العقبة الثانية وما جاء في بيعة من حضر الموسم من الأنصار
رسول الله على الإسلام وعلى أن يمنعوه مما يمنعون منه
أنفسهم وأموالهم
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ الاسفرايني بها قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا داود العطار قال حدثنا ابن خثيم عن ابن الزبير محمد بن مسلم أنه حدثه جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله لبث عشر سنين يتبع الحاج في منازلهم في المواسم مجنة وعكاط ومنازلهم بمنى من يؤويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة فلا يجد أحدا يؤويه ولا ينصره حتى أن الرجل يرحل صاحبه من مصر أو اليمن فيأتيه قومه أو ذوو رحمه فيقولون احذر فتى قريش لا يفتنك يمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله عز وجل يشيرون إليه بأصابعهم حتى بعثنا الله عز وجل له من يثرب فيأتيه الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من يثرب إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام
ثم بعثنا الله عز وجل وائتمرنا واجتمعنا سبعين رجلا منا فقلنا حتى متى نذر رسول الله يطوف في جبال مكة ويخاف فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم فواعدنا شعب العقبة فاجتمعنا فيه من رجل ورجلين حتى توافينا عنده فقلنا يا رسول الله على ما نبايعك فقال بايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم يثرب تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة
فقمنا نبايعه وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السبعين رجلا إلا أنا فقال رويدا يا أهل يثرب إنا لم نضرب إليه أكبار المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله إن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة و*** خياركم وإن تعضكم السيوف فإما أنتم قوم تصبرون على عض السيوف إذا مستكم وعلى *** خياركم وعلى مفارقة العرب كافة فخذوه وأجركم على الله وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله عز وجل فقلنا أمط يدك يا أسعد بن زرارة فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقبلها فقمنا إليه نبايعه رجلا رجلا يأخذ علينا شرطه ويعطينا على ذلك الجنة
وحدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء قال حدثني محمد بن إسماعيل المقرئ قال حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال حدثنا يحيى بن سليمان عن ابن خثيم عن
أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري فذكر الحديث بمعناه إلا أنه زاد في وسط الحديث قال فقال له عمه العباس يا ابن أخي لا أدري ما هؤلاء القوم الذين جاؤوك إني ذو معرفة بأهل يثرب فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين فلما نظر العباس في وجوهنا قال هؤلاء قوم لا أعرفهم هؤلاء أحداث فقلنا يا رسول الله علام نبايعك فذكره
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال فحدثني معبد بن كعب بن مالك بن القين أخو بني سلمة عن أخيه عبد الله عن أبيه كعب بن مالك قال خرجنا في الحجة التي بايعنا فيها رسول الله بالعقبة مع مشركي قومنا ومعنا البراء ابن معرور كبيرنا وسيدنا حتى إذا كنا بظاهر البيداء قال يا هؤلاء تعلمن أني قد رأيت رأيا والله ما أدري توافقون عليه أم لا فقلنا وما هو يا أبا بشر قال إني قد أردت أن أصلي إلى هذه البنية ولا أجعلها مني بظهر فقلنا لا والله لا تفعل والله ما بلغنا أن نبينا يصلي إلا إلى الشام قال فإني والله لمصل إليها فكان إذا حضرت الصلاة توجه إلى الكعبة وتوجهنا إلى الشام
حتى قدمنا مكة فقال لي البراء يا ابن أخي انطلق بنا إلى رسول الله حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا فلقد وجدت في نفسي منه
بخلافكم إياي قال فخرجنا نسأل عن رسول الله فلقينا رجلا بالأبطح فقلنا هل تدلنا على محمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقال وهل تعرفانه إن رأيتماه فقلنا لا والله ما نعرفه ولم نكن رأينا رسول الله فقال فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب فقلنا نعم وقد كنا نعرفه كان يختلف إلينا بالتجارة فقال فإذا دخلتما المسجد فانظرا العباس فهو الرجل الذي معه
قال فدخلنا المسجد فإذا رسول الله والعباس ناحية المسجد جالسين قال فسلمنا ثم جلسنا فقال رسول الله للعباس هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل قال نعم هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك فوالله ما أنسى قول رسول الله الشاعر قال نعم فقال له البراء يا رسول الله إني قد كنت رأيت في سفري هذا رأيا وقد أحببت أن أسألك عنه لتخبرني عما صنعت فيه قال وما ذاك قال رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر فصليت إليها فقال له رسول الله قد كنت على قبلة لو صبرت عليها فرجع إلى قبلة رسول الله وأهله يقولون قد مات عليها ونحن أعلم به قد رجع إلى قبلة رسول الله وصلى معنا إلى الشام
ثم قد واعدنا رسول الله العقبة أوسط أيام التشريق ونحن سبعون رجلا للبيعة ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر وإنه لعلى شركه فأخذناه فقلنا يا أبا جابر والله إنا لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه فتكون لهذه النار غدا حطبا وإن الله قد بعث رسولا يأمر بتوحيده وعبادته وقد أسلم رجال من قومك وقد واعدنا رسول الله للبيعة فأسلم وطهر ثيابه وحضرها معنا فكان نقيبا
فلما كانت الليلة التي واعدنا فيها رسول الله بمنى أول الليل مع قومنا فلما استثقل الناس في النوم تسللنا من قريش تسلل القطا حتى إذا اجتمعنا بالعقبة فأتانا رسول الله وعمه العباس ليس معه غيره أحب أن يحضر أمر ابن أخيه فكان أول متكلم فقال يا معشر الخزرج وإنما كانت العرب تسمي هذا الحي من الأنصار أوسها وخزرجها إن محمدا منا حيث قد علمتم وهو في منعة من قومه وبلاده قد منعناه ممن هو على مثل رأينا فيه وقد أبى إلا الانقطاع إليكم وإلى ما دعوتموه إليه فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه فأنتم وما تحملتم وإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانا فاتركوه في قومه فإنه في منعة من عشيرته وقومه
فقلنا قد سمعنا ما قلت تكلم يا رسول الله فتكلم رسول الله ودعا إلى الله عز وجل وتلا القرآن ورغب في الإسلام فأجبناه بالإيمان به
والتصديق له وقلنا له يا رسول الله خذ لربك ولنفسك فقال إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونسائكم
فأجابه البراء بن معرور فقال نعم والذي بعثك بالحق مما تمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحرب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر
فعرض في الحديث أبو الهيثم بن التيهان فقال يا رسول الله أن بيننا وبين أقوام حبالا وإنا قاطعوها فهل عسيت إن الله أظهرك أن ترجع إلى قومك وتدعنا فقال رسول الله بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم
فقال له البراء بن معرور ابسط يدك يا رسول الله نبايعك فقال رسول الله أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا فأخرجوهم له
فكان نقيب بني النجار أسعد بن زرارة
وكان نقيب بني سلمة البراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حرام
وكان نقيب بن ساعدة سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو
وكان نقيب بني زريق رافع بن مالك بن العجلان
وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع
وكان نقيب القوافل بني عوف بن الخزرج عبادة بن الصامت وفي الأوس من بني عبد الأشهل أسيد بن حضير وأبو الهيثم بن التيهان
وكان نقيب بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة فكانوا اثني عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس
قال فأخذ البراء بن معرور بيد رسول الله فضرب عليها وكان أول من بايع وتتابع الناس فبايعوا فصرخ الشيطان على العقبة بأبعد والله صوت ما سمعته قط فقال يا أهل الجباجب هلا لكم في مذمم ما يقول محمد والصباء معه قد اجتمعوا على حربكم فقال رسول الله هذا أزب العقبة هذا ابن أزيب أما والله لأفرغن لك ارفضوا إلى رحالكم
فقال العباس بن عبادة بن نضلة أخو بني سالم يا رسول الله والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا فقال رسول الله إنا لم نؤمر بذلك ارفضوا إلى رحالكم فرجعنا إلى رحالنا فاضطجعنا عل فرشنا
فلما أصبحنا أقبلت جلة من قريش فيهم الحارث بن هشام فتى شاب وعليه نعلان جديدان حتى جاءونا في رحالنا فقالوا يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا لتستخرجوه من بين أظهرنا وإنه والله ما من العرب أحد أبغض إلينا أن ينشب الحرب فيما بيننا وبينهم منكم فانبعث من هناك من قومنا من المشركين يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء وما فعلناه وأنا أنظر إلى أبي جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام وهو صامت وأنا صامت فلما تثور القوم لينطلقوا قلت كلمة كأني أشركهم في الكلام يا أبا جابر أنت سيد من سادتنا وكهل من كهولنا لا تستطيع أن تتخذ مثل نعلي هذا الفتى من قريش فسمعه الفتى فخلع نعليه فرمى بهما إلي وقال والله لتلبسنهما فقال أبو جابر مهلا أحفظت لعمر الله الرجل يقول أخجلته اردد عليه نعليه فقلت والله لا أردهما فأل صالح والله إني لأرجو أن اسلبنه
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال ثم انصرفوا عنهم وأتوا عبد الله بن أبي فسألوه وكلموه فقال إن هذا الأمر جسيم وما كان قومي لتفوتوا علي بمثله فانصرفوا عنه
وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد
ابن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا وهب جرير بن حازم قال حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق فذكر هذه القصة بإسناد يونس بن بكير عن ابن إسحاق ومعناه
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم أن العباس بن عبادة بن نضلة أخا بني سالم قال يا معشر الخزرج هل تدرون على ما تبايعون رسول الله إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود فإن كنتم ترون أنها إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم ***ا أسلمتموه فمن الآن فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة وإن كنتم ترون أنكم مستضلعون له وافون له بما عاهدتموه عليه على مصيبة الأموال و*** الأشراف فهو والله خير الدنيا والآخرة
قال عاصم فوالله ما قال العباس هذه المقالة إلا ليشتد لرسول الله بها العقد
وقال عبد الله بن أبي بكر ما قالها إلا ليؤخر بها أمر القوم تلك الليلة ليشهد عبد الله بن أبي أمرهم فيكون أقوى لهم
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال انطلق النبي معه العباس عمه إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة قال ليتكلم متكلمكم ولا يطيل الخطبة فإن عليكم من المشركين عينا وإن يعلموا بكم يفضحوكم فقال قائلهم وهو أبو أمامة سل يا محمد لربك ما شئت ثم سل لنفسك بعد ذلك ما
شئت ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله وعليكم إذا فعلنا ذلك قال أسلكم لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واسلكم لنفسي ولأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم قالوا فمالنا إذا فعلنا ذلك قال لكم الجنة قالوا فلك ذلك
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي قال أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال انطلق رسول الله ومعه العباس وكان ذا رأي إلى السبعين من الأنصار ليلا على العقبة تحت الشجرة فذكر الحديث بنحوه وزاد قال فسمعت الشعبي يقول فما سمع الشيب ولا الشبان خطبة أقصر ولا أبلغ منها
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال حدثنا يحيى بن زكريا قال حدثني مجالد عن عامر عن أبي مسعود الأنصاري بنحوه قال وكان أبو مسعود أصغرهم سنا
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله قال حدثنا يحيى قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت الشعبي يقول ما سمع الشيب والشبان خطبة مثلها
أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه قال أخبرنا محمد بن إبراهيم بن الفضل الفحام قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا عمرو بن عثمان الرقي قال حدثنا زهير قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عبيد بن رفاعة قال قدمت روايا
خمر فأتاها عبادة بن الصامت فحرقها وقال أنا بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا فيه لومة لائم وعلى أن ننصر رسول الله إذا قدم علينا يثرب بما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة فهذه بيعة رسول الله بايعناه عليها
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس عن ابن إسحاق قال حدثني عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده عبادة بن الصامت قال بايعنا رسول الله بيعة الحرب على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا يقول وإن استؤثر عليكم وقومي يلومونني على هذا الحرف فقلت والله لأحدثنك ما سمعت أبي يحدثني ولا تنازعن الأمر أهله وأن تقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم
قال ابن إسحاق حدثني عبدالله بن أبي بكر بن حزم أن رسول الله قال لأسعد بن زرارة أنت على قومك بما فيهم وأنا على باقي قومي كفالة ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم عليه السلام
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا الحسن بن الربيع قال حدثنا ابن إدريس عن إسحاق قال وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن رسول الله قال لهم ابعثوا لي منكم اثني عشر نقيبا كفلاء على قومهم فيما كان منهم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم عليه السلام فقال أسعد بن زرارة أحد
بني النجار نعم يا رسول الله فقال رسول الله وأنت نقيب على قومك فبايعوا رسول الله وأخذ منهم أثني عشر نقيبا ثم سماهم كما مضى في روايته عن معبد بن كعب بن مالك وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال حدثنا مالك قال كان أسيد بن حضير أحد النقباء وكانت الأنصار منهم اثنا عشر نقيبا وكانوا سبعين رجلا
قال مالك فحدثني شيخ من الأنصار أن جبريل عليه السلام كان يشير له إلى من يجعله نقيبا قال مالك كنت أعجب كيف جاء من كل قبيلة رجلان ومن قبيلة رجل حتى حدثني هذا الشيخ أن جبريل عليه السلام كان يشير إليهم يوم البيعة يوم العقبة قال لي مالك عدة النقباء اثنا عشر رجلا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو بكر بن عتاب
قال حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة الجوهري قال حدثنا ابن أبي أوس قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة
ح وأخبرنا أبو الحسين قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر عن ابن فليح عن يونس عن ابن شهاب قال وحدثنا يعقوب قال وذكر حسان بن عبدالله عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة وهذا لفظ حديثه عن ابن عتاب قال ثم حج العام المقبل من الأنصار سبعون رجلا منهم أربعون رجلا من ذوي أسنانهم وثلاثون من شبابهم أصغرهم عقبة بن عمرو بن ثعلبة وهو أبو مسعود وجابر بن عبد الله فلقوه بالعقبة ومع رسول الله العباس بن عبد المطلب فلما أخبرهم رسول الله بالذي خصه الله عز وجل به من النبوة والكرامة ودعاهم إلى الإسلام وإلى أن يبايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأموالهم أجابوا الله ورسوله وصدقوه وقالوا اشترط علينا لربك عز وجل ولنفسك ما شئت فقال رسول الله اشترط لربي أن لا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون من أنفسكم وأموالكم فلما اطمأنت بذلك أنفسهم من الشرط أخذ عليهم العباس بن عبد المطلب المواثيق لرسول الله بالوفاء وعظم العباس الذي بينهم وبين رسول الله وذكر أن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن عدي بن النجار وذكر الحديث في مبايعة أبي الهيثم بن التيهان له أولا وما قال وما أجابه رسول الله بمعنى ما مضى في رواية ابن إسحاق ثم ذكر أسماء الذين بايعوه رضي الله عنهم قال عروة فجميع من شهد العقبة من الأوس والخزرج سبعون رجلا وامرأة
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال فجميع من شهد العقبة من الأوس والخزرج وأفناء القبائل سبعون رجلا وامرأتان من بني الخزرج إحداهما أم عمارة وزوجها وابناها فجميع أصحاب العقبة مع المرأتين خمسة وسبعون نفسا
وسماهم ابن إسحاق وذكرهم ههنا مما يطول به الكتاب
قال ابن إسحاق فلما تفرق الناس عن بيعة رسول الله ليلة العقبة وكان الغد فتشت قريش عن الخبر والبيعة فوجدوه حقا فانطلقوا في طلب القوم فأدركوا سعد بن عبادة وأفلتهم منذر بن عمرو فشدوا يدي سعد إلى عنقه بنسعة وكان ذا شعر كثير فطفقوا يجبذونه بجمته ويصكونه ويلكزونه إلى أن جاء مطعم بن عدي والحارث بن أمية وكان سعد يجيرهما إذا قدما المدينة حتى أطلقاه من أيديهم وخليا سبيله
وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال كانت حواء بنت زيد بن السكن عند قيس بن عبيد الخطيب كذا قال وإنما هو ابن الخطيم بالمدينة وكانت أمها عقرب بنت معاذ أخت سعد بن معاذ فأسلمت حواء فحسن إسلامها وكان زوجها قيس على كفره فكان يدخل عليها وهي تصلي فيؤذيها وكان لا يخفي على رسول الله بمكة أمر يكون بالمدينة إلا بلغه وأخبره به
قال قيس فقدمت مكة في رهط من مشركي قومي حجاجا فبينا نحن إذ جاء رجل يسأل عني فدل علي فأتاني فقال أنت قيس قلت نعم قال زوج حواء قلت نعم قال فمالك تعبث بامرأتك وتؤذيها على دينها فقلت إني لا أفعل قال فلا تفعل ذلك بها دعها لي قلت نعم فلما قدم قيس المدينة ذكر ذلك لامرأته وقال فشأنك بدينك فوالله ما رأيته إلا حسن الوجه حسن الهيئة
وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق قال كان معاذ بن عمرو بن الجموح قد شهد العقبة وبايع رسول الله بها وكان عمرو سيدا من سادات بني سلمة وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب يقال له منافة فلما أسلم فتيان بني سلمة معاذ بن جبل وابنه معاذ بن عمرو وغيرهما كانوا يدخلون بالليل على صنم عمرو فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة وفيها عذر الناس منكسا على رأسه فإذا أصبح عمرو قال ويلكم من عدا على إلهنا في هذه الليلة ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه ثم قال أما والله لو أعلم من يصنع هذا بك لأحرقه فإذا أمسى وقام عمرو عدوا عليه ففعلوا به مثل ذلك وفعل مرات فلما ألحوا عليه استخرجه من حيث ألقوه فغسله وطهره وطيبه ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى فإن كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك فلما أمسوا ونام عدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فعلقوه وقرنوه بحبل ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر الناس وغدا عمرو فلم يجده فخرج يتبعه حتى وجده في البئر منكسا مقرونا بكلب ميت فلما رآه أبصر شأنه وكلمه من اسلم من قومه فأسلم عمرو بن الجموح فحسن إسلامه فقال عمرو حين أسلم وعرف من الله ما عرف وهو يذكر صنمه ذلك
(تالله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن)
(أف لمصرعك إلها مستدن الآن فتشناك عن سوء الغبن)
(الحمد لله العلي ذي المنن الواهب الرزاق وديان الدين)
(هو الذي أنقذني من قبل أن أكون في ظلمة قبر مرتهن)
(بأحمد المهدي النبي المؤتمن )