ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن جابر بن عبد الله: (أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: أعاذك الله مِن إمارة السُّفَهاء. قال: وما إمارة السُّفَهاء؟ قال: أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي، ولا يستنُّون بسنَّتي، فمَن صدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا منِّي ولست منهم، ولا يردوا على حوضي، ومَن لم يصدِّقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم، فأولئك منِّي وأنا منهم، وسيردوا على حوضي..) .
(إمارة السُّفَهاء، وهو فعلهم المستفاد منه مِن الظُّلم والكذب وما يؤدِّي إليه جهلهم وطيشهم) .
قال المناوي: (إمارة السُّفَهاء -بكسر الهمزة-. أي: ولايتهم على الرِّقاب؛ لما يحدث منهم مِن ال*** والطَّيش والخِفَّة، جمع سَفِيهٍ، وهو ناقص العقل، والسَّفَه) .
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل الجليس الصَّالح والجليس السُّوء، كمثل صاحب المسك وكِير الحدَّاد ، لا يعدمك مِن صاحب المسك إمَّا تشتريه أو تجد ريحه، وكِير الحدَّاد يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثة)) .
قال أبو حاتم: (والواجب على العاقل ترك صحبة الأَحْمَق، ومجانبة معاشرة النَّوكى ، كما يجب عليه لزوم صحبة العاقل الأريب، وعشرة الفَطِن اللَّبيب؛ لأنَّ العاقل -وإن لم يصبك الحظُّ مِن عقله- أصابك مِن الاعتبار به، والأَحْمَق إن لم يَعْدِك حُمْقُه تدنَّستَ بعِشْرَته) .
- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج في آخر الزَّمان أقوامٌ أحداث الأسنان، سُفَهَاء الأحلام، يقولون مِن خير قول البريَّة، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فا***وهم، فإنَّ في ***هم أجرٌ لمن ***هم يوم القيامة)) .
قال ملا علي القاري: (أي: ضعفاء العقول، والسَّفَهُ -في الأصل-: الخِفَّة والطَّيش، وسَفِه فلان رأيه: إذا كان مضطربًا لا استقامة فيه، والأحْلَام: العقول، واحدها حِلْم، بالكسر) .
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّها ستأتي على النَّاس سنونٌ خَدَّاعَة، يُصَدَّق فيها الكاذب، ويُكَذَّب فيها الصَّادق، ويُؤْتَمَن فيها الخائن، ويُخَوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرُّويبضة. قيل: وما الرُّويبضة؟ قال: السَّفيه يتكلَّم في أمر العامَّة)) .
قال ابن رجب: (ومضمون ما ذُكِر مِن أشراط السَّاعة في هذا الحديث يرجع إلى أنَّ الأمور تُوَسَّد إلى غير أهلها) .