عرض مشاركة واحدة
  #294  
قديم 07-11-2013, 01:29 PM
Mr. Ali 1
ضيف
 
المشاركات: n/a
افتراضي

إن اتساع العمران في طنجة أدى إلى التفكير في توسعة المسجد الأعظم فيها، وكان السلطان المولى سليمان هو الذي أمر بإصلاح المسجد الأعظم بطنجة، وعناية هذا السلطان رحمه الله، بإصلاح المساجد وملحقاتها في جميع بلاد المغرب معروفة. فمن المساجد التي أمر بإصلاحها مسجد أبي الحسن بن غالب، وضريحه في مدينة القصر الكبير، ومسجد صفرو، ومسجد وجدة، ومسجد وزان، ومسجد تطوان، ومسجد أصيلا، ومسجد الجزارين بسلا، والمسجد الأعظم بالرباط، ومسجد أبي الجعد بتادلا، والمسجد الأعظم بمراكش، وذلك إلي مساجد أخرى كثيرة، ومنشآت تتصل بحياة الناس الدينية أو الأمنية.

وقد وقع تجديد المسجد الجامع بطنجة على يد السلطان المولى سليمان سنة 1233، قال الضعيف في تاريخه :"وفي يوم الأحد الثاني من رمضان حج السلطان – يعني المولى سليمان – من طنجة إلى مكناس بعد أن بعث للمعلم الحسن السوداني والحاج قاسم الفاسي الرباطي لأجل بناء الجامع الكبير ، وكان السلطان المولى سليمان قصد طنجة، وكان أمر تطوان قد استعصى عليه، وذلك في حركة بسط القول فيها الناصري، وكانت تلك الحركة في حدود 1232 هـ، وقد كتب فوق باب المسجد الأعظم بطنجة : النصر والظفر والأمان لأمير المؤمنين مولانا سليمان، فاتح عام 1233.

وعناية مولاي سليمان بالمساجد لم تكن تقل عن عانيته بالعلم والعلماء، وأخبار ذلك كله تطول، وكان السلطان مولاي سليمان معدودا من العلماء، وله مشيخة جمعها له أبو القاسم الزياني، ثم اختصرها الفقيه محمد التهامي بن المكي ابن رحمون في كتاب بعنوان :"الدر والعقيان فيما قيدته من جمهرة التيجان"، وعنوان الفهرسة الأصيلة :"جمهرة التيجان، وفهرسة الياقوت واللؤلؤ والمرجان، في أشياخ أمير المومنين مولانا سليمان".

كان إصلاح السلطان المولى سليمان للمسجد الأعظم بطنجة ثاني إصلاح لهذا المسجد، بعد الإصلاح الأول الذي تم على يد السلطان سيدي محمد بن عبد الله له، كما تؤكد ذلك نصوص الوقف على هذا المسجد.

وفي عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله تم تشييد المدرسة التي تقع في واجهة المسجد الأعظم، وكان ذلك في حدود سنة 1191 هـ.

ولما زار جلالة الملك الحسن الثاني مدينة طنجة سنة 1962 أمر بإصلاح المسجد الأعظم فيه وبالزيادة فيه، وتوجد قرب باب المسجد رخامة كتب فيها ما يلي :

"أمر بتوسعة هذا المسجد الأعظم بمدينة طنجة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم الحسن الثاني، نصره الله، وقد تفضل أعلاه الله، فدشنه بتاريخ 17 صفر الخير عام 1382، موافق 20 يوليوز سنة 1962 حيث أدى فيه، حفظه الله، فريضة الجمعة، في موكب عظيم، وحفل حفيل".

وقد وقع الانتهاء من إصلاح محراب المسجد سنة 1384 هـ كما تثبت كتابة فيه، ونصها :

"أمر بتجديد هذا المحراب مولانا أمير المومنين، وحامي حمى الملة والدين، جلالة الملك الهمام، مولانا الحسن الثاني أدام الله عزه، وخلد في الصالحات ذكره، عام 1384 هـ".

وأما الثريا التي علقت في واجهة المحراب فهي حديثة الصنع، صنعها كما سجل عليها، المعلم العباسي المراكشي، سنة 1964م.

بعد هذا العرض الوجيز لتاريخ هذا المسجد الأعظم، نعود إلى جوانب أخرى من تاريخه، ونعني بذلك خزانته العلمية.
رأينا أن تأسيس هذا المسجد تم بعد فتح طنجة مباشرة على يد السلطان المولى إسماعيل، وأرخ صاحب زهر الأكم ذلك بتاريخ 1095، وكان بناؤه على خرائب كنيسة كانت بنيت عند احتلال طنجة على أطلال المسجد طنجة الأعظم القديم.


وتوالت عناية ملوك الدولة العلوية بهذا المسجد، وهكذا نجد السلطان العالم سيدي محمد بن عبد الله يقوم إضافة على إصلاح المسجد، بتحبيس عدد من الكتب عليه، ويعطي أوامره بشراء ساعة كبيرة، يفوق طولها طول الرجل، وذلك في سنة 1184 وهي ساعة عجيبة تحدد تقلبات القمر، بالإضافة إلى وظائف أخرى تؤديها الساعة، وأما الكتب التي حبسها هذا السلطان الجليل قدس الله روحه، فنورد عناوين بعضها ضمن هاتين الوثيقتين :

"تقييد الكتب الواردة من حضرة أمير المومنين، المجاهد في سبيل رب العالمين، سيدي محمد بن عبد الله بن إسماعيل، نصره الله وأعزه، ونفعه بثوابها أمين، بقصد التحبيس والانتفاع بها في المسجد الأعظم بطنجة، حسبما هو مشهود على جميع المومنين المذكور، على أول ورقة من كل كتاب من الكتب المذكورة : (فمن) ذلك :

الحطاب، في خمسة أسفار، والإتقان في علوم القرآن، في سفر، الخميس في التاريخ (؟) جزء من المنذري، المناوي على الشمائل في سفر، المنهاج الواضح في كرامات أبي محمد صالح في سفر، مجموع شروح الصغرى في سفر، تأليف السيوطي في سفر، تخميس البردة في سفر، مسلسلات السيوطي جزء، النصيحة الكافية، الرسموكي، على الدادسية، الشفا : نسختان، غريب القرآن، حاشية على البخاري، الزرقاني في أربعة أسفار، الدمامني على البخاري، الجامع الصغير للسيوطي، سيدي يوسف الفاسي على السيرة، صون المنطق والكلام عن النطق والكلام، ابن النحاس في فضل الجهاد، النووي في الأذكار، أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب، نسخة، التسهيل لابن مالك، شرح دالية اليوسي، ابن غازي على الألفية، المنهاج في حديث المعراج، شرح البردة للألبيري (لعله الأليوري)، تحفة الظرفاء في اختصار الكلاعي، المجراد على ابن بري، حاشية اليوسي على المختصر، الشمني على الشفا، سفر، الجامع الكبير للسيوطي، ابن سيد الناس في المغازي...

مجموع ذلك كله سبعون سفرا، وفيها الصغير والكبير وبمحضر شهيديه ومعاينتهما حاز ناظر الأحباس وقته السيد الظاهر بن محمد اللغميش، وأدخل ذلك للخزانة بالمسجد المذكور على الوجه المذكور، شهد به عليه وعرفه في غرة ربيع الأول عام تسعين ومائة وألف.

وهذه وثيقة أخرى في نفس الموضوع ونصها :

" حبس مولانا أمير المؤمنين المؤيد بالله، والمعتصم بمولاه، سيدنا ومولانا محمد ابن سيدنا ومولانا عبد الله بن سيدنا ومولانا إسماعيل، نصره الله نصرا أعز به الدين، وأهان بوجوده الإشراك (المشركين) المتعدين، وفتح به وعلى يده، والله خير الفاتحين، وذلك خمسة وثلاثين سفرا، منها :

مصحف في سفر، مصاحف في سفرين، ذو الجلالين، الجامع الصغير، الشفا، أربع نسخ، النصف الأول من الشفا، شمائل المصطفى، شجرة نبوية، الجمان، التعليق على الشمائل لابن مخلص، دلائل الخيرات، ابن سيد الناس، جزء فيه ميارة على ابن عاشر، ابن هشام على الألفية، النصف الأول من القاموس، كفاية الطالب، تنبيه الأنام، تعليق على ابن حجر، السمرقندي نسختان، مقامات الحريري النصف الأخير من القلشاني، النصف الأخير من الكلاعي، شرح المنجور على المنهاج وما معه، المصباح في اللغة، نوازل البرزلي، الألفية، الرسالة، النصف الثاني من الزمخشري، هذا ما حبسه، أعزه الله، على المسجد الأعظم من ثغر طنجة، عمرها الله بدوام ذكره، جعله حبسا مؤبدا، وقفا مخلدا، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين. ومن بدل أو غير، فالله حسيبه وسائله.

دفع جميع ما ذكر بواسطة من محبسه بيد ناظر الأحباس في حينه السيد أحمد بن محمد السوسي، المتولي انظر على الجامع المذكور من قبل من يجب، فحاز بمعاينة شهيديه، والتزم حفظه وصيانته وعدم تفويته، تقبله الله من محبسه، وبلغه مأموله والنفع به .. أوائل جمادى الثانية عام أربعة وثمانين ومائة ألف.

وهذا نص وثيقة تحبيسية ثالثة تخص الكتب أيضا :

الحمد لله، بحسب النيابة عن مولانا أمير المومنين أبي عبد الله سيدي محمد ابن مولانا عبد الله، نصره الله وأعلى أمره، سلم خديمه الفقيه الكاتب سيدي محمد الحيحي لناظر الأحباس وقته بثغر طنجة، حرسها الله بالعافية، أربعة عشر سفرا : سفرين منهم (كذا) محتويين على القرآن العظيم، في كل واحد نصفه، وسفرا واجد مصحفا كاملا، وسفرا واحدا مشتملا على شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسفرا آخر في شرح الشمائل المذكورة سفر واحد، كتاب السيوطي الصغير، وسفرا واحد مشتملا على جزء من كتاب الشفا للإمام عياض، وسفرا آخر مشتملا على كتاب الشفا له، وسفرا آخر فيه مقامات الحريري، وسفرين اثنين محتويين على ذي الجلالين، تفسير القرآن العظيم، وسفرا واحدا محتويا على كتاب ابن هشام، شرح ألفية ابن مالك، وسفرا آخر محتويا على الشجرة النبوية، ونبذا من الجمان في أخبار الزمان، وسفرا محتويا على بهجة النفوس، وسفرا واحدا على كتاب ابن سيد الناس، ليكون ذلك حبسا في الجامع المذكور، وذلك من المنوب عنه في الدفع : مولانا نصر الله، قاصدا فيه وجه الله العظيم. فحاز ذلك الناظر على الوجه المذكور معاينة، وأبرأ منه الدافع ..

في أواسط ربيع الثاني عام أربعة وثمانين ومائة ألف.

وقد تجمع بفضل ما حبسه سلاطين الدولة العلوية على المسجد الأعظم من كتب، وبما حبسه المحسنون من غيرهم مآت الكتب، فكانت خزانة المسجد الأعظم بطنجة عظيمة، وقد قام المستشرق مييراد، في بداية هذا القرن، بتقديم قائمة مطولة بالكتب التي كانت في خزانة المسجد الأعظم في طنجة ونقرأ ضمن تلك القائمة العناوين الآتية :

النصيحة لزروق، مزيل الخفا عن ألفاظ الشفا للشمني، المعيار للونشريسي، اختصار مسلم للقرطبي، المنهاج الواضح، هداية المريد لعليش، الرصاع على الحدود، الفتوحات الإلهية، زروق على الرسالة، تنبيه المرام في بيان عالي المقام، تخميس البردة، سيدي يوسف القاسمي على السيرة، ابن النحاس في فضل الجهاد، أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب، تحفة الظرفاء في اختصار الكلاعي، شرح المجراد على ابن بري، حشية اليوسي على المختصر، رسائل ابن العربي في التوحيد، الجمان من تأليف الشطيبي محمد بن علي الزروالي المتوفى سنة 963، تعليق على الشمائل لابن مخلص، المنجور على المنهاج، نوازل البرزلي أبو الحسن الصغير على المدونة، تأليف في سياسة الرئاسة، تحفة اللبيب للحبيب، أخبار الدنيا وعجائبها، التتائي على المختصر، شرح التاودي على الأحاديث الأربعينية، مناقب الصحابة لابن أبي الخصال، الذكاة للزياتي، التاودي على ابن عاصم، ميارة على ابن عاصم... وهذه، لعمري، كتب نفسية جدا، ومما يزيد من أهميتها بالنسبة لنا، نحن المغاربة، أن قدرا غير قليل منها من تأليف أجدادنا المغاربة، وضياعها إن كانت ضاعت، لا قدر الله ، خسارة كبرى.

وفي الوثيقة التالية نقف على نص يطلعنا على الصورة التي كانت تتم بها عملية التحبيس تقول الوثيقــة :

"لما صدر الإنعام على مولانا أمير المومنين، ونعمة الله سبحانه على العالمين، قطب دائرة الرشاد، وركن السعادة والعماد : سيدنا مولانا الحسن بن أمراء (المومنين) وحماة بيضة الإسلام، جيلا عن جيل، قدس الله أرواحهم مع النبيئين والشهداء والصالحين، بتحبيس نسختين من صحيح سيدي البخاري المكتوبين بالقلم، على خزانة المسجد الأعظم من ثغر طنجة السعيد، كلأه الله، بالشهادة على كل سفر بخط العلامة سيدي عبد الواحد بن المواز وشكله، والعاطف عليه الشريف القدوة سيدي بن (كذا) محمد المدغري الحسني، لينتفع بقراءتهما من له أهبة، وانتخب، أيده الله، لتوجيههما الفقيه النبيه الكاتب الأديب سيدي إدريس بن سيدي محمد بن المختار... وورد صحبته، كتاب شريف على الفقيه العلامة الأفضل البركة الأمثل، المحدث النفاعة سيدنا القاضي الشريف الجليل سيد محمد التاودي السودي القرشي الحسني، بالأمر بحوز النسختين من الرسول المذكور، وتحويزهما للناظرين الأجلين الفقيه العدل السيد محمد مفرج، والطالب الأبر السيد أحمد بوصوف، والإشهاد عليهما بذلك حتى يصلا ليد قيم الخزانة، وكتب أيده الله للناظرين بأمرهما بذلك، وكان أيده الله كتب أيضا للخديم الأفضل البركة : سيدي الحاج محمد الطريس التطواني، يأمره بالحضور على ذلك (بقصد) التبرك، فامتثل جميع من ذكر الأمر الشريف، وحضروا بالمسجد المذكور، وحضروا (كذا) معهم عدول الحبس، وفر الله جمعهم، وحاز الناظران المذكوران النسختين الموصوفتين بكتاب سيدنا، ودفعاهما لقيم الخزانة المذكورة، وهو الفقيه الخير العدل : سيدي عبد الله الفلوس، وحازهما من يد الناظرين المذكورين، بمحضر جميع من ذكر، بشهادة شهيديه، فشكر الجميع صنيع سيدنا المنصور بالله، ورفعوا أيديهم، داعين لسيدنا بجميع الخيرات، طالبين من المولى جل علاه، نثره وتأييده في جميع الأحوال، وظفره بأعدائه اللئام، بجاه سيد الأولين والآخرين.

فمن عاين ما ذكر قيده شاهدا به على من ذكرهم.

وهذا نص آخر في الموضوع، وهو :

"الحمد لله وحده، نسخة من كتاب شريف هاشمي علوي منيف، افتتاحه :

الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله.

وبعده، الطابع الشريف داخله: الحسن بن محمد، الله وليه ومولاه.

ونص الخطاب :

خديمينا الأرضيين ناظري أحباس طنجة، حرسها الله، وفقكما الله، وسلام عليكما ورحمة الله.

وبعد : فترد عليكما نسختان من صحيح الإمام البخاري، وبخط القلم المغربي، بقصد تحبيسهما على خزانة المسجد الأعظم هناك لانتفاع طلبة العلم بالقراءة بهما على شرط، فنأمركما بوضعهما بالخزانة المذكورة على يد القاضي برسم التحبيس، تقبل الله، وقد كتبنا لك بذلك والسلام.



في 6 رمضان المعظم عام 1310".

هكذا كانت عناية ملوك الدولة العلوية بالمسجد الأعظم بطنجة، موضوع بحثنا هذا، ولا شك في أن توالي تحبيسهم لأنفس الكتب على خزانة المسجد الأعظم بطنجة قد جعل خزانة هذا المسجد من أغنى خزانات المساجد المغربية، إن لم تكن أغناها على الإطلاق، ونظرا للقدر الكبير من الكتب التي كانت خزانة المسجد الأعظم بطنجة تضمه فقد كان لها قيم خاص يقوم على حفظ الكتب، وكان هو الذي يتولى تسلمها من يد محبسيها، أو من يد من ينوب عنهم كما رأينا في الوثائق السابقة، وقيم خزانة المسجد الأعظم بطنجة كان له شأن كبير، آية ذلك أننا نجد في جملة من الوثائق التي بين أيدينا أن السلطان نفسه هو الذي كان يعينه ويختاره، وفي النص الآتي بيان ذلك :

"الحمد له وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله، وبعده الطابع الشريف، (به) نقش : عبد الرحمن بن هشام، غفر الله له، وبعد الطابع المذكور :

نفذنا، بحول الله وإفضاله، للشريف الفقيه السيد أحمد بن العلامة السيد عبد الرحمن الفلوس الإمامة بالجامع الأعظم بثغر طنجة، حرسها الله، وإمامة الأوقات الخمس بها، ومفتاح خزانة كتبها، والتدريس بها، وخطابة العيدين الفطر والأضحى، وعليه في ذلك بتقوى الله، والقيام بهذه الوظائف جهده..

وقد جعلنا له على ذلك إعانة عشرة مثاقل.. ونأمر الناظر أن يمكنه منها ولا يماطله، في 6 رجب عام 1238هـ".

ومن مظاهر عناية الملوك العلويين، رحمهم الله، بالمسجد الأعظم بطنجة كذلك، حرصهم على تعيين مؤقت المسجد، والمدرس به كما يتبين من الوثيقتين الآتيتين، نص الأولى :

الحمد لله، نسخة من كتاب الباشا سيد بوسلهام بن علي العرائشي، افتتاحه :

الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، ونصه :

محبنا الرضي الطالب عبد السلام أبرودي، سلام الله عليك ورحمة الله تعالى وبركاته. عن خير (كذا) سيدنا أيده الله، وبعد : فقد وصل كتابك، وعرفنا ما فيه من أن مصرية التوقيت قد كمل العمل فيها، فإن تم، فالفقيه المسفيوي يكون مؤقتا فيها، حسبما قدمنا لك، والمواكين قد كتبنا عليهم (كذا) لذلك إن شاء الله. واعلم أنا قد رتبنا للقاضي الفقيه سيدي محمد الهسكوري الذي عندكم هناك خمسة عشر مثقالا، يقبضها عن كل شهر من أحباس المسجد، فادفعها له، ليستعين بها على عياله في هذا الوقت،.. في 29 ذي الحجة الحرام عام 1266 هـ وبعده، طابعه المعهود منه داخله : خديم المقام العالي بالله بوسلهام بن علي، الله وليه...

ونص الثاني :

"الحمد لله وحده، نسخة من كتاب شريف علوي هاشمي منيف، افتتاحه : الحمد لله وحده. طابعه الشريف :

عبد الرحمن بن هشام غفر الله له :

خديمنا الأرضى القائد العربي السعيد : أرشدك الله، وسلام عليك ورحمة الله وبعد : فقد وصلنا كتابك فجر شروع السيد.. في سرد صحيح سيدي مسلم، بمسجد القصبة، وقد قدمنا لك أمرنا الشريف بأن يسرد الفقيه السيد أحمد الفلوس السفر الذي يكمله بالمسجد الأعظم، ليعم النفع. فنأمر ناظر الأوقاف بطنجة، أن يرتب لكل واحد منهما ثلاثين أوقية في كل شهر، إعانة لهما على ذلك. والله الموفق والمعين، والسلام.

في 5 ربيع الأول عام 1245 هـ".

وأخيرا فلعلنا من خلال الوثائق التي تعمدنا أفكار منها، عن تاريخ هذا المسجد العظيم، وهو كما رأينا مسجد أسس على تقوى من الله، مباشرة بعد فتح طنجة، ليكون فاتح عهد جديد في تاريخ هذه المدينة، وقد أدرك السلطان مولاي إسماعيل، بثاقب ذهنه، أن طنجة في حاجة، عقب الفتح، على أمرين اثنين، لن تقوم لها قائمة بدونهما : سور يحيط بها ويحميها من هجمات الأعداء، ومسجد يحصنها من الداخل ويعيد للمدينة تاريخها المفقود، أو يعيد المدينة، بعد أن فقدت، إلى تاريخها، وتوالت كما رأينا، عناية ملوك الدولة العلوية المجيدة بالمسجد، مدفوعين إلى ذلك بنفس الإيمان الذي كان السبب في تأسيسه، فحبسوا عليه الأراضي، وأغنوا خزانته العلمية، وتعهدوه بالإصلاح، وتتبعوا سائر أمور، فكانوا حريصين على اختيار المسؤولين عن القيام بشؤونه، وقد وقفنا على ذلك كله، فجازاهم الله أحسن الجزاء.
رد مع اقتباس