
11-10-2012, 09:57 AM
|
 |
رئيس مجلس الادارة
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
كيف يفكر أبو مازن في الخروج من المأزق الفلسطيني؟
خيارات غير مجدية
كيف يفكر أبو مازن في الخروج من المأزق الفلسطيني؟
تال بيكر بعد فشل الجهود الدولية والعربية في تسوية الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، يواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن مأزقا داخليا ، خاصة في الضفة الغربية التي تتصاعد فيها الاحتجاجات، جراء تردي الأوضاع الاقتصادية وانخفاض شعبيته في استطلاعات الرأي.
وفي هذا السياق، كتب "تال بيكر" – الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الموالي إلى اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة الأمريكية - تحليلا نشره المعهد في سبتمبر 2012 يشير فيه إلى أن الخيارات السياسية التي يقترحها عباس للخروج من المأزق الذي يواجهه لا تُجدي نفعًا في الغالب، إذ يرى بيكر أن عباس مقتنع تمامًا بأن كل خيار أسوأ من الآخر.
ولا يحلل هذا المقال عقلية عباس ورؤيته للمأزق الفلسطيني فحسب، بل يحذر أيضًا من خطر الانزلاق إلى العنف المستمر في فلسطين، ويشدد على ضرورة بذل كل ما يلزم لتحسين الوضع الراهن المضطرب. ويري بيكر في تحليله أن الرئيس أبو مازن يجد نفسه أمام خمسة خيارات غير مجدية من وجهة نظره، والتي يطرحها فيما يلي:-
الخيار الأول: المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية
من وجهة النظر الفلسطينية، أهملت الحكومة الإسرائيلية المفاوضات مع القيادة الفلسطينية إلى حد كبير. ويذكر بيكر أنه من "السذاجة" أن تلقي القيادة الفلسطينية كل اللوم على حكومة نتنياهو لفشل المفاوضات. ويشير الكاتب الأمريكي إلى أن ثورات الربيع العربي، فضلا عن تراجع شعبية السلطة الفلسطينية بشكل عام وعباس خاصة من العوامل التي تلعب دورًا في إبطاء عملية السلام. فالبيئة الإقليمية المضطربة، والزعيم غير المحبوب سياسيًّا؛ يجعلان مسألة التوصل إلى اتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعيدة المنال. ويذكر بيكر أنه إذا لبّى نتنياهو الشروط الفلسطينية المتعلقة بالمفاوضات، وأظهر مرونة على طاولة المفاوضات؛ سيفسر عباس ذلك الأمر، بطريقة تتنافى مع الواقع، فهو عادة ما يكون مقتنعا في قرارة نفسه بأن التوصل إلى حل وسطي مع إسرائيل سيجعله خائنًا في أعين الجماهير الفلسطينية والعربية.
ورغم تردده وشكّه الشديدين؛ لا يقدر عباس على أن يتخلى عن خيار المفاوضات لأنه لا يزال يراه خياًرا مجديًا في المستقبل، لاسيما في فترة ما بعد الانتخابات الأمريكية. كما أنه على قناعة بأن تخليه عن المفاوضات ستكون له عواقب وخيمة؛ فإسرائيل والولايات المتحدة قد تتحدان ضده مما يهدد شرعيته السياسية. ولهذا يفضّل عباس – كما يرى بيكر - إلقاء اللوم على إسرائيل قدر الإمكان لصرف النظر عن الصراع النفسي الذي يعيش فيه، وليتلافى توجيه المجتمع الدولي أي لوم له. وإذا وجد نفسه محاطًا بضغوط من كافة الاتجاهات؛ ينخرط الرئيس أبو مازن في بعض أشكال الحوار، مثل الجولات الخمس من المحادثات التي جرت في عَمان في وقت سابق من هذا العام.
الخيار الثاني: تفكيك السلطة الفلسطينية
على مدار العام الماضي، سمع بعض الدبلوماسيين من مسئولين فلسطينيين خلال الاجتماعات أن الفلسطينيين قد لا يكون أمامهم خيار سوى تفكيك السلطة الفلسطينية، أو التنصل من اتفاق أوسلو، إذ يرى البعض أن مثل هذا الخيار قد يوفر ضغطا كبيرا على إسرائيل.
بيد أنه على الرغم من قصور السلطة الفلسطينية ، إلا أنها كما يشير بيكر فقد صبغة شرعية على فكرة إقامة دولة فلسطينية، ووفرت قدرًا كبيرًا من الحكم الذاتي والاستقرار الاقتصادي والنظام للشعب الفلسطيني، ناهيك عن دورها كمصدر لقوة كبار المسئولين الفلسطينيين. ومن ثم قد يُنظر إلى مسألة تفكيك السلطة على أنها عمل من أعمال التخلي عن الشعب الفلسطيني ، وبالتأكيد ليس هذا ما تسعى إليه القيادة الفلسطينية.
الخيار الثالث: المصالحة بين فتح وحماس
يتصدر خيار المصالحة بين فتح وحماس عادة عناوين الصحف عقب كل اجتماع يعقد بين الحركتين ، بيد أن الشقاق بينهما ما يزال قائمًا. وتفضل مجموعة من عناصر فتح وحماس المصالحة ، على الرغم من تباين دوافعهم. فبعضهم يرى أن شرعية السياسة الداخلية والوحدة ضروريتان لتحقيق الأهداف الفلسطينية في الصراع مع إسرائيل. ومع ذلك، لم يفتر العداء القائم بين الحركتين؛ فلكبار قادة كل حركة أهداف خاصة تخدم مصالحهم.
ومن جهته؛ يشعر عباس بالقلق من فكرة الوحدة بين فتح وحماس، لما سيكون لذلك من آثار سياسية واقتصادية وخيمة. فعباس لا يزال مترددًا بشأن قطع العلاقات والتواصل مع واشنطن، ولديه أمل في أن يضخ الرئيس أوباما أموال طائلة لتعزيز عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية إذا أُعيد انتخابه.
ويرى الكاتب أن من شأن أي صفقة مع حماس أن تهدد وضع الرئيس أبو مازن وقد تجعله منبوذا أمام الولايات المتحدة أو إسرائيل. ويستبعد بيكر حدوث مصالحة بين حركتي فتح وحماس في الوقت القريب. ولا يعني ذلك أن الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة ستنحسر؛ بل ستظل المساعي كما هي، وسيظل قادة حماس وفتح يعربون طوال الوقت عن رغبتهم في التوصل إلى تسوية. بيد أنه ينبغي على المراقبين المخضرمين أن يميزوا بين ما يُقال وما يُنفّذ على أرض الواقع.
الخيار الرابع: اللجوء إلى الأمم المتحدة
لا يزال خيار السعي إلى الحصول على عضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة مفتوحا لعباس، وليس من المستبعد بلوغه. ويبدو أن هذا هو الخيار الوحيد الذي سيهتم به عباس في الوقت الراهن، غير أنه من المحتمل ألا يمضي قدما نحو ذلك إلى حين انتهاء الانتخابات الأمريكية. فيفضل أبو مازن في المرحلة الحالية عدم الدخول في مواجهة مع الإدارة الأمريكية في فترة الانتخابات التي غالبًا ما تتسم فيها ردود فعل الإدارة بالشدة.
فقد عارضت الولايات المتحدة في السابق توجُّه الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة العام الماضي للحصول على طلب عضو في المنظمة الدولية، الأمر الذي حال دون عرض الطلب على التصويت في مجلس الأمن خشية استخدام واشنطن حق الفيتو. ويرى عباس أن ردود الفعل الأمريكية على تقديم الطلب بعد الانتخابات ستكون أخف منها في فترة الانتخابات.
الخيار الخامس: العصيان المدني ضد إسرائيل
دعت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية لسنوات إلى شن عصيان مدني ضد إسرائيل بوصفه أفضل طريقة لجذب الدعم الدولي للقضية الفلسطينية؛ فهم يرون أن ظهور الجنود الإسرائيليين في مواجهة مع متظاهرين فلسطينيين سلميين أو وجود اعتصامات حول المستوطنات سيكون أفضل وسيلة لإعادة مسألة دعم فلسطين إلى جدول الأعمال الدولي، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على إسرائيل.
بيد أن عباس لا يعتبر ذلك هيّنا على الإطلاق، فقد يفلت زمام العصيان المدني وتظهر عناصر مسلحة ومتشددة بين المتظاهرين تصعّد من حدة الأمور، وعليه قد تتحول المظاهرات السلمية إلى مواجهات عنيفة تعجز القيادة الفلسطينية عن احتوائها. ومن شأن ذلك أن يغذي الاضطرابات في الشارع الفلسطيني الثائر بالفعل، وأن يضعف الاقتصاد الفلسطيني الهش أصلا، وأن يضع السلطة الفلسطينية في خطر.
|