ومن حيث إن المحكمة فى تناولها لسند كل من الدعويين الماثلتين , والمتمثل في مصرية جزيرتى تيران وصنافير وما أثاره المدعيان من عدم مشروعية التوقيع على الاتفاقية المتضمنة تنازل الحكومة المصرية عنهما فإنها تفرق فى المستندات المودعة من المدعيين بين المصدر الرسمى الذى يعبر عن ارادة السلطات الوطنية المصرية الرسمية والذى يتمثل فى القوانين والاتفاقات الدولية التى ابرمتها الحكومات المصرية المتعاقبة و اللوائح والقرارات الإدارية ويلحق بها المراجع الرسمية الصادرة من جهة إدارية من جهات الدولة وبين المراجع غير الرسمية التى لا تعبر إلا عن وجهة نظر شخصية لصاحبها أو لأصحابها ، ولن تعول المحكمة إلا على المصادر والمراجع الرسمية دون المراجع الخاصة وغير الرسمية , كما أنها ستعول على قرارات المنظمات الدولية , وتؤكد المحكمة فى هذا الشأن على حقيقة لاسبيل إلى إغفالها ، وهى أن ارض الوطن ملك للأمة المصرية كلها وانها لا تسجل فى الشهر العقارى كعقارات الأفراد وإنما سجلت فى سجل التاريخ وأنه لا يقبل فى اثباتها شهادة شاهد أو شهود قد يضلوا أو ينسوا .
ومن حيث إن مصر دولة منذ أكثر من خمسة الاف عام فى موقعها المعلوم للكافة وزادت مساحتها فى اوقات قوتها إلى ما حولها من أراضى كما تعرضت لغزو أو احتلال واختلفت أوضاعها القانونية لكنها لم تزل من الوجود فى أى وقت وظل إقليمها متميزا فى كل مراحل التاريخ وارتبطت سيناء وجزيرتى تيران وصنافير والجزر المصرية فى خليج السويس والبحر الأحمر بمصر ارتباط الجزء بالكل ، وقد طبقت مصر القوانين واللوائح المصرية على جزيرتى تيران وصنافير ومنها اللوائح الخاصة بالحجر الصحى وتضمنت اللائحة المختصة بكيفية سير مصلحة الصحة الصادرة فى 3 يناير 1881 فى المادة (10) ( ضبط وربط ما يتعلق بالصحة البحرية والكورنتينات فى السواحل المصرية الممتدة على البحر الابيض المتوسط والبحر الأحمر وفى الحدود الارضية من جهة الصحراء تحال على عهدة نظار مكاتب الصحة …) وعددت المادة (12) مكاتب الصحة من الدرجة الأولى ومنها ( مكتب حوض السويس ومحطة عيون موسى ومكتب الوجه المجعول مؤقتا فى الطور….. ) كما طبقت على الجزيرتين اللائحة الجمركية الصادرة فى 2 ابريل سنة 1884 وقد نصت المادة (1) منها على أن ( سواحل البحر المالح والحدود الفاصلة بين القطر المصرى والممالك المجاورة تعتبر خطاً للكمارك) , كما تضمنت المادة (2) من تلك اللائحة أن (… تمتد حدود المراقبة على السفن حتى مسافة عشرة كيلو مترات من الساحل …..) حيث وقعت الجزيرتان فى نطاق تطبيق لائحة الجمارك , وتضمنت الاتفاقية الموقع عليها والمتبادلة فى رفح فى 3 شعبان سنة 1324 هجرية الموافق أول أكتوبر سنة 1906 بين مندوبى الدولة العلية (تركيا) ومندوبى الخديوية الجليلة المصرية بشان تعيين خط فاصل إدارى بين ولاية الحجاز و متصرفية القدس وبين شبه جزيرة طور سينا النص فى المادة (1) على أن ( يبدأ الخط الفاصل الاداري كما هو مبين بالخريطة المرفوقة بهذه الاتفاقية من راس طابه الكائنة على الساحل الغربي لخليج العقبه ويمتد إلى قمة جبل فورت ماراَ على رؤوس جبال طابه …… إلى شاطىء البحر الأبيض المتوسط ماراً بتلة خرائب على ساحل البحر ) وقد أصبح الخط الإدارى المشار إليه هو خط الحدود الدولية لمصر مع فلسطين ، ولم تتضمن الاتفاقية المشار إليها أى نص يترتب عليه خروج جزيرتى تيران وصنافير من الحدود المصرية , كما أن الجزيرتين تقعان عند مدخل خليج العقبة بعيداً عن المنطقة التى ورد الاتفاق بشأنها , كما تضمن كتاب أطلس ابتدائى للدنيا لاستعماله فى المدارس المصرية المطبوع بمصلحة المساحة والمناجم على نفقة وزارة المعارف العمومية فى مصر و المطبوع عام 1922 والمعاد طبعه عام 1937 والذى اطلعت المحكمة على اصله وأرفق بملف الدعوى صورة من خريطة مصر الواردة به وتضمنت جزيرتى تيران وصنافير ضمن الأراضى المصرية , والثابت من صورة كتاب مدير عام مصلحة الحدود بالنيابة بتاريخ 2/6/1943 إلى مدير مكتب وزير الدفاع الوطنى والخريطة المرفقة به رداً على كتاب الوزارة الخاص بطلب عدم اعاقة تحركات القوات البريطانية التى ستجرى مناورة حرب فى خليج العقبة ، وتضمنت الخريطة المرفقة تحديد مكان المناورات فى مضيق تيران وعلى جزء من جزيرة تيران ، وقد تضمن الكتاب الاشارة إلى الإجراءات التى اتخذت فى سبيل ذلك ، وهو الأمر المستفاد منه أن القوات البريطانية اخطرت مصر صاحبة السيادة على تلك المنطقة ومنها جزيرة تيران قبل إجراء المناورات .