عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-04-2013, 08:42 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

المحور الأول: معضلات المرحلة الانتقالية


5- إحلال نخبوي: آليات الرئيس مرسي لمواجهة شبكات الدولة العميقة


محمد عبد الله يونس

كشف مراجعة قرارات الرئيس مرسي في الآونة الأخيرة عن نهج متصاعد لترسيخ أركان الجمهورية الثانية ومواجهة شبكات المصالح والتحالفات المؤسسية المحافظة التي تعترض إحداث تغيير جذري في معادلات السلطة

لا سيما منذ تصفية دور المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية، وانفراد الرئيس مرسي بالصلاحيات التشريعية والتنفيذية، واستكماله بنيان مؤسسة الرئاسة، وتغيير قيادات الصحف القومية استغلالًا لاختصاصات مجلس الشورى، وفي هذا الإطار تُثار تساؤلات متعددة حول أبعاد وتداعيات عملية إعادة الهيكلة المؤسسية الممتدة.

وفي هذا الصدد فإن اهتمام الرئاسة بالسيطرة على مؤسسات الدولة عبر الإحلال النخبوي وتغيير القيادات تتواكب مع تكلس مؤسسات الدولة وانهيار أبنيتها وقدراتها على التغلغل والتوزيع والضبط القانوني في نموذج للتضخم المؤسسي المتصاعد، بما يثير مزيدًا من التساؤلات حول جدوى التركيز على تدوير النخب والقيادات المؤسسية كمدخل ملائم لتحقيق الاستحقاقات الثورية الأكثر إلحاحًا، ومدى جدواها كآلية للإصلاح المؤسسي مع بداية الجمهورية الثانية.

أولًا: مؤشرات إعادة هيكلة المؤسسات:

لم تنقطع عمليات إعادة هيكلة المؤسسات وتغيير قياداتها وكوادرها منذ تصفية دور المجلس العسكري وإنهاء الإعلان الدستوري المكمل في إطار تصفية ما يعرف بشبكات "الدولة العميقة" التي يعتبرها البعض عقبة أساسية تعرقل تنفيذ الاستحقاقات التي تعهد الرئيس بها خلال فترة المائة يوم الأولى من توليه السلطة، وفي هذا الصدد تضافرت مؤشرات متعددة تؤكد الاتجاه العام لمؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين لاستكمال عملية إحلال النخب، وتغيير القيادات في مختلف مؤسسات الدولة، ومن أهم تلك المؤشرات ما يلي:

1- الرقابة على الجهاز الإداري:

ويندرج في هذا الإطار إقالة الرئيس مرسي لرئيس هيئة الرقابة الإدارية محمد فريد التهامي، وإحالته إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق معه في اتهامات بالتستر على فساد رموز النظام السابق، وتعيين محمد وهبي هيبة رئيسا، والسيد بدوي حمودة نائبًا لرئيس الهيئة، وأيضًا تعيين المستشار "هشام جنينة" رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات بدرجة، وهو من رموز تيار استقلال القضاء، ويلقى قبولًا لدى مختلف القوى الثورية.

ولم تقتصر سياسة إحلال القيادات على الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات فحسب؛ وإنما لوحظ أنها باتت نهجا عاما لوزارة قنديل في التعامل مع قيادات الصف الأول بالوزارات والهيئات الحكومية، وهو ما يستدل عليه بقرارات الإقالة أو النقل التي شملت عددًا من كبار القيادات بوزارات الطيران المدني والبترول والكهرباء والأوقاف في وتيرة متصاعدة منذ نهاية دور المجلس العسكري في إدارة الدولة.

2- إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية:

لم يكن إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وعدد من قيادات المجلس العسكري للتقاعد سوى بداية عملية إحلال واسعة في صفوف قيادات المؤسسة العسكرية، والتي كان أحد مؤشراتها الهيكلية إجراء وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السياسي تغييرات واسعة في صفوف قيادات الجيش باستبعاد 70 من كبار القيادات، أغلبهم من المساعدين والمستشارين الذين عينهم المشير طنطاوي، إضافة إلى غالبية قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأبرزهم اللواء إسماعيل عتمان، واللواء محسن الفنجري، واللواء عادل عمارة، واللواء مختار الملا، فيما يمكن اعتباره استكمالًا للتغيرات الهيكلية التي تشهدها المؤسسة العسكرية منذ إقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وقيادات المجلس العسكري.

3- تغيير قيادات الإدارة المحلية:

ويتمثل هذا المؤشر في حركة المحافظين الأخيرة التي شملت تغيير 10 محافظين من بينهم أربعة محافظين على الأقل من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، أبرزهم سعد الحسيني محافظا لكفر الشيخ، ومحمد علي بشر محافظا للمنوفية، ومصطفى عيسى كامل محافظًا للمنيا، بالإضافة إلى ثلاث محافظين من العسكريين المتقاعدين في شمال سيناء والسويس والبحر الأحمر، فيما يعتبر أحد مؤشرات إعادة الهيكلة في مؤسسات الحكم المحلي وثيقة الصلة بتقديم الخدمات للمواطنين بما يفترض أن ينعكس على وتيرة تطبيق برنامج الرئيس، ومستوى الرضا العام.

4- مراجعة دور المؤسسة القضائية:

على الرغم من قرار وزير العدل المستشار أحمد مكي نقل تبعية التفتيش القضائي من وزارة العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء لتعزيز استقلالية المؤسسة القضائية عن السلطة التنفيذية؛ فإن دور وزير العدل لا يزال محوريًّا في إدارة أركان المؤسسة القضائية، لا سيما في ظل عمليات إعادة الهيكلة والمراجعات السياسية التي طالت مؤسسات عديدة في الدولة المصرية، أهمها المؤسسة العسكرية والصحافة القومية.

وفي هذا الصدد جاء تجدد الجدل حول السماح بسفر المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني بمثابة مدخل جديد لمراجعة دور المؤسسة القضائية، وإعادة النظر في آليات تدخل السلطة التنفيذية في اختصاص السلطة القضائية تعزيزًا لاستقلاليتها من جانب، وتعزيزا لقوة تيار استقلال القضاء في مواجهة التيارات المحافظة داخل المؤسسة، أو ربما إيذانًا بموجة جديدة من تغيير القيادات تطال المؤسسة القضائية.

ثانيًا: لماذا الإحلال النخبوي؟

لا تنفصل عمليات إعادة الهيكلة وتغيير القيادات التي تشمل مؤسسات الدولة المصرية عن تمكن مؤسسة الرئاسة من فرض سيطرتها على مفاصل الدولة، والاستحواذ على الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والرقابية التي تكفل إدارة المرحلة الانتقالية حتى تمام صياغة الدستور الجديد، والاستفتاء عليه، تمهيدًا لتنظيم الانتخابات التشريعية وما يرتبط بتلك المرحلة من تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس بأبعاده المختلفة.

وتستند عمليات الإحلال النخبوي واسعة النطاق ومراجعة ممارسات القيادات في أحد أبعادها للشرعية الثورية واستحقاقات ثورة 25 يناير التي اتفقت مختلف القوى السياسية التي أفرزتها الثورة على عدم تمكن المجلس العسكري وحكومتي عصام شرف وكمال الجنزوري من استيفائها بصورة كاملة، وهو ما أتاح لمؤسسة الرئاسة تحجيم رءوس شبكات المصالح المنتمية للنظام السابق في مؤسسات الدولة، وخاصة بعد أن أضحت في غاية الضعف بتصفية دور المجلس العسكري.

ويتمثل السبب الثالث لموجة استبدال القيادات المتصاعدة في سعي الرئاسة لاستعادة الاستقرار عبر ترتيبات تدريجية تسعى لاجتذاب التأييد الشعبي والرضاء العام وهو ما يبدو في الدور الطاغي لمؤسسة الرئاسة في إدارة عمليات استبدال القيادات في مقابل تراجعٍ نسبي لدور مجلس الوزراء؛ حيث صدرت حركة المحافظين الأخيرة من مؤسسة الرئاسة بمشاركة محدودة من مجلس الوزراء، وتم تغيير رئيس هيئة الرقابة الإدارية بقرار رئاسي أيضا بما يعكس تشكل نمط للعلاقات بين الطرفين يستلهم تجارب النظم الرئاسية التي يتراجع في إطارها دور مجلس الوزراء في مقابل دور مركزي لمؤسسة الرئاسة.

ثالثًا: إحلال القيادات كمدخل للإصلاح المؤسسي:

يبدو استبدال القيادات كمدخل لحسم الصراع السياسي، وتفكيك شبكات المصالح، وضبط ممارسات القيادة أكثر منه آلية للإصلاح الإداري والمؤسسي؛ إذ إن التكلس والوهن قد أصاب مؤسسات الدولة المصرية لا سيما الجهاز الإداري كنتاج عقود من السلطوية السياسية التي مارسها النظام السابق لدمج مؤسسات الدولة لدعم بقاء النظام. وبانهيار آخر أركان النظام بدأت تلك المؤسسات في التفكك تحت وطأة المطالب المتصاعدة لأعضائها، وتردي أدائها لوظائفها المختلفة.

ولذا فإن الإصلاح المؤسسي يبدأ من مراجعة أوضاع المؤسسات وممارساتها، والإجراءات الحاكمة لعملها، والارتقاء بقدرات كوادرها على أداء الوظائف، وجودة ما تؤديه للمواطنين وللدولة من وظائف وخدمات تحقيقا لرضاء عام حقيقي يدعم أداء الدولة، ومن الضروري التركيز على معالجة قدرات مؤسسات الدولة على التغلغل، والوصول إلى كافة أرجاء الإقليم، لا سيما بسط السيطرة الأمنية على الأطراف الحدودية، وقدرتها على استخراج وتجميع الموارد المالية من مختلف الموارد بكفاءة، وأخيرًا قدرة مؤسسات الدولة على توزيع المنافع على المواطنين بصورة تحقق حدًّا أدنى من العدالة الاجتماعية.

ويرتبط ذلك بتدعيم إجراءات الرئيس لاستبدال القيادات، والتصدي للفساد بضبط منظومة تفاعلات المؤسسات السياسية بمؤسسات الدولة لا سيما الجهاز الإداري والمؤسسة القضائية، وتحقيق التوازن بين استقلالية وحياد مؤسسات الدولة من جانب، وتوجيهها لتحقيق الرضاء العام الأكثر حيوية بالنسبة للرئاسة في هذه المرحلة.

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 26-04-2013 الساعة 08:57 PM
رد مع اقتباس