عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26-09-2014, 03:43 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الفصل الخامس


الطواف على القبائل وهجرة الصحابة إلى المدينة


المبحث الأول


الطواف على القبائل طلبًا للنصرة

بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الطائف، بدأ يعرض نفسه على القبائل في المواسم, يشرح لهم الإسلام، ويطلب منهم الإيواء والنصرة، حتى يبلغ كلام الله عز وجل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرك في المواسم التجارية, ومواسم الحج التي تجتمع فيها القبائل, وفق خطة سياسية دعوية واضحة المعالم, ومحددة الأهداف، وكان يصاحبه أبو بكر الصديق, الرجل الذي تخصص في معرفة أنساب العرب وتاريخها، وكانا يقصدان «غرر الناس ووجوه القبائل، وكان أبو بكر t يسأل وجوه القبائل ويقول لهم: كيف العدد فيكم؟ وكيف المنعة فيكم؟ وكيف الحرب فيكم؟ وذلك قبل أن يتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرض دعوته»([1]).
يقول المقريزي: «ثم عرض صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل أيام الموسم، ودعاهم إلى الإسلام، وهم بنو عامر، وغسان، وبنو فزارة، وبنو مرة، وبنو حنيفة، وبنو سليم، وبنو عبس، وبنو نصر، وثعلبة بن عكابة، وكندة، وكلب، وبنو الحارث بن كعب، وبنو عذرة وقيس بن الخطيم، وأبو اليسر أنس بن أبي رافع» وقد استقصى الواقدي أخبار هذه القبائل قبيلة قبيلة ويقال إنه صلى الله عليه وسلم بدأ بكندة فدعاها إلى الإسلام, ثم أتى كلبًا ثم بني حنيفة ثم بني عامر، وجعل يقول: من رجل يحملني إلى قومه فيمنعني, حتى أبلغ رسالة ربي فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي؟ هذا وأبو لهب وراءه يقول للناس: لا تسمعوا منه فإنه كذاب([2]).
ولم يقتصر الأذى على ذلك بل واجه الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو أشد وأقسى، فقد روى البخاري في تاريخه والطبراني في الكبير عن مدرك بن منيب أيضًا عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وهو يقول: «يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا» فمنهم من تفل في وجهه، ومنهم من حثا عليه التراب، ومنهم من سبه، حتى انتصف النهار، فأقبلت جارية بِعُسٍّ من ماء فغسل وجهه ويديه، وقال: «يا بنية لا تخشي على أبيك غلبة ولا ذلة» فقلت: من هذه؟ قالوا: زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي
جارية وضيئة([3]).

وقد كان أبو جهل, وأبو لهب, لعنهما الله يتناوبان على أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يدعو في الأسواق والمواسم، وكان يجد منهما عنتًا كبيرًا، إضافة إلى ما يلحقه من المدعوين أنفسهم([4]).
أولاً: من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الرد على مكائد أبي جهل والمشركين أثناء الطواف على القبائل:
1- مقابلة القبائل في الليل:
فكان صلى الله عليه وسلم من حكمته العالية يخرج لمقابلة القبائل في ظلام الليل، حتى لا يحول بينه وبينهم أحد من المشركين([5]) وقد نجح هذا العمل في إبطال مفعول الدعاية المضادة، التي كانت تتبعها قريش، كلما اتصل الرسول صلى الله عليه وسلم بقبيلة من القبائل، والدليل على نجاح هذا الأسلوب المضاد اتصال الرسول صلى الله عليه وسلم بالأوس والخزرج ليلا، ومن ثم كانت العقبة الأولى والثانية ليلا([6]).
2- ذهاب الرسول صلى الله عليه وسلمإلى القبائل في منازلهم:
فقد أتى كلبًا وبني حنيفة، وبني عامر في منازلهم([7]) وبذلك يحاول أن يبتعد عن مطاردة قريش، فستطيع أن يتفاوض مع القبائل بالطريقة المناسبة دونما تشويش أو تشويه من قريش.
3- اصطحاب الأعوان:
كان أبو بكر وعلي رضي الله عنهما يرافقان الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض مفاوضاته مع بعض القبائل، وربما كانت هذه الرفقة لأجل ألا يظن المدعوون أنه وحيد، ولا أعوان له من أشراف قومه وأقاربه، هذا إلى جانب معرفة أبي بكر t بأنساب العرب([8]) الأمر الذي يساعد الرسول صلى الله عليه وسلم في التعرف على معادن القبائل، فيقع الاختيار على أفضلها، لتحمل تبعات الدعوة.
4- التأكد من حماية القبيلة:
ومن الجوانب الأمنية المهمة، سؤاله صلى الله عليه وسلم عن المنعة والقوة لدى القبائل, قبل أن يوجه إليهم الدعوة، ويطلب منهم الحماية فقوة ومنعة القبيلة التي تحمي الدعوة شيء ضروري ومهم لا بد منه، لأن هذه القبيلة ستواجه كل قوى الشر والباطل، فلا بد أن تكون أهلاً لهذا الدور من حيث الاستعداد المعنوي والمادي، الذي يرهب الأعداء، ويحمي حمى الدعوة، ويتحمل تبعات نشرها، مزيلاً لكل العقبات التي تقف في طريقها([9]).
__________________
رد مع اقتباس