
25-11-2012, 12:04 AM
|
 |
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
|
|
بناء المجتمع المؤمن
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة، هذا المجتمع المدني الجديد فيه أشخاص، الواحد كألف، الآن اتجه هذا المجتمع إلى بناء القوة، كان يتمتع بقوة الإيمان، الآن يبحث عن حق القوة.
وأهم ما فعله النبي في المدينة:
أولاً: إقامة مجتمع مختلف عن نظام القبائل:
أيها الإخوة، بدأت مهمة التربية الفردية للمجتمع الجديد، مع قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، حيث بدأت عملية إقامة مجتمع مختلف عن نظام القبائل العربية.
مجتمع المسلمين الذي أسس في المدينة مجتمع القيم الأخلاقية، مجتمع المثل العليا، مجتمع الإنسان، الذي تسود حياته المبادئ والقيم، مجتمع رسالة السماء، رسالة السماء الآن متمثلة في المظاهر الإسلامية،
يقول عليه الصلاة والسلام:
إنما بعثت معلما
[أخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو]
بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
[أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة]
كل واحد يحاسب نفسه، إن لم تكن متميزاً في أخلاقك، بضبط لسانك، بضبط جوارحك، إن لم تكن متميزاً في إنفاقك، بعباداتك، فلا: تقل أنا مسلم، ولا تقل: أنا مؤمن، في هذا المجتمع أيها الإخوة فيه محافظة على كل الفضائل والمكارم، التي عرفتها المجتمعات الإنسانية السابقة، فيه السعي لإتمامها وإكمالها، في هذا المجتمع فيها استبعاد لمفاسد الأخلاق للظلم والعدوان، وللاستغلال والجهل والعبودية لغير الله، فيه إقصاء لرواسب الماضي وانحرافات الناس الخلقية، والاجتماعية، والنفسية.
ثانياً: تحول الطاقة المبعثرة للأفراد إلى بناء متكامل:
الشيء الدقيق أن هذا المجتمع الإيماني في المدينة، هذا المجتمع تحولت فيه الطاقة المبعثرة للأفراد إلى بناء متكامل يسمو بها جميعاً، ويحقق لها العلم والتقدم، والوحدة الإنسانية، وتوجهها رسالات السماء، وفق المثل العليا الإنسانية،
لذلك أيها الإخوة، يقول الله عز وجل:
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ)
[سورة الأحزاب الآية: 21]
ثالثاً: إصلاح العلاقات بين الأفراد:
أيها الإخوة، البناء الفردي أساس البناء الاجتماعي، بناء الفرد أساس بناء الأسرة، أساس الأسرة أساس بناء المجتمع، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام اعتنى بالفرد المسلم، لذلك أول شيء فعله النبي عليه الصلاة والسلام إصلاح العلاقات بين الأفراد، الآن استمعوا ما يقول الله عز وجل:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)
[سورة الأنفال]
أقول لكم هذه الكلمة: لن نكون أقوياء إذا كانت العلاقات فيما بيننا فاسدة، تجد في الأسرة الواحدة الشرخ، الابن مع أمه، والبنت مع أبيها، وخصام دائم، في الشركة الواحدة محوران، ومجتمع واحد فيه اتجاهات، لذلك النقطة الأولى:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)
يقول عليه الصلاة والسلام:
إِيّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَهَا الْحَالِقَةُ، لا أقول: حالقة الشعر ولكن أقول: حالقة الدين
ينتهي الدين بفساد ذات البين، إذاً النبي عليه الصلاة والسلام أول شيء أصلح ذات البين، أصلح ما بين المسلمين، لما نزل النبي عليه الصلاة والسلام على بني عمرو بن عوف، وقد كان بين الأوس والجزرج ما كان من العداوة، الأنصار أوس وخزرج، بينهم عداوة لا يعلمها إلا الله، أول عمل فعله النبي أنه أزال العداوة بين الأوس والخزرج، لأن المجتمع المنشق على نفسه ينتهي، احفظوا هذه القاعدة، إذا كان في بيتك انشقاق انتهى البيت، صار الوقت كله للصراع الداخلي، ليس هناك إنجاز، ولا الطالب يتفوق، ولا الفتاة تتفوق، ولا الأب مرتاح، ولا الزوجة مرتاحة، فحيثما حل الشقاق حل التخلف،
لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
إِيّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ
فحينما رأى بين الأوس والخزرج من العداوة الشيء الكثير، وكانت الخزرج تخاف أن تدخل دار الأوس، الخزرجي يخاف أن يدخل دار أوسي، وكانت الأوس تخاف أن تدخل دار الخزرج، لذلك عليه الصلاة والسلام أول عمل قام به أنه ألف بين الأوس والخزرج.
الآن كدرس عملي:
كل واحد له أسرة لو كان فيها خلاف بين اثنين، بين أخوين، بين عمين، بين خالين، وجمع الأسرتين، وفق بينهما، وصار الصلح، تماسكت الأسرة، في كل مكان خلافات، نحن نريد من هذه السيرة أن تكون درسا عمليا لنا، أن نقتبس منها الدروس والعبر، ألا ندع خلافاً بين الأوس والخزرج، لذلك سمى القرآن الكريم الخلاف بين المؤمنين كفراً، كيف؟
(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ)
[سورة آل عمران الآية: 101]
لأنه جاءت موجة كراهية بين الأوس والخزرج، فنزل قوله تعالى:
(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ)
معنى ذلك أن الله سمى الخلاف بين المؤمنين كفراً، لذلك من مقتضيات الإيمان أن أُزيل كل خلاف في ما بين المؤمنين، أن أُجري صلاحاً بين كل المتخاصمين، هذه من دروس السيرة، أن لا يبنى مجتمع قوي يستأهل النصر إلا على أفراد مؤمنين، موحدين، زكوا أنفسهم، وطلبوا العلم، ودعوا إلى الله وصبروا على قضائه وقدره.
إذاً الدرس الأول: إزالة الخلافات الفردية، هذا من أولى مهمات النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة، كإسقاط لهذه الحقيقة على مجتمعنا يجب أن تعاهد نفسك، أن توفق بين كل متخاصمين، وأن تزيل خلافاً بين كل شخصين، على مستوى أسرة، على مستوى عائلة، على مستوى حي، على مستوى أصدقاء، جيران، حرفة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار
[أخرجه الترمذي عن ابن عباس]
عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد
[أخرجه أحمد، والترمذي والحاكم، عن عمر]
فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية
[رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ عن أبي الدرداء]
أنا تعقيبي على أن النبي عليه الصلاة والسلام أصلح ذات البين، لأنه لن تقوم لنا قائمة وبيننا خلافات شديدة تفرق وحدتنا، وتمزق جمعنا، ولنقتدِ برسول الله، ولو على مستوى بسيط.
إذاً أول مرحلة فعلها النبي عليه الصلاة والسلام إصلاح ذات البين، بين قبيلتين كبيرتين في المدينة المنورة، الأوس والخزرج، ونحن لا نستطيع أن نواجه عدواً قوياً معه العالم كله إلا بمجتمع إسلامي متماسك، إذاً ينبغي علينا بادئ ذي بدء أن نصلح ذات البين، بين أطياف المجتمع، وشرائح المجتمع، وعناصر المجتمع، هذا الذي فعله النبي بادئ ذي بدء.
الآن يعبرون عن هذا الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة تحت عنوان إسلامي: إصلاح ذات البين يعبرون عنه بالمصطلح الحديث بالمصالحة الوطنية، هذا لا بد منه كي نواجه عدواً متغطرساً، قوياً جباراً، بطاشاً لا يرحم طفلاً، ولا امرأة، ولا يبقي على منشأة، وهذا ما ترونه وتسمعونه.
رابعاً: المساواة بين الناس:
وعدم التمييز بين أفراد وجماعات، كيف؟ لا بد من المساواة بين الناس.
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
[سورة الحجرات الآية: 13]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كلكم بنو آدم وآدم من تراب
[أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة ورواه الترمذي ابن عمر]
الناس سواسية كأسنان المشط
[أخرجه الديلمي عن سهل بن سعد]
ما لم يعتمد في المجتمع مقاييس كمقياس العلم والعمل فقط، يرجح الإنسان في بمجتمع المسلمين بعلمه أولاً، وبعمله ثانياً، أما قضايا النسب، وقضايا القوة، والوسامة والذكاء، والغنى هذه قيم ينبغي ألا تعتمد في مجتمع يريد أن يكون قوياً.
يروى أن بعض التابعين وهو الأحنف بن القيس كان قصير القامة، أسمر اللون أحنف الرجل، في عرج، مائل الذقن، ناتئ الوجنتين، غائر العينين، لم يكن شيء من قبح المنظر إلا وهو آخذ منه بنصيب، وكان مع ذلك سيد قومه، إذا غضبَ غضب لغضبته مئة ألف سيف، لا يسألونه فيما غضب، وكان إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه.
أو شيء فعله النبي لإنشاء مجتمع قوي إصلاح ذات البين.
الشيء الثاني أرسى المساواة بين أفراد المؤمنين، من دون استثناء، ونعبر عن هذا الإرساء بأنه يوم خرج النبي عليه الصلاة والسلام من قباء باتجاه المدينة وقف الأنصار داراً بعد دار، عشيرةً بعد عشيرة، يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل بهم
فكان يقول لهم:
دعوها، فإنها مأمورة
أيّ ناقته، لو نزل بأيّ مكان، بأيّ بيت، بأيّ عشيرة، بأيّ قوم ميزهم بلا مرجح، وجعل الطرف الآخر أصغر من هؤلاء الذين نزل عندهم.
حينما تخص ابناً ولا تخص أخاه فقد ميزت الأول على الثاني، أما القرعة فما فيها تمييز، حاول أن تكون عادلاً بين أولادك، وإذا اقتضى الأمر أن تختار واحدا منهم فليكن بالقرعة.
ما عاشر النبي واحد إلا وهو يظن أنه أقرب الناس إليه، كل واحد ممن التقى مع النبي صلى الله عليه وسلم يظن أنه أقرب الناس إليه، أما مجتمع إنسان من الدرجة الأولى ، وإنسان من الدرجة الثانية، إنسان من الدرجة الثالثة، والرابعة، والخامسة، الذي ما يعانيه العالم اليوم ما يسميه العنصرية، فما العنصرية؟.
أنا أرى أن البشر يمكن أن يصنفوا تصنيفين، لا ثالث لهما، تصنيف إنساني وتصنيف عنصري، من هو العنصري؟ هو الذي يرى نفسه متميزاً على من حوله، يحق له ما لا يحق لهم، وهو معفى مما يجب عليهم، ينبغي أن يأكل وحده، وأن يسكن وحده، وأن يستمتع بالحياة وحده، وأن يشتري من الأشياء الثمينة ما يحلو له وحده، وأن يبني مجده على أنقض الآخرين، وأن يبني غناه على فقرهم، وأن يبني حياته على موتهم، وأن يبني أمنه على موتهم، وأن يبني عزه على ذلهم، هذا عنصري.
الذي نعانيه من الغرب العنصرية، يعاملون شعوبهم معاملة تفوق حد الخيال، ويعاملون بقية الشعوب معاملة تترفع عنها الوحوش، يستخدمون أسلحة الدمار الشامل لإفناء البشر، وإبقاء الحجر، لذلك لا يمكن أن تنهض أمة بأناس من طبقتين: قوي وضعيف، لا بد من أن يكون الناس سواسية كأسنان المشط.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فلا فضل لعربي على أعجمي، ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى
[رواه الطبراني عن ابي سعد]
وأيْمُ الله لَوْ أنّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا
[مُتَّفَقٌ عَلَيه]
هذا مجتمع العدل والسواسية، بهذا نقوى على أعدائنا، بهذا نواجههم، بهذا نقف صفاً واحداً، بهذا لا نخترق من قبلهم.
دعوها، فإنها مأمورة
حتى بركت عند المربد، وفي ذلك احترام للجميع وإصرار على عدم التمييز بينهم، وإذا كان نزوله في دار أبي أيوب الأنصاري فليس في ذلك إحراج أو تمييز، لأن داره أقرب دار لمبرك الناقة، سواسية، إصلاح ذات البين، ثم مجتمع المساواة.
أضرب لكم بعض الأمثلة: عندك في المحل التجاري شاب يعمل عندك، ابنك تريده طبيباً، تضعه في أغلى المدارس، تجلب له أمهر الأساتذة، أما هذا الذي عندك في المحل يرجوك أن يغادر المحل قبل ساعة، ليلتحق بمدرسة ليلية، لينال كفاءة، هو يتيم، فلا تسمح له، أنت عنصري، ولو صليت وصمت.
حينما تعامل الناس بطريقة فيها استعلاء، وفيها فوقية، وفيها غطرسة، حينما تريد لأولادك ما لا تسمح به لأولاد الآخرين فأنت عنصري، قد يكون المسلم في هذا الزمان عنصريا، لن يرضى الله عنا إلا إذا كنا إنسانيين.
هل من حرفة أقل في الأرض من أن تكنس؟ امرأة تقمّ المسجد، توفيت أصحاب النبي الكريم ظنوا أنها أقلّ من أن يخبروا بموتها رسول الله، فلما تفقدها قالوا: ماتت يا رسول الله، قال: هلا أعلمتموني؟ وقام إلى قبرها وصلى عليها صلاة الجنازة استثناءاً من أحكام صلاة الجنازة هي في قبرها صلى عليها.
الذي نراه في العالم من توحش، وهمجية، وقتل أبرياء، وتهديم منشاءات، هذه العنصرية بعينها.
إخواننا الكرام، العنصرية ليست وجهة نظر، إنما هي جريمة، عندك بنت في البيت من احدى الدول الفقيرة تعمل كخادمة، لا تسمح لها أن تتصل بأهلها إطلاقاً، أنت عنصري، ولو ذهبت إلى المسجد، كما أنك تشتاق إلى أهلك هي تشتاق إلى أهلها، حينما تكلفها فوق طاقتها، حينما لا تعينها على مهمتها، حينما تسهرها إلى ما بعد منتصف الليل، من أجل أن تلبي حاجاتك حينما لا تعاملها كابنتك، أنت عنصري، عنصري ولو كنت مسلماً.
كنت مرة في محل تجاري، صاحب المحل يُحمّل أحد موظفي المحل الصغار أثواباً على ظهره، أول ثوب الثاني، الثالث، الرابع، قال له: لا أستطيع، قال له: أنت شاب حمل ابنه ثوباً واحداً فقال: يا بني احذر ظهرك، خاف عليه، هذا عنصري، ولو أنك تصلي وتصوم ـ دققوا ـ لا يمكن أن ننتصر على أعدائنا إذا كنا عنصريين، لأنهم عنصريون، فإذا كنا نحن عنصريين لا ننتصر، يجب أن نكون ربانين إنسانين.
لما فتح الفرنجة القدس ذبحوا 70 ألفاً، فلما فتح صلاح الدين القدس لم يرق قطرة دم واحدة، إنساني، مقيد بالشرع، يخاف من الله.
أيها الإخوة، العنصري إنسان يرى نفسه متميزاً على الآخرين، يحق له ما لا يحق لهم، عشرة آلاف أسير، و30 عضو مجلس شعب في فلسطين اعتقلوا، و8 وزراء، وشعب لبنان بأكمله لا يساوي جنديين أُسرا، ما اسم هذا؟ عشرة آلاف أسير، و8 وزراء، و30 عضو مجلس برلمان، وشعب لبنان بأكمله، لا يساوون جنديين أُسرا؟! هذه عنصرية، الإنسان إما أن يكون متصلاً بالله فهو إنساني، وإما أن يكون منقطعاً عنه فهو عنصري.
بعض الخادمات ينتحرن أحياناً من قسوة المرأة في البيت، تلقي بنفسها من الطابق الرابع فتموت، لا تحتمل قسوتها، الضرب، والإيلام، عنصرية، ولو صلّت وصامت، وسوف يعاقبها الله عقاباً شديداً.
المؤمن إنساني، يعامل الناس كما يجب أن يعاملوه، يرحم الغريب والقريب، يرحم الآخرين كما يرحم أولاده.
نزوة صغيرة في ساعة غضب، والصحابة ليسوا معصومين،
قال بعض الصحابة لبلال:
يا ابن السوداء
بلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام فقال لهذا الصحابي الجليل القرشي:
إنك امرؤ فيك جاهلية
[أبو داود عن أبي ذر]
فلم يرضَ هذا الصحابي بعد أن سمع هذا من رسول الله إلا أن وضع رأسه على الأرض، وأمر بلالاً أن يضع قدمه فوق رأسه، هذا هو الإسلام.
أنت مدير مؤسسة، عندك حاجب، إن لم تعامل هذا الحاجب كما تعامل أكبر موظف فلست مؤمنا، الإنسان عند الله مكرم.
لذلك أنا أقول دائماً: المرض الأول في العالم الآن، كيف عندنا أمراض في الجسم كالورم الخبيث، أمراض عضالة، العالم كله الخمس قارات يعاني مرضا عضالا، ما هذا المرض؟ العنصرية، من هو العنصري؟ هو الذي يرى نفه فوق البشر، يرى أن البشر في خدمته، وأن لحياته قيمة، وليس لحياتهم قيمة، وأن وقته ثمين، وليس وقتهم ثميناً وأنه معفى مما يجب على غيره، وأنه يحق له ما لا يحق لغيره، وأنه يبني مجده على أنقاض الآخرين، ويبني غناه على فقرهم، ويبني حياته على موتهم، ويبني أمنه على خوفهم، ويبني عزه على ذلهم.
إذاً المساواة بين الناس بند إسلامي.
|