عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-09-2013, 05:37 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أسباب الوقوع في الجَزَع


1- تذكُّر المصَاب حتى لا يتناساه، وتصوُّره حتى لا يَعْزُب عنه ، ولا يجد مِن التِّذكار سَلْوَة، ولا يخلط مع التَّصور تعزية، وقد قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه: لا تستفزُّوا الدُّموع بالتَّذكُّر .
قال الشَّاعر:
ولا يبعث الأحزان مثل التَّذكُّر
2- الأسف وشدَّة الحسرة، فلا يرى مِن مصابه خلفًا، ولا يجد لمفقوده بدلًا؛ فيزداد بالأسف وَلَهًا، وبالحسرة هلعًا. ولذلك قال الله تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ الحديد: 23[.]
وقال بعض الشِّعراء:

إذا بُلِيتَ فثِقْ بالله وارضَ به *** إنَّ الذي يكشف البلوى هو الله



إذا قضى الله فاستسلم لقدرته *** ما لامرئ حيلة فيما قضى الله



اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه *** لا تيأسنَّ فإنَّ الصَّانع الله .


3- كثرة الشَّكوى، وبثُّ الجَزَع، فقد قيل في قوله تعالى: فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً [المعارج: 5]. إنَّه الصَّبر الذي لا شكوى فيه، ولا بثٌّ .


4-
اليأس مِن جبر مصابه، وطلابه، فيقترن بحزن الحادثة قنوط الإياس، فلا يبقى معهما صبرٌ، ولا يتَّسع لهما صدرٌ. وقد قيل: المصيبة بالصَّبر أعظم المصيبتين. وقال ابن الرُّومي:

اصبري أيتها النَّفــ*** ـس فإنَّ الصَّبر أحجى



ربَّما خاب رجاء *** وأتى ما ليس يُرجَى


وأنشد بعض أهل العلم:

أتحسب أنَّ البؤس للحُرِّ دائمٌ *** ولو دام شيء عدَّه النَّاس في العَجَب



لقد عرَّفتك الحادثات ببؤسها *** وقد أدبت إن كان ينفعك الأدب



ولو طلب الإنسان مِن صرف دهره *** دوام الذي يخشى لأعياه ما طلب .


5- أن يغرى بملاحظة مَن حِيطَت سلامته، وحرست نعمته، حتى الْتَحَف بالأمن والدَّعة ، واستمتع بالثَّروة والسَّعة، ويرى أنَّه قد خُصَّ مِن بينهم بالرَّزيَّة بعد أن كان مساويًا، وأفرد بالحادثة بعد أن كان مكافيًا، فلا يستطيع صبرًا على بلوى، ولا يلزم شكرًا على نعمى. ولو قابل بهذه النَّظرة ملاحظة مَن شاركه في الرَّزيَّة، وساواه في الحادثة لتكافأ الأمران، فهان عليه الصَّبر وحان منه الفرج .
6- ضعف الإيمان: قال القاسمي: (الجَزَع واليأس مِن الفرج عند مسِّ شرٍّ قُضِى عليه ... ممَّا ينافي عقد الإيمان) .
قال ابن القيِّم: (وإذا اطمأنَّ إلى حكمه الكوني: عَلِمَ أنَّه لن يصيبه إلَّا ما كتب الله له، وأنَّه ما يشاء كان، وما لم يشأ لم يكن. فلا وجه للجَزَع والقلق إلَّا ضعف اليقين والإيمان. فإنَّ المحذور والمخوف: إن لم يُقَدَّر فلا سبيل إلى وقوعه، وإن قُدِّر فلا سبيل إلى صرفه بعد أن أُبْرِم تقديره. فلا جَزَع حينئذ لا ممَّا قُدِّر ولا ممَّا لم يُقَدَّر) .
7- عدم الاستعانة بالله في المصيبة.
8- عدم النَّظر إلى مَن هم أشدُّ منه مصيبة وغمًّا وألـمًا.
9– العَجْز: قال ابن القيِّم: (الجَزَع قرين العَجْز وشقيقه... فلو سُئِل الجَزَع: مَن أبوك؟ لقال: العَجْز) .
10- ترك الرِّضا بما يوجب القضاء.
11- عدم توطين النَّفس على وقوع المكروه:
قال أبو حاتم: (السَّبب المؤدِّي إلى إظهار الجَزَع عند فِرَاق المتواخين هو: ترك الرِّضا بما يوجب القضاء، ثمَّ ورود الشَّيء على مُضْمَر الحشا بعدما انطوى عليه قديمًا، فمَن وطَّن نفسه في ابتداء المعاشرة على ورود ضدِّ الجميل عليها مِن صحبته، وتأمَّل ورود المكروه منه على غفلته، لا يُظْهِر الجَزَع عند الفراق، ولا يشكو الأسف والاحتراق إلَّا بمقدار ما يوجب العِلْمُ إظهاره) .
قال أحدهم لعبيد بن الأبرص: ما أشدَّ جزعك على الموت! فقال:

لا غَرْوَ مِن عيشة نافده *** وهل غير ما ميتةٍ واحدهْ



فأَبْلِغ بُنيَّ وأعمامهم *** بأنَّ المنايا هي الرَّاصدهْ



فلا تجزعوا لحِمِامٍ دنا *** فللموت ما تَلِد الوَالدهْ


__________________