وأيم الله ما انتصر الإسلام في أوج عصره ، وبداية صدره ، إلا برجال باعوا الدنيا ، وطلقوها طلاقاً بائناً ، هنالك ترأسوا الكرة الأرضة ، ونحن اليوم أهمتنا الأسهم والسندات ، والاشتراك في البنوك والشركات ، وشراء العقارات ، تركنا تعلم الدين ، وركنا إلى الدنانير المهينة ، والدنيا المشينة ، فأخذت لب قلوبنا ، وزهرة حياتنا ، فحان الأوان لتصفية الحساب ، والموازنة والعتاب ، فلنكن عن حياض الدين منافحين ، وعن نبينا صلى الله عليه وسلم مدافعين ، وإلا فقد صدق فينا حديث ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " يوشك الأمم أن تَداعَى عليكم ، كما تَداعى الأكلةُ إِلى قصعتها " ، فقال قائل : ومن قلةٍ نحن يومئذ ؟ قال : " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غُثاء كغثاءِ السَّيل ، ولينزعنَّ الله من صدورِ عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنَّ في قلوبكم الوَهن " ، قال قائل : يا رسول الله ! وما الوهن ؟ قال : " حبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموت " [ أخرجه أبو داود وغيره وصحح الألباني في صحيح الجامع برقم 958 ] ، فأين الهمم ، أم ماتت العزائم والشيم ؟ أروا الله من أنفسكم خيراً ، واعملوا صالحاً ، فقد اقتحم العدو بلدانكم ، وخرب دياركم ، وسب دينكم ، واستهزأ بنبيكم ، فما أنتم فاعلون ؟ وما أنتم قائلون ؟ واعلموا أنكم يوم القيامة عن نبيكم مسئولون ، فقوموا بواجبكم نحو نبيكم ، واحذروا سخط الله عليكم ، وإنزال عقوبته بكم ، لقد رضينا بهوان الأعداء طوعاً أو كرهاً ، في كل مساعي الحياة ، إلا رسول الله ، فلن نقبل به مساومة ولا اعتذار ، بل كل عزم واقتدار ، فهبوا أمة المليار ، لنصرة سيد الأبرار ، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة ، أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وسوء ، فاستغفروه وتوبوا إليه ، إنه هو الغفور الرحيم .
من خطبة الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم
يحيى بن موسى الزهراني