عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 02-11-2014, 10:23 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

سابعًا: موقف المشركين لما قدموا إلى بدر:
بين سبحانه وتعالى موقف المشركين لما قدموا إلى بدر, قال تعالى: ( إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) [الأنفال: 19].
روى الإمام أحمد عن عبد الله بن ثعلبة أن أبا جهل قال حين التقى القوم –في بدر-: اللهم أقطعُنا للرحم، وآتانا بما لا يعرف، فأحنه – أي أهلكه: الغداة. فكان المستفتح([47]).
ولما وصل جيش مكة إلى بدر دب فيهم الخلاف وتزعزعت صفوفهم الداخلية، فعن ابن عباس t قال: «لما نزل المسلمون وأقبل المشركون، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتبة بن ربيعة وهو على جمل أحمر، فقال: «إن يكن عند أحد من القوم خير فهو عند صاحب الجمل الأحمر, إن يطيعوه يرشدوا» وهو يقول: يا قوم أطيعوني في هؤلاء القوم فإنكم إن فعلتم لن يزال ذلك في قلوبكم, ينظر كل رجل إلى قاتل أخيه وقاتل أبيه، فاجعلوا حقها برأسي وارجعوا، فقال أبو جهل: انتفخ والله سحره,([48]) حين رأى محمدًا وأصحابه، إنما محمد وأصحابه أكلة جزور لو قد التقينا. فقال عتبة: ستعلم من الجبان المفسد لقومه، أما والله إني لأرى قومًا يضربونكم ضربًا، أما ترون كأن رؤوسهم الأفاعي وكأن وجههم السيوف..)([49]).
وهذا حكيم بن حزام يحدثنا عن يوم بدر، وكان في صفوف المشركين قبل إسلامه، قال: خرجنا حتى نزلنا العدوة التي ذكرها الله عز وجل، فجئت عتبة بن ربيعة فقلت: يا أبا الوليد هل لك أن تذهب بشرف هذا اليوم ما بقيت؟
قال: أفعل ماذا؟ قلت: إنكم لا تطلبون من محمد إلا دم ابن الحضرمي([50]), وهو حليفك فتحمل ديته وترجع بالناس، فقال أنت وذاك وأنا أتحمل ديته، واذهب إلى ابن الحنظلية([51]) يعني -أبا جهل- فقل له: هل لك أن ترجع اليوم بمن معك عن ابن عمك؟ فجئته فإذا هو في جماعة من بين يديه ومن ورائه، وإذا ابن الحضرمي([52]) واقف على رأسه وهو يقول: قد فسخت عقدي من عبد شمس، وعقدي إلى بني مخزوم فقلت له: يقول لك عتبة بن ربيعة: هل لك أن ترجع اليوم عن ابن عمك بمن معك؟ قال: أما وجد رسولا غيرك؟ قلت: لا ولم أكن لأكون رسولاً لغيره.
قال حكيم: فخرجت مبادرًا إلى عتبة، لئلا يفوتني من الخبر شيء([53]). فهذا عتبة بن ربيعة وهو في القيادة من قريش لا يرى داعيًا لقتال محمد، وقد دعا قريش بترك محمد فإن كان صادقًا فيما يدعو إليه فعزه عز قريش وملكه ملكها، وستكون أسعد الناس به، وإن كان كاذبًا فسيذوب في العرب وتنهيه.
ولكن كبرياء الجاهلية دائمًا في كل زمان ومكان لا يمكن أن تترك الحق يتحرك؛ لأنها تعلم أن انتصاره معناه زوالها من الوجود وبقاؤه مكانها([54]).
وهذا عمير بن وهب الجمحي ترسله قريش ليحرز لهم أصحاب محمد، فاستجال حول العسكر ثم رجع إليهم فقال: ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون، ولكن أمهلوني أنظر أللقوم كمين أو مدد، قال: فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئًا، ولكن قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا, نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس لهم منعة إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يُ*** رجل منهم حتى ي*** رجلا منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك، فُروا رأيكم([55]).
وهذا أمية بن خلف رفض الخروج من مكة ابتداء خوفًا من الموت، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان إنك متى يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذا غلبتني، فوالله لأشترين أجود بعير بمكة. ثم قال أمية: يا أم صفوان جهزيني. فقالت له: أبا صفوان وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ تقصد سعد بن معاذ عندما قال له: سمعت رسول الله يقول: إنهم لقاتلوك([56]). قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبًا, فلما خرج أمية أخذ لا يترك منزلاً إلا عقل بعيره، فلم يزل بذلك حتى ***ه الله عز وجل ببدر([57]).
ومن دهاء أبي جهل -لعنه الله- أن سلط عقبة بن معيط على أمية بن خلف فأتاه عقبة بمجمرة حتى وضعها بين يديه فقال: إنما أنت من النساء. فقال: قبحك الله([58]).
لقد كانت القوة المعنوية لجيش مكة متزعزعة في النفوس، وإن كان مظهره القوة والعزم والثبات إلا أن في مخبره الخوف والجبن والتردد([59]).
وكانت لرؤيا عاتكة بنت عبد المطلب أثر على معنويات أهل مكة، فقد رأت في المنام أن رجلاً استنفر قريشًا وألقى بصخرة من رأس جبل أبي قبيس بمكة فتفتت ودخلت سائر دور قريش، وقد أثارت الرؤيا خصومة بين العباس وأبي جهل حتى قدم ضمضم وأعلمهم بخبر القافلة فسكنت مكة وتأولت الرؤيا([60]). كما أن جهيم بن الصلت بن المطلب بن عبد مناف رأى رؤيا عندما نزلت قريش الجحفة، فقد رأى رجلاً أقبل على فرس حتى وقف، ومعه بعير له، ثم قال: *** عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف, وفلان وفلان، فعدد رجالاً من أشراف قريش، ثم رأيته ضرب في لبة بعيره، ثم أرسله في العسكر، فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه نضح([61]) من دمه، فلما بلغت أبا جهل هذه الرؤيا، قال: وهذا أيضا نبي من بني المطلب، سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا([62]). كانت تلك الرؤى قد ساهمت بتوفيق الله في إضعاف النفسية القرشية المشركة.

* * *






([1]) قدرت قيمة البضائع التي تحملها القافلة بحوالي 50 ألف دينار، انظر: موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (1/286).
([2]) جوامع السيرة لابن حزم ص(107).
([3]) ورد الاسم في صحيح مسلم بصيغة التأنيث مصحفًا إلى بسيسة وصححه ابن حجر.
([4]) ابن هشام السيرة (2/61) بسند صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما.
([5]) انظر: حديث القرآن عن غزوات الرسول، د. محمد آل عابد (1/43).
([6]) البداية والنهاية (3/260), المستدرك للحاكم (3/632).
([7]) هما عدي بن الزغباء، وبسبس بن عمرو،الطبقات لابن سعد (2/24).
([8]) الطبقات لابن سعد (2/42) بإسناد صحيح.
([9]) فتح الباري (7/290-292).
([10]) مسلم، شرح النووي (12/84).
([11])البداية والنهاية (3/314) وكذلك الطبقات، وخليفة بن خياط.
([12]) مسلم، بشرح النووي (12/84). (4) البداية والنهاية (3/260).

([14]) المسند (1/411)، مجمع الزوائد (6/69)، جوامع السير، ص108.
([15]) انظر: السيرة النبوية لأبي شهبة (2/124).
([16]، 8) انظر: السيرة النبوية الصحيحة للعمري (2/355).

([18]) انظر: موسوعة نضرة النعيم (1/287) (2) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (2/230).

([20]) انظر: غزوة بدر الكبرى لأبي فارس، ص33، 34.
([21]) انظر: موسوعة نضرة النعيم (1/287).
([22]) اللطيمة: القافلة المحملة بشتى أنواع البضاعة غير الطعام.
([23]) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (2/221)
([24]) نصحهم الأخنس بن شريق بذلك، انظر: ابن هشام (2/231)
([25]) انظر: موسوعة نضرة النعيم (1/287) (2) صحيح البخاري رقم (3952).

([27]) انظر: موسوعة نضرة النعيم (1/288).
([28]) المبالغة في عظمة ذلك المشهد، وأنه كان لو خُير بين أن يكون صاحبه وبين أن يحصل له ما يقابل ذلك لكان حصوله أحب إليه.
([29]) البخاري، كتاب المغازي (7/287). (6) البخاري، كتاب التفسير (8/273).

([31]) مسلم (3/1404) رقم (1779).
([32]) انظر: البداية والنهاية (3/262) بإسناد صحيح، المسند (5/259) رقم (3698).
([33]) انظر: غزوة بدر الكبرى لأبي فارس، ص37.
([34]) انظر: زاد المعاد (3/172) (5) انظر: سيرة ابن هشام (2/228).

([36]) ابن هشام (2/229).
([37]) البخاري (2/2947)(3) انظر: سيرة ابن هشام (2/228).

([39]) انظر: مرويات غزوة بدر، أحمد محمد باوزير، ص100.
([40]) مسلم، كتاب الإمارة (3/1510) رقم (1901).
([41]) شرح النووي لصحيح مسلم (13/45).
([42]) انظر: مرويات غزوة بدر، ص165، قصة الحباب تتقوى وترتفع إلى درجة الحسن.
([43]) انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (4/110).
([44]) انظر: التربية القيادية (3/21).
([45]) انظر: حديث القرآن عن غزوات الرسول (1/65، 66).
([46]) انظر: تفسير القرطبي (8/25). (2) المسند (5/431).

([48]) سحرك: رئتك، يقال ذلك للجبان.
([49]) مجمع الزوائد (6/76) وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.
([50]) تقدم ذكره في سرية عبد الله بن جحش.
([51]) ابن الحنظلية هو أبو جهل، وهي أسماء بنت مخربة من بني تميم.
([52]) المقصود هنا عامر أخو عمرو المتقدم
(1) سيرة ابن هشام (2/234، 235).
([54]) انظر: مرويات غزوة بدر، ص155. (3) انظر: البداية والنهاية (3/269).

([56]) انظر: فتح الباري (7/238) الطبعة السلفية، مصر.
([57]) انظر: مرويات غزوة بدر، ص136. (6) المصدر نفسه، ص137.

([59]) المصدر السابق، ص138.
([60]) انظر: المجتمع المدني في عصر النبوة للعمري، ص41.
([61]) نضح: لطخ.
(4) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (2/230).
__________________
رد مع اقتباس