(31) مَــــــــــدَاااااااااااااااااد!
أن يختلف المسلمون فيما بينهم حول بعض الفروع أمر قد يمكن السكوت عنه إذا ما اتفقوا على الأصول، أما أن يكون اختلافهم حول هذه الأصول ذاتها، فإن هذا ما يؤرق كل مُخلِص غَيُّور على دِينه.
ولا شك أن دعاء غير الله، والاستغاثة بالصالحين، وطلب المَدَد منهم، وتقديم النُّذور والقرابين لهم، والطَّواف حول قبورهم، كل ذلك ليس من الفروع، بل هو الأصل الأول في الإسلام؛ لأنه يتعلَّق بكلمة التوحيد: لا إله إلا الله، فقد سمَّى اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الأمور شِركًا، فهو سبحانه يقول: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ. إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}. (سورة فاطر، الآيتان: 13، 14)؛ وهو جلَّ في عُلاَه يقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ. وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}. (سورة الأحقاف، الآيتان: 5، 6)؛ وهو الذي يقول عزَّ من قائل: {وَإِذَا مَسَّ الإنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}. (سورة الزمر، الآية: 8).
وفي مجتمعنا المعاصر انتشرت كل صور الشِّرك حول قبور الصالحين وغيرهم، وما حدث ذلك إلا لأننا خالفنا هَدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإن بناء المساجد حول قبور الصالحين أمر حذَّر منه النبي صلوات الله وسلامه عليه وبالغ في التحذير والنهي عنه، إِذْ قال صلى الله عليه وسلم: «أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ». رواه مسلم (1/ 532)؛ والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ولذلك فإننا عندما نرى ما يدور حول الأضرحة وبخاصة في الموالد التي كانت وما زالت وستبقى سوقًا رائجة لكل مُنكَر، حيث فيها اللَّهو والطَّرب والرَّقص والخمر والمخدرات والمَيْسِر واختلاط الرِّجال بالنساء، وما إلى ذلك من كل أنواع المُنكَر، ويتم ذلك كله باسم حُبِّ الصَّالحين، والصَّالحون بَرآء من ذلك كله!
أقول إننا عندما نرى ذلك تنفطر قلوبنا لما وصلت إليه هذه الأمة من جهالة وشعوذة باسم الدِّين ... ومما يزيد الطين بلّة اشتراك بعض علماء المسلمين في إحياء هذه الموالد، ممَن يحتلُّون أكبر المناصب الدينية في الدولة، فذلك يعطي الموالد لونًا من الشرعية أمام الناس.
هدانا اللهُ عزَّ وجلّ للطريق القويم
*********