مسجد عكاش - جدة
يقف مسجد عكاش بالمنطقة التاريخية بجدة شاهدا على جزء كبير من تاريخ العروس ، فهذا المسجد الذي يقع في قلب المنطقة التجارية سُمِّي بعكاش نسبة إلى عكاش أباظة الذي قام بتجديد بنائه.
وتشير لوحة معلقة على أبواب المسجد إلى أن تاريخ انشاء المسجد يعود إلى سنة 1200هـ ، أي من 228 سنة ، ولكن بعض المصادر تشير إلى أن تاريخ إنشائه أقدم من ذلك بكثير.
ويُعتقَد أنه المسجد الذي ذُكر في كتب المؤرخين باسم “الدامغاني” نسبة إلى التاجر الذي قام بتجديده ، والذي عاش في القرن التاسع الهجري ، وهو مما يدل على قدم هذا المسجد.
وقد جُدِّد بناؤه عدة مرات خلال تاريخه ورُفِعت أرضيّته عن مستوى الشارع ، ويُطِل من ناحية الجنوب على شارع قابل الشهير ومن ناحية الشرق على سوق الندى ، وتحيط بالمسجد المحال التجارية من جميع الجهات ، وتتمركز محال الصرافة والذهب بجواره
وللمسجد خمسة أبواب ثلاثة منها تطل على شارع قابل وإثنان من الجهة الشمالية ، وجميعها تتميز برسومات وأشكال هندسية نُقِشت عليها ، والخشب المستخدم في صناعة الأبواب هو خشب الجوز القديم لأنه سهل الحفر وقطعة كبيرة ولونه محروق متين لا يتشقق مع الزمن.
والمسجد من ناحية معالمه المعمارية هو بناء مستطيل الشكل له مئذنة إسطوانية ، وترتفع فيه مقدمة المسجد وصفوفه الأولى عن بقية أرضية المسجد والتي فُرشت بالسجاد الأحمر ، ويتصدر حائط القِبلة محراب مزخرف بآيات قرآنية ، وفي أعلى الحائط وُضعت نوافذ من الزجاج المعشق والذي يعتبر من فنون التراث الإسلامي ، وقد وُظّف كعنصر رئيسي من عناصر الديكور التي أضفت جمالا ، ولُوِّن بألوان زادته بهاء ، خصوصا عند تعرضه لأشعة الشمس والتي تبرز جمال ألوان الزجاج وانعكاس تصميمه على أرضية المسجد ، ويحيط بالجامع من الداخل حزام نُقِشت عليه عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وبعض الآيات القرآنية ، أما الجزء الأسفل من حائط المسجد فهو من الرخام الأبيض ، وخلف المحراب بعدة صفوف هناك المنبر الخاص بالمؤذن ، وقد صُنِع من الخشب ورُفِع عن مستوى الأرض بعدة أمتار يرتقى إليه المؤذن عبر سلالم دائرية.
وتتوسط المسجد قبة دائرية مرتفعة عن الأرض مُلِئت بالنقوش والزخارف والأشكال الهندسية ، أما نوافذ القبة فمن الزجاج المعشق بأشكال جمالية ، وتتدلى منها ثريا زادت بضوئها القبة جمالا ، أما عن أعمدة المسجد فقد زُيِّنت بالنقوش الجبسية التى حفرت عليها ، وفي أعلاها دائرتان كُتِب داخلها لفظ الجلالة “الله” ، وفي الأخرى كُتِب “محمد” عليه الصلاة والسلام ، وفي آخر المسجد هناك سُقيا الماء التي كان يرتوي منها المصلون ، وبجوارها تقع مكتبة المسجد العامرة بأمهات كتب العلوم الشرعية.
وتقام في المسجد حاليا حلقات لتحفيظ القرآن الكريم يقصدها عشرات الطلاب ، وقد أعيد ترميم المسجد مؤخرا بأسلوب راعى قيمته الأثري.