عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 15-04-2016, 01:41 PM
Mr. Hatem Ahmed
ضيف
 
المشاركات: n/a
افتراضي


3/ قِصَّةُ الغُلاَمِ وأَصْحَابِ الأُخْدُوْدِ


-- عَنْ صُهَيْبٍ الرُّوْمِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ رَسُوْلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: «كَاْنَ مَلِكٌ فِيْمَنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ، وَكَاْنَ لَه سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لَلْمَلِكِ: إِنَّى قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَاَمَاً أُعَلِّمُهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَاَمَاً يُعَلِّمُهُ، وَكَاْنَ في طَرِيْقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَاَمَهُ فَأعْجَبَهُ، وَكَاْنَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَىَ السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَال: إِذَا خَشِيْتَ السَّاحِرَ فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإذَا خَشِيْتَ أهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ».

«فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ أتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيْمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَال: اليَوْمَ أَعَلمُ السَّاحِرُ أفْضَلُ أمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟! فَأَخَذَ حَجَراً فَقَال: اللَّهُمَّ إِنْ كَاْنَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ، فَـاقْـتُـلْ هَذِهِ الدَّابَةَ حَتَّى يَمْضِي النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَـقَــتَــلَــهَـا، وَمَضَى النَّاسُ».

«فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأخْبَرَهُ. فَقَال لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ! أَنْت اليَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيْتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ».

«وَكَاْنَ الغُلَامُ يُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأدْوَاءِ».

«فَسَمِعَ جَلِيْسٌ لِلْمَلِكِ كَاْنَ قَدْ عَمِىَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيْرَةٍ، فَقَال: مَا هَاهُنَا لَكَ أجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي».

«فَقَال: إِنِّى لَا أَشْفِي أَحَدَاً، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ آمَنْتَ باللَّهِ تَعَالَى، دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ».

«فَآمَنَ بِاللَّهِ تَعَالَى، فَشَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى».

«فَأَتَى المَلِكَ فَجَلَسَ إِليْهِ كَمَا كَاْنَ يجلِسُ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَليْكَ بَصَرَكَ؟!»

«قَالَ: رَبِّي».

«قَالَ: وَلَكَ رَبٌ غَيْرِى؟!»

«قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ».

«فَأَخذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلَامِ».

«فَجِيءَ بِالغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: أيْ بُنَيَّ! قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ وَتَفْعَلُ، وَتَفَعْلُ».

«فَقَالَ: إِنِّي لَا أُشْفِي أحَداً، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ تَعَالَى».

«فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبهُ حَتَّى دلَّ عَلى الرَّاهِبِ».

«فَجِيَء بِالرَّاهِبِ فَقِيْلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِيْنكَ، فَأَبَى؛ فَدَعَا بِالمِنْشَارِ، فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِقِ رَأسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ».

«ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيْسِ المَلِكَ فَقِيْلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِيْنكَ، فَأَبَى؛ فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِقِ رَأسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ».

«ثُمَّ جِيءَ بِالغُلَامِ فَقِيْلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأبَى. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصحَابِهِ، فَقَال: اذْهَبُوا بِهِ إلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنِهِ، وَإلَّا فَاطْرحُوْهُ».

«فَذَهَبُوا بِهِ، فَصَعَدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيْهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمُ الجَبَلُ فَسَقَطُواْ، وجَاءَ يَمْشِي إِلَى المَلِكِ».

«فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فُعِلَ بِأَصْحَابِكَ؟!».

«فَقَالَ: كَفَانِيْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى».

«فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُوْرٍ وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِيْنِهِ، وإِلَّا فَاقْذِفُوهُ».

«فَذَهَبُواْ بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيْهِمْ بِمَا شِئتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِيْنَةُ فَغَرَقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى المَلِكِ».

«فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فُعِلَ بِأَصْحَابِكَ؟!»

«فَقَالَ: كَفَانِيْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى».

«فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَـاتِـلِـي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ».

«قَالَ: وَمَا هُوَ؟

«قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيْدٍ وَاحِدٍ، وتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِن كِنَانَتِي، ثمَّ ضَعْ السَّهْمَ فِي كَبْدِ القَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الغُلاَمِ، ثمَّ اِرْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَـتَـلْـتَـنِي».

«فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيْدٍ وَاحِدٍ، وصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِن كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وضع السَّهْمَ في كَبْدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فَمَاتَ».

«فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِاللَّهِ رَبِّ الغُلاَمِ».

«فَأُتِيَ الْمَلِكُ، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟! قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ».

«فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَقْحِمُوهُ فِيهَا؛ فَفَعَلُوا».

«حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَلَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ».


رَوَاهُ مُسْلِمٌ (4/ 3005والتِّرْمِذِيُّ(5/ 3340).

- (الْأَكْمَهَ): المَوْلُود أَعمَى.
- (مَفْرِقِرَأْسِهِ): وَسَطِ رَأْسِه.
- (ذُرْوَتَهُ): أَعلَى الجَبَل.
- (الجِذْع): عُود مِن أَعوَاد النَّخْل.
- (كِنَانَتِي): بَيْت السِّهَام.
- (كَبْد القَوْسِ): وَسَطَه.
- (خُدَّتْ): شُقَّتْ.
- (أَقْحِمُوهُ): أَلْقُوهُ.
- (قُرْقُورٍ): نَوْع مِن السُّفُنِ.
- (صَعِيدٍ): الأَرض البَارِزَة.
- (أَضْرَمَ): أَوْقَدَ النِّيرَان.
- (تَقَاعَسَتْ): تَوَقَّفَت وجَبُنَت.

رد مع اقتباس