الوليد بن المغيرة
كان الوليد بن المغيرة من بني مخزوم وهو عم 'أبو جهل' شديد الثراء. وكان له عشرة أولاد كان يتباهي بهم، ومنهم خالد بن الوليد، والوليد بن الوليد، وكان لكثرة ماله الذي يفتخر به يقرض الناس بالربا، وقد أهله ذلك لأن يكون أحد المرموقين في مكة وكان من الذين تستمع لهم قريش في دار الندوة.
وكان هذا الرجل مع كثرة ماله بخيلا ضنينا بماله علي الفقراء والمساكين، وإن انفق في موسم الحج، فذلك كنوع من الفخر والتباهي.
ومع كثرة ما له وبخله، ومع انه كان واحدا من زعماء مكة فقد أثر ألا يشرب الخمر، لان الخمر تذهب بالعقل، وتجعل الانسان في موقف يزدريه فيه العقلاء.
كما أن الرواة يروون انه عندما أصاب السيل الجارف قبيل الرسالة المحمدية بيت الله الحرام، وتصدعت بعض أركانه، تحمس المغيرة لاعادة بناء الكعبة، واجتمع في دار الندوة مع أهل مكة من أجل هذا الغرض، وعندما علم أن هناك سفينة رومانية قد جنحت بعد أن تحطمت عند _ الشعبية _ وهو المكان الذي اقيمت عليه مدينة جدة الحالية، وكانت مرفأ للسفن، ذهب الي هناك واشتري خشبها، وكان علي متن هذه السفينة بانيا ماهرا اسمه 'باقوم' فطلب منه أن يقوم بمهمة بناء الكعبة.
وعندما خشي الناس من هدم الكعبة، تقدم هو وبدأ الهدم وتابعه الناس. واتفق الناس علي أن يكون بناء الكعبة من مال حلال. ويقول بعض الرواة انه كان يملك ألف ألف دينار.
{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا(11)وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا(12)وَبَنِينَ شُهُودًا(13)وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا(14)ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ(15)كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا(16)سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا(17)إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ(18)فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ(19)ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ(20)ثُمَّ نَظَرَ(21)ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ(22)ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ(23)فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ(24)إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ(25)سَأُصْلِيهِ سَقَرَ(26)وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ(27)لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ(28)لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ(29)عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ(30( ) المدثر
والقصص التي رويت في تفسيرها
أخرج الحاكم وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبن عباس: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه، فقال: يا عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوكه، فإنك أتيت محمداً، لتتعرض لما قِبَله، قال: لقد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر له، وأنك كاره له، فقال: وماذا أقول؟ فوالله، ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا أعلم برَجَزه ولا بقصيده مني، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطِلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمُغْدِق، وإنه يعلو وما يُعْلَى عليه، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه، فقال: {هذا سحر يؤثر} يأثره عن غيره، فنزلت: {ذرني ومن خلقت وحيداً}
وهذه الآيات التي نزلت في الوليد يفسرها الامام ابن كثير بقوله:
وهذا المذكور في هذا السياق هو الوليد بن المغيرة المخزمي أحد رؤساء قريش لعنه الله.
* * *
وتري في صفوة التفاسير للصابوني وهو يفسر هذه الآيات من سورة القلم:
)'فلا تطع المكذبين(8) ودوا لو تدهن فيدهنون(9) ولا تطع كل حلاف مهين (10)هماز مشاء بنميم(11) مناع للخير معتد أثيم (12) عتل بعد ذلك زنيم(13) ان كان ذا مال وبنين(14) اذ تتلي عليه آياتنا قال أساطير الاولين(15) سنسمه علي الخرطوم(16)). القلم
بعد أن شرح مفردات هذه الآيات قال:
قال المفسرون نزلت في الوليد بن المغيرة، فقد كان دعيا في قريش وليس منهم، ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة سنة _ أي تبناه ونسبه لنفسه بعد أن كان لا يعرف له أب.
قال ابن عباس: لا نعلم أحدا وصفه الله بهذه العيوب غير هذا، فألحق به عارا لا يفارقه أبدا، انما ذم بذلك لأن النطفة اذا خبثت خبث الولد، وروي أن الآية لما نزلت جاء الوليد الي أمه فقال لها:
_ ان محمدا وصفني بتسع صفات، كلها ظاهرة في أعرفها، غير التاسع منها يريد أنه 'زنيم' فان لم تصدقيني ضربت عنقك بالسيف!
فقالت له:
_ ان اباك كان عنينا _ أي لا يستطيع معاشرة النساء _ فخفت علي المال فمكنت راعيا من نفسي فأنت ابن ذلك الراعي!
فلم يعرف انه ابن زنا حتي نزلت الآية 'ان كان ذا مال وبنين' أي لأنه كان ذا مال وبنين قال في القرآن ما قال، وزعم انه اساطير الاولين وكان ينبغي أن يقابل النعمة بالشكر لا بالجحود والتكذيب 'اذ تتلي عليه آياتنا قال أساطير الأولين'
أي اذا قرئت آيات القرآن علي ذلك الفاجر قال مستهزئا ساخرا: انها خرافات وأباطيل المتقدمين اختلقها محمد ونسبها الي الله، قال الله تعالي ردا عليه متوعدا له بالعذاب
_ سنسمه علي الخرطوم'
أي سنجعل له علامة علي أنفه بالخطم عليه يعرف بها الي موته، وكني بالخرطوم علي أنفه علي سبيل الاستخفاف به، لان الخرطوم للفيل والخنزير، فاذا شبه أنف الانسان به كان ذلك غاية في الاذلال والاهانة كما يعبر عن شفاه الناس بالمشافر، وعلي أيديهم وارجلهم بالاظلاف والحوافر..
قال ابن عباس:
سنخطم أنفه بالسيف فنجعل ذلك علامة باقية علي أنفه ما عاش، وقد خطم يوم بدر بالسيف
قال الامام الفخر:
لما كان الوجه اكرم موضع في الجسد، والانف أكرم موضع من الوجه لارتفاعه عليه، ولذلك جعلوه مكان العز والحمية واشتقوا منه الانف، وقالوا في الذليل رغم أنفه، فعبر بالوسم علي الخرطوم عن غاية الاذلال والاهانة، لان السمة علي الوجه شين فكيف علي أكرم وضع في الوجه.
* * *
ولتطاول الوليد بن المغيرة علي القرآن الكريم واتهامه بأنه من اساطير الاولين، كان عليه سخط الله فقد عرف الحق، ولكنه ادار ظهره له.. فكان مصيره جهنم وبئس القرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
تارح هو الاسم المكتوب بالكتاب العبري لوالد النبي إبراهيم وذكره القرآن باسم آزر. وجاء في مجموعة من كتب قصص الأنبياء أن تارح اسمه وآزر لقبه وقيل العكس والله أعلم.
قال تعالى: ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ )
وُلد له إبراهيم وهو في السبعين من عمره، عاش مئتان وخمسة وسبعين سنة، ومات بحران.
قال أبو الليث السمرقندي في تفسيره للآية .وَإِذْ قَالَ إبراهيم لاِبِيهِ ءازَرَ } وكان اسم أبيه تارح بن ناخور بلغة قومه، وبلغة غيرهم كان آزر. وقال السدي : كان اسم أبيه آزر. وهكذا قال الكلبي. وقال بعضهم : لم يكن آزر اسم أبيه، ولكن كان اسم كبير أصنامهم. فقال أبوه لإبراهيم : ربي آزر. فقال إبراهيم على وجه التعجب : آزر. وقال مجاهد : آزر ليس اسم أبيه، وإنما هو اسم صنم. وقال الضحاك عن ابن عباس : إن في هذه الآية تقديماً فكأنه قال : أتتخذ آزر أصناماً آلهة يعني : أتتخذ الصنم إلهاً. ويقال : آزر بلغتهم المخطىء الضال. ومعناه : { وَإِذْ قَالَ إبراهيم لاِبِيهِ } يا آزر المخطىء أتتخذ أصناماً آلهة. وقرأ الحسن ويعقوب الحضرمي : { ءازَرَ } بالضم ويكون معناه : وإذ قال إبراهيم لأبيه : يا آزر. والقراءة المعروفة بالنصب لأنه على ميزان أفعل. ينصرف فصار نصباً. وهو بموضع الخفض. ولأنه اسم أعجمي فلا ينصرف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
جالوت في الإسلام
وردت القصة في القرآن الكريم في سورة البقرة،في ثلاث (3) مواضع وايات , هم : الاية (249) /( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ . الاية ( 250) / وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . الاية (251) / فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ . ايات متتاليات .
وجاء في تفسيرهم من نفسير القرطبي و ابن كثير في كتابه البداية و النهاية عن
( جالوت ) : أن داود كانَ أصغرَ أولادِ أبيه وكانوا ثلاثةَ عشرَ ذكرًا كان سمعَ طالوتَ ملكَ بني إسرائيلَ وهو يحرضُ بني إسرائيلَ على ***ِ جالوتَ وجنودِه وهو يقولُ من ***َ جالوتَ زوجتُه بابنتي وأشركتُه في ملكِي وكان داودُ عليه السلام يرمي بالقذافةِ وهو المقلاعُ رميًا عظيمًا فبينا هو سائرٌ مع بني إسرائيلَ إذ ناداه حجرٌ أن خذني فإن بي ت***ُ جالوتَ فأخذَه ثم حجرٌ آخرٌ كذلك ثم آخرٌ كذلك فأخذَ الثلاثةَ في مخلاتِه فلما تواجَه الصفانِ برزَ جالوتُ ودعا إلى نفسِه فتقدمَ إليه داودُ فقال له ارجعْ فإني أكرهُ ***َك فقالَ لكني أحبُّ ***َك وأخذَ تلك الأحجارَ الثلاثةَ فوضعَها في القذافةِ ثم أدارَها فصارتْ الثلاثةُ حجرًا واحدًا ثم رمى بها جالوتَ ففلقَ رأسَه وفرَّ جيشُه منهزمًا فوفى له طالوتُ بما وعدَه فزوجَه ابنتَه وأجرى حكمَه في ملكِه وعظمَ داودُ عليه السلام عند بني إسرائيلَ وأحبوه ومالوا إليه أكثرَ من طالوتَ فذكروا أن طالوتَ حسدَه وأرادَ ***َه واحتالَ على ذلك فلم يصلْ إليه وجعلَ العلماءُ ينهون طالوتَ عن ***ِ داودَ فتسلطَ عليهم ف***َهم حتى لم يبقِ منهم إلا القليلَ ثم حصلَ له توبةٌ وندمٌ وإقلاعٌ عما سلفَ منه وجعلَ يكثرُ من البكاءِ ويخرجُ إلى الجبانةِ فيبكي حتى يبلَ الثرى بدموعِه فنوديَ ذاتَ يومٍ من الجبانةِ أن يا طالوتُ ***تَنا ونحن أحياءٌ وآذيتَنا ونحن أمواتٌ فازدادَ لذلك بكاؤُه وخوفُه واشتدَّ وجلُه ثم جعلَ يسألُ عن عالمٍ يسألُه عن أمرِه وهل له من توبةٍ فقيل له وهل أبقيت عالمًا حتى دلَّ على امرأةٍ من العابداتِ فأخذتْه فذهبتْ به إلى قبرِ يوشعَ عليه السلام قالوا فدعتِ اللهَ فقامَ يوشعُ من قبرِه فقالَ أقامتِ القيامةُ فقالتْ لا ولكن هذا طالوتُ يسألُك هل له من توبةٍ فقالَ نعم ينخلعُ من الملكِ ويذهبُ فيقاتلُ في سبيلِ اللهِ حتى ي***َ ثم عادَ ميتًا فتركَ الملكَ لداودَ عليه السلام وذهبَ ومعه ثلاثةَ عشرَ من أولادِه فقاتلوا في سبيلِ اللهِ حتى ***وا قالوا فذلك قوله
{ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء}. الراوي: - المحدث:ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 2/8
في تفسير الايات لابن كثير : (فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) صدق الله العظيم .
يقول تعالى مخبرا عن طالوت ملك بني إسرائيل حين خرج في جنوده ومن أطاعه من ملإ بني إسرائيل وكان جيشه يومئذ فيما ذكره السدي ثمانين ألفا فالله أعلم أنه قال " إن الله مبتليكم" أي مختبركم بنهر قال ابن عباس وغيره : وهو نهر بين الأردن وفلسطين يعني نهر الشريعة المشهور" فمن شرب منه فليس مني " أي فلا يصحبني اليوم في هذا الوجه " ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده " أي فلا بأس عليه قال الله تعالى " فشربوا منه إلا قليلا منهم " قال ابن جريج قال ابن عباس : من اغترف منه بيده روي ومن شرب منه لم يرو وكذا رواه السدي عن أبي مالك عن ابن عباس . وكذا قال قتادة وابن شوذب قال السدي : كان الجيش ثمانين ألفا فشرب منه ستة وسبعون ألفا وتبقى معه أربعة آلاف كذا قال . وقد روى ابن جرير من طريق إسرائيل وسفيان الثوري ومسعر بن كدام عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب قال : كنا نتحدث أن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر وما جازه معه إلا مؤمن ورواه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن جده عن البراء بنحوه ولهذا قال تعالى " فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده " أي استقلوا أنفسهم عن لقاء عدوهم لكثرتهم فشجعهم علماؤهم العالمون بأن وعد الله حق فإن النصر من عند الله ليس عن كثرة عدد ولا عدة ولهذا قالوا " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " . وجاء فيها أن داود هو الذي *** جالوت. وكان طالوت ـ ملك بني إسرائيل ـ قد وعده إن *** جالوت أن يزوجه ابنته، ويشاطره نعمته ويشركه في أمره، فوفى له، ثم آل المُلك إلى داود مع ما منحه الله من النبوة العظيمة، ولهذا جاء في القرآن الكريم): وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251 ( (سورة البقرة، الآيتين –150-151) أي الملك الذي كان بيد طالوت والحكمة أي النبوة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حبيب النجار
حبيب نجار أو حبيب النجار أو مؤمن آل یاسین هو رجل صالح كان يسكن قرية في بلاد الشام قيل أنها انطاكيا , وهو الرجل الذي نزلت في حقه هذه ايات من سورة يس قال تعالى : و جاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال ياقومي اتبعوالمرسلين
حبيب النجار في القران
( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29))
قصة مؤمن آل ياسين سورة يس
أخبر الله في آيات سورة يس أنه أرسل إلى أهل قرية اثنين من الرسل يدعوانهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع , فبادروهما أهل القرية بالتكذيب , فعززهما الله وقواهما برسول ثالث , وعندما قال المكذبون من أهل القرية ما قالوا من التكذيب , قالت لهم رسلهم إنا رسل الله إليكم ولو كنا كذبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار , ولكن أهل القرية تمادوا في طغيانهم وراحوا يتطيرون بهؤلاء المرسلين ويقولون كما قال قتادة إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم وإنكم إذا لم تنتهوا فسوف نرجمكم بالحجارة وسيصيبكم منا عقوبة شديدة , فقالت لهم رسلهم إن طائركم معكم مردود عليكم وأنتم ما قابلتمونا بهذا الكلام وتوعدتمونا وتهددتمونا إلا من أجل أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له بل أنتم قوم مسرفون لتطيركم وكفركم وفسادكم .وقد قيض الله لهؤلاء الرسل من يدافع عنهم فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى لينصرهم من قومه , قيل إن اسمه حبيب النجار، وكان رجلا سقيما قد أسرع فيالجذام وكان كثير الصدقة يتصدق بنصف كسبه مستقيم الفطرة , وقيل كان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة وكان يعكف على عبادة الأصنام سبعين سنة يدعوهم لعلهم يرحمونه ويكشفون ضره, فلما أبصر الرسل دعوه إلى عبادة الله فقال هل من آية ؟ قالوا نعم ربنا على ما يشاء قدير وهذه لا تنفع شيئا ولا تضر , فآمن , ودعوا ربهم فكشف الله ما به كأن لم يكن به بأس , فحينئذ أقبل على التكسب فإذا أمسى تصدق بكسبه فأطعم عياله نصفا وتصدق بنصف .
فلما همّ قومه ب*** الرسل جاءهم فوعظهم أحسن ما تكون الموعظة وذكرهم بحق الله من العبادة والتعظيم ف***وه فما خرجت روحه إلا إلى الجنة فدخلها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حنة أم مريم العذراء
حنة بنت فاقوذا، هي زوجة عمران، وأخت زوجة زكريا عليه السلام وأم مريم عليها السلام.
تذكر والدة مريم أم عيسى في القرآن الكريم في سورة آل عمران, باسم "امرأة عمران" دون ذكر اسمها صراحة, وتتطابق فيها العديد من الصفات مع التقليد المسيحي. قال تعالى): إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ )33(ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )34( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )35( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )36(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)37 (سورة آل عمران, الآيات 33-37
. ولادة مريم
تزوجها عمران، ولم تحمل منه وأسنت، ولم يكن لها ولد فأبصرت يوماً طائراً يطعم أفراخه، فتحركت لذلك نفسها، واشتاقت للولد، وتمنت أن يكون لها ولد حتى تحن عليه مثل هذا الطائر، فهنالك دعت إلى الله تعالى أن يهب لها ولداً، وقالت: اللهم لك علي بأن رزقتني ولداً أن أتصدق به على بيت المقدس ، فواقعها زوجها عمران، فحملت مريم ولفتها في خرقة من يومها، وحملتها إلى المسجد الأقصى، ووضعتها عند الأحبار، من أبناء هارون عليه السلام وقالت لهم: دونكم وهذه النذيرة. وهذا مامِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب . فتنافس فيها الأحبار، وكان عمران قد مات قبل الولادة، فطلبها زكريا ليأخذها وقال: أنا أحق بها لأن خالتها عندي. فتقارعوا عليها فوقعت القرعة لزكريا عليه السلام قيل: إنها لم تلقم ثديا منذ ولدت، وقيل: إن أمها كانت ترضعها. وذكر في كتاب "تأريخ ابن الوردي": أن حنة أم مريم عليها السلام، وهي أخت إيشاع زوجة زكريا عليه السلام وذكر مثل ما سبق ذكره من دعاء حنة، وطلبها الولد بعد ما كبرت، وقيل: إن عمرها لما ولدت مريم كان ستين سنة.
وفاتها
توفيت وقد بلغت مريم من العمر عشر سنين
|