عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-08-2014, 01:49 AM
الصورة الرمزية مسلمة متفائلة
مسلمة متفائلة مسلمة متفائلة غير متواجد حالياً
طالبة بالأزهر الشريف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 6,603
معدل تقييم المستوى: 24
مسلمة متفائلة is on a distinguished road
افتراضي

تابع (11)

فجر اليوم التالى ...........
لم يستيقظ المعسكر على صوت أذان الفجر كما تعودوا . بل على صوت صراخ أجش أشبه بصوت طائره حربيه

تجمع كل الشباب فى ساحة المعسكر وهبطت عليهم الدهشه والذهول عندما رأوا حمدوف المارد الذى طرد مالك وعمر من الخيمه فى أول يوم لهما فى المعسكر مقيدا فى شجره كبيره بطريقه عجيبه

كان حمدوف ملفوف بعنايه فى أغطيته ومقيد فى سريره بكميه كثيفه من الحبال التفت حول السرير من أعلاه الى أسفله بحيث لا يظهر منها سوى رأس حمدوف فقط..أما السرير نفسه فقد كان يقف بشكل رأسى ومثبت بالحبال فى جذع شجره كبيره

لم يستطع الشباب كبح جماح الضحك الذى انتشر بينهم وهم يتعجبون ممن استطاع أن يفعل ذلك بحمدوف العملاق .أما حمدوف فقد ازداد غضبه وأخذ يصرخ بصوت جهورى ويتوعد بالإنتقام

وأخيرا استطاع قائد المعسكر اسكاته عندما أقنعه بأنه لن يفك قيده الا اذا تعهد بعدم اثارة المشاكل أو ايذاء أى فرد فى المعسكر
وبالفعل فك وثاقه بعد أن هدأ ثم رحل متجها الى مكتبه لكنه توقف قليلا فى الطريق أمام عمر ومالك ونظر اليهما نظره ذات مغذى وابتسم
..............................................

كان هذا المعسكر معد خصيصا لمجموعه كبيره من شباب الشيشان المتقاربين فى العمر وليس لديهم خبره سابقه فى القتال أو الحرب

وكان يقوم بتدريبهم مجموعه من أمهر المجاهدين الشيشانيين والعرب الذين ساهموا بدور كبيرفى تحريرالشيشان وعملوا فى تدريب الشيشانيين على كل من الأمور العسكريه القتاليه والمعلومات الإسلاميه

كانت الحياه فى المعسكر شاقه للغايه وكانت التدريبات مقننه وجاده ومتقنه ومتعدده ...تدريبات بدنيه وتدريبات على الأسلحه المختلفه واطلاق النار وفنون القتال المختلفه

ويتخلل اليوم محاضرات ودروس دينيه لتقوية الإيمان والترغيب فى الشهاده وحب الوطن ودروس فى التاريخ الإسلامى وقصص السابقين والسيره النبويه
وحلقات لتعليم اللغة العربيه لمن لا يعرفونها

أما الصلاه فقد كان لها عنايه خاصه فى برنامج المعسكر ...فقد كانت تقام فى جماعه على وقتها وكان الدعاء والقنوت فى كل صلاه والتشجيع على قيام الليل واقامة مسابقات فى حفظ وتفسير القرآن الكريم

واستطاع عمر بمساعدة صديقه مالك أن يتحمل تلك الحياه الشاقه التى لم يعتاد عليها ولم يعش مثلها أبدا

وكان عمر ومالك يتفننان فى اختراع المقالب والأفاعيل المضحكه ويوقعان فيها حمدوف العملاق الذى لم يستطع ابدا اكتشاف الشخص الذى يوقعه فى المشاكل

وشيئا فشيئا نمت صداقه متينه بين حمدوف وبين مالك وعمر فلقد اكتشفا أنه برغم جسده الضخم وسرعة غضبه المخيفه الا أنه يمتلك قلب طفل صغير يمتلئ بالطيبه والسذاجه واستطاع مالك وعمر الثأثير عليه وترويض سرعة غضبه بالحب ولم يعد حمدوف يستطيع الإبتعاد عنهما فكان الثلاثه يقضون كل أوقاتهم معا
.................................................

كان مالك يرتدى ملابسه العسكريه ويجهز سلاحه ويستعد للخروج والإنضمام لمجموعه من الشباب لتنفيذ أحد الأوامر التى كلفهم بها قائد المعسكر

سأله عمر الذى كان مستلقى على فراشه بعد أن انتهت نوبة حراسته : قائد المعسكر عربى ..مش كده؟

مالك بحماس وهو يعد سلاحه : انه أحد أتباع القائد خطاب رحمه الله. الذى كان قائدا لكتيبة الأنصار.. كتيبة المجاهدين الأجانب فى القوقاز

عمر بتساؤل: ومين خطاب ده؟

مالك بدهشه : ألم تسمع عنه أبدا ؟

عمر : سمعت عنه بس بسأل مين هو ؟؟

مالك : انه أحد المجاهدين العرب الذين خرجوا من بلادهم للجهاد ضد الروس وكونوا كتيبه تسمى كتيبة الأنصار. لكنه أروعهم على الإطلاق فهو جسور لا يعرف الخوف . حارب الروس فى أفغانستان وطاجيكستان وهنا . انه بطل . أسطوره . كبد الروس خسائر فادحه ..سأكمل لك قصته عندما أعود ....

انطلق مالك يجرى ليلحق بزملاءه فى المهمه

وخرج عمر من الخيمه متمهلا وأخذ ينظر الى مالك وهو يبتعد مسرعا ثم تنهد وقال : العالم مليان بالمجانين

قد يحتاج الإنسان لبعض الجنون حتى يستطيع أن يتواءم مع هذه الحياه
التفت عمر بحده نحو المتكلم فوجد أمامه قائد المعسكر يبتسم

ظهر عليه الإرتباك الشديد لكن القائد اقترب منه وبادره بالسؤال : انت فى فترة الراحه الآن؟

هز عمر رأسه موافقا بحذر

فقال القائد : من مصر ..أليس كذلك؟؟

قال : أيوه

فقال القائد بابتسامه كبيره : أتعلم ماذا قال النبى صلى الله عليه وسلم عن بلادك؟

هز عمر رأسه بالنفى ولم يتكلم

القائد: قال عنها أن أهلها هم خير أجناد الأرض
(الحديث ضعيف وللتأكد
"هنا"، لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى بأهل مصر خيرًا)

عمر يسأله : أنت من تلامذة القائد خطاب؟

القائد وهو يسير بجواره وكأنه صديقه : أنا من كتيبة الأنصار .
أخبرنى بصدق . من كنت تقصد بالمجانين ؟ أنا لم أتعمد أن أستمع اليكما , لكن صوتك كان عال

قال بتردد وهو يسير بجواره : أنا بس كنت بستغرب . ازاى راجل يسيب بلده وأهله وفلوسه,علشان يروح أرض مايعرفهاش, ويحارب علشان يحرر وطن مش وطنه, وكل ده وبدون مقابل, ومن غير ما حد ما يطلب منه ده !

ضحك الرجل وقال : سأقول لك سر لا تخبر أحدا به .أنا أيضا كنت أظنه مجنونا . لماذا يفعل هذا . وكيف يفكر .. و كنت أسأل نفسى كثيرا ماذا تعنى كلمة وطن؟ هل هى الأرض التى نولد فيها أم التى نعيش عليها أم التى نموت وندفن فيها؟

أتعلم .. ربما يكون الوطن أكبر بكثير مما نظن أو حتى مما تستطيع عقولنا الضيقه أن تدركه...
اهتم لنفسك ..ولا تنسى أبدا أنك من خير أجناد الأرض

توقف عمر عن السير والتفت اليه بدهشه كبيره وعقد حاجبيه بتساؤل وهم أن يقول شيئا

لكن القائد تركه ورحل مسرعا وظل عمر واقف يحدق فى الطريق الذى ذهب منه وفى عقله أسئله كثيره

يوم بعد يوم كان عمر يشعر بأن شيئا ما بداخله يتغير ..شئ كبير للغايه

لقد كف عن الشكوى واعتاد البروده القارصه واندمج وسط شباب المجاهدين وأصبح لديه أصدقاء كثيرين

وكانت من أمتع اللحظات بالنسبة اليه عندما يعد هو ومالك المقالب المدبره المتقنه لأحد أصدقائهم فى المعسكر لإشاعة البهجه والمرح فى أرجاء المعسكروكثيرا ما وقعا فى المشاكل بسبب تصرفاتهما الطائشه وتعرضا للتوبيخ والتأديب من قائد المعسكر

كان مالك وعمر يقومان بجمع الحطب والأخشاب من التلال القريبه من المعسكر وكان مالك يغنى أغنيته الوحيده :
في ليلة مولد الذئب خرجــــــــنا إلي الدنـــــيا
وعند زئير الأسد في الصباح سمونا بأسمائـنا


زفر عمر بضجر شديد وقال بتأفف وهو يجمع الأخشاب: ياساتر, دانت ممل,
يا أخى خنقتنى.هو انت معندكش غيرها؟
من ساعة ما عرفتك وعمرى ماسمعتك بتغنى الا الأغنيه السكه دى..

ضحك مالك وقال : انها النشيد الوطنى لبلادنا

نظر اليه عمر بدهشه وهز رأسه بعجب : دانت تغيظ, نفسى أسمعك بتغنى أغنيه تانيه

جلس الى صخرة كبيرة وهو يقول : ما تغنى عن الحب..عن الجمال ..جدد

مالك بمرح وهو يحمل كومه من الحطب: عمر ..ألم تفكر يوما فى الزواج؟

عمر بلامبالاه : مين ؟ ..أنا !! أنا مابفكرش..أنا عايش حياتى زى ماهيه ..تمشى زى ماتمشى, يوم بيوم

مالك بدهشه كبيره : ماذا ؟ ألم تحلم يوما أن يكون لك بيت خاص بك وزوجه جميله وأطفال يشاكسونك؟ أليس لك أى أحلام؟

عمر : أنا مابفكرش بطريقتك دى ..أنت عايش كل حياتك فى الأحلام

مالك بتفاؤل : و سوف احقق كل احلامى ان شاء الله
سيكون لى شركة هندسيه كبيره وستكون شريكى كما اتفقنا وسأتزوج وأنجب أطفالا ..
وتنازلا منى سأمنحك شرفا خاصا ..سأسمى أول أبنائى باسمك
أتعلم أننى أحلم أن تكون فتاة أحلامى تماما كزهره

التفت عمراليه وقال بدهشه : زهره !!!

مالك : نعم ..زهرة أختى ..ليس من الضرورى أن تشبهها فى الملامح ولكنى أتمنى أن تكون بنفس أخلاقها وصفاتها
وأنت..بم تحلم؟

عمر بضجر : يابنى ماقلت لك انا مبحلمش, أنا صاحى على طول

تأمله مالك بدهشة كبيرة وهو يقول : وهل يستطيع الإنسان أن يعيش دون حلم خاص به, هدف يسعى لتحقيقه, قضية يدافع عنها ويموت فى سبيلها؟

ظل عمر واقفا فى مكانه يتأمله بدهشة, يفتش بداخله عن كلمات يقولها فلا يجد

تبدلت ملامحه فجأة, وعقد حاجبيه بشده وظهر فى وجهه الذعر وهو يقول : شش
سامع اللى أنا سامعه
مالك ينصت باهتمام ويلقى مابيديه من أخشاب ثم يجرى باتجاهه وهو يقول بخوف : اختبئ

انطلقا يجريان وهما يجران العربه التى تحمل الأخشاب ليخفوها عن الأعين وصعدا فوق تلة قريبه واختبئا جيدا وأخذا ينظران من موقعهما فوق التله فوجدا سيارة عسكريه صغيره مكشوفه تحمل خمسه من الجنود الروس قادمه من بعيد وتقترب باتجاههما

همس مالك : يبدو أنها دورية استطلاع اخترقت الحدود

عمر بخوف : هانفضل مستخبيين لحد ماتمر, وبعدها نرجع المعسكر

ظل الإثنان يراقبان السياره وهى تقترب . ثم التفت عمر بحده الى مالك عندما سمع صوت مدفعه يجهز للإطلاق فقال له بصوت خفيض : انت اتجننت ؟بتعمل ايه؟ مش لازم يحسوا بينا

ضاقت عينا مالك وارتسمت على وجهه ابتسامه أشبه بابتسامة صياد يهم باصطياد فريسه وقال بثقه : انهم فقط خمسه..هيا جهز سلاحك واستعد

عمر بحده وبصوت خافت حتى لا يسمعونه : ايه ؟ أنا عمرى فى حياتى ماقـتـلت حد

مالك وعيناه تشعان ببريق مخيف : ولا أنا ..ولكن هذا لا يهم ..يكفى أن تتذكر ما فعلوه بأسرتك وستجد السلاح ينطلق وحده

عمر باصرار : لا ..هانرجع المعسكر ونقول للقائد وهو يتصرف

اتسعت ابتسامة مالك واشتد بريق عينيه لمعانا وهو يقول : لا داعى لكل هذا ..نستطيع مفاجأتهم واصطيادهم بسهوله

عمر بذعر : مالك ..اياك تعمل حاجه والا هابلغ القائد ..سيبهم يمشوا ولما نرجع المعسكر يحلها ربنا

بدا على مالك وكأنه لم يسمع ما قاله عمر وأخذ يصوب مدفعه جيدا واقتربت سبابته من الزناد وهو يبتسم
واتسعت عينا عمر برعب
.................................................. ..
يتبع.......................................

__________________

رد مع اقتباس