
10-10-2012, 01:33 PM
|
 |
رئيس مجلس الادارة
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
|
|
سيناريوهات ما بعد التغيير في اليمن
التحول أم الانهيار؟:
ورشة عمل: سيناريوهات ما بعد التغيير في اليمن
معهد تشاتام هاوس
 في إطار اهتمام مؤسسات الفكر والرأي الغربية بتطورات الأوضاع في اليمن، واستشراف السيناريوهات المستقبلية للتطور السياسي والاقتصادي اليمني، عقد المعهد الملكي البريطاني للشئون الدولية (تشاتام هاوس) ورشتا عمل تحت عنوان "اليمن: السيناريوهات والمؤشرات".
لخصت ورشتا العمل مستقبل اليمن في أربع سيناريوهات رئيسية مدة كل سيناريو خمس سنوات مقسَّمة إلى مرحلتين. تبدأ المرحلة الأولى من عام 2012 وحتى فبراير 2014، أما المرحلة الثانية فتبدأ من بعد عام 2014.
وتستند هذه السيناريوهات الأربعة إلى الخيارات المتاحة أمام المسئولين اليمنيين والتي تعتمد على إعادة تشكيل التسوية السياسية إما على موارد اقتصادية جديدة لتحل محل إنتاج النفط المتضائل أو على إصلاحات فعالة للاستفادة من الموارد المتاحة بكفاءة أكبر.
ويري المشاركون في ورشتي العمل أن هذه السيناريوهات الأربعة ليست بمثابة تنبؤات، ولكنها تمثل سردًا "معقولًا" لمستقبل اليمن. ويقولون أن ثمة احتمال قوي أن يكون كل من هذه السيناريوهات امتدادا للآخر، بيد أن ذلك سيتوقف على تطور الأحداث.
السيناريو الأول: التقدم الى الأمام
يعتمد هذا السيناريو على الاستثمار السعودي والخليجي في الاقتصاد اليمني لضمان استقرار البلاد وضمان استمرار التسوية السياسية. فيشير المشاركون في ورشتي العمل إلى أنه من المتوقع أن توافق دول مجلس التعاون الخليجي في المرحلة الأولي من السيناريو (من عام 2012 وحتى فبراير 2014) على آلية للاستثمار في اليمن، وسيكون ذلك مدعومًا إلى حدٍّ كبير بتمويلات سعودية. فدعم الاقتصاد اليمني، وما سيترتب عليه من تثبيط للهجرة اليمنية، سيكون أفضل بكثير من المخاطرة بانهيار الاقتصاد اليمني.
ومن المتوقع نمو الاستثمار في قطاعات المعادن، جنبا إلى جنب مع الاستثمار في البنية التحتية مثل الطرق، واستثمار 15 مليار دولار، ودعم الميزانية التي تعاني من عجز قدره مليارا دولار، مما قد يساعد في تحقيق تقدم حقيقي في خفض معدل البطالة. ومن المرجح أن تتراجع أسعار السلع الغذائية الأساسية في هذه المرحلة دون مستويات عام 2011، وعليه قد تتحسن مستويات المعيشة.
وعلاوة على هذا، سيسعى الرئيس عبد ربه منصور هادي تدريجيًّا لبناء قاعدة من الدعم الشعبي، وسيولي أهمية لقضايا المرأة، مما سيُفسح المجال تدريجيًّا للتحالف مع رجال دين محدثين بغية التناقش بشأن قضايا خلافية مثل الزواج المبكر، وتنظيم الأسرة، وتعليم الفتيات.
ويتوقع المشاركون أن يشرف هادي على صياغة الدستور الجديد، وعلى بناء هيكل اتحادي لا مركزي يتمتع في إطاره الحوثيون والجنوبيون بحكم ذاتي كبير. ولكن في حالة تعزيز الحوثيين سيطرتهم على الأراضي في الشمال، سيتأجّج صراعهم مع جهات فاعلة خارجية، مما يعني تحسنا طفيفا في الوضع الإنساني للنازحين هناك.
وقد يهدد التوتر بين الحوثيين وحزب "التجمع اليمني للإصلاح" بتقويض الحوار الوطني، غير أنه من المتوقع أن ينجح مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر في إقناع الحوثيين بعدم الانسحاب من المحادثات.
ويرى المشاركون في ورشتي العمل أن هادي سيكون قادرًا على تأمين الدعم الخارجي الذي سيحتاج إليه؛ فهو بارع في جذب استثمارات بالمليارات من دول الخليج من خلال إقناعه لها بأن عدم دعم اليمن ستكون له عواقب وخيمة على الكل.
كما أنه سيكون قادرًا على إقناع الولايات المتحدة بأن الإفراط في الاعتماد على هجمات الطائرات بدون طيار ليست هي الطريقة المُثلى لمكافحة الإرهاب. حيث يفضل هادي اللجوء إلى التحالف مع زعماء جنوبيين وجماعات قبلية لقطع دابر أنصار الشريعة وغيرها من الجماعات الأصولية المسلحة.
وفي المرحلة الثانية التى تبدأ من مارس 2014 وحتى عام 2017 يتوقع المشاركون إرجاء الانتخابات المقررة في عام 2014 لمدة 12 شهرا لإتاحة الوقت لاستكمال الحوار الوطني، وسيكون هذا الإرجاء مفهوما ومقبولا على الصعيدين المحلي والدولي. ويتوقعون أن يعود رجال القبائل الذين شاركوا في احتجاجات صنعاء -بوصفهم مدنيين- إلى قراهم وهم يحملون فكرة المشاركة السياسية.
ومن المحتمل أن يوفر الاستثمار في مجال الإعمار فرص عمل للعمال الريفيين غير المهرة، وأن تبث مشاريع التنمية الأمل في نفوس اليمنيين. ومن الوارد أن تتحسن مستويات المعيشة، غير أن الإغاثة الإنسانية ستظل ضرورية لتلافي الوقوع في أزمة.
وعندما تُجرى الانتخابات في عام 2015، سيتولى رئيس جديد ورئيس وزراء تنفيذي قيادة حكومة تكنوقراطية فعالة. ومن المتوقع أن تُعزَّز قدرة مجلس النواب تدريجيا للعمل بوصفه هيئة تشريعية، وأن يصبح تمكين المرأة مقبولا. هذا ومن المحتمل أن يجد العمالُ حديثو التدريب فرص عمل أفضل في دول الخليج، ما من شأنه أن يعزز التحويلات المالية. ومع تحسن النظام القضائي والوضع الأمني ستنمو الاستثمارات نموًّا ملحوظًا.
ومع ذلك، قد يظل الانتعاش الاقتصادي هشا بحلول عام 2017، وقد يظل الاستثمار محفوفا بالمخاطر ويحتاج إلى تعهدات مكتوبة بضمانات سياسية من دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الأخص. وقد يتحسن الوضع الأمني إلى حد كبير، غير أن القتال المحلي قد يظل قائما ويتم احتواء التهديد الأصولي بدلا من القضاء عليه.
السيناريو الثاني: تباطؤ عملية الإصلاح
يرى المشاركون في ورشتي العمل أن وتيرة الإصلاحات ستكون مطردة في هذا السيناريو، ولكنها ستتباطأ إثر افتقار الحكومة إلى القوة والدعم اللازمين لإنجاز ذلك. ومن المحتمل أن تُفضي محاولات الإصلاح الاقتصادي والأمني إلى تفاقم التوترات داخل النخبة الحاكمة، مما سيؤجج الصراع، على حد اعتقاد المشاركين.
وخلال المرحلة الأولي من السيناريو يتوقع أن تتوحد نخب النظام حول الحافظ على فاعلية أعمالها، وأن تعمل في سبيل ذلك على إقناع المجتمع الدولي بمواصلة تمويلها من أجل احتواء التهديد الأمني المزعوم من القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
ويري المشاركون في هذا السيناريو أن يظل هادي "رئيسا غير مسيطر"، أي أن بقايا النظام ستظل موجودة في هذه المرحلة. وعلى الرغم من الجهود التي سيبذلها، سيعجز هادي عن بناء قاعدة دعم من شأنها أن تؤازره للتغلب على فلول النظام السابق.
وستَحول الانقسامات في الجنوب دون فرض هادي سلطته هناك، في حين أن أنصار صالح قد ينجحون في استمالة وتعزيز الحركة الحوثية التي تقاوم كلا من حزب الإصلاح، والسلفيين، و"المتطرفين من السنة"، وعلي محسن صالح الأحمر، وهو قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية في اليمن وكان يعد من أبرز رجال الرئيس علي عبد الله صالح.
وفي حين كون علي محسن في الوقت الراهن أقوى داعم عسكري لهادي، يتوقع المشاركون أن تفسد بقايا مؤيدي صالح جهود هادي الرامية لتعيين قادة جدد في مختلف مؤسسات الجيش، وعليه قد تواصل التأثير على الأحداث العسكرية في جميع أنحاء البلاد.
وعندما تتصاعد أعمال العنف، ستوسع الولايات المتحدة عمليات الطائرات بدون طيار، بل وقد تفكر في القيام بعمليات برية سرية. ومن شأن هذه العمليات أن تزيد من حجم العداء للولايات المتحدة، مما قد يعزز دعم المتطرفين المسلحين، وكذلك الدعم الخارجي لأجهزة الجيش والأمن اليمنية.
وعلى الرغم من أن الحكومة ستكون قد تمكنت من الوصول إلى بعض الموارد في تلك المرحلة، ستظل الظروف المعيشية في حالة تردٍّ، ولكن بوتيرة أبطأ.
هذا ومن المرجح أن يواصل الاقتصاد الكلي تدهوره، مع إغلاق المصانع وانخفاض الإنتاج الغذائي بسبب الفوضى في الأسواق الريفية، وشُح وقود الديزل اللازم لتشغيل معدات الري. ولن يكون العمل الحضري المريح متاحا بسهولة كما كان من قبل، ما من شأنه أن يقوض دخل الأسرة الثابت.
ويستبعد المشاركون في ورشتي العمل أن يكون اليمن قد فرغ من الحوار الوطني وصياغة الدستور مع مستهل عام 2014، ويرون أن ذلك سيفضي بدوره إلى إرجاء الانتخابات لمدة عامين.
وخلال المرحلة الثانية من السيناريو ستظهر التوترات السياسية والاقتصادية. ويري المشاركون أن النخبة الحاكمة قد تتمكن من احتواء الموقف لفترة أطول في ظل التدهور البطيء، وأن فشلها سيحدث انتكاسة سريعة لليمن. ويضيفون أن الشعب سيقبل إرجاء الانتخابات على مضض، وقد يدفع هذا الإرجاء الجميع إلى تقييم مواقفهم.
ومن المتوقع أن ينقسم المجتمع الدولي بشأن اليمن في هذه المرحلة؛ فالولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية قد تركزان على مكافحة الإرهاب، في حين أن المانحين الأوروبيين قد يركزون على التنمية.
السيناريو الثالث: المناورة في عملية الإصلاحات
من المتوقع أن تعرقل بقايا مؤيدي صالح عملية صنع القرار، التي باتت متأخرة وغالبا غير منتظمة. ووسط مخاوف متصاعدة حول استقرار الحكومة، من المحتمل أن تنقسم حكومة الوحدة الوطنية "المشلولة" حول الإصلاحات الاقتصادية في نهاية عام 2012، وأن يساور الدول المانحة قلق يدفعها إلى تعليق بعض البرامج، وعليه تتفاقم الأزمة الإنسانية.
وقد يعلن هادي، الذي تعهد بتطبيق الجدول الزمني لإصلاح القطاع الأمني والعسكري، في مطلع عام 2013 عن تشكيل قيادة مركزية جديدة تحت سيطرة وزارة الدفاع. وفي ربيع عام 2013، قد تندلع أعمال عنف متفرقة بين القوات الموالية لصالح وتلك الموالية للحكومة، ما ينذر بحرب شاملة خطيرة.
وفي هذه المرحلة؛ ستتدخل الأمم المتحدة وتطالب كافة الأطراف بالانصياع لقرار مجلس الأمن رقم 2014. ومن المتوقع أن يقرر هادي المناورة في عملية الإصلاحات من أجل الحفاظ على الاستقرار، وذلك اعتبارًا من منتصف عام 2013، وعليه تُرجأ الإصلاحات العسكرية والاقتصادية حتى بعد انتخابات 2014.
السيناريو الرابع: تفاقم الأوضاع
في فترات مختلفة من الأزمة، يمكن لسيناريو المناورة في عملية الإصلاحات إلى أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع، مع استشراء القتال وتزايد الفوضى، ومن ثم يعلن الحوثيون الاستقلال، ويعزز أنصار الشريعة سيطرتهم على العديد من المحافظات الجنوبية، ويُغتال هادي في نهاية المطاف.
استنتاجات ختامية
على أساس السيناريوهات الأربعة التي اقترحها المشاركون في ورش العمل، خلصوا إلى الاستنتاجات التالية كمسار محتمل لليمن:-
أولا: عجز اليمن خلال السنوات القادمة عن معالجة مشاكله الأساسية سيؤدي إلى عدم استقرار الأوضاع، الأمر الذي سيؤدي لتفاقم الأزمات الداخلية.
ثانيًا: سيكون الاستثمار في اليمن مطلوبا عن أي وقت مضى لتحسين الأوضاع الإنسانية. وستكون أن المملكة العربية السعودية هي المصدر المحتمل للاستثمار على نطاق واسع في هذا البلد، على الرغم من أن المستثمرين من اقتصاديات ناشئة مثل تركيا وماليزيا يمكنهم لعب دور هامٍّ أيضا في إنماء اليمن.
ثالثًا: يتطلب نجاح الإصلاحات تحولا جوهريا في عقلية النخبة الحاكمة، فعليها أن تعترف بأن التغيير واسع النطاق أمر ضروري لإنشاء نموذج عمل أكثر استدامة.
رابعًا: تشير كافة السيناريوهات لإرجاء انتخابات مارس 2014، على الرغم من اختلاف الأسباب. ولا ينبغي اعتبار هذا الإرجاء مؤشرا على الفشل.
خامسًا: يلعب المجتمع الدولي دورا حاسما في بعض السيناريوهات. وصبّ التركيز على التنفيذ السريع للخطة الانتقالية الخليجية يمكن أن يدفع اليمن نحو سيناريو "المناورة في عملية الإصلاحات". كما يمكن للتركيز الكبير على مكافحة الإرهاب أن يدفع باليمن نحو سيناريو تباطأ عملية الإصلاح
|