عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 25-11-2012, 12:12 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

1. من أغراض المواخاة:
أ‌. ذهاب وحشة الغربة:
إذاً: ورد في بعض كتب السيرة أن الغرض من المؤاخاة ذهاب وحشة الغربة وصدقوا أيها الإخوة، أننا في غربة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَيَرْجِعُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي
[الترمذي عن عمرو بن عوف بن زيد]
ما لم تشعر بالغربة ففي إيمانك خلل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

المسلم في آخر الزمان غريب، القابض على دينه كالقابض على الجمر أجرهم كأجر سبعين، قالوا: منا أن منهم؟ قالوا: بل منكم، لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون
[ورد في الأثر]
فما لم تشعر بالغربة ففي الإيمان خلل.
إذاً: الغرض من المؤاخاة ذاهب وحشة الغربة، ولا سيما بعد مفارقة الأهل والعشيرة.

ب‌. شد أزر المؤمنين بعضهم ببعض:
ومن أغراض المؤاخاة شد أزر المؤمنين بعضهم ببعض، فلما أعز الله الإسلام، وجمع الشمل، وذهبت الوحشة، بطل التوارث، ورجع كل إنسان إلى نسبه ولذي رحمه.
في أيام الضيق، في أيام الشدة، في أيام الفتن، في أيام الطرقات مليئة بالنساء الكاسيات العاريات، في زمن الفضائيات، في زمن الانترنيت، في زمن ال*****ة، ما من إنسان تألفه، وتأنس به، ويأنس بك، كالأخ في الله،
لذلك ورد في بعض الآثار القدسية:

حقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبتي للمتناصحين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ، المتحابون فيّ، على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء



[رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت]
وقد علمنا عليه الصلاة والسلام أنك إذا أحببت أخاً في الله أعلمه أنك تحبه،
قل له: إني أحبك في الله، ينبغي أن يقول لك: أحبك الله كما أحببتني،
والحب أحد أركان الحياة النفسية، الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، فإذا أحببت أخاً في الله كان هذا الأخ لك معيناً، ورفيقاً، وناصحاً، ومحباً.

ت‌. حاجة الأنصار إلى التفقه في الدين:
الآن للمؤاخاة أهداف أبعد، وأشمل من مجرد التوارث للأسباب التالية: حاجة الأنصار إلى التفقه في الدين.
أحياناً أنت آخيت أخًا حديث عهد بالمسجد، وأنت لك في المسجد سنوات طويلة، تلقيت علماً غزيراً، عندك فضل علم، فإذا آخيت إنسانا مبتدئا، أعطيته من علمك، تدارست معه القرآن، تحاورت معه في الفقه، علمته ما في بعض السيرة، بينت له الأمور التي تعلمتها.
إذاً المؤاخاة لها هدف آخر،
لذلك قال الله تعالى:

(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ)
[سورة سبأ الآية: 46]
إذا جلست مع أخيك فتحاور حول هذا الدين، حول هذا النبي الكريم، حول سنته حول عظمة الإسلام.
مرة حضر أمام النبي عليه الصلاة والسلام رجل تكلم فألحن، أخطأ، فقال:

أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل
النبي عليه الصلاة والسلام علم أصحابه سنوات طويلة، الآن جاء إلى المدينة والأنصار لا يعلمون شيئاً، يحبون النبي عليه الصلاة والسلام، لكن علمهم قليل، بهذه المؤاخاة جعل السابقين بالعلم يمنحون إخوانهم الأنصار العلم الذي تعلموه من رسول الله.
إذاً أحد أسباب المؤاخاة، وهذا من بناء الرسول عليه الصلاة والسلام حاجة الأنصار إلى التفقه في الدين.

ث‌. القدوة الصالحة:
شيء آخر، الدين يؤخذ بالقدوة الصالحة، القدوة الصالحة حقيقة مع البرهان عليها، والإسلام لا يعيش إلا بالمثل، الإسلام لا ينمو وهو في الكتب، ينمو بمسلم تراه عينك ،
لذلك كما أن الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي،
ونحن الآن في أمسِّ الحاجة إلى مسلم يمشي على قدمين، ينبغي أن ترى أمانته، وأن ترى صدقه، وأن ترى عفافه، وأن ترى محبته، وأن ترى إنصافه، وأن ترى غناه عما سوى الله.
إذاً الحاجة إلى التفقه في الدين، والدين يؤخذ بالقدوة الصالحة، وقد مضى العهد المكي، وما فيه من قرآن منزل وجهاد دعوي، وصبر على الأذى، وهجرة وصحبة، وتربية نبوية، لا يحمله يوم الهجرة إلى هؤلاء المهاجرين إلا إخوانهم الأنصار، وليس من الممكن أن يعاود رسول الله صلى الله عليه وسلم لينقل إليهم أفراد وجماعات تلك العلوم التي عاشوها.
أيها الإخوة، لكن من الضروري أن يتم توزيع المهاجرين على عشائر الأنصار يعيشون معهم حياتهم بكل تفاصيلها، ليتمكنوا من صناعة القدوة الحسنة، والوحدة التربوية النبوية بين الجميع، ولا يمكن تحقيق ذلك بغير العيش المشترك الذي يتجاوز المصاعب التي تفرضها مشكلات السكن والعمل والصحبة، فبالمؤاخاة أصبح المهاجر أخاً لا يبعده عن أخيه الأنصاري العادات والتقاليد الاجتماعية، والدراسية وغيرها.
إذاً كما أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه المهاجرين بالأنصار أصحابه الجدد، ينبغي أن القوي يؤاخي الضعيف، والغني يؤاخي الفقير.

ج‌. تحقيق التكامل، والتكافل، والتعاون الاجتماعي:
تحقيق التكامل، والتكافل، والتعاون الاجتماعي في جميع الأحوال والمجالات، فالفرائض الإسلامية من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج نقوم بها جميعاً، والذي يشكل بمجموعه غاية المؤاخاة، الصلاة واحدة، والملك والخفير يصليان جنياً إلى جنب في المسجد، في الحج الخفير يطوف، والملك يطوف، والخفير يسعى، والملك يسعى، في مناسب الحج لا فرق بين أمير وخفير، ولا بين قوي ولا ضعيف، ولا بين غني وفقير.
لذلك العبادات كالصلاة، والصوم، والحج، مطبق على الجميع، من دون استثناء، ليس هناك مسعى خاص للكبراء، بالسلك الدبلوماسي، ولا طواف خاص لعلية القوم، مناسك الحج والعمرة، والصيام، والصلاة واحدة لدى الجميع.
لذلك…. أن يكون كل واحد من المؤمنين عوناً وسنداً للآخر، فمن للمهاجرين غير الأنصار، يسكنون إليهم، ويشاركونهم حياتهم، ومأكلهم، ومشربهم، وآلامهم وأفراحهم، وجهادهم، والذود عن حياضهم، ومن للأنصار غير المهاجرين يعلمونه الدين، ويفقهونهم فيه، ويقرئونهم القرآن؟ أرأيت إلى هذه المصالح المتكاملة، أروع التكامل المضاربة.
لو فرضنا إنسانا معه مال، وهو متقدم في السن، ولا يحسن استثماره، لو أن شاباً مهندساً زراعياً مثلاً، طاقة كبيرة جداً، طاقة كبيرة ومثقفة، لكن ما معه مال، فعملوا مشروعاً، الأرباح مناصفة، هذا بماله، وهذا بجهده، المؤاخاة لها معنى واسع جداً، حتى شركات التجارة مؤاخاة، واحد بماله وواحد بجهده.
لذلك أيها الإخوة، من حكم المؤاخاة تكامل الأنصار والمهاجرين، أما صور هذه المؤاخاة فتبين السمو الذي بلغه الأنصار والسمو الذي بلغه المهاجرون، نذكر منها:
__________________
رد مع اقتباس