عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-10-2013, 08:34 PM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,386
معدل تقييم المستوى: 39
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي




رقيب / حسن كامل حسن الجندى :
«ألو مقديشيو» .. حكايات عن الإشارة و صيد الدبابات

أخيرا هناك من يتذكرنا، حتى و لو كان من خلال تلك السطور القليلة، نستطيع أن نحكى لمن لا يعرفونا كفاحنا الذى تجاهله الكبار فيما بعد

فأنا التحقت بالجيش عام 64 لتأ
دية الخدمة العسكرية، و شاركت فى حرب اليمن و حرب 67 ثم انسحبنا منها إلى القنطرة شرق، ثم إلى جباسات بورفؤاد، و منها إلى موقع سرابيوم فى الإسماعيلية، و ظللت فى هذا الموقع حتى قبل حرب 6 أكتوبر، و تم تسريحى قبل حرب أكتوبر بشهور، ثم استدعيت مرة أخرى فى نفس الكتيبة و نفس الموقع «قرية سرابيوم الواقعة على القناة مباشرة، و كنت برتبة رقيب إشارة و مهمتى ملازمة قائد الكتيبة أثناء العبور إلى الضفة الشرقية.

عبرت القناة و أنا أحمل على ظهرى جهاز لاسلكى 105 روسى، و كان ممنوعا إرسال أى إشارة لاسلكيا، لعدم إكتشافها من العدو، و لكن كان الأفراد هم الذين يقومون بذلك، فجميع الإشارات كتابية تسلم باليد أو شفهية، حسب الخطة الموضوعة، و عبرنا و مدافع العدو تضربنا فى القناة و لكن الله سلم و وصلنا إلى البر الشرقى، و هذه أول فرحة دخلت قلبى و إحساسى أننى مصرى حر.

أجمل شيئ فى موقعى كان عبد العاطى، صائد الدبابات الذى تم إلحاقه على الكتيبة 336 كنا نشعر بالفخر، و نحن نرى هذا الكم من الدبابات الإسرائيلية مدمرة، و عجز الإسرائيليون من المرور عبر موقعنا.

«ألو مقديشيو زمزم عرب تحرك 50 متر شمال»
نص الإشارة التى تلقيتها باللغة العربية و لن انساها ابدا،
مقديشيو كان هذا رمز كتيبتنا، و الإشارة معناها أن أفتح ثغرة لإبعاد القوات المصرية من الطريق الأوسط لأنه طريق مرصوف، و هذا يعطى سرعة لانتشار الدبابات الإسرائيلية بالهجوم على القوات المصرية، و الالتفاف و التقدم من الطريق الأوسط، الذى هو عبارة عن طريق مرصوف يصل إلى الدفرسوار، لأنه فى هذا الوقت كان العدو قد تمكن من الدفرسوار، و هو ما يعرف بالثغرة فى مرحلتها الأولى.

و بخبرتى طلبت التحقيق أفقى و رأسى، و هى كلمة سر متفق عليها مع رئاستى فطلبت من مرسل الإشارة التحقق، و لم يرد على، فتنبهت بخبرتى بأن هذه الإشارة مدسوسة علينا، من إسرائيل و لو كنا فتحنا الطريق حسب الإشارة المدسوسة، لكانت ثغرة أخرى و إلتفاف العدو على اللواء 112 مشاه، لأنه ليس من المعقول أن أبلغ قائد الكتيبة باخلاء الممر.

قلت للقائد بأن هذه الإشارة خدعة، لأننى أعرف جميع أصوات زملائى فى القيادة، و يطلبون إخلاء الممر لإستغلاله فى الهجوم علينا، فتنبه قائدى و هو العميد زين الدين العابدين، فأرسل قوة استطلاع خلف الساتر بالمنظار الضوئى، فأبلغته قوة الاستطلاع بأن هناك حشودا إسرائيلية بالدبابات خلف الساتر، فأمر بتقدم عبد العاطى صائد الدبابات رحمه الله، و قد حدث ما كنت أتوقعه من هجوم بالدبابات، و تم تدمير 6 دبابات للعدو و أسر جميع أطقمها، و تم تجميع الأسرى فى بطن جبل نتمركز عليه، و تم إرسالها بعد ذلك إلى قيادة اللواء 112 مشاة بقيادة العميد عادل يسرى، الذى فقد إحدى ساقيه و رفض الإخلاء و الاستمرار فى القتال الذى عين بعد ذلك رئيسا لقدامى المحاربين، و قد تمت ترقيتى بعد كشفى لهذه الإشارة المدسوسة.

فسلاح الإشارة أعطانى الثقة و المعرفة، و هذا ماجعلنى أتعلق بهذا السلاح الذى احترم كل الذين من أمثالى، الذين لم يكملوا تعليمهم و توقفوا عند التعليم الأساسى، فلقد طورت جهازا لاسلكيا فرنساويا معروفا برقم 788 كان فى إحدى مخازن القوات المسلحة، فبعد أن فقدنا المعدات اللاسلكية فى عمليات حرب 67 توصلت و أنا فى القنطرة بأن حولت الجهاز إلى لاسلكى و تليفون أرضى، و تم ترقيتى من عريف إلى رقيب بسبب هذا الابتكار، و تم تعميم ذلك فى وحدات اللواء الذى كنت به، و تم توزيعه على مختلف اللواءات.

لا يمكن أن أنسى الصدمة العنيقة التى شعرت بها عقب إخلاء الأسرى الإسرائليين، و مشاهدة زملائى و أصدقائى شهداء بعد أن عشنا سويا 8 سنوات، فحضر إلى النقيب محسن النحاس و ضمنى إلى صدره بقوة و أجشهنا بالبكاء ثم قال لى، الرب واحد و العمر واحد، فعدت ثانية إلى وعيى و قوتى و استمرارى كرقيب إشارة فى كتيبتى.
.
رقيب / حسن كامل حسن الجندى - اللواء 112 مشاه، كتيبة 36
رد مع اقتباس