عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 21-08-2014, 07:36 AM
الصورة الرمزية مسلمة متفائلة
مسلمة متفائلة مسلمة متفائلة غير متواجد حالياً
طالبة بالأزهر الشريف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 6,603
معدل تقييم المستوى: 24
مسلمة متفائلة is on a distinguished road
افتراضي


(13)

أيها القائد.....
غادر الذئب شجونه وشروده والتفت الى جوهر الذى يقود السيارة بجواره وهو يقول باشفاق : مازلت شاردا حزينا كعادتك!!..أليس هناك نهاية لأحزانك؟

أدار الذئب وجهه ونظر الى الطريق المظلم بصمت فقال جوهر بلهجة اعتذار : عفوا لم أقصد أن أتدخل فيما لا يعنينى ...ولكن ..ولكنك صغير السن وتحمل فوق رأسك هموما لا يتحملها جبل

قال الذئب باقتضاب منهيا الحوار الذى كان من طرف واحد: وصلنا الى الموقع

ابتلع جوهر ريقه بحرج وأوقف السيارة الصغيرة التى يقودها وفيها الذئب واثنين آخرين من كتيبته وخلفهم ناقلتين كبيرتين ..واحدة تحمل الجنود والثانيه تحمل العدد والآلات والأسلحه والذخيره

نزل جوهر من السيارة وهو يقول :لقد درست المنطقه جيدا..هذا الجبل خلفه طريق للإمدادات يصل الى قاعدة عسكرية ..نستطيع اصطيادهم من فوق هذا الجبل وقطع طريق امداداتهم

الذئب : حسنا ولكن أريد أولا تمشيطا دقيقا للمنطقة وما حولها . يجب أن نتأكد أنها آمنه تماما

انتشر المجاهدون وأخذوا يمسحون المنطقة وهم يحملون أسلحتهم المجهزة والمعدة للإطلاق ثم بدأوا يصعدون الجبل يتقدمهم الذئب وأخذوا يفتشون الجبل تفتيشا دقيقا فلم يتركوا حجرا ولا حفرة الا وفتشوها ..دخل الذئب الى أحد الكهوف وأضاء كشافه القوى وأداره فى أرجاء الكهف الصغير, وشعر من الآثار على الأرض أن هذا الكهف يحمل آثار شخص دخله قبلهم بمدة قليلة

شعر بحركة مريبة فقفز بحركة سريعة الى جانب الكهف وأطلق وابلا من النيران ومع الطلقات السريعه التى دوت فى الكهف بصوت يصم الآذان سمع صوت صراخ نسائى يهتف : توقف ..لا تطلق النار. لا تطلق النار.

أوقف الطلقات وبدأ يتبين مصدر الصوت بحذر فرأى على ضوء الكشاف فتاة شقراء تخرج من خلف صخرة كبيرة فى جانب الكهف

قالت بصوت مذعور وهى تلهث : توقف . أنا صحفية

كان المجاهدون قد تجمعوا على صوت طلقات النار
أخرجت الفتاة هويتها وهى تتأمل الوجوه المتشحة بالسواد, والعيون التى تنظر اليها فى ترقب وحذر, وانتابها الخوف, لكنها تماسكت أمامهم
تفحص الذئب بطاقتها بالكشاف

أخذت الصحفية تلهث من الخوف والإنفعال وهى تقول : أنتم مليشيات المقاومة؟

جوهر : نحن المجاهدين ..أهل هذه البلاد

تنهدت بعمق وقالت : آه ..أخيرا وجدتكم..كنت أبحث عنكم من مدة طويلة

مدت يدها بالسلام نحو الذئب الذى كان أقرب الموجودين اليها وهى تقول : كاترين جوليان صحفية

مد الذئب يده نحوها فظنت أنه سيسلم عليها لكنها فوجئت بأنه يرد اليها بطاقتها وسمعته يقول من خلف لثامه الأسود الذى لا يظهر سوى عينيه : وما الذى أتى بصحفيه فى هذا المكان ..ووحدها؟

أصابتها الدهشه من معاملته الجافه ولهجته الخشنة ..لكنها تجاهلت ذلك وهى تقول : أنا فى مهمة صحفية هنا مع فريق من الصحفيين وكنا فى القاعدة العسكرية الروسية القريبة من هنا لعمل لقاءات وأحاديث مع الجنود

ابتسمت وهى تكمل : لكننى هربت من المعسكر الروسى وسرت حتى وصلت الى هنا وعندما هبط الليل اختبأت فى هذا الكهف

الذئب بخشونه : ولم فعلت ذلك؟

قالت بسرعه : لأننى كنت أبحث عنكم..الجميع يقابل الجنود الروس ويتتبع أخبارهم وينشرها .وأما المليشيات .فلا أحد قابلهم أو تحدث معهم أو حتى سمع وجهة نظرهم وأنا أريد أن أحظى بهذا السبق

التفت الذئب مغادرا الكهف بغضب دون أن يتكلم ونزل من الجبل بسرعة وخلفه جوهرالذى سأله : ماذا سنفعل بها أيها القائد؟

قال بضيق : سأصطحبها لأقرب قرية بها ممثلى اللجان الدولية

هتف جوهر : أتعلم كم تبعد عن هنا؟.المخاطرة كبيرة ..الأفضل أن نأخذها لأقرب معسكر للمجاهدين وهم يتولون اعادتها

الذئب بتجهم : لو فعلنا ذلك لأمتلئت صحف الغد بوصفنا بكلمات مثل الإرهابيين الخاطفين, ولتحولت قصتها لأفلام تبكى العالم عن المتوحشين الذين اختطفوا الصحفية البريئة

جوهر : لكنها عندما تعود بالتأكيد ستوضح لهم الأمر وتنشره

الذئب : قد لا يحالفنا الحظ لهذه الدرجة وتظل حية حتى تصل الى بلادها وتنشر الحقيقة ..لذلك يجب أن أعيدها الآن وفورا

جوهر : ولكن الطريق طويل وخطروقد يرصدوا السيارة وعندها...

الذئب : على الأقل عندها لن تكون فى معسكراتنا ولن يستطيع أحد أن يقول أننا اختطفناها أو عذبناها

وصل الى مكان السيارات وقفز الى السيارة الصغيرة وقال بلهجة آمره : أحضرها الى هنا ..سأقوم باعادتها بنفسى واستمروا أنتم فى تنفيذ الخطة, تعلم موعد ومكان اللقاء مع مجموعة القائد سليم
يجب أن تنجز الخطة بدقة شديدة ..هل فهمت

هتف جوهر بانفعال : ولكن ذلك خطر كبير على حياتك ..كما أنك قائدنا ..فلتختار أحد آخر لإصطحابها

قال الذئب بخشونة : نفذ الأوامر

التفت جوهر باستسلام لتنفيذ الأمر لكنه توقف عندما
سمع الذئب يقول : جوهر ..

التفت اليه فقال الذئب بتأكيد : أنت القائد من الآن

صرخ جوهر بدهشه عارمه : لا ..مستحيل أنا...!!!

قاطعه الذئب قائلا بثقه : أعتمد عليك

ابتلع جوهر ريقه بصمت وعجب ولم يدرى ما يقول

وصلت كاترين الى السيارة التى جلس الذئب خلف عجلة قيادتها وقال لها باقتضاب : اركبى

فسألته بدهشه : الى أين؟

قال ووجهه الى الطريق : سآخذك لأقرب منطقة فيها ممثلى اللجان الدولية والصليب الأحمر

هتفت كاترين باعتراض : ولكنى لم أتم مهمتى هنا بعد

زفر بضيق وقال بصوت أصابها بالرعب : اركبى
ركبت بسرعة وانطلق الذئب بالسيارة وخلفه عيون المجاهدين

اقترب أحمد من جوهر وسأله : لماذا لم يأمر أحد منا باعادتها؟
هل يخاف علينا الفتنه ؟

قال جوهر وعينيه على السيارة التى ابتعدت بمسافه كبيرة: أظنه يخشى أن يتحدث أحد منا معها فتستطيع استدراجه للبوح بأسرار محظورة

تنهد أحمد بحراره وقال : وهل تظنه يستطيع أن يصمد أمامها؟

جوهر بتهكم : هل اختل عقلك؟؟ألا تعلم من هذا؟ انه الذئب..
كل ما أرجوه هو ألا يفقدها عقلها حتى تصل سالمة الى القريه

التفت خلفه ينظر الى الجبل وزفر بقوة قائلا : هيا فلدينا عمل يجب أن ننجزه
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

لم ينطق الذئب بكلمه واحده منذ أن انطلقا بالسيارة وأخذت كاترين تتطلع اليه من حين لآخر تنتظر أن يسألها أو حتى ينظر اليها لكنه لم يفعل

فقالت : أظنك تتساءل لماذا لم أخاف منكم برغم ما يشيعه الروس عنكم من أنكم ارهابيين متوحشين آكلي لحوم البشر .. وانكم تتلذذون بتـعـذيـب وارهاب الآخرين؟
انتظرت أن يرد .. لكنه لم يلتفت حتى اليها

فقالت تستحثه : أنت تتعجب..تتعجب أليس كذلك؟

تجاوزت صمته وقالت وكأنه رد عليها : لأن من عادتى أن أقرأ كل ما كتب عن أى موضوع أريد أن أكتب عنه
وأشد ما أثار عجبى ما كتبه عنكم سولجـنستين وكذلك ما كتبه المؤرخ الأوروبي "روبرت كونكوست" في كتاب "قـتـلة الأمم"ألا تريد أن تعرف ما قاله عنكم؟

أكملت عندما لم يرد : كتب "لقد كانوا أسودا ذوي شهامة عسكرية تجلت في معاملتهم للأسرى والجرحى من الأعداء ولا غرو في ذلك، فقد كان القادة هم العلماء الذين يقاتلون دفاعا عن أرضهم ودينهم حتى آخر جندي وآخر سيف"
أليس غريبا أن يكون هذا هو رأى أعداءكم فيكم..؟
لهذا سعيت لمقابلتكم دون خوف..كنت أريد أن أتأكد من مدى صدق هذه العبارة

صمتت قليلا لتفسح له المجال ليتكلم ..لكنه لم يفعل ..زفرت بغيظ وقالت : الجو هادئ تماما على عكس ما كنت أتوقع
استفزها بشده صمته الغريب . فنظرت اليه بدقه برغم الظلام الذى لم يخفف منه سوى ضوء القمر وانعكاس مصابيح السياره القوية فوقعت عيناها على شئ يلمع فى يده, دققت النظر فوجدته خاتم زواج فى بنصره الأيسر

فسألته بدهشه : متزوج؟ !!..عجبا رغم أن سنك صغير..أتساءل من هى المرأه التى تستطيع أن تتحمل حياة كتلك التى تحياها ؟

لم تستطع أن ترى ارتعاشة عضلات وجهه التى توارت خلف لثامه الأسود ..لكن صمته أصابها بالغيظ الشديد فقالت بضيق لا أفهم كيف يمكن لإمرأه طبيعيه أن تقبل بالزواج من رجل مثلك لديه كل هذه القدره على الصمت؟

غمرته أمواج من الحزن من جديد, كان رأسه يجيش بالذكريات ويملأ أذنيه صوت ضحكات قادمه من بعيد وهى تقترب وتقترب ويعقبها صوت جميل حبيب اليه أشعل الحنين فى قلبه وهو يهتف بحب: أنت كما أنت لن تتغير أبدا. منذ أول يوم فى زواجنا وأنت تسألنى نفس السؤال

عمر بحب : وحتى الآن لم تجيبينى ...
أخبرينى بصدق ..كيف لفتاة مثلك أن تقبل بالزواج ممن هو مثلى ؟

ابتسمت وهى تملأ عينيها بملامح وجهه : ربما أرى فيك ما لا يستطيع الآخرون رؤيته

عمر ساخرا : اذن فهل أصبح كل الناس من العميان؟

ضحكت وقالت : لا يا حبيبى ولكنهم لا يملكون قلبى ولا عينى ليروك بها

تنهد بعمق وقال بشرود : كم كان خالى رجلا عظيما - رحمه الله- ..كان يعطى بلا حدود .. منحنى أغلى ما لديه وأخشى ألا أكون جديرا به

اتسعت ابتسامتها قائلة : رأى فيك ما رأيته أنا

تنهدت بحراره وهى تكمل : ولكن بداخلك طفل عنيد ..يخشى أن يصدق الحقيقه
أتعلم أنك تشبهه كثيرا, أقصد فى طريقة التفكير والتصرفات
يبدو أن الفترة التى قضيتها بصحبته جعلتك تتوحد معه وتأخذ منه أشياء كثيرة

عمر بحب : وأكثر ما أخذت منه هو حبه الكبير لك

أيها القائد ..هل تسمعنى؟
أفاق من شروده على صراخ كاترين المغتاظ فالتفت اليها بدهشه

قالت بغيظ شديد : كنت قد بدأت أظن أنك فقدت السمع كما فقدت الكلام فمنذ أن انطلقنا بالسياره من ساعه ونصف وانت لم تفتح فمك أبدا.. لاأدرى من أين لك بكل هذه القدرة الجبارة على الصمت
عقد حاجبيه و أنصت بإهتمام كبير

أوقف السياره فجأه فارتج جسدها بعـنـف وهتفت : ماذا حدث؟

قال بتوتر : لقد رصدوا السياره ..انزلى بسرعه

نزلت من السياره وانطلقت تجرى خلفه بسرعه كبيره عندما وصل الى مسامعها صوت هدير طائرة مروحيه وتساءلت فى نفسها ..كيف استطاع أن يلاحظ صوت المروحيه من هذا البعد؟

ظلا يجريان حتى وصلا الى منطقه جبليه واختبئا خلف الصخور

نظر الذئب من مكمنه فوجد ضوء المروحيه القوى مسلط على السياره ثم أخذت المروحيه تجول فى المنطقه بكشافاتها القويه بحثا عمن كانوا فى السياره
بدأ الذئب ينظر حوله يبحث عن مكان أكثر أمنا ثم قال لكاترين : اتبعينى

سارت خلفه بهدوء منحنية الرأس وهى تخشى أن يعلو صوت دقات قلبها المرتعب ويصل الى مطارديهما..حتى وصلا الى ممر ضيق فى الجبل فسألته كاترين بخوف : ماذا سيفعلون بنا ان وجدونا؟

قال بثقه : ان شاء الله لن يجدونا

قالت بقلق : لماذا يطاردوننا؟ وكيف علموا بموقع السيارة

قال بهدوء غريب وبصوت يشع بالفخر والثقة : لا يطاردوننا نحن,
لاشك أن جوهر نجح فى مهمته, وأثار كل الكلاب المسعورة, فخرجت تبحث عن أى فريسة تنفث فيها نيران انتقامها وغلها

قالت برعب : أتمنى ألا نكون نحن الفريسة

وجهت المروحيه بحثها الى الناحيه الأخرى من الطريق حيث ترك السياره على الجانب الآخر للطريق وانطلق يجرى فى الإتجاه العكسى كنوع من التمويه
وبعد أن قامت بعدة حركات دائرية, ابتعدت لتبحث فى مكان آخر

وعندما اطمئن لإبتعادها, خرج من مكانه وبدأ بعبور الممر مسرعا ولكن بحذر وكاترين خلفه حتى وصلا بعد مدة طويلة الى الجانب الآخر من الجبل

ألقت كاترين بجسدها المنهك على الأرض تستريح من عناء عبور الممر الغير ممهد والملئ بالصخور وقالت وهى تلهث بعد أن ابتعدا عن المروحية : والآن ..ماذا سنفعل؟

قال باقتضاب : سنمشى

هتفت بدهشه : ماذا؟ نمشى؟ أكاد أموت تعبا

كانت عيناه تجولان فى المكان وهو يقول : المكان هنا غير آمن, وقد يعودون من جديد ..لابد أن نرحل فورا

مدت يدها اليه وكأنما تطلب منه دون كلام مساعدتها على النهوض
ولكنه تجاهل يدها واستدار ومضى فى طريقه بصمت وكاترين خلفه تترنح من التعب وتكاد تنفجر غيظا من تصرفاته.

بدأ الفجر يغشى الليل معلنا مولد يوم جديد, عندما ارتمت كاترين على الأرض لتلتقط أنفاسها من فرط السير على أرض جبلية غير ممهدة, وعندما رفعت عينيها اليه, غمرتها الدهشة عندما رأته يوليها ظهره ويعيش مع صلاته

زفرت بقوة, وهزت برأسها فى عجب وهى تتساءل فى نفسها : أى قوة يمتلك هذا الرجل؟ وأى سكينة تهبط عليه فى تلك اللحظات الحرجه, وتجعله يصلى بكل هذا الخشوع برغم الخطر المحدق بنا؟

أنهى صلاته, وعاد يسير فى طريقه, ونهضت باستسلام صامت تتبعه بعد أن أدركت أن أى اعتراض تبديه ليس له جدوى أمام شخصيته القوية الآمرة

سارا لمدة طويلة, حتى صعدا الى جبل قصير ثم بدءا فى النزول من الجانب الآخر مع أول خيوط الشمس, ألقت بعينيها أسفل الجبل وتنهدت وهى تقول بسعاده كبيرة : أخيرا, قرية هناك, سنأكل ونرتاح

قال بهدوء وهو ينظر نحو القرية البعيدة : لاتتعلقى بالأمل كثيرا حتى لا تصابى بصدمة

التفتت اليه بحده وسألته : ماذا تقصد؟ لم أفهم كلامك

قال باقتضاب : ستفهمين عندما نصل الى هناك
.................................................. ..................................
يتبع.............................................. .........
__________________

رد مع اقتباس