الساحر الذي تحول إلى تمساح
يتحدث محمد عوض الحاج وهو رجل يختزن في ذاكرته الكثير من الحكايات التي يتداولها الناس هناك عن سحرة ناوا فيروي قصة حدثت مع عمه حسب زعمه فيقول:كان عمي يمتلك مركبا صغيراً (أو فلوكة بحسب لهجة السودان) يستخدمها لنقل الركاب بين ضفتي النهر وبين الجزائز الكثيرة الموجودة في المنطقة.
وفي إحدى المرات كان عمي لوحده في مركبه فمر بجزيرة صخرية صغيرة فرأى تمساحاً ممدداً فاقترب منه فلم يتحرك لأنه كان مستغرقاً في النوم.وكان الرجل يحمل معه (بدينقة) وهي آلة شبيهة بالفأس وبها نتوءات إذا ضرب بها رأس التمساح تنغرس فيه وتتسبب في قتـله. ضرب الرجل التمساح ، فصرخ صرخة غريبة وغطس في الماء والبدينقة مغروسة في رأسه وغاب تحت الماء ولم يعثر له على أثر. وهكذا مرت الأيام والسنون ، وكان عمي قد ترك عمل المراكب واشتغل في كبناء جالوص (نوع من الطين تصنع منه البيوت) فرمت به الأقدار في مناطق "دنقلا"فمر ببلدة "ناوا"وكان يأمل أن يتجاوزها قبل حلول الليل لما سمعه عن قصص السحرة ولكنه لم يستطع.
فاقترب من بيت معين وفتحت البنت الباب، فأخبرها بأنه ضيف من بلاد المناصير ويريد أن يقضي ليلته ضيفاً عليهم قبل أن يواصل سيره صباحاً. أدخلته البنت وقالت له أن والدها يرقد في السرير لأنه مشلول وطلبت منه أن يسلم عليه. وعندما دخل عليه في غرفته وسلم عليه، قال له الرجل:"أظن أنك لم تعرفني ؟" فقال له:"أبداً" فأشار الرجل الى حائط الغرفة وطلب منه أن ينظر فذهل لما رأى "البدينقة"التي ضرب بها التمساح مثبتة في الحائط. وأخبره الرجل أنه هو ذلك التمساح وأن الضربة سببت له الشلل. ولكنه طمأنه بأنه ضيف عنده ولن يسيء له، ولكنه قال له أنه لا يستطيع أن يضمن حمايته من بقية السحرة إن عرفوا أنه هو الذي اقترف جريمة ضرب قريبهم بـ"البدينقة". وقال له الرجل أن المكان الوحيد الآمن والذي لا تستطيع السحرة دخوله في الليل هو المسجد، وكان المسجد قريباً ، فهرول عمي مسرعاً حتى دخل المسجد واحتمى به. وبينما هو في المسجد كان يسمع صوت زمجرة السحرة طوال الليلة التي مكث فيها وفي الصباح حزم أمتعته (بقجته) لا يلوي عن شيء حتى تجاوز بلدة "ناوا".