العفو والصفح في واحة الشعر
قال الشافعي:
لما عفوتُ ولم أحقِدْ على أحدٍ***أرحتُ نفسي مِن همِّ العداواتِ
إني أُحيِّي عدُوِّي عندَ رؤيتِه***لأدفعَ الشرَّ عني بالتحياتِ
وأُظهرُ البشْرَ للإنسانِ أُبغضُه***كأنما قد حشَى قلبي محباتِ
النَّاسُ داءٌ، وداءُ النَّاسِ قُربُهمُ***وفي اعتزالِهمُ قطعُ الموداتِ
وقال أيضًا:
قالوا سكتَّ وقد خُوصِمتَ قلتُ لهم***إنَّ الجواب لِبابِ الشرِّ مفتاحُ
فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب***نعم وفيه لصونِ العِرض إصلاحُ
إن الأُسود لتخشَى وهي صامتة***والكلب يُحثَى ويُرمَى وهو نبَّاحُ
وقال منصور بن محمد الكريزي:
سأُلزمُ نفسي الصفحَ عن كلِّ مذنب***وإن كثرت منه إليَّ الجرائمُ
فما الناسُ إلَّا واحدٌ مِن ثلاثةٍ***شريفٌ ومشروفٌ ومثلي مُقاومُ
فأمَّا الذي فوقي فأعرفُ فضلَه***وأتبعُ فيه الحقَّ والحقُّ لازمُ
وأما الذي دوني فإن قال صنتُ عن***إجابتِه عِرضي وإن لام لائمُ
وأما الذي مثلي فإن زلَّ أو هفا***تفضَّلتُ إنَّ الحلم للفضلِ حاكمُ
وقال أبو الفتح البستي:
خذِ العفوَ وأْمُرْ بعرفٍ كما***أمرت وأعرضْ عن الجاهلين
ولِنْ في الكلامِ لكلِّ الأنامِ***فمستحسَنٌ من ذوي الجاه لين
وقال آخر:
إذا كنتُ لا أعفو عن الذنبِ مِن أخٍ***وقلتُ أُكافيه فأينَ التفاضلُ
فإن أقطعِ الإخوانَ في كلِّ عسرةٍ***بقيتُ وحيدًا ليس لي من أُواصلُ
ولكنني أُغضي جُفوني على القذَى***وأصفحُ عمَّا رابني وأُجاملُ