فالله عز وجل لا يُحَابي ولا يجامل أحدًا؛ فهذه سنن إلهية، وقوانين سماوية، لا تتبدَّل ولا تتغير(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الفتح: 23)، فالتغيير سُنَّةٌ ثابتة من السنن الإلهية تفرض نفسها، وضابطها قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد: 11)، وهذا ما ندعو إليه جميع الأمم والشعوب؛ أن تُغيِّر من نفسها، وأن تتقرَّب من ربها، وأن تُحقِّق في ذاتها موجباتِ نصرِ ربها.
فالأمم لا تستطيع أن تُغيِّر واقعها إلا بعد أن تُغيِّر من ذاتها، وتجاري القانون الفطري الإلهي، فتاريخ كل أمة إنما هو نتاجٌ لتحدِّي الظروف التي واجهتها، ولقد حقَّق الإنسان حضارته وتقدمه بتغلُّبه على مواقف ذات صعوباتٍ خاصة، فالسنن لا تتأثر بالأماني، وإنما تتأثر بالأعمال العظيمة والجهود المنظَّمة والخطط المحكمة؛ للوصول إلى النتائج المرجوَّة؛ فإرادة الإنسان تلعب الدور الفاعل في صنع المتغيرات وتطويعها لصالحه، والاختبارات الربانية بالأحداث سنن من السنن الإلهية في الإنسان ليتم الفرز والتمييز، لذلك قال عز من قائل (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ومَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَلكُمْ عَلَى الغَيْبِ ولَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ وإن تُؤْمِنُوا وتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (آل عمران :179)
|