يبدأ «مايكل موريل» شهادته عما حدث فى ليبيا باستعراض الموقف بعد سقوط «معمر القذافى» من وجهة النظر الأمريكية. يقول: «كان رحيل معمر القذافى عن الساحة الليبية فى 2011 أمراً جيداً حال دون إراقة أنهار من الدماء الليبية فى الشوارع على يديه.
إلا أن ما ظهر بعد ذلك كان دولة فاشلة أتاحت مجالاً واسعاً لازدهار الجماعات المتطرفة، إلى الحد الذى أصبح فيه السؤال الحقيقى هنا هو: هل أصبح الليبيون أفضل حالاً بعد ثورتهم عما كانوا عليه من قبل؟. لست واثقاً من ذلك.
ما جرى فى ليبيا كان دفعة قوية لتنظيم القاعدة على امتداد شمال أفريقيا ومالى وموريتانيا والنيجر. كانت الحكومات التى توالت عقب سقوط القذافى عاجزة عن إحكام قبضتها على الحكم، وسيطرت الميليشيات ذات المرجعيات المتطرفة المختلفة على أجزاء واسعة من البلاد، فى الوقت الذى انتشرت فيه أسلحة القذافى فى طول البلاد وعرضها، وتسربت إلى الدول المجاورة للحدود الليبية التى لا توجد عليها إلا سيطرة ضعيفة أو منعدمة تماماً».
ويتابع «موريل» رصده للموقف الأمنى فى تلك المنطقة الحرجة من العالم قائلاً: «هكذا، تدهور الموقف الأمنى فى ليبيا منذ بداية ربيع 2012، خاصة فى الجزء الشرقى من البلاد، وراح خطر التطرف يزداد شراسة فى هذه المنطقة. وكتب محللو المخابرات المركزية الأمريكية عشرات التقارير التى تصف بالتفصيل كيف يزداد الموقف فى ليبيا خطورة يوماً بعد يوم.، إلى حد أن وصفه تقرير فى يوليو 2012 بأن ليبيا هى معقل القاعدة الذى يتم إقامته الآن».
وينتقل «موريل» إلى الحديث عن قاعدة المخابرات المركزية الأمريكية فى شرق ليبيا، والدور الذى كانت تلعبه هناك، يقول: «فى الظروف العادية، لم يكن من الممكن لى أن أؤكد وجود قاعدة للمخابرات المركزية الأمريكية وراء البحار، دعك طبعاً من وصف وظيفتها ومهامها فى تلك المنطقة،
لكن نظراً للأحداث المأساوية التى جرت فى بنغازى فى 11 سبتمبر 2011، التى أدت إلى مصرع السفير الأمريكى هناك روبرت ستيفنز، وما جرى بعدها من جدل وخلافات، صار دور المخابرات الأمريكية هناك أمراً معترفاً به، الأمر الذى يتيح لى الكشف عن تفاصيله هنا».
ويتابع: «كانت مدينة بنغازى ذات أهمية حيوية وخاصة فى ليبيا، ظلت هذه المدينة معقلاً للمعارضة ضد نظام القذافى لسنوات طويلة، وبعدها أصبحت مركزاً تستخدمه الولايات المتحدة لفهم تطورات الأحداث فى ليبيا خلال ثورة 2011، ولمعرفة تأثير الوجوه الرئيسية فى شرق ليبيا بعد سقوط العقيد. أصبح للمخابرات المركزية الأمريكية وجود هناك، بوحدة مهمتها جمع المعلومات الاستخباراتية فى شرق ليبيا، بما فيها معلومات عن الإرهابيين الموجودين هناك، خاصة أن تلك المدينة كانت بيئة حاضنة للتطرف، وكذلك للعديد من الوجوه الليبية المؤثرة ضمن قيادات تنظيم القاعدة».
ويحاول «موريل» تبرئة قاعدة عمليات المخابرات الأمريكية فى شرق ليبيا من تهمة تهريب أسلحة للمعارضة الإسلامية المتطرفة فى سوريا، كما ألمحت بعض التقارير الأمريكية، قائلاً: «قامت قاعدة المخابرات المركزية الأمريكية بمهمتها جيداً فى بنغازى، وإن كانت على خلاف ما ألمحت إليه بعض التقارير الصحفية الأمريكية، لم تلعب دوراً فى نقل وتحويل الأسلحة من ليبيا إلى المعارضة السورية، هذا أمر لم يتورط فيه أى ضابط أو منشأة أمريكية فى ليبيا على الإطلاق».
ويواصل: كانت المنشأة التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية فى بنغازى يتم تصنيفها خطأ على أنها قنصلية أمريكية، لكنها كانت فى الواقع، منشأة تضم بعثة مؤقتة، أى أنه وجود لا يضم مسئولين كباراً، ولم يحظ بأى توصيف رسمى من الحكومة الليبية. كان مقر تلك البعثة يمتد على مساحة واسعة من الأراضى التى تشمل عدة مبانٍ، ولأن المبنى الذى كانت قاعدة المخابرات المركزية تقع فيه كان منفصلاً عن مقر البعثة المؤقتة، أصبحنا نطلق عليه مجازاً وصف «الملحق».
__________________
الحمد لله
|