(23) إِلَــى الـرُّؤسَـــاء والـمُــلُـــوك .. كــل عــام وأنــتـــم بـخــيـــر!
كان المُعتَمِدُ بنُ عَيَّادٍ مَلِكًا للأندلس، ثم سَاءَ حالُهُ حتى مات عام 488هــ سَجِينًا مُقيَّدًا مُعَذَّبًا!
وقد دخل عليه يومًا بَنَاتُه السِّجنَ، وكان يوم العِيد، وكُنَّ يَغْزِلنَ للناس بالأُجرة في أَغَمَاتٍ (مَدِينة بِالمَغْرِب) حتى أنَّ واحدة مِنهُنَّ غَزَلت لأهل رئيس الشُّرَطَة الذي كان في خدمة أبيها، وهو في سُلْطَانه!
فَرَآهُنَّ الأَبُّ يوم العِيد في ملابس رَثَّة، وحالة سيئة مِن الفقر، فَصَدَعنَ قَلَبَهُ! فَأَنْـشَــد يَـقُــول:
فِيْمَا مَضَى كُنْتَ بِالأَعْيَادِ مَسْرُورًا ... فَسَاءَكَ العِيْدُ فِي أَغَمَاتٍ مَأْسُورًا
تَرَى بَنَاتِكَ فِي الأَطْمَارِ جَائِعَةً ... يَغْزِلْنَ لِلنَّاسِ لاَ يَمْلِكْنَ قِطْمِيْرًا
بَرَزْنَ نَحوَكَ لِلتَّسْلِيْمِ خَاشِعَةً ... أَبْصَارُهُنَّ حَسِيرَاتٍ مَكَاسِيرَا
يَطَأْنَ فِي الطِّيْنِ والأَقْدَامُ حَافِيَةٌ ... كَأَنَّهَا لَمْ تَطَأَ مِسْكًا وكَافُورَا
مَنْ بَاتَ بَعْدَكَ فِي مُلْكٍ يُسَرُّ بِهِ ... فَإِنَّمَا بَاتَ بِالأَحْلاَمِ مَغْرُورًا
------
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى}.
*********