عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 29-01-2017, 12:54 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

المبحث السابع

طلاق المكره


الإكراه في اللغة هو القهر، ويطلق على حمل إنسان على فعل شيء بغير رضاه قسرًا. تقول: أكرهت فلانًا إكراهًا. أي حملته على أمر يكرهه. والإكراه في اصطلاح الفقهاء هو فعل بغير حق يفعله الإنسان بغيره فيزول به رضاه أو يفسد به اختياره. وإنما اشترط في فعل الإكراه أن يكون بغير حق لتمكين القاضي من إنفاذ الطلاق في حال تعسف الزوج؛ إذ لا سبيل لرفع الظلم ولإقامة العدل إلا بذلك.

ولا يأبى الفقه من حيث المبدأ تقسيم المذهب الحنفي هذا الإكراه إلى قسمين: (1)إكراه ملجيء، وهو الإكراه الكامل الذي يعدم الرضا بالكلية ويوجب الإلجاء، ويكون بما يخاف على نفسه أو عضوه كالإكراه بال*** أو بالقطع. (2)إكراه غير ملجيء، وهو الإكراه القاصر الذي يعدم الرضا ولا يوجب الإلجاء، ويكون بما لا يخاف على نفسه ولا على تلف عضو من أعضائه كالإكراه بالضرب الشديد أو بالحبس. ويدخل في حكمه أن تطلب الزوجة طلاقها وهي في حال ثورة الغضب بما يخشى عليها من أن تضر نفسها، فيطلقها لإطفاء ثورتها.

ويرى المذهب الحنفي أن الإكراه إذا كان ملجئًا فإنه يفسد الاختيار ويبطل العقود، وإذا كان الإكراه غير ملجيء فإنه لا يفسد الاختيار؛ لأنهم يفرقون بين الرضا وبين الاختيار. ويترتب على ذلك التفريق في العقود بين ما يقبل منها الفسخ كالبيع والإجارة والهبة والإقرار فهذه لا تصح مع الإكراه ويكون للمكره حق الإمضاء أو الفسخ بعد زوال حالة الإكراه، وبين ما لا يقبل الفسخ من العقود كالزواج والطلاق والخلع فهذه تصح مع الإكراه وتلزم؛ لأنه يستوي فيها الجد والهزل. أما جمهور الفقهاء فيرى أن فساد الاختيار يرجع إلى عدم وجود الرضا وتمامه بما يبطل العقد؛ لأنهم لا يفرقون بين الرضا وبين الاختيار.

وهل يتحقق الإكراه بالتوعد أم بالمباشرة؟ خلاف بين الفقهاء على ثلاثة مذاهب. (1)يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية للحنابلة أن التوعد بالمكروه يكون إكراهًا إذا غلب على ظنه أنه يفعل؛ احتياطًا لحفظ الحقوق. (2)ويرى الحنابلة في رواية ثانية أن التوعد بالمكروه ليس إكراهًا إلا أن يباشر به؛ لإثبات الجدية. (3)ويرى الحنابلة في رواية ثالثة أن التوعد بالمكروه يختلف، فإن كان بال*** أو بالقطع فهو إكراه، وإن كان بغير ذلك فلا يكون إكراهًا إلا بالمباشرة؛ لعدم تدارك ما يفوت بال*** أو بالقطع.

وهل يشترط في التهديد بالمكروه أن يكون عاجلًا حتى تتحقق صفة الإكراه، أم يتحقق التهديد بالمكروه في المستقبل؟ خلاف بين الفقهاء على مذهبين. (1)يرى جمهور الفقهاء أن التهديد بالمكروه لا يكون إكراهًا إلا إذا كان عاجلًا؛ لأن التهديد بالمكروه في المستقبل قد لا يتحقق إما بالتراجع أو بالاحتماء بالسلطان. (2)ويرى المالكية أنه لا يشترط في التهديد بالمكروه أن يكون عاجلًا حتى تتحقق صفة الإكراه، وإنما الشرط لتحقق صفة الإكراه أن يكون الخوف من حدوث المكروه حالًا؛ لأن هذا هو ما يؤثر على الإرادة.

واختلف الفقهاء في حكم وقوع الطلاق في حال الإكراه لعدة أسباب منها: (1)تعارض مصلحة استقرار الأوضاع في عقود الزواج والطلاق والخلع التي لا تحتمل التردد والتي تستوجب الحكم بصحة تلك العقود في الجد والهزل، وبين مصلحة تعظيم الإرادة وتحقق الرضا التي تستوجب عدم اعتبار العقد الخالي عن إرادة عاقده ورضاه. (2)اختلاف الفقهاء في حجية الأحاديث الواردة بسند ضعيف والتي تفيد صحة وقوع الطلاق حال الإكراه، ومن ذلك ما أورده ابن نجيم الحنفي (ت970هـ) في "البحر الرائق"، وأورده ابن حزم (ت456هـ) في "المحلى" ووصف سنده بأنه في غاية السقوط عن صفوان بن عمرو الأصم الطائي عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رجلًا جلست امرأته على صدره وجعلت السكين على حلقه، وقالت له: طلقني أو لأ***نك؟ فناشدها الله تعالى، فأبت فطلقها ثلاثًا. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا قيلولة في الطلاق". وفي رواية ثانية عند ابن حزم في "المحلى" من طريق سعيد بن منصور عن صفوان بن عمرو بن الأصم الطائي قال: إن رجلًا جلست امرأته على صدره فوضعت السكين على فؤاده وهي تقول: لتطلقني أو لأ***نك؟ فطلقها، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "لا قيلولة في الطلاق". وما أخرجه الترمذي بسند ضعيف جدا، كما ذكر الألباني، والصحيح أنه موقوف على أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله"، وأخرجه الطحاوي من أقوال الإمام علي بلفظ: "كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه"، كما أخرجه عن رجاء بن حيوه أنه قال: قرأ علينا عبد الملك بن مروان كتابًا من معاوية فيه السنن أن "كل طلاق جائز إلا طلاق المجنون". (3)اختلاف الفقهاء في صحة قياس الطلاق في حال الإكراه على الطلاق في حال الهزل الذي ورد في شأنه ما أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي بسند فيه مقال وصححه الحاكم وحسنه الألباني. ونقل الزيلعي في "نصب الراية" عن ابن القطان أنه معل بجهالة أحد رواته، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة". (4)اختلاف الفقهاء في دلالة وحجية ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه وتعقبه الذهبي بإعلاله لضعف أحد رواته، وحسنه الألباني عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".

ويمكن إجمال أقوال الفقهاء في حكم الطلاق حال الإكراه بغير حق في المذهبين الآتيين:

المذهب الأول: يرى أن الطلاق الواقع بالإكراه بدون حق باطل، فهو والعدم سواء. وهذا مذهب جمهور الفقهاء قال به المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية والإمامية في الجملة. وحجتهم: (1)ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق". قال الإمام الباجي المالكي (ت474هـ) في "المنتقى"، والإمام البغوي الشافعي (ت516هـ) في "شرح السنة"، والإمام ابن الجوزي الحنبلي (ت597هـ) في "غريب الحديث": الإغلاق هو الإكراه كأنه يغلق عليه الباب ويحبس حتى يطلق. (2)أن الرضا أساس العقود، فلا عبارة لعديم الإرادة أو ناقصها؛ لما أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". (3)أن الواقع في حال إكراه منعدم الإرادة والقصد فكان حكمه كالمجنون المرفوع عنه القلم فيما أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة إلا الترمذي وصححه الحاكم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق". (4)ما روي عن بعض كبار الصحابة إبطالهم للطلاق حال الإكراه، ومن ذلك ما أورده ابن حزم في "المحلى" عن قدامة الجمحي، أن رجلًا تدلى بحبل ليشتار عسلًا فأتت امرأته فقالت له: لأقطعن الحبل أو لتطلقني؟ فناشدها الله تعالى فأبت، فطلقها. فلما ظهر أتى عمر بن الخطاب فذكر ذلك له، فقال له عمر: ارجع إلى امرأتك فإن هذا ليس بطلاق. قال ابن حزم: وروي عن الحسن أن علي بن أبي طالب كان لا يجيز طلاق المكره، وعن ثابت الأعرج أنه سأل ابن عمر وابن الزبير عن طلاق المكره فقالا جميعًا: "ليس بشيء".

المذهب الثاني: يرى أن الطلاق الواقع بالإكراه بدون حق صحيح ونافذ. وهذا مذهب الحنفية وهو قول الزهري وقتادة وسعيد بن جبير، وروي عن عمر وعلي بن أبي طالب. وحجتهم: (1)أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى التعليلات من القيل والقال في الطلاق لاستقرار أوضاعه بحسب ظاهره وعدم احتماله الفسخ كعقد الزواج، ومن ذلك ما ذكره فقهاء الحنفية وأنكره ابن حزم بشدة عن صفوان بن عمرو الأصم الطائي: أن رجلًا هددته امرأته بالسكين أن يطلقها فطلقها ثلاثًا، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا قيلولة في الطلاق". قال النسفي في "طلبة الطلبة": أي لا رجوع ولا فسخ. (2)أن النبي صلى الله عليه وسلم صحح وقوع طلاق الهازل وكل طلاق إلا للمغلوب على عقله؛ لخطورة الطلاق. مما يستوجب تقديم مصلحة استقرار وضعه الظاهري على أي مصلحة أخرى ولو كانت الرضائية في العقود، فقد أخرج الترمذي بسند ضعيف جدا والصحيح وقفه على أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله "، وأخرج أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي بسند فيه مقال عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة".

رد مع اقتباس