عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 04-02-2015, 08:45 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثالث عشر: من أدب الخلاف:
في اختلاف الصحابة في فهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة»([66]), فبعضهم فهم منه المراد الاستعجال، فصلى العصر لما دخل وقته, وبعضهم أخذ بالظاهر فلم يصل إلا في بني قريظة, ولم ي*** النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا منهم أو عاتبه، ففي ذلك دلالة هامة على أصل من الأصول الشرعية الكبرى وهو تقرير مبدأ الخلاف في مسائل الفروع، واعتبار كل من المتخالفين معذورًا ومثابًا، كما أن فيه تقريرًا لمبدأ الاجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية، وفيه ما يدل على أن استئصال الخلاف في مسائل الفروع التي تنبع من دلالات ظنية أمر لا يمكن أن يتصور أو يتم([67]).
إن السعي في محاولة القضاء على الخلاف في مسائل الفروع، معاندة للحكمة الربانية والتدبير الإلهي في تشريعه، عدا أنه ضرب من العبث الباطل، إذ كيف تضمن انتزاع الخلاف في مسألة ما دام دليلها ظنيًّا محتملاً؟... ولو أمكن ذلك أن يتم في عصرنا، لكان أولى العصور به عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكان أولى الناس بألا يختلفوا هم أصحابه، فما بالهم اختلفوا مع ذلك كما رأيت؟([68]) وفي الحديث السابق من الفقه أنه لا يعاب على من أخذ بظاهر حديث نبوي أو آية من كتاب الله، كما لا يعاب من استنبط من النص معنى يخصه، وفيه أيضا أن المختلفين في الفروع من المجتهدين لا إثم على المخطئ, فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد»([69]).
وحاصل ما وقع أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته، ولم يبالوا بخروج الوقت وقت الصلاة توجيهًا لهذا النهي الخاص على النهي العام عن تأخير الصلاة عن وقتها([70]).
وقد علق الحافظ ابن حجر على هذه القصة فقال: ثم الاستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق ليس بواضح، وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد, فيستفاد منه عدم تأثيمه، وحاصل ما وقع في القصة أن بعض الصحابة حملوا النص على حقيقته، ولم يبالوا بخروج الوقت ترجيحًا للنهي الثاني على النهي الأول، وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها، واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب بنظير ما وقع في تلك الأيام بالخندق، والبعض الآخر حملوا النهي على غير الحقيقة، وأنه كناية على الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة، وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم ي*** أحدًا من الطائفتين، فلو كان هناك إثم ل*** من أثم([71]).
رابع عشر: توزيع غنائم بني قريظة وإسلام ريحانة بنت عمرو:
1- جمع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم التي خلفها بنو قريظة، فكانت من السيوف ألفًا وخمسمائة سيف، ومن الرماح ألفي رمح، ومن الدروع ثلاثمائة درع، ومن التروس ألفًا وخمسمائة ترس وجحفة، كما تركوا عددًا كبيرًا من الشياه والإبل وأثاثًا كثيرًا وآنية كثيرة، ووجد المسلمون دنانًا من الخمر، فوزعت الغنائم وهي الأموال المنقولة كالسلاح والأثاث وغيرها بين المحاربين من أنصار ومهاجرين ممن شهدوا الغزوة، فأعطي أربعة أخماس الغنائم لهم، إذ جعل للفرس سهمين، وللراجل سهمًا، فالفارس يأخذ ثلاثة أسهم له ولفرسه، وغير الفارس يأخذ سهمًا واحدًا له، والخمس المتبقي هو سهم الله ورسوله المقرر في كتابه تعالى([72]).
وأما ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من الخمر عند بني قريظة فقد أراقوه ولم يأخذوا منه شيئًا، ولم ينتفعوا به كذلك، وقد أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لسويد بن خلاد الذي ***ته المرأة اليهودية بالرحى، وأعطى سهمه لورثته([73]), ولصحابي آخر مات أثناء حصار بني قريظة([74]), كما رضخ رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء اللواتي حضرن ولم يسهم لهن، منهن: صفية بنت عبد المطلب، وأم عمارة، وأم سليط، وأم العلاء، والسميراء بنت قيس، وأم سعد بن معاذ([75]), وأما الأموال غير المنقولة كالأراضي والديار فقد أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم للمهاجرين دون الأنصار، وأمر المهاجرين أن يردوا إلى الأنصار ما أخذوه منهم من نخيل
وأرض، وكانت على سبيل العارية، ينتفعون بثمارها([76]), قال تعالى عن تلك


الأراضي والديار:
( وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا )[الأحزاب: 27].
قال الأستاذ محمد دروزة: أما عبارة «وأرضا لم تطؤوها» فقد قال المفسرون: إنها أرض خيبر، وإن الجملة بشرى سابقة لفتحها، غير أن الذي تلهم روح الآية ومضمونها على ما يتبادر لنا أنها أرض لبني قريظة بعيدة عن مساكنهم، آلت إلى المسلمين دون حرب أو حصار، ونتيجة للمصير الذي صار إليه أصحابها([77]). هذا وقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة t بالخمس من الذرية والنساء إلى الشام فباعها، واشترى بالثمن سلاحًا وخيلاً ليستعين به المسلمون في معاركهم مع الأعداء من يهود ومشركين، وكذلك بعث إلى نجد سعد بن زيد فباع سبيًا واشترى سلاحًا([78]).
2- إسلام ريحانة رضي الله عنها: وكان من بين السبي ريحانة بنت عمرو بن خنافة إحدى نساء بني عمرو من بني قريظة قد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها بعد أن تسلم، فترددت، وبقيت وقتًا على دينها، ثم شرح الله صدرها للإسلام فأسلمت، فبعثها إلى بيت أم منذر بنت قيس حتى حاضت ثم طهرت، فجاءها وخيَّرها: أيعتقها ويتزوجها أو تكون في ملكه صلى الله عليه وسلم؟ فاختارت أن تكون في ملكه رضي الله عنها([79]).
خامس عشر: الإعلام الإسلامي في غزوة الأحزاب:
قام شعراء الصحابة بدورهم الجهادي، فقالوا قصائد رائعة وضحوا بها موقف المسلمين في غزوة الأحزاب, نقتطف منها أبياتًا منها كنماذج لهذه القصائد، فمن ذلك قول كعب بن مالك، أخو بني سلمة:
ولو شهدت رأتنا صابرينا --- وسائلة تسائل ما لقينا



على ما نابنا متوكلينا --- صبرنا لا نرى لله عدلاً



به نعلو البرية أجمعينا --- وكان لنا النبي وزير صدقٍ



وكانوا بالعداوة مرصدينا([80]) --- نقاتل معشرا ظلموا وعقوا



بضرب يعجل المتسرعينا --- نعالجهم إذا نهضوا إلينا



كغدران الملا متسربلينا([81]) --- ترانا في فضافض سابغات




إلى أن قال:
نكون عباد صدق مخلصينا --- لننصر أحمدًا والله، حتى



وأحزاب أتوا متحزبينا --- ويعلم أهل مكة حين ساروا



وأن الله مولى المؤمنينا --- بأن الله ليس له شريك



فإن الله خير القادرينا --- فإما ت***وا سعدًا سفاها



تكون مقامة للصالحينا --- سيدخله جنانا طيبات



بغيظكم خزايا خائبينا --- كما قد ردكم فلا شريدًا



وكدتم أن تكونوا دامرينا --- خزايا لم تنالوا ثم خيرًا



فكنتم تحتها متكمِّهينا([82]) --- بريح عاصف هبت عليكم





* * *





([1]) محفر: اسم فاعل من حفَّر.
([2]) أهيل: رملاً سائلاً. انظر: النهاية في غريب الحديث (5/289).
([3]) أهيم: الرمل الذي لا يتمالك، انظر: لسان العرب (3/858).
([4]) العناق: الأنثى من أولاد الماعز، انظر: النهاية في غريب الحديث (3/310).
([5]) البرمة: هي القدر مطلقًا، انظر: النهاية في غريب الحديث (1/121).
([6]) الأثافي: الحجارة التي تنصب ويجعل القدر عليها، انظر: القاموس المحيط (3/120)
([7]) ولا تضاغطوا: أي لا تزاحموا. انظر: لسان العرب (2/537).
([8]) البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق (5/55) رقم 4101.
([9]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/241). (2) انظر: المرأة في العهد النبوي، ص175.

([11]) انظر: السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، ص448.
([12])المصدرنفسه، ص449. (5) انظر: نضرة النعيم (1/325).

([14]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/255)
([15]) انظر: من معين السيرة للشامي، ص291.
([16]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/247).
([17])المصدرنفسه (3/247) ضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير.
([18]) انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (6/108).
([19]) البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق رقم 4111.
([20]) انظر: الأساس في السنة (2/682).
([21]) انظر: فقه السيرة النبوية، ص223. (2) انظر: من معين السيرة، ص294.

([23]) انظر: الرحيق المختوم، ص283، 284.
([24]) انظر: المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة (2/246).
([25]) انظر: صحيح السيرة النبوية، ص365. (4) المصدرنفسه، ص365.
(1) انظر: صحيح السيرة النبوية، ص365. (2) انظر: غزوة الأحزاب، الدكتور أبو فارس.

([28]) انظر: المستشفيات الإسلامية، الدكتور عبد الله السعيد، ص43.
([29]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/263).
([30]) انظر: من معين السيرة، ص294. (2) انظر: المستفاد من قصص القرآن (2/286).

([32]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/262).
([33]) انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (6/165).
([34]) انظر: صور وعبر من الجهاد النبوي في المدينة، ص261.
([35]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام، (3/262).
([36]) انظر: فقه السيرة للبوطي، ص228.
([37]) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود (3/1389) رقم 1769.
([38]) انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (6/170).
([39]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/263).
([40]) انظر: صور وعبر من الجهاد النبوي في المدينة، ص265.
([41]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/275).
([42]) انظر: فقه السيرة للبوطي، ص228. (2) انظر: التربية القيادية (3/70).

([44]) انظر: التربية القيادية (4/71). (4) المصدرنفسه (4/74).

([46]) انظر: سير أعلام النبلاء (1/287) إسناده حسن.
([47]) انظر: سير أعلام النبلاء (1/295) إسناد صحيح، أخرجه النسائي (4/100) في الجنائز.
([48]) انظر: سير أعلام النبلاء (1/288) رجاله ثقات. (2) انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (6/171).

([50]) مسلم، فضائل الصحابة رقم 2466.(4) مسلم، فضائل الصحابة، رقم 2468.

([52]) انظر: التربية القيادية (4/77)، نقلا عن مسند الإمام أحمد (6/141).
([53]) انظر: القيادة الربانية (4/78). (6) انظر: سير النبلاء (1/290).

([55]) انظر: مصنف عبد الرزاق (5/371) رقم 9727.
([56]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/265).
([57]) انظر: الصراع مع اليهود لأبي فارس (2/112).
([58]) انظر: الصراع مع اليهود (2/113، 114).(2،3) انظر: اليهود في السنة المطهرة (1/368).

(4) انظر: الصراع مع اليهود (2/115).

([62]) انظر: اليهود في السنة المطهرة (1/372). (2،3)المصدرنفسه (1/373).

(4) انظر: الصراع مع اليهود (2/116).

([66]) البخاري، كتاب المغازي، (5/60) رقم 4119. (6) انظر: فقه السيرة النبوية للبوطي، ص226.

(1) انظر: فقه السيرة النبوية للبوطي، ص226. (2) سنن أبي داود (3557).

([70]) المستفاد من قصص القرآن (2/286). (4) اختصار من فتح الباري (7/473).

([72]) انظر: الصراع مع اليهود (2/96، 97).
([73])المصدرنفسه (2/97).
([74]،2) انظر: اليهود في السنة المطهرة (1/375).

([76]) انظر: الصراع مع اليهود (2/98). (4) انظر: سيرة الرسول لعزة دروزة (2/202).

([78]) انظر: الصرع مع اليهود (2/98). (6) المصدر نفسه (2/99).

([80]) المرصد: المعد للأمر عدته.
([81]) متسربلينا: بلبسون الدروع
([82]) متكمهينا: العمى الذين لا يبصرون.
__________________
رد مع اقتباس