عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 02-09-2016, 01:59 PM
ragb782 ragb782 غير متواجد حالياً
عضو قدير
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 467
معدل تقييم المستوى: 10
ragb782 is on a distinguished road
افتراضي

العصابة

http://elbadil.com/2016/08/30/%D8%A7...7%D8%A8%D8%A9/





(1)
كل يوم جديد يثبت أننا وقعنا في قبضة عصابة، تتنفس الكذب، وتتعامل مع المستقبل بغباء غير مسبوق، وأنا الآن لا أتحدث عن تدني الإدارة السياسية وفقط، لكنني أتحدث عن وجود اتفاق تواطؤ بين مؤسسات وسلطات، الأصل في الدستور وتقاليد إدارة الدول أن تحافظ هذه المؤسسات على استقلاليتها ونزاهتها عندما تقودم بدورها، لكن الأحداث تثبت يوما بعد يوم أن هذه السلطات تمارس التواطؤ فيما بينها، وتعمل بنوع من الاتفاق المشبوه والترتيب المسبق على حساب الشعب، فالرئاسة والحكومة والقضاء والبرلمان والأجهزة الأمنية، تطبق بطريقتها الشعار الذي يردده الرئيس كثيرا: عايزين نبقى على قلب رجل واحد، وهكذا أصبحت كل هذه السلطات “إيد واحدة ضد الشعب

(2)
لا أظن أن هذا الكلام المرسل يحتاج إلى دليل، لأن معظمكم يشعر به، ويشكو منه، لكن الظروف البائسة والمخجلة قدمت لنا دليلاً واضحا وفاضحا يتمثل في البيان الذي رحب فيه صندوق النقد الدولي بإقرار مجلس النواب المصري لقانون ضريبة القيمة المضافة، وبالمناسبة أحب أن أسال: طيب ومال أم الصندوق بضرائبنا وبرلماننا؟ ألم يقل المهيصاتية أن قرض الصندوق بلا شروط، وأنه لايتدخل، ولن نسمح، وبص شوف الانتصار الدولي، بص شوف اعتراف أكبر مؤسسة مالية في العالم بنجاح الإصلاح الاقتصادي في زمن السيسي… إلخ، لكن ماشوفهمش وهمَّا بيخضعوا شافوهم وهمَّا بيشكروا، فالكذب مالوش رجلين، واللي يكدب يوم القرض يتفضح يوم البيان الذي اعتبر فيه كريستوفر جارفيس رئيس بعثة الصندوق أن إقرار البرلمان للضريبة “إنجاز تاريخي”، وقدم تهنئته لوزير المالية ورجالته على صياغتهم البيان حسب المطلوب، وقدم الشكر للبرلمان على سرعة الإقرار.!

(3)
بيان الصندوق أظهر أن الحكومة أعدت القانون استجابة لطلب الصندوق، وأنها قبلت تدخله بالرأي والجهد، وما أسماه البيان “تقديم المساعدة الفنية”، كما كشف أن الحكومة ثم البرلمان تعاملت مع القانون بمنطق تحصيل الحاصل، فهناك قرار فوقي منتهي بفرض الضريبة، وما على الحكومة إلا أن تكتب، وما على البرلمان إلا أن يبصم، وهذا يعني أن هذه السلطات مجرد واجهة لإسباغ الشرعية على الرغبات الفوقية، وهذا يعني أن أحداً لا يستطيع أن يقول لا للرئيس، ولا أن يناقش بحرية، ولا أن يفكر في مصلحة الشعب، ولهذا وصفت العلاقة بين السلطات التي تعمل بهذه الطريقة بأنها علاقة تواطؤ تناسب العصابات، ولا تليق بالدول التي يجب أن تتعارض فيها آراء هذه السلطات بحكم مواقعها كما يحدث بين منصبى القضاء والمدعي العام والمحامون في قاعات المحاكم، لأن هذه الأطراف لو اتفقت لباظت اللعبة، وغابت الحاجة إلى مستويات متعددة تقوم بنفس الفعل، فلا معنى أن تتوافق السلطة التنفيذية مع السلطة النيابية التي تمثل الشعب في أمر يلقي بمزيد من الأعباء على الفئات الواسعة من المواطنين.

(4)
أحب أن أوضح أنني لست ضد فرض الضرائب بشكل عام، فدافع الضريبة هو الممول الأول للدولة وصاحب المصلحة في إنفاق هذه الضرائب على التنمية وفرص العمل، لكن السلطة عندنا تفهم جانب واحد من الضريبة، وهي أن يدفع الفقير ويُعفى الغني، أن يدفع محدود الدخل، ويستفيد محدود العقل، فأموال الضرائب يتم هدرها في بلاعة الفساد دون عوائد واضحة على حياة المواطن في التعليم والصحة والمرافق والخدمات، ونظرة واحدة لأحوال مصر تثبت أننا بعد دفع الضرائب، نستمر في الدفع، فالمواطن يدفع دم قلبه لكي يعلم أولاده، ثم لايجد إلا المدارس الخاصة، يدفع مدخراته لكي يجد فرصة محترمة للعلاج، فلا يجد إلا مستشفيات البيزنس، يدفع مقابل مياه الشرب، فلا يجد إلا ماء ملوث يجلب الأمراض، يدفع الكثير ولا يأخذ شيئا في المقابل، إلا الفتات الذي يتبقى من الأسياد.

(5)
التحذير من “العصابة” لا يتوقف على الطريقة التي تم بها إقرار ضريبة القيمة المضافة، وتجاهل أو تعطيل أو دفن قانون الضريبة التصاعدية، الذي يضمن تحصيل مبالغ أكبر من أصحاب الثروات الكبيرة، لكن الفقراء في مصر فقط هم الذين يموتون دفاعا عن الوطن، ويدفعون لتمويل رواتب ومكافآت مستشاري ولصوص الوطن، وكل ما أخشاه أن تواصل العصابة طريقة عملها في قضايا أخطر من ذلك بكثير، مثل أزمة التنازل عن تيران وصنافير، والتي قد يمررها البرلمان بنفس الطريقة التي أقر بها ضريبة القيمة المضافة، وفي الصباح تطالعنا وسائل الإعلام بنشر بيان من الديوان الملكي نصه: إلى رجال العصابة الساهرة في مكتبنا بالقاهرة.. نشكركم على حسن تعاونكم.
رد مع اقتباس