(29) يَـــزِيـــــــدُ بْـــنُ أَبِـــــي حَـــبِـــيـــــــبٍ الـــمِـــــصْـــــــــــرِيُّ
هُـــــــوَ: يَزِيْدُ بْنُ سُوَيْدٍ، أَبُو رَجَاءٍ المِصْرِيُّ. الإِمَامُ الحَافِظُ، الفَقِيهُ الحُجَّةُ، مُفتِي الدِّيَارِ المِصرِيَّةِ فِي زَمَانِهِ؛ هُوَ أَوَّلُ مَنْ أظْهَرَ الفِقْهَ بِمِصْرَ، وهُوَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ جَعَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَيْهِمُ الْفُتْيَا بِمِصْرَ.
مَـوْلِـدُهُ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وخَمْسِيْنَ (53 هـ). وكَانَ مِن الحُكَمَاءِ الفُقَهَاءِ الأَتقِيَاءِ، ومِنَ الحُفَّاظِ المَشْهُورِينَ، ومِن جِلَّةِ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ.
أَخَذَ العِلْمَ عَنْ: سَالِم بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وعَطَاء بنِ أَبِي رَبَاحٍ وعِكْرِمَةَ القُرَشِيِّ وسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ وصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ القُرَشِيُّ والزُّهْرِيّ ومَرْثَد بنِ عَبْدِ اللهِ اليَزَنِيِّ ونَافِعٍ العُمَريِّ وعِيْسَى بنِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ وبُكَيْر بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ وبَكْر بنِ عَمْرٍو المَعَافِرِيّ وإِبْرَاهِيْم بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُنَيْنٍ وخَيْر بْنِ نُعَيمٍ الحَضرَميّ، وغَيْرِهِم.
وأَخَذَ عَنْهُ العِلْمَ: اللَّيْثُ بْنُ سَعدٍ ومُحَمَّد بْنُ إِسْحَاقَ وَحَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ وزَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَة الجَزَرِيّ وعَمْرُو بْنُ الحَارِث المِصْرِي وسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيَّوب وسُلَيْمان التَّيْمِيّ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَة وعَبْدُ الحَمِيدِ بْنِ جَعفَر الأَنْصَارِيّ ويَحيَى بْنُ أَيَّوب المِصْرِي؛ وغَيْرُهُم الكَثِير.
قَـــالُـــــواْ عَـــنْـــــهُ:
- قَالَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ: سَيِّدُنَا وعَالِمُنَا.
- وقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ، وكَانَ حَلِيْماً، عَاقِلاً، وكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ العِلْمَ بِمِصْرَ، والكَلاَمَ فِي الحَلاَلِ وَالحَرَامِ، ومَسَائِلَ.
- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: الإِمَامُ الكَبِير، الفَقِيهُ، وكَانَ حُجَّةً، حَافِظًا لِلحَدِيثِ.
- وقَالَ السِّيُوطِيُّ: فَقِيهُ مِصْرَ وَشَيْخُهَا وَمُفْتِيهَا.
مِـن أَقْـوَالِـــهِ:
- لاَ أَدَعُ أَخًا لِي يَغْضَب عَلَيَّ مَرَّتَيْنِ، بَلْ أَنْظُرُ مَا يَكْرَهُ فَأَدَعُهُ.
مُوَاجَهَتُهُ لِلأُمَرَاءِ بِالْحَقِّ:
مَرِضَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ يَوْماً... فَعَادَهُ حَوْثَرَةُ بْنُ سُهَيْلٍ أَمِيرُ مِصْرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا رَجَاءٍ؛ مَا تَقُولُ فِي الصَّلاةِ فِي ثَوْبٍ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثُ...؟!
فَحَوَّلَ يَزِيدُ وَجْهَهُ ولَمْ يُكَلِّمْهُ.
فَقَامَ حَوْثَرَةُ فَنَظَرَ إِلَى يَزِيدَ.
فَقَالَ لَهُ يَزِيدٌ: تَقْتُلُ خَلْقًا كُلَّ يَوْمٍ وتَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ...؟!!
عِـــزَّةُ نَــفْــسِـــهِ:
فَفِي يَوْمٍ... أَرْسَلَ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ الأَمِيرُ إِلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وقَالَ لَهُ: ائْتِنِي لِأَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْعَلْم.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَزِيدٌ قَائِلاً: بَلْ أَنْتَ فَائْتِنِي!! فَإِنَّ مَجِيئَكَ إِليِّ زَيْنٌ لَكَ، ومَجِييء إِلَيْكَ شَيْنٌ (عَار) عَلَيْكَ.
وَفَـــاتُـــــهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وعِشْرِينَ ومِائَةٍ (128 هـ).