عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 22-12-2016, 09:39 PM
Mr. Hatem Ahmed
ضيف
 
المشاركات: n/a
افتراضي


44/ قِصَّةُ المَسْيِحِ الدَّجَّالِ والجَسَّاسَةِ

-- عَنْ عَامِرِ بْنِ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، أُخْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، فَقَالَ: "حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا تُسْنِدِيهِ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ".

"فَقَالَتْ: لَئِنْ شِئْتَ لَأَفْعَلَنَّ".

"فَقَالَ لَهَا: أَجَلْ، حَدِّثِينِي".

"فَقَالَتْ: نَكَحْتُ ابْنَ المُغِيرَةِ، وَهُوَ مِنْ خِيَارِ شَبَابِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ، فَأُصِيبَ بِأَوَّلِ الجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فَلَمَّا تَأَيَّمْتُ خَطَبَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَطَبَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَوْلَاهُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَكُنْتُ قَدْ حُدِّثْتُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ».

"فَلَمَّا كَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: أَمْرِي بِيَدِكَ، فَأَنْكِحْنِي مَنْ شِئْتَ".

«فَقَالَ: انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ».

"وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ".

"فَقُلْتُ: سَأَفْعَلُ".

«فَقَالَ: لَا تَفْعَلِي، إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ، أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عَنْ سَاقَيْكِ، فَيَرَى القَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ، وَلَكِنِ انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ، عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ».

"وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فِهْرٍ، فِهْرِ قُرَيْشٍ، وَهُوَ مِنَ البَطْنِ الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَانْتَقَلْتُ إِلَيْهِ".

"فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي سَمِعْتُ نِدَاءَ المُنَادِي، مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً".

"فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ الرِّجَالِ".

"فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ".

«فَقَالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ».

«ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟!»

"قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ".

«قَالَ: إِنِّي وَاللهِ، مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ، كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ
».

«حَدَّثَنِي: أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمِ المَوْجُ شَهْرًا فِي البَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَؤا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي البَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِه، مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ».

«فَقَالُوا: وَيْلَكِ! مَا أَنْتِ؟!»

«فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ».

«قَالُوا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟!»

«قَالَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ! انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ».

«قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً».

«قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالحَدِيدِ».

«قُلْنَا: وَيْلَكَ! مَا أَنْتَ؟!»

«قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟!»

«قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ، رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا البَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ، فَلَعِبَ بِنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ! مَا أَنْتِ؟! فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ. قُلْنَا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟! قَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً».

«فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ؟!»

«قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟!»

«قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا، هَلْ يُثْمِرُ؟!»

«قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ».

«قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ».

«قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ؟!»

«قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟!»

«قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟!»

«قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ».

«قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ».

«قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ؟!»

«قَالُوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟!»

«قَالَ: هَلْ فِي العَيْنِ مَاءٌ؟!»

«وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ العَيْنِ؟!»

«قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا».

«قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ، مَا فَعَلَ؟!»

«قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ».

«قَالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ؟!»

«قُلْنَا: نَعَمْ».

«قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟!»

«فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ العَرَبِ وَأَطَاعُوهُ».

«قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟!»

"قُلْنَا: نَعَمْ".

«قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِي: إِنِّي أَنَا المَسِيحُ؛ وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا؛ وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا».

"قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي المِنْبَرِ: «هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ». ((يَعْنِي: المَدِينَةَ))؛: «أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟»

"فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ".

«قَالَ: فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، وَعَنِ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ. أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، مَا هُوَ؛ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، مَا هُوَ؛ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، مَا هُوَ».

"وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ".

"قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

رَوَاهُ مُسْلِمٌ (4/ 2942) واللَّفْظُ لَهُ؛ وأَبُو دَاوُدَ (4/ 4326).


- (الجَسَّاسَة): سُمِّيَت بِذَلِكَ لِنَقْلِهَا الأَخْبَارَ لِلدَّجَّالِ.

- (فَأُصِيبَ فِي أَوَّلِ الجِهَادِ): لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قُتِـلَ فِي الِجهَادِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وتَأَيَّمْتُ بِذَلِكَ، وإِنِّمَا تَأَيَّمْتُ بِطَلاَقِهِ البَائِنِ.


- (تَأَيَّمْتُ): صِرْتُ أَرْمَلَةً.


- (الصَّلَاةَ جَامِعَةً): بِنَصْبِ الصَّلاَةِ وجَامِعَةٍ، فَالأَوَّلُ: عَلَى الإِغْرَاءِ؛ والثَّانِي: عَلَى الحَالِ.


- (أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ): اِلتَجَأُوْا إِلَيْهَا.


- (فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ): الأَقْرُب، جَمْعُ قَارِبٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ والقِيَاسُ: قَوَارِب، وهِيَ سَفِيْنَةٌ صَغِيْرَةٌ تَكُونُ مَعَ الكَبِيْرَةِ يَتَصَرَّفُ فِيْهَا رُكَّابُ السَّفِيْنَةِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِم.


- (أَهْلَبُ): غَلِيْظُ الشَّعْرِ كَثِيْرُهُ.


- (فَرِقْنَا مِنْهَا): خُفْنَا مِنْهَا.


- (أَعْظَمُ إِنْسَانٍ): أَيْ أَكْبَرُ جُثَّةٍ أَوْ أَهْيَبُ هَيْئَةٍ.


- (اغْتَلَمَ): هَاجَ وجَاوَزَ حَدَّهُ المُعتَادِ.


- (نَخْلِ بَيْسَانَ): هِيَ قَريَةٌ بِالشَّامِ.


- (بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ): هِيَ بَحْرٌ صَغِيْرٌ مَعْرُوفٌ بِالشَّامِ.


- (عَيْنِ زُغَرَ): هِيَ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الجَانِبِ القِبْلِي مِنَ الشَّامِ.


- (طَيْبَة) و (يَثْرِب): المَدِيْنَةُ المُنَوَّرَةُ.


- (صَلْتًا): مَسْلُولاً.


- (مَا هُوَ): المُرَادُ إِثْبَاتٌ أَنَّهُ فِي جِهَةِ الشَّرْقِ.


آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 22-12-2016 الساعة 10:05 PM
رد مع اقتباس