةٍ، فالحاجة إمَّا من شِدَّة البرد، ولا يَجِدُ غيرَه، أو لا يجدُ سُترةً سواه. ومنها: لباسه للجرب، والمرض، والحِكةِ، وكثرة القَمْل كما دلّ عليه حديث أنس هذا الصحيح.
والجواز: أصح الروايتين عن الإمام أحمدَ، وأصحُ قولى الشافعى، إذ الأصلُ عدمُ التخصيص، والرخصةُ إذا ثبتت فى حقِّ بعض الأُمة لمعنى تعدَّتْ إلى كُلِّ مَن وُجِدَ فيه ذلك المعنى، إذ الحكمُ يَعُم بعُمُوم سببه.
ومَن منع منه، قال: أحاديثُ التَّحريم عامةٌ، وأحاديثُ الرُّخصةِ يُحتمل اختصاصُها بعبد الرَّحمن بن عَوف والزُّبَيْر، ويُحتمل تَعديها إلى غيرهما. وإذا احتُمِلَ الأمران، كان الأخذ بالعموم أولى، ولهذا قال بعض الرواة فى هذا الحديث: فلا أدرى أبَلغتِ الرُّخصةُ مَنْ بعدهما، أم لا ؟
والصحيح: عمومُ الرُّخصة، فإنه عُرْف خطاب الشرع فى ذلك ما لم يُصرِّحْ بالتخصيص، وعدم إلحاق غير مَن رخَّص له أوَّلا به، كقوله لأبى بُرْدة فى تضحيته بالجذعة من المَعْز:
"تجزيكَ ولن تَجْزىَ عن أحدٍ بَعْدَك"، وكقوله تعالى لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى نكاح مَن وهبتْ نفسَها له: {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[الأحزاب: 50].
وتحريمُ الحرير: إنما كان سداً للذرِيعة، ولهذا أُبيح للنساء، وللحاجة، والمصلحةِ الراجحة، وهذه قاعدةُ ما حُرِّم لسد الذرائع، فإنه يُباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة،
3-وقد روى النسائىُّ من حديث أبى موسى الأشعرىِّ، عن النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "إنَّ اللهَ أحلَّ لإِناثِ أُمَّتِى الحريرَ والذَّهبَ، وحَرَّمَه عَلى ذُكُورِها".وفى لفظٍ: "حُرِّمَ لِباسُ الحَريرِ والذَّهَبِ عَلى ذُكورِ أُمَّتى، وأُحِلَّ لإِناثِهِم".
4-وفى "صحيح البخارى" عن حُذَيفة، قال: "نهى رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن لُبْس الحرير والدِّيباجِ، وأن يُجلَسَ عليه"، وقال: "هُو لهم فى الدُّنيا، ولكم فى الآخِرَة ".
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج ذاتِ الجنب
1-روى الترمذى فى "جامعه" من حديث زيد بن أرقمَ، أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "تَدَاوَوْا مِنْ ذاتِ الجَنْبِ بالقُسْطِ البَحْرى والزَّيْتِ".
وذاتُ الجنب عند الأطباء نوعان: حقيقى وغيرُ حقيقى. فالحقيقى: ورمٌ حار يَعْرِضُ فى نواحى الجَنب فى الغشاء المستبطن للأضلاع. وغير الحقيقى: ألم يُشبهه يَعْرِضُ فى نواحى الجنبِ
وذاتُ الجنب: من الأمراض الخطرة،
2- وفى الحديث الصحيح: عن أُم سلمةَ، أنها قالت: بدأ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمرضِه فى بيت ميمُونةَ، وكان كلَّما خَفَّ عليه، خرجَ وصلَّى بالناس، وكان كلَّما وَجَد ثِقَلاً، قال: "مُرُوا أبا بكرٍ فليُصَلِّ بالناس"، واشتد شكواه حتى غُمِرَ عليه مِن شدةِ الوجع، فاجتمع عنده نساؤه، وعمُّه العباس، وأُمُّ الفضل بنت الحارث، وأسماءُ بنت عُمَيْس، فتشاوروا فى لدِّهِ، فَلدُّوه وهو مغمورٌ، فلما أفاق قال: "مَن فعل بى هذا ؟ هذا من عمل نساءٍ جِئْنَ من ههُنا"، وأشار بيده إلى أرضِ الحبشةِ، وكانت أُمُّ سلمةَ وأسماءُ لَدَّتاهُ، فقالوا: يا رسولَ الله؛ خشِينَا أن يكون بكَ ذاتُ الجنب. قال: "فَبِمَ لَدَدْتُمُونى" ؟ قالوا: بالعُودِ الهندىِّ، وشىءٍ من وَرْسٍ وقَطِرَاتٍ من زيت. فقال: "ما كان اللهُ لِيَقْذِفَنِى بذلك الدَّاءِ"، ثم قال: "عَزَمْتُ عليكم أنْ لا يَبْقى فى البيتِ أحدٌ إلا لُدَّ إلا عَمِّىَ العَبَّاس".
3-وفى "الصحيحين" عن عائشةَ رضى الله تعالى عنها قالت: لَدْدنَا رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأشار أن لا تَلُدُّونِى، فقلنا: كراهِيةُ المريض للدواءِ، فلما أفاق قال: "ألم أنْهَكُمْ أن تَلُدُّونِى، لا يَبْقَى منكم أحدٌ إلا لُدَّ غَيْرَ عَمِّى العباس، فإنَّه لَمْ يَشْهَدْكُم".
: اللَّدُودُ: ما يُسقى الإنسان فى أحد شِقَّى الفم، أُخِذ من لَدِيدَى الوادى، وهما جانباه. وأما الوَجُورُ: فهو فى وسط الفم.
قلت: واللَّدود بالفتح: هو الدواءُ الذى يُلَدَّ به. والسَّعوطُ: ما أُدخل من أنفه.
فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج الصُّدَاع والشقيقة
:1- أنَّ هذا النوع كان يُصيب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيمكث اليوم واليومين، ولا يخرج.
2-وفيه: عن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد عَصَبَ رأسه بعِصَابةٍ.
وفى "الصحيح": أنه قال فى مرض موته: "وَارَأْسَاهُ". وكان يُعصِّبُ رأسه فى مرضه، وعَصْبُ الرأس ينفع فى وجع الشقيقة وغيرها من أوجاع الرأس.
3-وعِلاجه وقد روى البخارى فى "تاريخه"، وأبو داود فى "السنن" أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما شَكا إليه أحدٌ وجَعاً فى رأسِهِ إلا قال له: "احْتَجِمْ"، ولا شَكى إليه وجَعاً فى رجلَيْه إلا قال له: "اخْتَضِبْ بالحِنَّاء".
4-وفى الترمذى: عن سَلْمَى أُمِّ رافعٍ خادمِة النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالتْ: كان لا يُصيبُ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرحةٌ ولا شَوْكةٌ، إلا وَضَع عليها الحِنَّاءَ
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج العُذْرة وفى العلاج بالسَّعوط
1-ثبت عنه فى "الصحيحين" أنه قال: "خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُم به الحِجَامةُ، والقُسْطُ البَحْرِىُّ، ولا تُعَذِّبُوا صِبْيانَكُمْ بالغَمْزِ من العُذْرَةِ".
2-وفى "السنن" و"المسند" عنه من حديث جابر بن عبد الله قال: دَخَلَرسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عائشة، وعِندَها صَبِىٌ يَسِيلُ مَنخراهُ دماً، فقال: "ما هذا" ؟ فقالوا: به العُذرةُ، أو وَجعٌ فى رأسه، فقال : "وَيلكُنَّ، لا تَقْتُلنَ أَوْلادَكُنَّ، أيُّما امرأةٍ أصابَ وَلَدَها عُذْرَةٌ أو وَجَعٌ فى رأسِه، فَلْتَأخُذْ قُسْطاً هِنْدِيَّاً فَلْتَحُكَّه بماءٍ، ثم تُسْعِطْهُ إيَّاهُ" فأمَرتْ عائشةُ رضى الله عنها فصُنِعَ ذلك بالصبىِّ، فبَرَأَ.
قبل: العُذْرَةُ: تهيُّجٌ فى الحَلْق من الدم، فإذا عُولج منه، قيل: قد عُذِرَ به، فهو معذورٌ.. انتهى.
وقيل: العُذْرَةُ: قرحة تخرج فيما بين الأذُن والحلق، وتَعرض للصبيان غالباً.
والقُسْطُ البحرىُّ المذكور فى الحديث: هو العود الهندى، وهو الأبيض منه، وهو حلو، وفيه منافعُ عديدة. وكانوا يُعالجون أولادَهم بغَمز اللهاة، وبالعِلاَق، وهو: شىء يُعلِّقونه على الصبيان، فنهاهم النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، وأرشدهم إلى ما هو أنفعُ للأطفال، وأسهلُ عليهم.
والسَّعوطُ: ما يُصَبُّ فى الأنف،
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج المفؤود
1-روى أبو داود فى "سننه" من حديث مُجاهدٍ، عن سعد، قال: "مَرضتُ مرضاً، فأتَانِى رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودنى، فَوَضَعَ يَدَه بين ثَديَىَّ حَتَّى وَجَدتُ بَرْدَها على فؤادى، وقال لى: إنَّكَ رجُلٌ مَفْؤُودٌ فأْتِ الحارَثَ بن كَلَدَةَ من ثَقِيفٍ، فإنَّه رجلٌ يتطبَّبُ، فلْيأْخُذْ سبعَ تَمَراتٍ من عَجْوَةِ المدينةِ، فلْيَجأْهُنَّ بِنَواهُنَّ، ثم لِيَلُدَّكَ بِهِنَّ".
المفؤود: الذى أُصيب فؤادُه، فهو يشتكيه، كالمبطون الذى يشتكى بطنه.
واللَّدُود: ما يُسقاه الإنسانُ من أحد جانبى الفم.
وفى التَّمْر خاصيَّةٌ عجيبةٌ لهذا الداء، ولا سِيَّما تمرَ المدينة، ولا سِيَّما العجوة منه، وفى كونها سبعاً خاصيةٌ أُخرى، تُدرَك بالوحى،
2-وفى "الصحيحين": منحديث عامر بن سعد بن أبى وَقَّاصٍ، عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَنْ تَصَبَّحَ بسبعِ تَمَرَاتٍ من تَمْرِ العَالِيَة لم يَضُرَّهُ ذلك اليومَ سَمٌ ولا سِحْرٌ".
3-وفى لفظ: "مَن أكل سَبْعَ تمراتٍ ممَّا بَيْن لاَبَتَيْها حينَ يُصبحُ، لم يَضُرَّهُ سَمٌ حتى يُمْسِى".
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى دفع ضرر الأغذية والفاكهة وإصلاحها بما يدفع ضررها، ويُقوِّى نفعَها
1-ثبت فى "الصحيحين" من حديث عبد الله بن جعفر، قال: "رأيتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل الرُّطَبَ بالقِثَّاء".
بالقِثَّاء والرُّطَب، فسمنت.
: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الحِمية
والحِمية حِميتان: حِمية عمَّا يجلِبُ المرض، وحِمية عما يزيده، فيقف على حاله، فالأولى: حِمية الأصحاءِ. والثانية: حِمية المرضى. فإنَّ المريض إذا احتمى، وقف مرضُه عن التزايد، وأخذت القُوَى فى دفعه. والأصل فى الحِمية قوله تعالى: {وَإن كُنْتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً} [المائدة:6 ]، فَحَمَى المريضَ من استعمال الماء، لأنه يضرُّه.
1-وفى "سنن ابن ماجه" وغيره، عن أُمِّ المنذِر بنت قيس الأنصارية، قالت: دَخَلَ علىَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه علىّ، وعلىٌ ناقِهٌ من مرض، ولنا دوالى مُعلَّقة، فقام رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل منها، وقام علىٌّ يأكل منها، فطفِقَ رسولُ
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لعلىٍّ: "إنك ناقِةٌ " حَتَّى كفَّ. قالت: وصنعت شعيراً وسِلْقاً، فجئت به، فقال النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلىٍّ: "مِنْ هذا أَصِبْ، فإنه أنفعُ لَكَ"، وفى لفظ فقال: "مِنْ هذا فَأصِبْ، فإنه أوفَقُ لَكَ".
2-وفى "سنن ابن ماجه" أيضاً عن صُهَيْبٍ، قال: قدمِتُ على النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين يديه خبزٌ وتمرٌ، فقال: "ادْنُ فَكُلْ"، فأخذتُ تمراً فأكلتُ، فقال: "أتأكُلُ تمراً وبِكَ رَمَدٌ" ؟ فقلت: يا رسول الله؛ أمضُغُ مِنَ الناحية الأخرى، فتبسَّم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3-وفى حديث محفوظ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ اللهَ إذا أحبَّ عبداً، حماه مِنَ الدُّنيا، كما يَحْمِى أحَدُكُم مريضَه عَنِ الطَّعَامِ والشَّرابِ".
وفى لفظ: "إنَّ اللهَ يَحْمِى عَبْدَه المؤمِنَ مِنَ الدُّنيا".
يتبع ان شاء الله تعالى
|