
29-10-2012, 03:56 PM
|
|
مــٌــعلــم
|
|
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,567
معدل تقييم المستوى: 18
|
|
القصة من الشاطئ الآخر (10): من لندن إلى الدوحة .. قصة «أكاديمية التغيير»
عاطف عبد الغني
أكتوبر : 16 - 10 - 2011
إذا لم تمتلك حاسة شم قوية فربما تأكل طبيخا فاسدا ويسمم بدنك، وبالتأكيد سوف ترتفع نسبة تحقق هذا الاحتمال إذا كنت جائعا.
والشعوب العربية بالفعل كانت جائعة وتوّاقة لتجارب حكم رشيدة لا توفر فقطالطعام لها ولكن أيضا تمنحها الحياة فى كرامة وحرية، وفى ثورات الربيعالعربى خرجت هذه الشعوب تبحث عن حقها فى الطعام «الخبز» والحرية والكرامةوتنتزعها من الأقلية التى استأثرت بها فسرقت الطعام وامتلكت أدوات الحريةوادعت لنفسها الكرامة وسلبتها من الآخرين.
وليس معنى ما سبق أن المصريين لم يعرفوا الحرية، بلى عرفوها وعاشوا زخمهامنذ ثورة 52 وكونوا لها منذ هذا التاريخ مذاقا وإحساسا وطنيا وقوميا صاروامن خلاله يميزون الطيب من الخبيث، وعلى خلفية هذا التراكم التاريخى لنينخدعوا فى تلك الحرية المستوردة التى تفوح منها رائحة الفساد ولا تصلح إلاأن تكون طعاما للكلاب.
(1)
لأنه جورنال مختلف.. فهو يقدم نفسه فى ملصق إعلانى بأنه لن يكتفى بأن يقولللقارئ «إيه اللى حصل» ولكنه سوف يفسره له ويقول له «ليه دا حصل».
وأصحاب هذا الجورنال اجتمعوا أيضا فى تمويل قناة فضائية تريد تحريرالعقول.. والجورنال والقناة يمدان جذورهما وفروعهما إلى قطر، وقطر تتبنىمشاريع التغيير الانقلابى فى الأنظمة العربية، وهى مثل مقاولى الباطن تولتبعض عمليات الحفر والهدم وإشعال النار فى هذه الدول، ومن أبرز أنشطتهالتحويل الأفكار الأمريكية إلى واقع تبنت قطر مؤتمرات التحول الديمقراطي،وفى الدوحة انعقد ولأول مرة منتدى المستقبل عام 2006 بدعم أمريكى فج للدفعباتجاه التغيير المنشود فى المنطقة، ومن ضمن المشاريع التى تبنتها أيضا قطرمشروع أكاديمية التغيير ولتلك الأكاديمية قصة مدهشة يجب أن تعرفوها، ولوأنى أرى أن ما يثير الدهشة أكثر هو تلك التربيطات التى جمعت قوى عديدة فىالداخل المصرى وخارجه على هدف محدد وهو إسقاط النظام الحاكم، هذا الهدفالذى جمع الرأسمالية العالمية «الأمريكان والغرب» على جماعة الإخوانالإسلامية والنظام الحاكم فى قطر الذى احتضن وشارك فى تمويل وتدريب حركاتالاحتجاج المصرية والنشطاء الشبان وأشعل النار فى قلوب وعقول المصريين (وباقى العرب بالمناوبة) عبر قناة الجزيرة، وتولى عقد مؤتمرات ومنتدياتالتحول الديمقراطى «على الطريقة الأمريكية»، فعل ذلك فى سعيه المحموملتحقيق مصالح هى فى الحقيقة مصائب واتهامات فنّد بعضها الكاتب السعودىعبدالعزيز الخميس الذى عمل لسنوات طويلة فى صحيفة الشرق الأوسط الدوليةورأس تحرير مجلة «المجلة» فى مقاله المعنون ب «مشروع التغيير العربى بينقطر والإخوان» والمنشور على موقع وجهات نظر الإلكترونى بتاريخ 5أغسطسالماضى.
(2)
والخطوط العريضة التى تتعلق بما يخص قطر فى ثورات الربيع العربى حسبما جاء فى المقال سالف الذكر هى كالآتى:
* هناك مخطط للتغيير فى المنطقة العربية اتفقت فيه أمريكا وقطر على أن تعملالأولى بجانب الشباب الليبرالى وتعمل قطر بجانب الإسلاميين.
* تضمنت المهمة القطرية مشروعين، الأول هو مشروع النهضة يديره القطرىد.جاسم سلطان وهو رجل محنك ملتزم بتعاليم الإخوان المسلمين، لكن أفكارهتتماس مع أفكار الإسلام الليبرالى التى يروج لها الغرب، والمشروع الثانى هومؤسسة أكاديمية التغيير التى احتضنتها قطر عبر زوج ابنة الشيخ يوسفالقرضاوى، فصارت أكاديمية التغيير بمثابة النافذة لأفكار التغيير اللاعنفىالتى أتوا بها من «جين شارب» وأيضا نافذة لأفكار د.جاسم سلطان عن التغييرفى المجتمع العربى والإسلامى.
* هناك من يرى أن هدف قطر هو مساندة الإخوان للسيطرة على أنظمة الحكموتحريك الشعوب العربية لتتويج الإخوان المحسوبين عليها لإيصالهم إلى الحكمفى بعض الدول العربية وبالتالى وقوع هذه الدول تحت سيطرة قطرية غير مباشرة.
* نتيجة للإلحاح القطرى على الأمريكيين تبنى الأخيرون حركة 6 إبريل وحشدواالدعم المادى والمعنوى لها، حدث هذا فى البداية بتمنع خجول من أمريكالتشككها فى وجود بُعد إخوانى وخشية منها (أمريكا) أن يتسبب هذا فى إحراجهامع أنظمة حكم عربية حليفة كالنظام المصرى إذا افتضحت علاقتها مع فئة معارضةمثل «الإخوان المسلمين».
(3)
وبينما كان الصيادون يحكمون شباكهم للإيقاع بالفريسة، كان النظام المصرىالغائب فى مشروع التوريث لا يدرك- عن استهانة غبية- الواقع من حوله، وأكبردليل هو رد فعل جمال مبارك (عنوان النظام فى سنواته الأخيرة) حين سخر منشاب سأله فى أحد مؤتمرات الحزب الوطنى «المنحل» عمن يمكن أن يدخل معه فىمناظرة علنية من جماعة الإخوان أو 6إبريل أو نشطاء ال«فيس بوك»، فضحك جمالساخرا وطلب من الحضور أن يتولى أحد الرد على سؤاله (لا يستحق أن يرد عليهبنفسه)، ونادى مبارك الابن حسين عبدالغنى مدير مكتب قناة الجزيرة القطريةفى مصر باسمه وطلب منه أن يرد على الشاب (!!)، وقبل هذا المؤتمر أو بعدهسلك مبارك الأب تقريبا نفس السلوك حين قال جملته الشهيرة :«خليهم يتسلوا» ساخرا من أعضاء مجلس الشعب الذين أطاحت بهم عمليات التزوير فأعلنوا عنتكوين برلمان مواز.. «وتقدّرون وتسخر الأقدار».
(4)
أما «أكاديمية التغيير» التى تولت بجانب الأمريكان تدريب نشطاء التغيير فىمصر إلكترونيا، فقد أورد تقرير لوكالة رويترز الإخبارية منشور بتاريخ 3أبريل الماضى وعنوانه: «من داخل الثورة المصرية» جانبا من تفاصيل نشأتهافى لندن أولا قبل انتقالها إلى قطر، والبداية كانت أوائل عام 2005 مع مهندسالكمبيوتر المصرى سعد بحار الذى كان يبلغ من العمر وقتذاك 32عاما ومهتمابالسياسة والتغيير، وبينما هو جالس إلى جهاز الكمبيوتر الخاص به يبحر علىالإنترنت صادفه أحد المواقع باللغة العربية أنشأه 3 مصريين مقيمين فىالخارج يروجون من خلاله لاستخدام أساليب سلمية للإطاحة بالرئيس حسنى مبارك،وجذبت الفكرة «بحار» فاتصل إلكترونيا بالثلاثة وهم طبيب أطفال اسمه هشاممرسى «لم يذكر التقرير أنه زوج ابنة الشيخ القرضاوى»، والثانى مهندس مدنىاسمه وائل عادل والثالث كيميائى من أقارب عادل اسمه أحمد، وثلاثتهم كانواقد تركوا مصر بحثا عن عمل فى لندن وهناك استلهموا الطريقة التى أطاحت بهاحركة «أتبور» بالرئيس الصربى ميلوسوفيتش، هذه الطريقة التى وضعها جين شاربالبروفيسور الأمريكى الذى يقيم فى بوسطن.
ومن خلال الموقع الإلكترونى بدأ المصريون الثلاثة الترويج لأفكار العصيانالمدنى والإضراب والكفاح السلمى، وفى نوفمبر 2005 جاء وائل عادل إلىالقاهرة وحاضر فى ورشة عمل لمدة 3أيام حول نفس الأفكار وكان من بين الحضورفى الجلسة نحو 30 عضوا من نشطاء حركة كفاية، ألقى عليهم عادل دروسا فىكيفية التجمع فى إطار شبكة لا مركزية حتى يصعب على أجهزة الأمن تفريقهم أواعتقال زعمائهم، وكما قال نفس الشخص فى مقابلة له مع وكالة رويترز تمت فىأحد مقاهى القاهرة فى شهر مارس بعد الثورة : «كانت هناك تجربة وخطأ قبل أنيكتسب النشطاء السلميون فى مصر من القوة ما يكفى للبدء فى الهجوم علىديكتاتور».
وفى تلك الأثناء، حوّل النشطاء المصريون الثلاثة نشاطهم النظرى الذى كانوايمارسونه من خلال الإنترنت إلى منظمة أطلقوا عليها اسم «أكاديمية التغيير» وكان مقرها لندن وانتقلت فى نهاية المطاف إلى قطر، وانتشرت أفكار أكاديميةالتغيير فى مصر، ووصلت الدعوة للتغيير إلى مناطق صناعية، وكان الانتصارالأول الحقيقى فى ديسمبر 2006 عندما أضرب أكثر من 20 ألف عامل نسيج لمدة 6أيام.. وقدمت الحكومة تنازلات لتتجنب وقوع خسائر نتيجة توقف الإنتاج ثموقعت انتكاسة فى شهر إبريل عام 2008 حين بدأ عمال المحلة إضرابا جديدا بسببارتفاع الأسعار ولاقت دعوة إلكترونية أطلقها نشطاء سابقون فى كفاية لدعمإضراب العمال فى المحلة صدى، وتحول الاحتجاج إلى مصادمات عنيفة.
(5)
ربما باقى تفاصيل ما حدث وحتى الثورة صارت معروفة الآن، لكن باقى «حكايةأكاديمية التغيير» فى مصادر أخرى تشير إلى أن القطريين أعجبهم ما أنجزتهأكاديمية التغيير فى الواقع المصرى من احتجاجات وإضرابات فصعّدت من دعمهاللأكاديمية والقائمين عليها وسبغت عليها رعايتها وافتتحت فرعا لها فىالدوحة.. وفى 31 يناير (أثناء الثورة) تم إلقاء القبض على هشام مرسى زوجابنة القرضاوى فى القاهرة وتم الإفراج عنه من خلال ضغوط كبيرة من السفارةالانجليزية فى حين تولى ابن القرضاوى الشاعر يوسف عبدالرحمن حملةد.البرادعى منذ قدومه إلى مصر شهر يناير 2010 بعد أن علق عضويته فى مجموعةالأزمات الدولية التى فوضه الإخوان للتحدث باسمهم فيها والتى تضم فىعضويتها جورج سورس الملياردير المهووس بدعم الربيع العربي، وبريجينكسى الأبالروحى للمشروع الإمبراطورى الأمريكى «مشروع القرن».
وكملاحظة أخيرة عابرة فإن أكاديمية التغيير توزع نشاطها على 3مجموعات أومشاريع تحمل عناوين: أدوات التغيير، ثورة المشاريع، وثورة العقول.. ألايذكرك هذا بالشعار الذى يصدع رءوسنا عن الشعب الذى يريد تحرير العقول!.
آخر تعديل بواسطة prinofdar ، 29-10-2012 الساعة 06:02 PM
|