عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-10-2013, 11:00 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فضل من تعلم القرآن وعلمه
عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ(1) قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ(2) يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ(3) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ(4): قُلْتُ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»(5)، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَذَلِكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا، فَكَانَ يُعَلِّمُ مِنْ خِلاَفَةِ عُثْمَانَ إِلَى إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ(6)، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»(7)، وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ(8) عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»(9)، قَالَ: وَأَخَذَ بِيَدِي فَأَقْعَدَنِي فِي مَجْلِسِي أُقْرِئُ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر(10) قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: « أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى بُطَحَانَ أَوِ الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ فَيَأْخُذَهُمَا فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلاَ قَطْعِ رَحِمٍ؟»، قَالَ: قُلْنَا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللهِ يُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: « فَلأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلاَثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاَثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ»(11)).
فهذا باب في فضل مَن تعلم القرآن وعلمه، وقد ساق المؤلف عددًا من الأحاديث الواردة في هذا الفضل، ومنها حديث علقمة، وعلقمة هو علقمة بن مرثد الحضرمي، وقد وثقه أهل العلم وابن حجر(12) كما في التقريب، وقال الإمام أحمد: هو ثبت في الحديث، قال: سمعت سعد بن عبيدة السلمي أبا حمزة الكوفي وهو أيضًا ثقة عن عبد الرحمن السلمي وهو عبد الله بن حبيب الكوفي المقرئ مشهور عند أهل العلم بكنيته ثقة ثبت، تصدر للتعليم، وتعلم على يديه عدد كبير من الطلاب وصاروا من أهل الإقراء؛ لأنه قرأ على وعثمان -رضي الله عنه- وتوفي سنة ثلاث وسبعين من الهجرة.
والحديث الأول: أخرجه أحمد وأبو داودوالترمذي والبيهقي، وحديث عليٍّ أخرجه أحمد والدارمي والترمذي، وحديثمصعب بن سعد بن أبي وقاص وهو أيضًا ثقة توفي سنة مئة وثلاثة، وأبوه هو سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهذا الحديث أخرجه أيضًا الدارمي وابن ماجه، أما حديث عقبة بن عامر ففي صحيح مسلم وعند أحمد وأبي داود، وأصله في صحيح البخاري من حديث عثمان -رضي الله عنه: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»(13)، وجاء في بعض الروايات: « أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ»(14).
ولما سمععبد الله بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمي هذا الحديث أثَّر في نفسه تأثيرًا بالغًا، وكان سببًا في جلوسه في المسجد لإقراء القرآن الكريم كما جاء في هذا الأثر، وأنه مكث من خلافة عثمان إلى إمرة الحجاج، أي: ما يزيد على ثلاثين عامًا، كلها في إقراء القرآن الكريم رغبة في الحصول على هذه الخيرية وهذا الثواب العظيم الذي أعده الله -تعالى- لمن علَّم القرآن.
والقرآن الكريم أنزله الله –تعالى- وجعل فيه الخير والبركة، أنزله الله –تعالى- رحمة لهذه الأمة وهداية لها، كما قال -تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ(15)، وجعله صراطًا مستقيمًا لمن أراد الاستفادة منه وأراد اتباعه، وأخرج الله بهذا القرآن الكريم الناس من الظلمات إلى النور، وهداهم به إلى الصراط المستقيم، فمن أحب أن يكون قريبًا من الله –تعالى- دائم الصلة به مذكورًا عنده فعليه أن يداوم على هذا قراءة القرآن، ولا ثمة سبيل ولا طريق إلا من طريق القرآن الكريم، ولأجل هذا نال قارئ القرآن ومقرؤه هذه الخيرية الواردة في هذا الحديث.
وقوله -عليه الصلاة والسلام: « خَيْرُكُمْ»، خير هنا بمعنى أفعل التفضيل، بمعنى: أخيركم أو أكثركم نفعًا وأرفعكم منزلة، وقد تأتي خير أحيانًا ولا يقصد بها التفضيل؛ لأنه قد يقصد بها بيان مكانة شيء وإظهاره، كما جاءت الآية في سورة الفرقان حينما قال الله -تعالى: ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ(16)، فلا مفاضلة بين الجنة والنار أبدًا، وكما جاء في البيت لحسان حينما قال:
أتهجوه ولست له بكفء *** فشركما لخيركما الفداء
فلا يمكن أن يفاضل بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين غيره، كما أنه لا يصح أن يفاضل بين الجنة والنار، وإنما أراد الله –تعالى- أن يبين مكانة هذه الجنة ويرد على المشركين وعلى الكفار حينما كذبوا بذلك اليوم؛ لأن الله –تعالى- قال قبلها: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ(17)، ثم قال: ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾.
وقوله –صلى الله عليه وسلم: « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»، تعلم القرآن يدخل فيه حفظه وتجويده وإقامة حروفه وإعرابها ومدارسته وفهم معانيه وتدبر آياته ومعرفة المقاصد العظيمة التي من أجلها نزل هذا القرآن العظيم ومعرفة أحكامه وحلاله وحرامه وعبره ومواعظه وزواجره وأوامره ونواهيه، هذا هو تعلم القرآن، وليس المقصود القراءة فحسب، إنما القراءة المصحوبة بالعمل والعلم، والعلم لا يكون إلا من التدبر كما تقدم، ولا بد من تعلم آياته وحفظها وإتقانها وضبطها وتعلم الأحكام التي فيها والآداب التي اشتملت عليها، هذا يدخل في تعلم القرآن.
ثم يتعدى هذا النفع إلى الآخرين ولا يقتصر على نفسه فحسب، بل يسعى في تعليم غيره من الناس، فهذا من النفع المتعدي إلى الآخرين، وأشرف ما يتعلمه الإنسان ويعلمه هو القرآن الكريم، ويدخل في هذا الحديث أيضًا الذي يسعى في تعلم القرآن أو في تعليم القرآن؛ لأنه يقول: « وَعَلَّمَهُ»، وقد ذكر العلماء منهم ابن حجر وغيره أن الذي يسعى إلى توفير أسباب تعلم القرآن من: المكان والتهيئة والطعام والشراب والمصاحف وكل الوسائل المتعلقة بذلك تشمله هذه الخيرية وهذه الرفعة حسب ما يقدمه وحسب ما يعمله، مع التفاوت في هذا الخير والفضل، لكن الذي يسعى في جمع الناس على القرآن الكريم، وإن لم يكن متعلمًا القرآن الكريم، لكنه سعى ودل الناس عليه، وحث الناس على حفظه، وهيأ المكان وأمَّن الوسائل التي يحتاجها المعلم والمتعلم فهو -إن شاء الله- داخل في هذه الخيرية، كما ذكر ذلك أهل العلم؛ لأن مَن دل على خير فله مثل أجره.
وهذا الحديث دل على فوائد منها، أولاً: حصول الخيرية لمن تعلم القرآن وعلمه، واقترن ذلك بالإخلاص لله -تعالى.
الثاني: فضل العلم المتعدي نفعه للآخرين؛ لأنه قال: « وَعَلَّمَهُ»، والفعل المتعدي النفع لا شك أنه أفضل من العمل القاصر، فالذي يتعبد الله لنفسه كأن يكثر من النوافل أو من الصيام أو من قراءة القرآن هذا عمل خير، ويثاب عليه، لكن إذا كان هذا العمل يتعدى إلى الآخرين فإن الفضل أكثر؛ ولهذا الله -تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(18).
وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: « أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ»(19)، وحثَّ على السعي على الأرملة والمسكين والضعيف هذه أعمال متعدية النفع للآخرين، والصحابة والتابعون -رضوان الله عليهم- يسعون إلى تعليم غيرهم ممن لم يتعلم القرآن الكريم، كما فعل عبد الله بن حبيب أبو عبد الرحمن السلمي؛ حيث مكث في هذا المكان أكثر من ثلاثين عامًا في المسجد يعلم فيه القرآن ليحصل على هذا النفع المتعدي؛ لأنه يعلم أنه إذا علم هذا الإنسان القرآن سوف يعلم غيره، وهذا يعلم غيره، حتى وصل إلينا، فالخير ينال هؤلاء كلهم، فهؤلاء نظروا نظرة بعيدة إلى المنفعة والمصلحة العامة للمسلمين، فقدموا هذا العمل على غيره من الأعمال.
ومما دل عليه الحديث أيضًا من الفوائد:
الترغيب في تلاوة القرآن والحث على المداومة على تلاوته، يضم هذا الفضل إلى الآيات التي وردت في القرآن الكريم، ومن الفوائد كذلك: أن القرآن أشرف العلوم على الإطلاق؛ لأن الله وعد بهذا الأجر والثواب على لسان نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- لمن قرأه، ومن الفوائد أيضًا: أن شرف العلم بتعليم الآخرين لهذا القرآن؛ لأن من علم غيره يستلزم منه أن يكون عالمًا، كما قال الله -تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(20).
__________________
رد مع اقتباس