مسجد السلطان أيوب في اسطنبول
كان جامع أبي أيوب الأنصاري أول جامع بني في إستانبول ، بأمر من السلطان محمد الفاتح . واسم هذا الصحابي الجليل، هو “خالد بن زيد”، وكنيته “أبو أيوب الأنصاري“. وقد اشتهر بأنه حامل علم الرسول الكريم ـ صل الله عليه وسلم ـوهو الذي استضاف الرسول صل الله عليه وسلم في المدينة عندما هاجر إليها من مكة.
وعرف أبي أيوب الأنصاري الصحابي بين الأتراك باسم أيوب سلطان ، وهم يكنون له احتراما شديدًا، ويقولون إنهم يرون من واجبهم إكرامه في أرضهم كما أكرم هو النبي عندما حل عليه ضيفا في بيته.
ولقد اشترك أبو أيوب الأنصاري الذي عمر كثيراً، في حصار “إستانبول”، الذي جرى في عهد الأمويين، في عام 48-49هـ/668-669م. إلا أن هناك اختلافات كبيرة، بين المصادر، العربية والتركية، في هذه المسألة؛ فيرى بعض المؤلفين العرب، مثل “ابن سعد”، و”ابن قتيبة”، و”ابن الأثير”، و”الطبري”، و”المسعودي” أن “أبا أيوب”، قد توفي في الطريق إلى “إستانبول”؛ وأنه بناءً على وصيته، دفن بالقرب من أسوار “إستانبول”. أما المصادر التركية، فترى أنه قام بدور كبير في الحصار. يضاف، إلى ذلك، أن الرواية التركية، تشير إلى أنه استشهد بسهم، أصيب به من البيزنطيين في الوقت، الذي تفيد فيه الرواية العربية، أنه توفي بأجله.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الروايات الواردة في المصادر التركية، تنقسم، من حيث التفريعات، إلى عدة أقسام. وقد أعاد النظر في هذه الروايات التركية، العالم الألماني، الذي توفي في نهايات القرن السادس عشر الميلادي، “لونكلاو”، في كتابه “تاريخ المسلمين الأتراك”. كما أن “موردتمان” و”ماريوس كانارد” أيضاً، قد أجريا تحقيقات في هذه المسألة. وبموجب إحدى هذه الروايات، فقد أصيب أبو أيوب بسهم في رأسه، في أثناء الحصار وأنه وصى بأن يدفن، من دون أن يشعر به البيزنطيون.
وتفيد رواية أخرى أنه تعاهد مع المحاصَرين، ودخل إلى “آيا صوفيا وأنه بعد أن صلى في هذه الكنيسة، وخرج منها، تعرض لهجوم بالأحجار والسهام، من لدن الروم، الذين خانوه، حيث استشهد. والنقطة المشتركة، بين الروايات، التركية والعربية، هي دفن هذا الصحابي الجليل في “إستانبول”.
أما مسألة اكتشاف قبره، في عهد السلطان “محمد الفاتح”، فإنها قد اختلطت بالعديد من الأساطير؛ وتشترك كل تلك الأساطير في نقطة واحدة. وسر كل الاكتشاف، يكمن في كرامة البطل المعنوي لفتح “إستانبول”، “آق شمس الدين”. ومع ذلك، فإن بعض المصادر، مثل “حدائق الجوامع”، قد أكدت الأدلة التاريخية لسر هذا الاكتشاف؛ حيث إن المكان، الذي أشار إليه هذا العالم الجليل، لما حفر بمقدار ذراعين، وجد شاهد قبر، كتبت عليه عبارة صغيرة “هذا قبر أبي أيوب”. وبناءً على هذا التوضيح، فإن قبر “أبي أيوب”، قد اكتشف مع فتح “إستانبول”، في عام 857هـ/1453م، بعد أن بقي في باطن الأرض مدة 784 سنة.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه، بموجب آراء المؤلفين العرب، مثل: “الطبري”، و”ابن سعد”، و”ابن قتيبة”، فإن قبر “أبي أيوب”، قد قدس من لدن البيزنطيين أيضاً؛ بل إن البيزنطيين قد اعتادوا التردد إلى هذا المكان، للقيام بأداء دعاء المطر. إلا أنه لم يوجد أي قيد في المصادر البيزنطية، حول هذه المسألة.
ولكن الحقيقة ان قبره كان معروفا قبل ذلك بزمن طويل فذكره الرحالة الهروى أبوالحسن على بن ابى بكر الذى زار القسطنطنية فى القرن الثانى عشر الميلادى فى كتابه “ الاشارات الى معرفة الزيارات.
وكثير من الأتراك يزور قبر الصحابي أبي أيوب الأنصاري للتبرك به في طلب الرزق أو الولد أو الزوج أو الشفاء من مرض خاصة من قبل الطبقات الشعبية الفقيرة و الجاهلة، مما حدا بالقائمين على رعاية هذه الأماكن إلى كتابة لافتة كبيرة على أبواب الجامع تحذر من البدع والوقوع في الشرك، وتوضح للناس أن صاحب هذا المقام بريء مما يفعلون.