ضعِ السرَّ في صماءَ ليست بصخرةٍ***صلود كما عاينت من سائر الصخرِ
ولكنها قلبُ امرئٍ ذي حفيظةٍ***يرى ضيعةَ الأسرارِ هترًا من الهترِ
يموتُ وما ماتت كرائمُ فعلِه***ويبلى وما يبلى نَثاه على الدهرِ
وقال محمد بن إسحاق الواسطي:
إذا المرءُ لم يحفظْ سريرةَ نفسِه***وكان لسرِّ الأخ غيرُ كتومِ
فبعدًا له من ذي أخ ومودةٍ***وليس على ودٍّ له بمقيمِ
وقال قيس بن الخطيم:
وإن ضيَّع الإخوانُ سرًّا فإنني***كتومٌ لأسرارِ العشيرِ أمينُ
يكونُ له عندي إذا ما ائتمنته***مكانٌ بسوداءِ الفؤادِ مكينُ
وقال الكريزي:
إذا أنت لم تحفظْ لنفسِك سرَّها***فأنت إذا حملته الناسَ أضيعُ
ويضحكُ في وجهي إذا ما لقيتُه***وينهشني بالغيبِ يومًا ويلسعُ
وقال قيس بن الخطيم الأنصاري:
إذا جاوز الاثنين سرٌّ فإنه***بنثٍّ وتكثير الوشاة قمينُ
وقال الكريزي:
اجعل لسرِّك مِن فؤادك منزلًا***لا يستطيعُ له اللسانُ دخولا
إنَّ اللسانَ إذا استطاع إلى الذي***كتم الفؤادُ من الشؤونِ وصولا
ألفيتَ سرَّك في الصديقِ وغيرِه***من ذي العداوة فاشيًا مبذولا
وقال البغدادي:
صُنِ السرَّ بالكتمانِ يُرضيك غبُّه***فقد يظهرُ المرءُ المضِيعَ فيندمُ
فلا تلجئنْ سرًّا إلى غيرِ حرزِه***فيُظهرَ حرزَ السوءِ ما كنتَ تكتمُ
وقال آخر:
لا تودعنَّ ولا الجماد سريرةً***فمِن الجوامدِ ما يشير وينطقُ
وإذا المحكُّ أذاع سرَّ أخٍ له***وهو الجمادُ فمن به يستوثقُ
وقال المنتصر بن بلال الأنصاري:
سأكتمُه سرِّي وأكتمُ سرَّه***ولا غرَّني أني عليه كريمُ
حليمٌ فيفشي أو جهولٌ يذيعُه***وما الناسُ إلا جاهلٌ وحليمُ
وقال آخر:
ونفسُك فاحفظْها ولا تفشِ للعدَى***مِن السرِّ ما يُطوي عليه ضميرُها
فما يحفظُ المكتومَ من سرِّ أهلِه***إذا عُقدُ الأسرارِ ضاع كثيرُها
مِن القومِ إلا ذو عفافٍ يعينُه***على ذاك منه صدقُ نفسٍ وخيرُها
وقال عامر الخزرجي:
إذا أنت لم تجعلْ لسرِّك جُنَّةً***تعرضتَ أن تُروَى عليك العجائبُ
وقال آخر:
إذا ما ضاق صدرُك عن حديثٍ***فأفشته الرجالُ فمن تلومُ
إذا عاتبتُ مَن أفشى حديثي***وسرِّي عنده فأنا الظلومُ
وإني حين أسأم حملَ سرِّي***وقد ضمَّنته صدري سئومُ
ولست محدثًا سرِّي خليلًا***ولا عرسي إذا خطرت همومُ
وأطوي السرَّ دون الناسِ إني***لما استودعتُ من سرِّي كتومُ