عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25-06-2014, 02:48 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New السيسي وأزمة القضاء وفخ عدلي منصور

قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته اليوم بحفل تخرج دفعة جديدة من الضباط أنه لا يستطيع أن يتدخل في شؤون القضاء المصري لأنه مستقل وشامخ ، وذلك تعقيبا على الضجة العالمية الكبرى على الأحكام الأسطورية بسجن صحفيي قناة الجزيرة سبع سنوات إلى عشر سنوات لأسباب تتعلق بأدائهم مهام عملهم بطريقة أغضبت السلطات المصرية ، وكان هذا الحدث ـ وما زال ـ يفجر دوائر الغضب في الإعلام العالمي تجاه الحكم الجديد وتجاه السيسي شخصيا ، لأنه أول من يدفع فاتورة تلك الأحكام ، كما تسببت الأحكام أيضا في حرج بالغ للخارجية المصرية التي عانت الأمرين أمس في محاولة تخفيف *** التصريحات والمواقف الغربية تجاه الأحكام المروعة ، فهل السيسي طرف في المسؤولية فعليا ، أم أن الأمور القضائية خارجة عن إرادته بالكامل كما يقول ، وهل هناك توجيه بالفعل لمثل هذه الأحكام . في تقديري أن السيسي ليس طرفا في هذه الأحكام بشكل مباشر ، ولم يوح إلى أحد بصدور مثل هذه الأحكام ، ولا أتصور أي حاكم عاقل يقدم نفسه للعالم كملتزم بالديمقراطية والإصلاح ثم يطلب من محكمة إعدام خمسمائة معارض في قضية واحدة ، بل إن مثل هذا الحكم هو في جوهره طعنة للسيسي نفسه وورطة كبرى ، وأنا واثق أن السيسي يشعر بالإحباط والغضب من صدور مثل هذه الأحكام المتوالية التي يصعب منطقيا الدفاع عنها وتمثل أسوأ دعاية لحكمه وتشويه لسمعته ، ولكن هذا لا ينفي مسؤولية السيسي عن مجمل هذه الصورة التي عليها القضاء المصري وعن مشاركته في مقدمات تنظيمية أفضت إلى هذا كله ، لأن المنظومة التي عمل من خلالها طوال الأشهر العشرة السابقة لتوليه الحكم هي التي أحدثت الاضطراب في أحوال القضاء وميزان العدالة ، يتحمل مسؤوليتها بشكل مباشر المستشار عدلي منصور الرئيس المؤقت ، الذي بادر بالحديث إلى وزير العدل وقتها المستشار عادل عبد الحميد بأن يتم تشكيل دوائر قضائية مخصصة للقضايا الإخوانية ، وذلك بعد أن تعددت حالات اعتذار قضاة شرفاء عن نظر قضاياهم استشعارا بالحرج ، فقام المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة بإعداد اثني عشر دائرة قضائية خاصة لنظر تلك القضايا خاصة ، وكذلك فعلت محاكم الاستئناف الأخرى في الصعيد والدلتا ، فتم تشكيل دوائر قضائية خاصة بقضاة مخصوصين لنظر قضايا خاصة ، وكل هذه "الخصوصية" لها دلالات "خصوصية" لا تخفى على أحد في الداخل أو الخارج ، وهذه الطريقة تتنافى تماما مع معايير العدالة والشفافية ، وكل الأحكام الصادمة والمروعة التي أثارت الضجيج كانت من هذه الدوائر تحديدا . وبالتالي ، فالحديث عن استقلال القضاء المصري ، رغم أمنياتنا ، إلا أن هناك مواقف وتصريحات وقرارات وتوصيات وشواهد تجعل من إقناع العالم بحقيقة تلك "الاستقلالية" مسألة بالغة الصعوبة ، والمستشار عدلي منصور ـ الذي كرمه السيسي واعتبره مفخرة مصرية ـ هو أيضا الذي طلب من النائب العام النظر في مواقف الطلاب المحتجزين بقرارات النيابة العامة رفقا بأسرهم ، وعلى الفور قام النائب العام بتوجيه النيابات المختصة وتم الإفراج عن آلاف الطلاب خلال أسبوع من "توجيه" عدلي منصور ، رغم أن هذا تدخل صريح من السلطة التنفيذية في شؤون القضاء ، مهما حاولنا "تلطيف" التدخل وأنه رجاء أو التماس أو أي ألاعيب بلاغية أخرى ، أيضا نذكر جميعا ما فعله المشير طنطاوي مع المتهمين الأمريكيين التسعة عشر الذين تم منعهم من السفر على ذمة قضية التمويل الأجنبي وهاج الأمريكيون وماجوا وغضبوا ولوحوا ، ففوجئ الناس بالأمريكيين التسعة في الأسبوع الثاني في نيويورك بأحضان ذويهم ، وفي التفاصيل علمنا أن رئيس استئناف القاهرة طلب من قاضي المحكمة التنحي عن نظر القضية ، ثم حدث تعديل في صيغة التوقيف ودفعوا كفالة رمزية ورفع حظر سفرهم وغادروا ، وكانت المسألة فضائحية إلى حد أن تم التحقيق مع المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس استئناف القاهرة وطالب قضاة كثيرون بمحاكمته ، وبالمناسبة ، ما هي أخبار تلك القضية ؟!! استقلال القضاء شرط لبناء دولة حديثة ، فضلا عن أن تكون دولة ديمقراطية ، وهو مطلب طالما ناضلنا من أجله ، وما زلنا ، ولكن القضاء كمرفق مدني وجزء من مؤسسات الدولة وبنيتها ، لا يمكن فصله عن بقية الجسد فهو يتأثر بحال الدولة وعافيتها وأجهزتها ومؤسساتها سلبا أو إيجابا ، وبالتالي يصعب أن يكون القضاء كامل الاستقلالية في بيئة غير ديمقراطية ، أو في بيئة تتغول فيها السلطة التنفيذية بدون رقابة شعبية حقيقية وقوية وبرلمان قوي ومجتمع مدني قوي وإعلام حر قوي ومستقل ، ولذلك لا يقتنع العالم من حولنا كثيرا بزعيقنا عن استقلال القضاء المصري وشموخه ، لأنه ينظر إلى الصورة العامة للدولة وحال الحقوق والحريات والديمقراطية فيها ، فيعرف الجواب عن حال قضائها بدون حاجة للغرق في تفاصيل فنية ، وإذا أراد السيسي أن ينقذ نفسه من هذه الورطة ويوقف احتشاد العالم ضده وتصنيفه ضمن الديكتاتوريات الدموية ، عليه أولا أن يتخلص من "الخازوق" الذي تركه له عدلي منصور ، كيف ، تلك تفاصيل "فنية" لن يعدم "الخبرات" القضائية التي تضبطها له !

جمال سلطان

اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D...B5%D9%88%D8%B1
__________________
رد مع اقتباس