تابع
ثانيًاـ انعكاسات استراتيجية.. ما بعد المعركة

لا زالت الانعكاسات الاستراتيجية التي حدثت عقب حرب أكتوبر قائمة حتى الآن، وشملت عدة جوانب، خاصة على المستوى السياسي والعسكري على وجه التحديد، فضلاً عن أن إسرائيل حاولت بعد الهزيمة ابتكار استراتيجية تمكنها من تخطي كارثة أكتوبر وما نتج عنها.
1ـ على المستوى السياسي:
لم تقتصر الانعكاسات السياسية في الداخل الإسرائيلي على الإطاحة بحكومة جولدا مائير وتوجيه تهم التقصير إلى القادة السياسيين بعد ظهور نتائج تحقيق أجرانات التي تشكلت للبحث في أسباب فشل إسرائيل في حرب أكتوبر، بل امتدت الانعكاسات حتى طالت التوجه الإسرائيلي بشكل عام، وهو خيار المراوغة عبر السلام من أجل كسب ود مصر ظاهريًا ومحاولة التطبيع شعبيًا على عدة مستويات
وانعكست الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة في توجه إسرائيل نحو عقد عدة اتفاقيات سلام ومعاهدات مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، بهدف تغيير الواقع الراهن في منطقة الشرق الأوسط، حتى تضمن تمددها داخل المجتمعات العربية، لا سيما وأن مصر في ذلك الوقت كانت رائدة الدول العربية.
2ـ تغيرات في الواقع العسكري:
كانت أبرز انعكاسات حرب أكتوبر على المستوى العسكري سقوط أسطورة الجيش الذي لا يقهر التي ارتبطت بالجيش الإسرائيلي قبل حرب أكتوبر، فضلاً عن استعادة المقاتل العربي بشكل عام والمصري على وجه التحديد للثقة بالنفس، وهو الأمر الذي ارتد عكسيًا على جنود وضباط الجيش الإسرائيلي الذين اكتشفوا قوة وبراعة المقاتل العربي في ساحة المعركة
وكانت تقوم استراتيجية إسرائيل العسكرية على أساس الرد ع النفسي لمصر خاصة والدول العربية عامة لخلق الإحساس لديها بالعجز السياسي لاتخاذ قرار الحرب، والعجز العسكري للقيام بحرب وخوض المعارك، وبالتالي لا مجال أمام مصر سوى الرضوخ لشروط إسرائيل، تحت ضغط نتائج هزيمة 67، لكن على الجانب النفسي كسرت الحرب وما تم خلالها من اشتباكات وعبور وإغارات حاجز الردع النفسي لدى الضباط والجنود والقيادات التي خططت وأدارت تلك العمليات الحربية.
3ـ اقتصاديًا:
أثر الخسائر التي تكبدتها إسرائيل في حرب أكتوبر اتجهت لتبني استراتيجية مغايرة تقوم على تصنيع الأسلحة وتصديرها إلى الدول الخارجية، في محاولة منها لتعويض خسائرها المالية، ولكن فشل الأسلحة الإسرائيلية خلال معارك الاشتباك لم يمكنها من تحقيق النجاح المرجو في هذا المجال وأصبحت قدراتها محدودة بعض الشيء
4ـ اجتماعيًا:
بدأت الهجرة الوافدة إلى إسرائيل فى الانخفاض بعد حرب أكتوبر بشكل ملموس، وارتفع معدل الراغبين فى النزوح من إسرائيل إلى مواطنهم الأصلية بنسبة بلغت 40%، الأمر الذى يدل على أن إسرائيل أصبحت بعد الحرب أقل اجتذابًا للمهاجرين اليهود
كما حاولت إسرائيل معالجة آثار الحرب على المستوى الاجتماعي عبر عدة وسائل يمكن من خلالها امتصاص الصدمة التي تعرض لها المجتمع الذي شاهد انهيار قياداته السياسية والعسكرية رأي العين، ومن ثم اتجهت نحو تزيف الحقائق والإحصائيات للتخفيف من حدة الصدمة، فضلاً عن محاولات التقرب من الشعوب العربية والتطبيع معها اجتماعيًا.

ثالثاًـ فرص مصرية لاستمرار روح الهزيمة الإسرائيلية:
تمتلك مصر عدة فرص يمكن من خلالها استغلال حالة الهزيمة القائمة في المجتمع الإسرائيلي نتيجة حرب أكتوبر، من بينها بث تقارير وثائقية حول حرب أكتوبر باللغة العبرية من أجل ضمان وصولها لقاعدة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي بهدف الرد على التزيف الإسرائيلي والتلاعب بالنصر التاريخي الذي تحقق في هذه الملحمة.
كما أن لدى مصر فرصة أخرى تتمثل في الكشف عن طرق الاستعداد للمعركة وكيفية فشل الأجهزة الإسرائيلية في رصد هذه التحركات المصرية رغم ما تمتلكه من قدرات ومؤهلات عالية، وذلك من خلال الاهتمام بالوثائق والكتب التاريخية التي تتحدث عن كواليس الحرب وإنتاج المواد التلفزيونية والإذاعية مدعومة من أرشيف الجيش لكشف حقيقة الحرب وما جرى فيها.
آخر تعديل بواسطة محمد محمود بدر ، 06-10-2016 الساعة 08:56 PM
|